روائية صربية تفسخ عقدها مع دار النشر الألمانية بسبب موقف الحكومة المؤيد لإسرائيل
آخر تحديث: الجمعة 15 مارس 2024 - 7:07 م بتوقيت القاهرة
كتبت ــ منى غنيم:
أعلنت الروائية البوسنية الصربية لانا باستاشيتش، قيامها بفسخ تعاقدها مع دار النشر الألمانية التى تتعامل معها احتجاجًا على ما وصفته بـ«الصمت المخزى تجاه الكارثة الإنسانية فى غزة»، ودعت إلى مقاطعة شاملة للمؤسسات الثقافية الألمانية، بسبب موقف الحكومة المؤيد لإسرائيل.
وقالت الروائية ــ ذات الـ37 عامًا والحائزة على جائزة الاتحاد الأوروبى للأدب لعام 2020 عن روايتها الأولى Catch the Rabbit ــ عبر حسابها على تطبيق «إنستجرام»: إنها شعرت بأن إنهاء التعاقد مع دار النشر «إس فيشر» كان واجبًا أخلاقيًا، بسبب عدم قيامها بأى خطوة لإدانة الإبادة الجماعية المستمرة التى تحدث فى غزة، فضلًا عن «فرض الرقابة» على الأصوات المؤيدة للفلسطينيين فى ألمانيا.
وقد أسس دار النشر التى تحمل اسم «إس فيشر فيرلاج»، الناشط اليهودى صموئيل فون فيشر عام 1886، وتم تعليق نشاط الدار على يد النظام النازى عام 1936، ولذلك فقد أعلنت دار النشر، عبر موقعها الإلكترونى، عزمها «الوقوف فى وجه أنماط التفكير المعادية للسامية والمؤيدة للعنصرية فى صورها المختلفة خاصة بعد مذبحة حماس فى 7 أكتوبر 2023».
وأكد متحدث باسم دار النشر «إس فيشر»، أن «باستاسيتش» أنهت تعاقدها، شهر ديسمبر الماضى، وأضاف: «نحن نحترم قرارها وما زلنا على صلة جيدة مع وكالتها الأدبية»، وقالت الكاتبة، عبر رسالة بالبريد الإلكترونى، أرسلتها الكاتبة إلى صحيفة الجارديان، إن العقد الذى أنهته كان مخصصًا لروايتها التالية التى لا تزال فى طور الكتابة.
جدير بالذكر أن الحكومة الألمانية واحدة من أكبر حلفاء إسرائيل فى العصر الحالى خاصة مع التصعيد الأخير للصراع فى الشرق الأوسط، وقد صرّحت بأن الاتهام بارتكاب إبادة جماعية ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية لا أساس له من الصحة على الإطلاق ويرقى إلى مستوى الاستغلال السياسى لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية.
وقد أثبت هذا الموقف أنه مثير للانقسام بشكل خاص فى القطاع الثقافى فى ألمانيا؛ حيث أتى قرار «باستاشيتش» بعد أسبوع من إطلاق عريضة تطالب بمقاطعة المؤسسات الثقافية الألمانية، بسبب سياساتها المكارثية التى تقمع حرية التعبير، وتحديدًا تعبيرات التضامن مع فلسطين.
وزعم المنظمون المجهولون للعريضة، والتى تحمل عنوان «إضراب ألمانيا ــ Strike Germany»، أنهم جمعوا أكثر من 1000 توقيع لصالح مسعاهم، بما فى ذلك الكاتبة الفرنسية الحائزة على جائزة نوبل فى الأدب، آنى إيرنو، والعديد من الفائزين الجدد بجائزة «تيرنر» البريطانية للفنون، بما فى ذلك تاى شانى وجيسى دارلينج.
ومن غير الواضح أيضًا ما إذا كان مؤيدو الالتماس سيقاطعون المؤسسات الثقافية الألمانية أم أن الالتماس يدعو فقط إلى مثل هذه الخطوة فى المستقبل، وأكدت دار النشر الألمانية الخاصة بـ«إرنو»، «سوهركامب»، أن الكاتبة وقعت على العريضة، لكن المنشورات والعروض الدرامية لنصوصها فى ألمانيا لن تتأثر بالدعوة إلى الإضراب.
وكشفت إدارات المسارح فى المدن الألمانية هامبورج وأوسنابروك وفايمار، والتى من المقرر أن تعرض مسرحيات مبنية على كتابات «إرنو» فى الأسابيع المقبلة، عن أنها تتوقع أن تستمر هذه العروض، كما هو مقرر.
ويعد أحد أبرز الأسباب وراء الانتقادات الأخيرة لفرض الرقابة فى ألمانيا هو «بند مكافحة التمييز» الجديد الذى يجب أن يوقعه المتقدمون للحصول على تمويل ثقافى من برلين، ويهدف هذا البند، الذى أعلنه السيناتور الثقافى فى العاصمة الألمانية، جو تشيالو، فى بداية العام، ظاهريًا إلى ضمان «عدم دعم أى تعبيرات عنصرية أو معادية للسامية أو معادية للغرب أو تمييزية بأموال عامة».
وانتقدت العديد من الشخصيات فى عالم الفن هذا البند لاعتماده على تعريف التحالف الدولى لإحياء ذكرى المحرقة المثير للجدل لمعاداة السامية، قائلين، إنه سيكون له تأثير خانق على الانتقادات المشروعة لتصرفات إسرائيل التى تقوم بها الآن.
ولا يقتصر منتقدو بند مكافحة التمييز فى برلين على منظمى عريضة «إضراب ألمانيا» فحسب، بل يشمل أيضًا رئيس الجمعية الثقافية لمعهد جوته التى تمولها الدولة.
وفى مقال افتتاحى لصحيفة «دير شبيجل» حذرت رئيسة معهد جوته، كارولا لينتز، من أن مثل هذه الخطوة تخاطر باستغلال الفن لأغراض سياسية.