حكايات فلسطينية (4).. ما هي وقائع الغضب العربي في انتفاضة عام 1933؟

آخر تحديث: الخميس 14 مارس 2024 - 5:18 م بتوقيت القاهرة

محمد حسين

يواصل الاحتلال الإسرائيلي، انتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني، طيلة ما يزيد على 5 أشهر، وتورط الاحتلال في ارتكاب عشراتّ المجازر وجرائم الإبادة المكتملة، ما خلف آلاف من الشهداء والجرحى.

وشهدت غزة معاناة الآلاف من مجاعة، وسط نقص كبير في المواد الغذائية، والمعدات الطبية والأدوية والوقود، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمستشفيات.

ويعتبر الكثير، أن العدوان الأخير على غزة يشكّل مأساة إنسانية غير مسبوقة تعد الأكثر قسوة ودموية في تاريخ القضية الفلسطينية.

وتستعرض "الشروق"، في حلقات مسلسلة محطات من تاريخ القضية الفلسطينية وصمود ومقاومة الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه، وملامح من ثقافته وعاداته وتراثه، تحت عنوان "حكايات فلسطينية" على امتداد النصف الأول من شهر رمضان المبارك:

• الحلقة الرابعة

تناولنا في الحلقة السابقة المبشرات الثورية للحركة الوطنية الفلسطينية، والتي بدأت مع بداية الثلاثينيات، وتجسدت أبرز سماتها في المؤتمرات والمظاهرات والصدامات الدامية مع القوات البريطانية والصهيونية، على حد سواء.

ونكمل في حلقة اليوم مع الحديث عن أحد أبرز الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها فلسطين وعُرفت بانتفاضة عام 1933.

• اتساع الهجرة اليهودية

اتسعت الهجرة اليهودية خلال عام 1933 أكثر من أي وقت مضى، بفعل ازدياد الضغط النازي ضد اليهود الألمان، بعد وصول الأول إلى شدة الحكم في ألمانيا، في مطلع العام نفسه، وفي أول أبريل 1933، دخل فلسطين 15 ألف مهاجر يهودي.

وطالبت المنظمات الصهيونية بـ 24 ألف تأشيرة دخول خلال الشهور الستة التالية، وفقا لكتاب تاريخ الأقطار العربية المعاصر.

ويضيف الكتاب: "وناشدت الحكومة البريطانية في المؤتمر الصهيوني في براغ، فتح فلسطين لهجرة يهودية غير محدودة، حتى يمكن تحويل فلسطين إلى وطن قومي يهودي، وأصبح الوضع ينذر بالانفجار، في أي وقت، وتحت ضغط الجماهير أقرت اللجنة التنفيذية العربية، في اجتماع عقدته في القدس، في سبتمبر 1933، القيام بمظاهرات في مدن فلسطين كلها".

• أحداث الانتفاضة

ويصف الكتاب مشاهد الانتفاضة: "في القدس، تظاهر نحو خمسة آلاف عربي، في 13 أكتوبر، شاركتهم نحو خمسين امرأة، واصطدم بهم رجال الأمن، فسقط منهم 35 جريحًا، وخمسة من رجال الأمن، وبناء عليه قررت اللجنة التنفيذية تنظيم مظاهرة أخرى في يافا، في السابع والعشرين من الشهر نفسه، بدلاً من اليوم التالي لمظاهرة القدس، كما كان مقرراً وفي الموعد المحدد، اندفع أربعة آلاف متظاهر عربي إلى مبنى الحكومة في يافا، تقدمهم رئيس اللجنة التنفيذية، مطالبين بوقف الهجرة اليهودية وحظر بيوع الأراضي، إلا أن رجال الأمن وحرس الحدود (نحو 1000 رجل) تصدوا للمتظاهرين وفتحوا النار عليهم، ما دفع هؤلاء إلى مهاجمتهم، هاتفين بسقوط الاستعمار البريطاني، وصمد المتظاهرون أمام الجند المسلحين في بسالة نادرة، وتمخضت تلك الصدامات عن مقتل أحد رجال الشرطة وجرح اثنين آخرين، في حين قتل 12 عربياً، وأصيب 78 بجروح".

وواصل: "وألقي القبض على عشرات المتظاهرين، وسرعان ما انتقلت الشرارة إلى حيفا، حيث هاجم ألفا متظاهر محطة سكة الحديد ومركز الأمن فيها واقتحموهما، وفي نابلس، هاجم ثلاثة آلاف متظاهر محطة سكة الحديد، وفرع بنك باركليز البريطاني، وأعلن الطلاب الإضراب، واستاءت الحكومة من نشاط تلامذة المدرسة الإصلاحية في نابلس".

واستطرد: "لما لم تجد خطابات كبار الملاك التضليلية التخديرية في تفريق المتظاهرين، عمد البريطانيون إلى استخدام طائراتهم الحربية لهذا الغرض، وفي أماكن عدة، وتم قطع خطوط الهاتف والتلغراف، وتوقف السفر بين المراكز الرئيسة في البلاد".

• دعم عربي

وأوضح الكتاب انعاكسات تلك الانتفاضة على المشهد العربي؛ حيث تدفق تأييد الشعوب العربية للانتفاضة، فشاركت وفود من سوريا وشرق الأردن في مظاهرة يافا، وفي دمشق اشتبك المتظاهرون مع الشرطة الفرنسية، حيث سقط العديد من القتلى والجرحى السوريين، وهتفت مظاهرات الموصل وبغداد بسقوط الاستعمار والصهيونية.

كما استمرت المظاهرات بعمان أربعة أيام متوالية هاجم المتظاهرون خلالها الجنرال البريطاني جون باخغوت غلوب، قائد الفيلق العربي، ورجموه بالحجارة وحطموا سيارته، كما رجموا بالحجارة المعتمد البريطاني، الكابتن كوكس، وطالبوا أمير شرق الأردن، عبد الله بن الحسين بمؤازرة عرب فلسطين.

ومن شرق الأردن، دخل إلى فلسطين نحو ألفي بدوي مسلح، لمساندة الثوار الفلسطينيين.

كما عقدت مؤتمرات جماهيرية في كل من مصر وتونس، كمؤازرة وتضامنا مع الانتفاضة الفلسطينية.

وقد عبر هذا التضامن العربي عن مدى فعالية القومية العربية التي نجحت في تخطي التقسيمات التي فرضها عليها الاستعمار.

اقرأ أيضا
حكايات فلسطينية (3).. مبشرات النهوض الثوري مقاومة الانتداب البريطاني

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved