فتحي البس: إبراهيم المعلم الأب الروحي لاتحاد الناشرين العرب
آخر تحديث: الجمعة 14 فبراير 2025 - 7:04 م بتوقيت القاهرة
أسماء سعد
- على الناشرين العرب مواكبة التطورات ولكن دون مغالاة
- القرصنة والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية يزدادان وأصبحا أكثر سهولة مع التكنولوجيا الحديثة رغم تحديث القوانين
يعدّ النشر العربى صناعة تواجه تحديات كبرى، من حماية حقوق الملكية الفكرية إلى ضرورة التكيف مع التحولات الرقمية، دون أن ننسى ظاهرة القرصنة التى تهدد المؤلفين والناشرين على حد سواء. فى هذا الحوار، يكشف لنا فتحى البس رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين الدور الريادى للمهندس إبراهيم المعلم فى دعم صناعة النشر وتأسيس اتحاد الناشرين العرب، كما يتحدث عن أبرز إنجازات الاتحاد، والصعوبات التى تعترض طريق الناشرين، وأفق النشر العربى فى ظل الأزمات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية، قائلا: "منذ تسلم إبراهيم المعلم الراية من والده المؤسس محمد المعلم، راكم على المنجز السابق إبداعا فى الإدارة والمحتوى وشكل الكتاب تصميما من الغلاف إلى النص الداخلى، فشكل بذلك قدوة يحتذى بها لزملائه الناشرين المصريين والعرب، وأضاف لذلك علاقات خاصة وحميمة مع المؤلفين والناشرين والموزعين وفى كل حواراته معهم ركّز على الالتزام بحقوق الملكية الفكرية ومحاربة القرصنة واحترام المؤلف، وكنت محظوظا بتعرفى إليه منذ بدأت العمل فى هذه الصناعة عام 1980، واستفدت من رؤيته، وحاولت جهدى أن تكون ممارستى المهنية بنفس المعايير وأظن أن غيرى فعل ذلك.
< حدثنا أكثر عن قصة تأسيس اتحاد الناشرين العرب..؟
ـــــ فى عام 1993 حصل اتحاد الناشرين الأردنيين على الترخيص بعد جهود مضنية، وكانت علاقتى بالمهندس إبراهيم المعلم قد تعمقت على كل المستويات وحواراتنا حول الارتقاء بصناعة النشر العربية لا تنتهى. وجدت أثناء البحث أن هناك قرارا من جامعة الدول العربية بتأسيس اتحاد الناشرين العرب رقم د.ع .(37) بتاريخ 4/4/1962.. وعهد إلى نقابة الناشرين اللبنانيين، واتحاد الناشرين المصريين الذى كان يعمل بعنوان «الاتحاد المصرى العام لدور النشر والمكتبات» إلى أن صدر قانون تأسيسه عام 1965. للأسف لم ينفّذ القرار، فاستغلت الجماهيرية الليبية الظرف وأنشأت الاتحاد العام للناشرين العرب عام 1981 وعينت السيد خليفة التليسى أمينا عاما وتشكلت أمانته العامة من شخصيات وازنة من الناشرين والكتاب العرب من بينهم المرحوم سهيل إدريس وماهر الكيالى.
وفى أول لقاء لى مع إبراهيم المعلم، تحدثت رسميا معه بصفتى نائبا لرئيس اتحاد الناشرين الأردنيين آنذاك عن قرار الجامعة العربية والاتحاد الليبى واتفقنا على ضرورة استعادة الاتحاد ليكون منسجما مع قرار الجامعة العربية، وبجهود إبراهيم المعلم تشكلت اللجنة التحضيرية لاتحاد الناشرين العرب من رؤساء الاتحادات القائمة آنذاك، وكلفتنى اللجنة والزملاء محمد رشاد ونبيل صادر وناصر جروس ومحمد عدنان سالم بصياغة القانون الأساس واللائحة الداخلية.
واجهتنا فى الصياغة الكثير من العقد وأهمها أين يكون مقر الاتحاد، فالسيدة سميرة عاصى تريده فى لبنان وإبراهيم المعلم يريده فى مصر، وكنا نعرف أنه بدون هذين الاتحادين لن يبصر اتحاد الناشرين العرب النور كما حصل سابقا. عرضت على ابراهيم المعلم صيغة قبلها وتكفل بإقناع سميرة عاصى بها وهى أن يكون مقر الأمانة العامة فى بيروت ومقر الرئاسة قى القاهرة.
أتمت لجنة الصياغة أعمالها وعقد المؤتمر التأسيسى فى بيروت بتاريخ 12-13 أبريل (نيسان) 1995، أقر القانون الأساس واللائحة الداخلية وانتخب مجلس ادارة الاتحاد الأول الذى انتخب إبراهيم المعلم رئيسا وسميرة عاصى أمينا عاما.
وهنا لا بد من الإشارة إلى دور المختار عبود عبود فى مرحلة التأسيس، فقد كان رجل الوفاق والتنسيق مع أكثر من اتحاد.
كانت الاتحادات المؤسسة هى مصر، لبنان، سوريا، الأردن، العراق، السودان والمغرب، وفلسطين لاحقا.
كان بين الجميع اتفاق على أن إبراهيم المعلم هو القاسم المشترك الأعظم بينهم، عملت معه امينا للصندوق فى أول دورة ونائبا للرئيس فى الدورات اللاحقة بتفاهم تام وتنسيق عالى المستوى، وتمكنا من إنجاز تفاهم مع السيد خليفة التليسى وزملائه وأصبح هناك اتحاد فاعل أنجز الكثير وخاصة فى ترسيخ أهمية حرية النشر وتوزيح وحماية حقوق المؤلف ومكافحة القرصنة. وكان إبراهيم المعلم الأب الروحى لاتحاد الناشرين العرب.
< ما أهم إنجازات اتحاد الناشرين العرب منذ تأسيسه؟ وكيف ساهم فى الارتقاء بالمهنة؟
ـــــ اعتراف كل الدول العربية بأهمية صناعة النشر وتسابقها فى انشاء اتحادات محلية لتنضم إلى الاتحاد، واصبحت ادارات المعارض العربية تسعى لاعتراف اتحاد الناشرين العرب بها، ومن اهم انجازاته تفعيل قوانين حماية الملكية الفكرية، وتمثيل الناشرين العرب عربيا ودوليا، ومشاركته فى تنظيم فعالية الثقافة العربية ضيف الشرف فى معرض فرانكفورت، وتعميق الوعى بدور الناشرين العرب كصناع للثقافة.
< التزوير والقرصنة.. كيف ترى تأثير هذه الظاهرة على الناشرين والكتاب؟
ــــ رغم تحديث قوانين حماية الملكية الفكرية إلا أن القرصنة والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية يزداد وأصبح أكثر سهولة فى ظل التطورات التقنية الحديثة التى يصعب متابعتها، وللأسف فإن منصات رسمية وأخرى تابعة للعديد من الجامعات تشارك فى ذلك ويعمل الاتحاد على مكافحة هذه الظاهرة. القرصنة سرقة فعلية. إنها جريمة. القرصان والمزور يثريان على حساب المؤلف والناشر وكل العاملين فى الصناعات المجاورة. إن المقرصن لص فى جلباب واعظ لأنه يبيح لنفسه ذلك استنادا الى فتاوى مزورة. هذه السرقة تعيق صناعة النشر وتدمر شبكات توزيع الكتاب.
< هل هناك جهود أو مبادرات حقيقية على مستوى اتحاد الناشرين العرب لمكافحة هذه الظاهرة؟ وما مدى فعاليتها؟
ــــ أعتقد أن مجالس إدارة الاتحاد المتعاقبة بذلت جهودا كبيرة لمكافحة هذه الظاهرة من خلال علاقاتها بالجامعة العربية ومشاركتها فى اجتماعات وزراء الثقافة العرب وتواجد ممثليها فى المعارض العربية لمنع مشاركة القراصنة، لكنى للأسف أقر بأن فاعليتها تتراجع بسبب الاحداث السياسية المفجعة.
< هل تعتقد أن القوانين الحالية كافية لمكافحة قرصنة الكتب؟ وما هى المطالب التى تسعون لتحقيقها لحماية الناشرين والكتاب؟
ــــ القوانين الحالية جيدة ولكن تنفيذها غير دقيق. منذ البداية يطالب اتحاد الناشرين العرب بتخصيص نيابات عامة لتنفيذ هذه القوانين وتدريب العاملين فى أجهزة القضاء على ذلك وزيادة معرفتهم بالقوانين المنظمة لحماية حق المؤلف فى دولهم وفى العالم.
< كيف يمكن تحقيق توازن بين حماية حقوق الناشرين والمؤلفين وبين تسهيل وصول القراء إلى الكتب بأسعار معقولة؟
ــــ الناشرون والمؤلفون شركاء فى صناعة الكتاب، ويجب أن تنظم العلاقة بينهم بعقود واضحة تفصل حقوق الطرفين، والهدف حصول المتلقى على الكتاب بكلفة تتناسب مع دخله.
كلفة إنتاج الكتاب عالمية، فمعظم مدخلاته مستوردة، وأسعار الكتاب العربى ضئيلة مقارنة بأسعار مثيلاتها فى العالم، لكن الحقيقة أن دخل المواطن العربى ضعيف. لذلك فى دول العالم النامية لا تترك صناعة الكتاب لاقتصاديات السوق بل لا بد من دعم الدول لها لتصل منتجاتها إلى القارئ بسعر متناسب مع دخله.
< فى ظل التطورات التكنولوجية وانتشار الكتب الإلكترونية، كيف يمكن للناشرين العرب مواكبة هذا التغيير دون الإضرار بصناعة الكتاب الورقى؟
ـــــ على الناشرين العرب مواكبة التطورات ولكن دون مغالاة، فالكتاب الورقى والإلكترونى سيتجاوران لحقبة طويلة من الزمن لا يستطيع كان التنبؤ بمداها.
هناك أبحاث كثيرة فى العالم تشير إلى تراجع الكتاب الالكترونى أمام الكتاب الورقى.
< هل ترى أن هناك فرصًا غير مستغلة يمكن أن تدعم نمو سوق النشر العربية؟
ــــ لا أعرف حقيقة أن هناك فرصًا غير مستغلة، الناشر العربى لم يترك سوقا دون أن يطرق بابها، لكن العزوف عن القراءة يستشرى والدول لا تقوم بواجباتها وتوجه المستهلك للكتاب إلى الحصول السهل على المعلومة أو الحصول على الترفيه والمتعة.
< أخيرًا، ما هى رؤيتك لمستقبل النشر العربى خلال السنوات القادمة؟ وما الرسالة التى توجهها للناشرين والقراء؟
ــــ المستقبل صعب جدا للنشر العربى، رغم ما يظهر من ازدياد عدد دور النشر لغير مهنيين لا يفهمون مغزى ورسالة هذه الصناعة فيتعرضون للخسارة والإقفال، ويجلبون معهم الخسارة لأصحاب الرسالة.
أقترح على الناشرين العرب تجويد المحتوى والشكل والصبر والتحمل لعل الظروف تتغير، وأتمنى على القراء عدم الانجرار أمام فقاعات النشر السهلة والتافهة من حيث المحتوى، والتدقيق فى ما يقتنونه وتجنب شراء الكتب المقرصنة حتى لو تدنى سعرها، قكل البضائع المسروقة أسعارها مخفضة. وأنبه القارئ إلى أن القراصنة يبيعون منتجاتهم أحيانا بأسعار عالية للتضليل. أعرف أن التمييز صعب لكن لا بد من المحاولة.