على رأي المثل (5).. من شابه أباه فما ظلم

آخر تحديث: الجمعة 15 مارس 2024 - 5:29 م بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

بينما تعد الأمثال الشعبية ترمومتر الثقافة فى كل دولة، يشتهر الشعب المصري بأمثال شعبية وأقوال قد تبدو غير مفهومة للوهلة الأولى، ولكن إذا تعمقت في الكلام فستجد أن مضمونها يحمل دلالات ومعاني عميقة.

فالمثل الشعبي هو قصة حياة ترويها الأجيال، وحكاية حكمة الأجداد الصالحة لكل زمان ومكان وإن اختلفت اللهجات، إلا أن المعنى والمغزى من المثل الشعبي يبقى واحداً تردده الألسن، إذ لا يخلو هذا المثل من بلاغة التشبيه والإيجاز والاستعارات والكلام المسجع، للوصول إلى المقصود من دون قصور.

في سلسلة "على رأي المثل" وعلى مدار شهر رمضان الكريم، تقدم لكم "الشروق" قصصا وحكايات للأمثال الشعبية المصرية والعربية استنادا لكتاب "قصص الأمثال" للكاتب المصري سيد خالد.

من شابه أباه فما ظلم

يحكى أنه كان هناك رجلا منذ زمن بعيد لديه ولدًا صغيرًا، خاف الأب على ولده من أن ينجرف مع الهوى فقرر أن يضعه في حجرة بالمنزل وأغلق عليه الباب، وأراد ألا يخرجه من هذه الحجرة أبدا، كانت والدته تدخل له الطعام والشراب وتطعمه ومن بعد ذلك تخرج وتغلق الباب.

ومرت الأيام تلو الأخرى وكبر الولد وقد بلغ مبلغ الرجال، وفي يوم من الأيام حينما أدخلت أمه الطعام وخرجت كعادتها، نسيت أن تغلق الباب جيدًا، فخرج الولد من غرفته ووجد أمه جالسة وأمامها فتاة من فتيات الجيران تمشط لها شعرها، فلما رآها شعر بالتعجب الشديد منها حيث أنه لم ير في حياته سوا أبيه وأمه.

سألها أبنها ما هذا يا أمي، فأجابته كذبًا أنها رأس ذيب حتى تخيفه، عاد الولد إلى حجرته، ولما جاء أبيه ودخل عليه وجده ينشد قائلا: الذيب ماله قذلة هلهلية، ولا له ثمان مفلجات معاذيب، والذيب ما يمشط بالعنبرية، لا واهني من مرقده في حشا الذيب.

فعلم والده أن الهوى قد أصابه، وأراد أن يرسله إلى شيخ القرية حتى يعلمه، وبالفعل ذهب الولد إلى شيخ القرية وعندها سأله الشيخ هل تعلم حروف الهجاء، فقال له الولد نعم لقد علمني أبي كل حروف الهجاء.

فقال له قل ألف قال: ألف وليف الروح قبل أمس زرناه غرو يسلي عن جميع المعاني.

قال قل باء فقال: والباء بقلبي شيد القصر مبناه، وادعى مباني غيرهم مرمهاني.

قال قل تاء فقال: التاء تراني كل ما وحيت طرياه، افزلو حلو الكرى قد غشاني.

قال قل ثاء فقال: الثاء ثلوم القلب محد بيرفاه، إلا أن خلي من عذابه سقاني

فسأله الشيخ من علمك كل هذا، وأجابه علمني أبي، فعلم الشيخ أن أباه هو السبب فيما حدث لأبنه وقال: من شابه أباه فما ظلم.

اقرأ أيضا
على رأي المثل (4).. العجب كل العجب بين جمادى ورجب

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved