طارق إمام: «أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها» تنشغل بأسئلة الحياة والموت.. وتضم نصوصا واقعية

آخر تحديث: الجمعة 14 يونيو 2024 - 6:06 م بتوقيت القاهرة

أسماء سعد ومحمود عماد 

الرواية هي فن النهايات.. وأستفيد إبداعيا من الانقلابات المتتالية فى حياتى

نظمت دار الشروق حفل توقيع ومناقشة «أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها» للكاتب والروائى طارق إمام، وذلك فى مبنى قنصلية بوسط البلد، الثلاثاء الماضى، حيث ناقشت إمام الكاتبة والروائية ميرنا المهدى، فى حضور أميرة أبو المجد العضو المنتدب بدار الشروق، وأحمد بدير مدير عام دار الشروق، ومحمد البعلى مدير دار صفصافة للنشر، والكاتبة مريم حسين، ونانسى حبيب مسئول النشر بدار الشروق، وعمرو عز الدين مسئول التسويق بالدار.


عبر الروائى طارق إمام عن سعادته بمناقشة «أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها» الصادرة عن دار الشروق بعد مناقشتها فى أكثر من بلد عربى، قائلا: سعيد بأن هذه المناقشة تأتى مع صدور الطبعة الثانية. وأشكر دار الشروق وكل القائمين عليها على الرهان بنشر مجموعة قصصية مثل «أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها» مجموعة مختلفة بعض الشىء عن المجموعات القصصية الأخرى.
بعدها أوضح إمام أن غلاف الكتاب كان مغامرة كبيرة فى كل تفاصيلها، وجدت رسمة الغلاف على أحد حسابات التواصل الاجتماعى لرسام فرنسى لا أعرفه ولكننى رأيت أن الرسمة تشبه أحد الأقصوصات بالكتاب فتواصلت معه مبدئيا ثم عرضت الأمر على دار الشروق ودار الشروق مشكورة وافقت على الغلاف ورحبوا للغاية بالأمر، وبعدما عدلت فيه من رسمى ببعض الخطوط، وتفاجأت بقبول دار الشروق لشكل الغلاف هكذا ولم أعرف باعتمادهم للغلاف إلا فى البروفة الأخيرة للغلاف قبل دخوله المطبعة، وأنا سعيد للغاية بالغلاف لأنه نتاج تعاون وتصورات عديدة.
وواصل: سؤال الموت متواجد دائما فى أعمالى، وهو سؤال يشغلنى وأفكر فيه دائما، وأنا أرى أن أفكارك التى تسيطر عليك تنعكس بالطبيعة على الكتابة، ومن الأشياء التى جذبتنى للواقعية السحرية هو سؤال الموت لأنها ترى الموت من عدة اتجاهات عكس الأدب الواقعى والذى يرى الموت هو تحول الشخص إلى تراب، وربما هذا الذى جعلنى مشغولا بالعوالم الما فوق واقعية بالنسبة لسؤال الموت والموت بعدان، وهما بعد الموت بالنسبة للناس فى البعد الواقعى، وبعد آخر وهو ماذا بعد الموت، للموت تفسيرات كثيرة ومتنوعة ومختلفة.
وقال: إن سؤال الموت فى المجموعة تعمق بموت أبى وموته أثر على الكتاب والذى كتبت بعض القصص قبل موته، والبعض الآخر بعد موته، وسؤال الموت تجلى بعد ذلك فى الكتاب أكثر وأكثر، وكنت أكتب فى رواية ولكن بعد موت أبى توقفت لأن الرواية لا يجب أن تكتب وسط مشاعر كبيرة سواء حزن أو فرح فالكاتب فى الرواية يجب أن يقف على مسافة، وذلك عكس القصة والتى من الممكن أن تكتب قصة ذاتية كاملة.
وأردف بعدها بقوله: الكتاب فى البداية لم يكن يحمل كل هذه الأقاصيص ولكنها أضيفت بعد ذلك حتى وصلت لـ125 أقصوصة، والمجموعة ظلت فى حالة كتابة متواصلة حتى قرب طباعتها وهذا التفهم أشكر عليه دار الشروق، والمجموعة رغم فانتازيتها بها الكثير من النصوص الواقعية، ولكن سؤال الموت هو أهم سؤال بالنسبة للإنسان، ويمكن الدخول له فى الكتابة بأى شكل سواء الاجتماعى أو السياسى أو غيره.
وأفاد بأن فكرة اليد بالنسبة له هى فكرة مركزية للغاية، قائلا: لا يتم التركيز عليها كثيرا فدائما يتم التركيز على الرؤية أو السمع رغم أن اليد واللمس هما ما نكتب بهما، وظهر ذلك فى بعض كتاباتى مثل «الأرملة تكتب الخطابات سرا» و«هدوء القتلة»، وغيرها، منذ بدايتى فى الكتابة وأنا أريد أن أكتب عن الفن رغم قول البعض بأن ذلك لا يصلح، ويد الفنان هى أهم شىء بالنسبة له، واليد وحاسة اللمس شىء حساس جدا ومن رأيى أن موت الكاتب هو موت يده، وحضور اليد موجود بكثرة فى المجموعة.
«القاهرة كمدينة ملهمة للغاية»، هكذا أكد إمام الذى واصل: أنا لا آخذ موقفا من المدينة كدرويش لها أو كاره لها، والمدينة بالنسبة لى هى فكرة الوجود والقاهرة تمثل لى ذلك، و الرواية هى فن النهايات، ولذلك لا أحزن عندما تموت شخصياتى لأننى مشغول بفكرة موت البطل حتى أن الشخصية التى تموت يحبها القراء أكثر ففى الحياة عندما تموت تحصل على مقبرة بينما فى الفن تحصل على الحياة، وفى الأقاصيص الأقصوصة ربما تكون هى شاهد قبر.
وشدد إمام على أن الرواية تحتاج بعض التخطيط ويجب قبل قراءتها أن أعرف ماذا سأفعل وأنا أكتب لست منظما بشكل كبير للغاية، ولكن التفاصيل تظل فى رأسى، وربما تطرأ بعض التفاصيل الملهمة فى أثناء الرواية، ولا أوافق على وصف الرواية بفن الحذف.
فيما قال بعدها: أنشغل على الدوام بالطريقة التى سيتحدد وفقا لها نهاية شخصياتى فى الرواية، أفكر فى ذلك كثيرا وأظل أتقصى وراء الكيفية التى من الممكن أن تموت بها الشخصية على سبيل المثال، وكيف سيتحول هذا الجسد الروائى إلى تراب، وأشعر أحيانا أن الشخصيات التى لا تموت فى الرواية، كما لو أنه يتم معاقبتها وتظل عالقة، وربما شخصية تموت فى الرواية فتتعلق بها أكثر من أى شخصية أخرى.
وعن اللحظات التى شهدت فيها مسيرة طارق إمام تحولات كبرى، قال إمام: كثيرا ما حياتى انقلبت رأسا على عقب، كثيرا ما بدأت من الصفر، وذلك على مستويات عديدة شخصية وإبداعية وحياتية، وأنظر لحياتى كما لو أنها سلسلة من الانقلابات الدائمة والمراحل التى تصل للذروة ثم تعاود البداية من المربع صفر مجددا، ولكنى أنظر للنهاية كما لو أنها بداية، وذلك نظرا للقدر الذى عشت به الكثير من النهايات فى حياتى، وهى تفاصيل تؤثر على الأفكار بطبيعة الحال، وأدين لها طالما أنها لم تصل إلى حد المرض النفسى، وطالما أنها لم تصل لهذا الحد فهى تكون أكثر تحفيزا للإبداع وليس العكس.
قالت الكاتبة ميرنا المهدى إن الكتابة بأسلوب الواقعية السحرية غير موجود كثيرا فى مصر والوطن العربى، وهذا ما يميز طارق إمام، ويجعلنا نحتفى به وتجربته وبنجاحه بأسلوبه غير المتعارف عليه كثيرا فى مصر، موضحة أن غلاف «أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها» مميز ويبدو متفائلا عكس المضمون الداخلى للأقاصيص والتى يغلب عليها طابع الموت.
وأشارت بعدها إلى أن رمزية اليد متواجدة بشدة فى العديد من أعمال طارق إمام ومتواجدة أيضا فى «أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها»، وأنه قد خاض فى هذه القصص، كعادته مغامرةً جديدة، ذاهبًا هذه المرة إلى «القصة الومضة»، 125 أقصوصة تحضر فيها أسئلة الوجود كافة؛ حيث لا تحتاجُ الحكايةُ سوى لكلماتٍ قليلة كى تكتمل وتُشبع قارئها، طارحةً فى كل مرة عالمًا ثريًّا مكثفًا من الشخصيات والأحداث، يصلح بعضُها لتشييد رواياتٍ كُبرى.
وكان قد حاز طارق إمام إعجابا نقديا بـ«أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها»، حيث تم الاحتفاء بها كمجموعة فريدة لكاتبٍ أدمن التجريب، تعيد اكتشاف العالم من زوايا مدهشة فى عجائبيتها وعميقة فى تفجير مفارقات الواقع الذى نظن أننا نعرفه.. ذلك الواقع الذى لا يعيشه المرءُ كقاطن، بل يَزُوره كضيف.
يشار إلى أن طارق إمام؛ روائى وقاص مصرى. وُلد عام 1977، ويُعدُّہ النقاد أحد أبرز المجددين فى السرد المصرى الحديث والأشد غرامًا بالتجريب. أصدر 12 كتابًا بين روايات ومجموعات قصصية، من أبرزها: «هدوء القتلة»، «الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس»، «الأرملة تكتب الخطابات سرًّا»، «ضريح أبى»، «طعم النوم»، و«ماكيت القاهرة».
تُرجِمت أعماله إلى عدة لغات، ونال العديد من الجوائز الرفيعة، منها جائزة ساويرس مرتين، جائزة الدولة التشجيعية، جائزة سعاد الصباح، جائزة متحف الكلمة الإسبانية، وتأهلت روايته «ماكيت القاهرة» للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved