على رأي المثل (4).. العجب كل العجب بين جمادى ورجب

آخر تحديث: الخميس 14 مارس 2024 - 5:08 م بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

بينما تعد الأمثال الشعبية ترمومتر الثقافة فى كل دولة، يشتهر الشعب المصري بأمثال شعبية وأقوال قد تبدو غير مفهومة للوهلة الأولى، ولكن إذا تعمقت في الكلام فستجد أن مضمونها يحمل دلالات ومعاني عميقة.

فالمثل الشعبي هو قصة حياة ترويها الأجيال، وحكاية حكمة الأجداد الصالحة لكل زمان ومكان وإن اختلفت اللهجات، إلا أن المعنى والمغزى من المثل الشعبي يبقى واحدا تردده الألسن، إذ لا يخلو هذا المثل من بلاغة التشبيه والإيجاز والاستعارات والكلام المسجع، للوصول إلى المقصود من دون قصور.

في سلسلة «على رأي المثل» وعلى مدار شهر رمضان الكريم، تقدم لكم «الشروق» قصصا وحكايات للأمثال الشعبية المصرية والعربية استنادا لكتاب «قصص الأمثال» للكاتب المصري سيد خالد.

• العجب كل العجب بين جمادى ورجب

أول من قال هذا المثل هو عاصم بن المقشعر الضبي، فقد كان له أخا يدعى أبيده قتله الخنيفس بن خشرم الشيباني بعد أن علق امرأته "كان بينهما علاقة سوء"، وقد كان الخنيفس من أغير أهل زمانه وأشجعهم، فلما بلغه أن أبيده ذهب إلى امرأته، ركب فرسه واستل رمحه وانطلق في طلب أبيده، فلما قضى أبيده حاجته، وهم راجعًا إلى قومه أخذ يردد تلك الأبيات:
ألا إن الخنيفس فاعلموه .. كما سماه والده اللعين
بهيم اللون محتقر ضئيل .. لئيمات خلائقه ضنين
أيوعدني الخنيفس من بعيد .. ولما ينقطع منه الوتين
لهوت بجارتيه وحاد عني .. ويزعم أنه أنف شنون

وهنا برز له الخنيفس وهم بقتله فقال له أبيده: أذكرك بحرمة خشرم، فقال الخنيفس وحرمة خشرم لأقتلنك، فقال أبيده: إذن أمهلني حتى أستلئم، فرد عليه الخنيفس قائلا: أو يستلئم الحاسر؟ ثم قتله، وقال:
أيا ابن المقشعر لقيت ليثا ... له في جوف أيكته عرين
تقول صددت عنك خنا وجبنا ... وإنك ماجد بطل متين
وإنك قد لهوت بجارتينا ... فهاك أبيد لاقاك القرين
ستعلم أينا أحمى ذمارا ... إذا قصرت شمالك واليمين
لهوت بها فقد بدلت قبرا ... ونائحة عليك لها رنين

فلما بلغ عاصم بن المقشعر الضبي ما حل بأخيه لبس أطمارًا من الثياب -ثياب قديمة-، وأخذ فرسه صوب الخنيفس متقلدا سيفه، وكان ذلك في آخر يوم من أيام جمادى الآخر قبل دخول رجب، لأنهم كانوا لا يقتلون أحدًا في رجب، وتوقف عاصم بفناء خباء الخنيفس.

وأخذ ينادي قائلا: «يا ابن خشرم أغثني فطالما أغثت»، وكان الخنيفس لا يعرف عاصم ولا يعرف أنه أخا لأبيده، فخرج إليه الخنيفس متسائلا عن أمره وفيما جاء؟.

فقال: «لقد غصب رجل من بني ضبة امرأة أخي ثم قتله، وقد عجزت عنه فأرجو منك المساعدة، فأخذ الخنيفس رمحه وخرج مع عاصم الضبي، وانطلقا حتى بعد عن قوم الخنيفس، فاقترب منه عاصم وقنع رأسه ثم إطارها بالسيف».

وقال: «العجب كل العجب بين جمادى ورجب، وأرسلها مثلا حين رجع إلى قومه».

اقرأ أيضا
على رأي المثل (3).. بيدي لا بيد عمرو

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved