هل تبكي الحيوانات بالدموع عندما تشعر بالحزن؟
آخر تحديث: الجمعة 15 مارس 2024 - 11:06 ص بتوقيت القاهرة
سان فرانسيسكو (د ب أ)
تنطوي الدموع على أهمية بالغة للحفاظ على سلامة العيون. ويذرف البشر والثدييات والزواحف والطيور الدموع من غدد دمعية داخل العين، وتختلف مكوناتها الحيوية والكيميائية وتركيزاتها باختلاف كل فصيلة، بموجب قوانين النشوء والارتقاء، وذلك بحسب تطور هذه المخلوقات والبيئات المتنوعة التي تعيش فيها.
وعادة ما تنقسم الدموع إلى ثلاثة أنواع، وهي الدموع الأساسية أو القاعدية والتي تفرزها العيون بشكل تقليدي لحماية القرنية بغلاف واق، ثم الدموع الانعكاسية التي تفرز في حالة التعرض لمؤثرات أو مهيجات خارجية مثل الأتربة والغبار أو بعض الظروف المناخية القاسية مثل الهواء البارد والثلوج، أو في حالة التعرض لمواد كيمائية معينة، وتساعد هذه الدموع في تطهير العين وتنظيفها وعلاج الضرر الذي تتعرض له. وأخيرا هناك الدموع الانفعالية التي يفرزها الإنسان في حالات شعورية معينة، مثل الحزن أو الخوف أو الألم على سبيل المثال.
ويتفق العلماء في الوقت الحالي على أن ذرف الدموع الانفعالية يقتصر على الانسان على وجه التحديد، وإن كانت قد ظهرت بعض المؤشرات على حالات ذرف دموع لدى الحيوانات في حالات انفعالية بعينها.
أما عن الفائدة الحقيقية للدموع في هذه الحالة، فهناك العديد من الفرضيات العلمية التي تبررها، حيث يرى العلماء أن البكاء بالدموع يساعد على مجابهة التحديات عن طريق التعبير عن الألم الانفعالي والتوتر والضعف، كما أن الدموع تؤثر على المحيطين بالشخص، وتعزز الروابط الاجتماعية وتشجع السلوك التعاوني، وتقلل من النزعات العدوانية وتستحث المشاعر اللازمة لتوفير العناية وتقديم العون وتوفير الحماية.
وأشارت الباحثة هيلده فيرفاكي المتخصصة في علم الأحياء السلوكي بجامعة أدويسي للعلوم التطبيقية في بلجيكا، في مقال نشره الموقع الإلكتروني "ساينتفيك أمريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية، إلى تقارير عن وجود حيوانات تبكي حزنا بالدموع مثل أفيال وغوريلات وذئاب في حالات معينة مثل الارهاق البالغ أو التخلف عن القطيع، وإن كانت دراسة استقصائية نشرت عام 1985 شملت أشخاصا يعملون بشكل مهني مع الحيوانات، مثل أطباء بيطريين وحراس حدائق حيوان، أشارت إلى عدم وجود ملاحظات لحيوانات تبكي بالدموع لأسباب انفعالية.
وخلال دراسة نشرت عام 2022، رصد باحثون أن عيون الكلاب والجراء الصغيرة تغرورق أحيانا بالدموع في حالات انفعالية معينة، ووجدوا أن الكلاب تذرف الدموع أيضا عندما تكون في حالة نفسية إيجابية مثل الالتقاء مع أصحابها بعد فترة غياب طويلة على سبيل المثال، ويقول العلماء إن هرمون الأوكسيتوسين الذي يعزز الروابط بين الكلب وصاحبه، هو الذي يحرك مثل هذه النوعية من ردود الفعل.
وقام العلماء بتوثيق حالات لخنازير تبكي بالدموع عندما تتواجد في ظروف معيشية سيئة، حيث تم رصد نزول إفرازات من عيونها فضلا عن أحمرار أسفل عيون هذه الخنازير.
وتبين للعلماء أن هذه الإفرازات ليست دموعا بقدر ما هي سوائل تفرزها غدد هاردر، وهي غدد دمعية إضافية توجد أسفل العين لدى كثير من الفصائل، وتوصل العلماء إلى أن الخنازير تفرز هذه الدموع أيضا في حالات الشعور بالتوتر.
وتقول هيلدة فيرفاكي باحثة علم الأحياء السلوكي إن إفراز الدموع لدى بعض الحيوانات يقترن مع انخفاض نبضات القلب، وهو من المؤشرات الفسيولوجية التي تدل على التوتر، أو في حالات الألم البالغ مثل بتر الذيول، أو الخوف عند اقتراب الانسان منها على سبيل المثال.
وشوهدت هذه الظاهرة أيضا لدى الفئران، وهي تعرف في بعض الأحيان باسم "الدموع المخضبة بالدماء" لأنها تأخذ شكل إفرازات داكنة مشربة بالحمرة في أركان العيون، وتحدث استجابة لضغوط بيئية أو بسبب تقدم العمر أو تراجع الحالة المعيشية بشكل عام.
أما عن رد فعل البشر حيال بكاء الحيوانات الأليفة مثل الكلاب مثلا، فقد أثبتت بعض التجارب أن الانسان يتفاعل بإيجابية عند رؤية صور كلاب أليفة وعيونها مغرورقة بالدموع مقارنة بالكلاب ذات العيون الجافة، ومن المعروف أن الكلاب من الحيوانات التي يمكنها التواصل مع أقرانها بلغة العيون، ومن المحتمل أن الكلاب تفرز الدموع كشكل من أشكال التواصل لتحفيز مشاعر الحب والحماية من البشر، وتعزيز الروابط معها.
وخلال تجربة علمية، كان يطلب من متطوعين التطلع إلى صور لخمس فصائل من الحيوانات وهي قطط وكلاب وخيول وقرود شامبنزي وفئران هامستر، وكان المتطوعون يعتبرون مشهد الدموع في عيون الحيوان باعتبارها دليل على "الحزن" على غرار البشر، كما أن مشهد الحيوانات التي تبكي بالدموع يجعلها تبدو "اقل عدوانية" و"أطيب" في أنظار المشاركين في التجربة. وذكر المشاركون أيضا أن هذه الحيوانات كانت تبدو "مفعمة بالمشاعر القوية".
وأثير مؤخرا بعض الجدل بشأن مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، ويظهر فيه ثور من فصيلة البيسون وهو يبكي بالدموع، غير أن العلماء الذين فحصوا الصورة وجدوا أن الثور يظهر في بيئة صحية خالية من أي مسببات التوتر والحزن، ورجحوا أن هذه الدموع، إن كانت حقيقية في الأساس، هي في الغالب راجعة إلى مؤثرات خارجية مثل الغبار أو الأتربة، لاسيما وأن السجلات العلمية لا تتضمن أن مشاهدات موثقة لأبقار أو ثيران بيسون في حالات بكاء بالدموع.