الجامع الأموي.. ماذا نعرف عن قلب الشام النابض الشاهد على جمعة النصر السورية؟
آخر تحديث: الجمعة 13 ديسمبر 2024 - 5:31 م بتوقيت القاهرة
أدهم السيد
صدحت من أعلى منبر جامع الأمويين ذو الـ1308 سنوات من العمر أول خطبة جمعة غير مسيسة لصالح النظام السوري، لتدل على دخول الأراضي الشامية عهداً جديداً من التغيير، لينضم ذلك الحدث إلى قائمة طويلة من الأحداث التاريخية التي بقي الجامع شاهداً عليها وعلى نضال السوريين وكفاحهم عبر العصور. تتجه أنظار العالم العربي إلى الجامع الذي احتشد نحوه عشرات الآلاف من السوريين في حشد هو الأضخم منذ عقود، مؤدين صلاة الجمعة قبل الانتشار في سائر أنحاء دمشق احتفالاً بزوال سلطان عائلة الأسد.
وتسرد جريدة الشروق أهم المحطات التاريخية للجامع الأموي، مع وصف لعمران الجامع بطابعه الأموي العريق الذي احتفظ برونقه رغم العديد من الحرائق والزلازل والحروب التي طالت الجامع عبر مئات السنين.
قلب عاصمة الأمويين وفخر نهضتها العمرانية
قرر الأمويون بعد ترسخ حكم الخلافة الإسلامية في الأراضي الشامية بناء جامع كبير يحضره المصلون في صلوات الجمعة وسائر الفرائض، ليصبح مركزاً للعاصمة كسائر العواصم الإسلامية التي تتخذ من المساجد مركزاً لها. كان الخليفة الأموي الوليد بن هشام صاحب فكرة بناء المسجد، وكرس له جهداً كبيراً، إذ أوضح المؤرخ ابن الفقيه أن الوليد أنفق نحو مليون دينار في عملية البناء التي قام بها 12 ألفاً من العمال الأقباط والهنود والفرس، ليستغرق الجامع 9 سنوات من التشييد انتهت عام 716 ميلادية بعد وفاة الوليد في عهد خليفته سليمان بن عبد الملك.
وقد حافظ الأمويون طوال عهدهم على ترميم وتحسين عمارة المسجد، وأبدى العباسيون شيئاً من الإهمال بتحسين الجامع في بداية عهدهم، غير أن إسهامات واضحة كانت لهم في عمارة المسجد. وكان النصيب الأكبر من تحسين وتجميل الجامع للمماليك، بحسب خبير العمارة الإسلامية فنبار بافلود، إذ تعد مئذنة قايتباي من أشهر معالم الجامع، كما حرص كثير من السلاطين المماليك على ترك لمسات خاصة تخليداً لأسمائهم بالتاريخ.
منارة للمقاومة والصمود
شهد الجامع طوال تاريخه أحداثاً عديدة أظهرت بسالة الشاميين في مقاومة الغزاة، إذ ألقى الإمام ابن عساكر خطباً حماسية لحث المسلمين على رد الصليبيين عن دمشق إبان الحملة الصليبية، وفقاً لكتاب دمشق التاريخ. وشهد الجامع أيضاً خطب الإمام ابن تيمية لتحريض المسلمين على رد ثاني غزوات المغول، وهو نفس الجامع الذي انطلقت منه مظاهرات التنديد بالانتداب الفرنسي في القرن الـ20. وكان الجامع مهد مظاهرات الثورة السورية منتصف مارس 2011، حين خرج عشرات المتظاهرين عقب صلاة الجمعة مطالبين بإسقاط النظام.
صامد رغم الحرائق والزلازل
دل الجامع بصموده عبر التاريخ على حالته الأصلية التي بني عليها، مما يعكس براعة المعمار الأموي. تعرض الجامع خلال تاريخه لعدة حرائق، بعضها بالصدفة وأخرى بفعل فاعل، كالحريق الذي أشعله تيمور لنك المغولي في دمشق والجامع. ورغم تضرر عدة أجزاء من المسجد، ظل معظمه قائماً. كما أصاب المسجد زلزال قوي خلال القرن الـ18 دمر بعض مكوناته، والتي تم إصلاحها عبر عمليات ترميم متتابعة.
التحفة المعمارية بتصميم الجامع الأموي
يحمل تصميم الجامع نمطاً فريداً من نوعه، حيث يعد من أوضح الأمثلة على الفنون الأموية. ينقسم المسجد إلى فناء داخلي وحرم للصلاة تحيطه أربعة أبواب كبيرة من جهاته الأربع. تطل تلك الأبواب من داخل الجامع على أربعة مشاهد تشبه الساحات، وكل مشهد يحمل اسم أحد الخلفاء الراشدين الأربعة. باتجاه القبلة، يقع عدد من الأروقة، أهمها رواق القبلة. تحتوي تلك الأروقة على محاريب، سميت بعض منها بأسماء المذاهب الفقهية، كمحراب الحنفية ومحراب الحنابلة، بجانب محراب الصحابة، وهو أكبر محاريب الجامع، وتمت تسميته لأن الصحابة الفاتحين للشام كانوا يقيمون الصلوات فيه.
يشتمل بناء الجامع على ثلاث مآذن، أشهرها مئذنة عيسى التي يعتقد أن النبي عيسى عليه السلام سينزل عليها في آخر الزمان لقتال الدجال. وقد تصدرت المئذنة قائمة أطول المباني في العالم لمدة خمسة قرون متتابعة، قبل أن تحل مبانٍ جديدة في تصنيف المباني الأطول.
تعد مئذنتا العروس وقايتباي من معالم الجامع المميزة، بينما جاءت مئذنة قايتباي بتصميم جديد فريد من نوعه في بلاد الشام، بشكله ثماني الأضلاع.
يشتهر الجامع بقبابه الفريدة من نوعها، إذ يحوي أربع قباب هي: قبة الخزنة المخصصة لجمع أموال المسجد، وقبة الوضوء الخاصة بأحواض الوضوء، وقبة الساعات التي ضمت الساعات الفلكية والشمسية للجامع، وقبة النسر، وهي أقدم وأكبر قباب الجامع، بناها الوليد الأموي مع بدايات تشييد الجامع، ويبلغ ارتفاعها 40 متراً فوق وسط الجامع.