وهم تضخم الجهاز الإداري للدولة.. تقرير لحلول للسياسات البديلة يناقش قضية العمالة الحكومية

آخر تحديث: الخميس 15 فبراير 2024 - 8:38 م بتوقيت القاهرة

محمد حسين

ناقش التقرير الجديد لمشروع حلول للسياسات البديلة قضية تضخم الجهاز الإداري للدولة وذلك من خلال التقرير الأسبوعي (عدسة) والذي تناول كيفية الاستفادة من العمالة الحكومية بالجهاز الإداري للدولة.

وذكر التقرير أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر قرارا جديدا لرفع الحد الأدنى للأجور مرة أخري، وهو قرار يتناقض مع مطالب تقليص بند الأجور في الموازنة كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي وما يستدعيه ذلك من تقليص حجم العمالة التي تقارب خمسة ملايين موظف لافتا إلى أن مصر خطت خطوات واسعة لتلبية هذا المطلب منذ عام 2016 حينما حصلت على قرض صندوق النقد الدولي، ففي عام واحد استطاعت تقليص العمالة في الجهاز الإداري بنسبة حوالي 13% ولكن يرى كثير من المراقبين أن هذا الطرح ينطوي على كثير من التسطيح لأن الواقع المصري لا يعاني تضخم الجهاز الحكومي بقدر ما قد يعاني من ضعف الكفاءة وسوء توزيع الموارد البشرية داخل القطاعات المختلفة.

وأشار التقرير إلى أن الدفع بحجة أن تقليص العمالة الحكومية شرطًا لتبني اقتصاد السوق وإصلاح الاختلالات المالية للدولة أمر غير سليم، لأنه بالنظر إلى مؤشرات سوق العمل في الدول المتقدمة القائمة على اقتصاد السوق، نجد أن نسبة العمالة الحكومية من إجمالي المشتغلين لا تقل عن 18% في بلجيكا وتفوق الـ30% في النرويج.

وبمراجعة آخر الإحصاءات المتاحة التي تعود إلى عام 2017، نجد أن النسبة التقريبية للعاملين، في الجهاز الإداري للدولة المصرية كانت 19% بواقع حوالي 5 ملايين من إجمالي 26 مليون مشتغل كما أنه في الوقت نفسه لا تعتبر مصر استثناءً بالمقارنة بأقرانها من دول العالم متوسطة الدخل من حيث تكلفة العمالة الحكومية، فقد بلغت نسبة تكلفة العمالة الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي 8.6% للعام المالي 2022/2021، في حين أن إحدى الدراسات الصادرة عن صندوق النقد الدولي تشير إلى أن هذه النسبة تصل إلى 8.7% في الدول ذات الدخل المتوسط وفق ذات التقرير.  

وفيما يخص الإنفاق على العمالة الحكومية كنسبة من الإنفاق العام في مصر نوه التقرير إلى أنها بلغت 19.6% في العام المالي نفسه، وهي في حقيقة الأمر نسبة أدنى بكثير مما هو متعارف عليه في الدول متوسطة الدخل التي يصل فيها الإنفاق على العمالة الحكومية كنسبة من الإنفاق العام إلى 31.8%.

قطاعات مأزومة

وحسب التقرير فإنه رغم ادعاءات التضخم، نجد أن الجهاز الحكومي المصري يعاني من نقص واضح في قطاعين من أهم القطاعات الخدمية وهما التعليم والصحة إذ تشير الإحصاءات إلى التراجع في أعداد المدرسين على أساس سنوي رغم الزيادة المستمرة في أعداد الطلاب المقيدين في التعليم ما قبل الجامعي وفي الوقت نفسه لا تزال المشكلة مرشحة للتفاقم نظرًا إلى أن أغلب المعلمين قد تجاوزوا الخمسين وفي طريقهم إلى التقاعد وقد بلغ عجز المعلمين 323 ألفًا في عام 2021 تبعًا لتصريحات وزير التعليم آنذاك وقد حاولت الحكومة تدارك هذا الأمر حينما أعلن رئيس الجمهورية عن تعيين 150 ألف مدرس على خمس سنوات لسد العجز.

كيفية الاستفادة من العمالة الحكومية

حدد التقرير عددا من الحلول للاستفادة من العمالة الحكومية وهى عدم التعامل مع الجهاز الإداري للدولة باعتباره عبئًا ماليًّا يجب خفض حجمه أو تكلفته فضلا عن ضرورة تفعيل آليات الحوكمة والمحاسبة لضمان كفاءة هذا الجهاز مع إصلاح الجهاز الإداري بتبني عملية تفاوض مجتمعي بشكل يخدم الرؤية التنموية للبلاد.

وشدد التقرير على أنه يتعين التركيز في زيادة إيرادات الدولة وخاصة الحصيلة الضريبية بدلًا من الحديث عن تخفيض فاتورة الأجور أو تقليص العمالة الحكومية، ففي أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، لم تواجه الدول ذات الأجهزة الإدارية الأكبر -مثل الدول الإسكندنافية- أية اختلالات مالية تُذكر.

كما أكد التقرير في ختامه على أنه يتعين تخصيص جزء من ميزانية كل وحدة لتدريب العاملين في الجهاز الإداري من أجل تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.  

يذكر أن مشروع "حلول للسياسات البديلة" هو مشروع بحثي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، معني بتقديم مقترحات سياسات عامة للتعامل مع أهم التحديات التي تواجه المجتمع المصري، عن طريق عملية بحثية متعمقة ودقيقة، واستشارات موسعة مع مختلف القطاعات المعنية. ويقدم المشروع حلولًا مبتكرة ذات رؤية مستقبلية لدعم مجهودات صناع القرار في تقديم سياسات عامة تهدف لتحقيق التنمية العادلة في مجالات التنمية الاقتصادية وإدارة الموارد والإصلاح المؤسسي.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved