شواهد القبور (4).. السردار محمد باشا راتب قائد الجيش في حروب الحبشة

آخر تحديث: الخميس 14 مارس 2024 - 5:04 م بتوقيت القاهرة

محمد حسين

تشارك الشروق القراء رحلة التعرف على الكنوز المخفية لجبانات ومقابر القاهرة

تحتضن مدينة القاهرة تراثا ثريا ومتنوعا يقف شاهدا وموثقا لأحداث تاريخ، وشخصيات مرت على مصر في حقب مختلفة من تاريخها الممتدد.

ولا يقتصر تاريخ القاهرة على مساجدها التاريخية ومآذنها الشامخة أو القصور المنيفة؛ ففي مقابرها وجباناتها كنوزا مخفية لم يرها ولم يوثقها الكثير من قبل.

ووثق الدكتور مصطفى الصادق، أستاذ الطب المتفرغ بقصر العيني والمهتم بالتاريخ والتراث، جولاته بجبانات مقابر القاهرة التي أمضى بها سنوات عديدة، وجمع مادة ثرية من صور المقابر التاريخية، وصدرت أواخر يناير الماضي في كتاب: "كنوز مقابر مصر.. عجائب الأمور في شواهد القبور"، عن دار ديوان للنشر.

• الحلقة الرابعة

تناولنا في الحلقة السابقة شاهد قبر أحد أبرز الشخصيات العسكرية في عهد الأسرة العلوية، وهو الفريق بحري قاسم محمد باشا، والذي قاد الأسطول المصري في حرب الحبشة.

وقاد الفريق قاسم باشا الباخرة المحروسة، وعليها الأمير حسن باشا ثالث أنجال الخديو إسماعيل، ومعه حاشيته وأركان حربه الأمير الاي يوسف شهدي بك، وزهران بك وکیل نظارة الحربية لاحقا، والبكباشي محمد نسيم والطبيب محمد بك بدر، وغيرهم من ضباط أركان الحرب إلى الحبشة.

ونكمل في حلقة اليوم، سيرة شخصية عسكرية بارزة أخرى، وهو السردار محمد باشا راتب قائد الجيش في حروب الحبشة، والذي تضمنت حياته مواقف مثيرة، كما عرضها الدكتور مصطفى الصادق في كتابه.

• أصل مملوكي

ومحمد راتب هو ابن المرحوم قوبان بن طبه، وهو جركسي الجنس من مماليك الوالي محمد سعيد باشا. تعلم في مصر، وكان من تلاميذ مدرسة المفروزة الحربية، ثم سافر مبعوثا إلى فرنسا لتعلم الفنون العسكرية في أواخر سنة 1854 مع زميله راشد باشا حسني (أبو شنب فضة)، وعاد إلى مصر بعد سنتين حيث انخرط في سلك الأورط السعيدية.

• محاولة انتحار

غضب عليه الوالي محمد سعيد باشا وتوعده بالعقاب، فلم يجد مخلصا من هذه الإهانة التي استنكرها إلا الانتحار، فأطلق على نفسه رصاصة، لكنه عولج وشفي منها، ولكنها تركت أثرًا في نفسه ظل يلازمه طول حياته، وكانت هذه الحادثة سببًا في هربه إلى الأستانة وانخراطه في سلك الجيش العثماني.

• عودة للقيادة

عندما توفي سعيد باشا، عاد إلى مصر في أوائل عهد الخديو إسماعيل، وترقى في الرتب بسرعة حتى نال رتبة اللواء في سنة 1864، وأصبح سردارا للجيش المصري سنة 1867.

• حروب الحبشة

كان محمد راتب باشا قائدًا عامًا للجيش المصري في حرب الحبشة التي اندلعت بعد واقعة «أوسا» التي فاجأ فيها الأحباش بالقرب من «عدوة» حكمدار شرق السودان منزنجر باشا والجنود المصريين، وقتلوا الحكمدار وزوجته وكثيرا من الجنود المصريين في نوفمبر سنة 1875.

وعزم الخديو إسماعيل على الثأر من الأحباش، وأمر ابنه الأمير حسن باشا ناظر الجهادية والبحرية، بإعداد حملة كبيرة، فجرد نحو 15 ألف مقاتل، وجعل عليهم محمد راتب باشا سردار الجيش المصري قائدًا عاما، ولورنج باشا الأمريكي رئيسا حرب الجيش، وسافر معهم محمد علي باشا تقلي الطبيب المشهور رئيسا لمستشفيات الميدان.

ولم يكن النصر حليف الجيش المصري، وقد تنصل محمد راتب باشا من تبعة هذه الهزيمة بعد عودته إلى عهم بقوله للخديو إسماعيل: إن سموكم أخذتم علي فوائيل أن استشير الجنرال لورنج في جميع حركاتي العربية، وقد قمت بما أمرتم به، فكانت النتيجة معسف من غير ما تحبون.

مع هذه الهزيمة، ظل راتب باشا محظيا لدى الخديو إسماعيل، فعاد سردارا للجيش.

• تركيبة وشاهد قبره

التركيبة من الرخام المستطيل، من مستويين المستوى الأسفل مزخرف بزخارف هندسية بالحفر البارز ونقوش كتابية بخط الثلث البارز ومغطى بغطاء رخامي مستطيل مثبت أعلى زواياه الأربع 4 مزهريات رخامية ذوات بدن مفصص.

والمستوى الثاني مزخرف أيضًا بزخارف هندسية وكتابية بطريقة الحفر البارز داخل إطار مستطيل كتب داخله آية الكرسي وتعلوه شرفة رخامية مزخرفة بزخارف هندسية وأركانها مربعة مثبت عليها 4 بابات كمثرية الشكل.

يعلو التركيبة شاهدا قبر؛ أحدهما خلفي (مضاه) أسطواني ينتهي بعقد مدبب، والشاهد الأمامي أسطواني أيضًا عليه نقوش كتابية بالخط الفارسي البارز المذهب من تسعة أسطر تفصل بينها خطوط أفقية بارزة تُقرأ كالتالي:

"هو الحي الباقي
كل من عليها فان
هذا ضريح المغفور له
المشير محمد راتب باشا
السردار الأسبق للجيش المصري
توفى إلى رحمة مولاه
يوم الأحد 16 جمادى الثاني
سنة 1338 هجرية و7 مارس1920".

اقرأ أيضا
شواهد القبور (3).. قاسم باشا محمد أول مصري يتولى قيادة يخت المحروسة

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved