الاحتجاجات على القوانين الزراعية الجديدة تمثل أكبر أزمة سياسية لرئيس الوزراء الهندي

آخر تحديث: الإثنين 14 ديسمبر 2020 - 11:20 ص بتوقيت القاهرة

د ب أ

تهدد مظاهرات المزارعين، للاحتجاج على قوانين زراعية جديدة، في الهند بأن تصبح أكبر أزمة سياسية يواجهها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال فترة توليه منصبه.

وسوف يكون الانصياع لطلبات المزارعين وإلغاء القوانين اعترافا غير معهود بالهزيمة من جانب رئيس الوزراء الهندي القوي، الذي تعهد بأن تصلح القوانين قطاع الزراعة.

ويعتزم المزارعون، التصعيد من خلال الإضراب عن الطعام في وقت قريب، بحسب ما ذكرته شبكة ان دي تي في الهندية.

ويقول المعارضون، إن القوانين تعرض معيشتهم للخطر، في حين تقول الحكومة إن القوانين سوف تعمل على إصلاح قطاع الزراعة.

وقد أخفقت المباحثات مع الحكومة المركزية حتى الآن في التوصل لحل، حيث لم يعرب أي طرف عن استعداده للتنازل، إذ يريد المزارعون إلغاء القوانين، في حين تقول الحكومة إنها سوف تدرس فقط إجراء تعديلات.

وقال مودي في تغريدة: "نحن نتخذ كل هذه المبادرات لزيادة دخل المزارعين وجعلهم أكثر رخاء. الإصلاحات سوف تساعد في جذب الاستثمارات في الزراعة وتعود بالفائدة على المزارعين".

ولكن استمرار الاضطرابات؛ قد يسبب فوضى في أسواق الطعام ويؤثر بصورة سلبية على المستهلكين، كما من المرجح أن يعوق الانتعاش ما بعد أزمة فيروس كورونا.

وقال الكاتب أندي موخرجي في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، إن الخلاف بتركز على الاستراتيجية التي يجب اتباعها الأسواق أم المنظمات؟ هذه معضلة قديمة، تبناها الاقتصادي رونالد كوس عام 1937، مودي يحبذ الأسواق، وقد تعهد بتحويل الاقتصاد بأكمله إلى منطقة تجارة حرة تعود بالفائدة على 119 مليون مزارع و144 مليونا من العاملين في المزارع، بالإضافة لأسرهم.

ويرى عدد كبير ومتزايد من الأشخاص أن هذه الخطوة تمثل نهاية لدعم الدولة المؤسساتي، إذ يخشون أن يسمح ذلك للشركات الراغبة في تحقيق أرباح بأن تهرع لملء الفراغ الناجم عن نهاية الدعم الحكومي.

ويقوم عشرات الآلاف من المزارعين بالاعتصام عند تقريبا كل نقطة دخول لمدينة نيودلهي منذ 26 نوفمبر الماضي.

وأضاف موخيرجي، أن التوصل لحل وسط يتطلب إجراء مشاورات، وهو أمر افتقرته حكومة مودي أثناء طرح مشاريع القوانين في البرلمان خلال شهر سبتمبر الماضي.

حتى الذين دافعوا عن الإصلاحات، اتفقوا على أنه كان يجب إيضاح الهدف منها ومزاياها بصورة أفضل.

ويتعين الآن تقديم تنازل حقيقي، ربما يتمثل في إقرار قانون إضافي.

ومن أجل معرفة التنازل الذي ينبغي تقديمه، يجب أولا دراسة سبب غضب المزارعين، فهناك جزء صغير في قطاع الزراعة بالهند، وبصورة خاصة في البنجاب، يعتمد بصورة كبيرة على بيع الأرز والقمح للحكومة وفقا لما يطلق عليه الحد الأدنى لأسعار الدعم، وتتم عملية الشراء في أسواق يطلق عليها "مانديس".

وتمنح أحد مشاريع قوانين مودي المزارعين حرية بيع منتجاتهم خارج الأسواق المخصصة لها، وبدون دفع ضرائب ورسوم لحكومات الولايات الـ29 بالهند.

وبالنسبة لمزارعي الحبوب، فإن مصدر القلق هو إذا كانت الأسواق المخصصة لعمليات البيع سوف تتعرض للتجاهل، هل سوف تتوقف الحكومة عن الشراء منا بأسعار مضمونة؟.

وهذا الخوف ليس بأكمله غير عقلاني، فإن أماكن تخزين الحبوب تعاني من وجود فائض، يكلف دافعي الضرائب 25 مليار دولار، وهى الأموال التي يمكن استخدامها في مجالات أخرى في اقتصاد ما بعد أزمة كورونا.

ويعلم المزارعون ذلك، ويتمثل أحد مطالبهم في توفير دعم قانوني للحد الأدني لأسعار الدعم، وهو أمر قد تكون له عواقب وخيمة على المال العام.

وقد أعلنت السلطات مؤخرا أسعار 23 سلعة، ولكن هذه الأسعار لا معني لها بصورة كبيرة، ما عدا بالنسبة للقمح والأرز والقطن في عدد قليل من الولايات.

ويقول أشوك جولاتي، أستاذ علم الزراعة في المجلس الهندي للأبحاث في العلاقات الاقتصادية الدولية إن ولاية البنجاب هي الأكثر استفادة، حيث يحصل مليون مزارع على 1600 دولار سنويا على هيئة سماد مدعم سنويا بالإضافة إلى كهرباء مجانا لضخ المياه الجوفية.

ويقول موخيرجي، إنهم يحصلون على هذه الامتيازات، بالإضافة إلى الحد الأدنى لسعر الدعم مقابل الإيفاء بتعهد يعود لنصف قرن مضى بعدم جعل الهند تعاني من الجوع.

ولكن المزارعين في حاجة للحماية قبل أن يصدقوا أن الأسواق سوف تجلب لهم الرفاهية، وأحد سبل تحقيق ذلك ربما تتمثل في تبنى قانون إضافي يضمن دخلا أساسيا، وفقا للقيمة المضافة الزراعية لكل ولاية.

ويمثل حرمان المزارعين من حق التوجه للمحاكم المدنية في حال وجود خلافات مع المشتريين الخاصين مشكلة لمودي.

وربما يعود تخفيف القيود الصارمة المتعلقة بالاحتكار، آخر جزء من حزمة الإصلاح، بالفائدة على منظمات المزارعين التي لديها سعة تخزينية كافية. ولكن الفائز الأكبر سوف يكون الشركات التجارية، بحسب ما قاله الأستاذ سوكبان سينج الذي يعمل بالمعهد الهندي للإدارة.

وهذا الاختلال في ميزان القوى يحتاج أيضا إلى إعادة نظر، ولن يصلح التفوق السوقي قطاع الزراعة بالهند، ولكن مزيجا من الأسواق والمؤسسات ربما يؤدي هذا الغرض.

ويتعين على الساسة القيام بترتيبات جديدة تصرف اهتمام المزارعين بالترتيبات القديمة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved