حكايات فلسطينية (5).. مشاهد من الثورة العربية الكبرى

آخر تحديث: الجمعة 15 مارس 2024 - 5:26 م بتوقيت القاهرة

محمد حسين

يواصل الاحتلال الإسرائيلي، انتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني، طيلة ما يزيد على 5 أشهر، وتورط الاحتلال في ارتكاب عشراتّ المجازر وجرائم الإبادة المكتملة، ما خلف آلاف من الشهداء والجرحى.

وشهدت غزة معاناة الآلاف من مجاعة، وسط نقص كبير في المواد الغذائية، والمعدات الطبية والأدوية والوقود، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمستشفيات.

ويعتبر الكثير، أن العدوان الأخير على غزة يشكّل مأساة إنسانية غير مسبوقة تعد الأكثر قسوة ودموية في تاريخ القضية الفلسطينية.

وتستعرض "الشروق"، في حلقات مسلسلة محطات من تاريخ القضية الفلسطينية وصمود ومقاومة الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه، وملامح من ثقافته وعاداته وتراثه، تحت عنوان "حكايات فلسطينية" على امتداد النصف الأول من شهر رمضان المبارك:

الحلقة الخامسة:

تناولنا في الحلقة السابقة تاريخ الانتفاضة الفلسطينية في عام 1933؛ إذ أقرّت اللجنة التنفيذية العربية، في اجتماع عقدته في القدس، في سبتمبر 1933، القيام بمظاهرات في مدن فلسطين كلها.

ففي القدس، تظاهر نحو خمسة آلاف عربي، في 13 أكتوبر، شاركتهم نحو خمسين امرأة، واصطدم بهم رجال الأمن، وصمد المتظاهرون أمام الجند المسلحين في بسالة نادرة.

ومن شرق الأردن، دخل إلى فلسطين نحو ألفي بدوي مسلح، لمساندة الثوار الفلسطينيين.

وتدفق تأييد الشعوب العربية للانتفاضة، فشاركت وفود من سوريا وشرق الأردن في مظاهرة يافا، وفي دمشق اشتبك المتظاهرون مع الشرطة الفرنسية، حيث سقط العديد من القتلى والجرحى السوريين، وهتفت مظاهرات الموصل وبغداد بسقوط الاستعمار والصهيونية.

ونكمل في حلقة اليوم مع محطة أخرى من النضال الفلسطيني برواية مشاهد من الثورة العربية الكبرى، كما وردت بكتاب "الاستعمار البريطاني وإجهاض الثورة العربية الكبرى في فلسطين 1936- 1939"، للبريطاني ماثيو هيوز، والصادر عن مركز دراسات الوحدة.

* الانتقام لاغتيال القسام

ويقول الكتاب: "كانت الثورة العربية الكبرى في فلسطين، التي امتدت بين عامي 1936 و 1939، هبة شعبية فلسطينية ضد الحكم الانتدابي البريطاني والهجرة اليهودية إلى البلاد. واندلعت شرارتها مساء الخامس عشر من أبريل 1936 عندما أوقف مسلحون عرب قافلة من المركبات على طريق نابلس - طولكرم وأطلقوا النار على ثلاثة يهود في إحدى المركبات فقتل اثنان منهم كان ذلك الهجوم حلقة إضافية في مسلسل الهجمات والهجمات المضادة الذي بدأ بين اليهود والفلسطينيين عام 1920، غير أن ذلك الهجوم أشعل فتيل ثورة عقت البلاد برقتها لمدة ثلاث سنوات".

ويضيف: "وقد بدا المسلحون الذين تلتموا بالكوفيات وسدوا الطريق بالصخور وسطوا على 275 جنيها فلسطينيا كأنهم عصابة قطعت الطريق على القافلة، التي كان تسفي دانينبرج يقود إحدى الشاحنات فيها وبجواره يسرائيل حزان، وسأل المسلحون ركاب المركبات المتوقفة عن وجود يهود بينهم، قائلين لضحاياهم إن من مصلحتهم إخبار البوليس والصحافة أنهم سطوا على هذا المال ليشتروا به سلاحًا لينتقموا لاغتيال فضيلة الشيخ عز الدين القسام".

* الكف الأسود

ويتابع: "كان المسلحون قساميين من جماعة "الكف الأسود" التي دانت بالولاء لرجل الدين الراحل والقائد القومي المتمرد الثائر، الشيخ عز الدين القسام، الذي قضى نحبه برصاص شرطة الانتداب البريطاني في معركة يعبد بالقرب من جنين في نوفمبر 1935، وقد حجز المسلحون يهوديًا يدعى "نفحي" في إحدى السيارات، إذ كان نفحي يسافر بصحبة ألماني مسيحي يدعى "نول"، ثم أجبر المسلحون نفحي على الصعود إلى قمرة الشاحنة التي كان يجلس فيها كل من دانينبرج وحزان، وتركوا نول بعدما أخبرهم أنه ليس يهوديًا، وكان اليهود في حوادث من هذا النوع يفلتون بالادعاء أنهم عرب".

* تصعيد فلسطيني

انطلقت الثورة رمزيًا في 19 أبريل 1936، عندما صعد الفلسطينيون من وتيرة الهجمات على البريطانيين واليهود في جميع أنحاء البلاد، ثم أعلنوا إضرابا عاما نظمته اللجان القومية قبل أن تصير له بدءًا من 25 أبريل قيادة مركزية تتمثل بـ"اللجنة العربية العليا"، المؤلفة من الأحزاب الفلسطينية الست وكتلتي آل الحسيني وآل النشاشيبي.

ورد البريطانيون بسرعة، فقد استقوا العبرة من أعمال العنف التي دارت بين اليهود و 1920 وما تلاها والفلسطينيين ومن تمرد الفلسطينيين عليهم في 1933؛ فلقد أنبأت تلك المحطات بأن يتكرر ذلك كله دفعة واحدة، وفي اليوم نفسه أي في 19 أبريل - أصدر المندوب السامي البريطاني في فلسطين الفريق أول السير آرثر واكهوب نظام الطوارئ لعام 1936، عملاً بالصلاحية الممنوحة له له بموجب المادة الرابعة من مرسوم الدفاع عن فلسطين لعام 1931 الصادر عن المجلس الملكي البريطاني الخاص، لقد مثل ذلك النظام الأساس القانوني القمعي للإجراءات التي اتخذتها بريطانيا لمواجهة الثورة.

* لجنة بيل

ويشير الكتاب إلى إغراق بريطانيا فلسطين بجيش جرّار، فحشدت قواتها وأرسلتها لتعزيز حاميتها الدائمة في فلسطين المؤلفة من كتيبتَي مشاة وتشكيلات مدرعة من قوام سلاح الجو الملكي البريطاني.

وفي البداية اعتمدت بريطانيا على حاميتها في مصر، لكن اتساع نطاق القتال أجبرها على تجريد أفواج من أرجاء الإمبراطورية كافة صمدت الثورة في مرحلتها الأولى حتى وقف إطلاق النار في 12 أكتوبر 1936، الذي مهّد الطريق لإرسال بعثةٍ برئاسة اللورد بيل لبتّ مستقبل فلسطين، سميت "اللجنة الملكية البريطانية لفلسطين"، وعرفت بـ"لجنة بيل".

اقرأ أيضا
حكايات فلسطينية (4).. ما هي وقائع الغضب العربي في انتفاضة عام 1933؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved