تحليل: «المهمة أنجزت».. لكن العدوان «الاستعراضي» لا يغير موازين القوى

آخر تحديث: الأحد 15 أبريل 2018 - 2:51 م بتوقيت القاهرة

على الرغم من إعلان ترامب، أمس، أن «المهمة أنجزت»، فى إشارة إلى العدوان الثلاثى الذى نفذته واشنطن وباريس ولندن ضد أهداف سورية، إلا أن عددا من المسئولين والمحللين اعتبروا أن هذا الهجوم لن يغير موازين القوى على الأرض، وأنه على الأغلب يحمل طابعا «استعراضيا».

وارتبطت عبارة «المهمة أنجزت» على نحو ثابت بالرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش، التى استخدمها عام 2003 بعد حرب العراق، لكن هذه الحرب سببت له إزعاجا حتى نهاية رئاسته عام 2008.

ونالت أحدث الضربات التى أمر بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تأييد أصوات من أنحاء الطيف السياسى الأمريكى، لكن تلك الأصوات انتقدت عدم وجود استراتيجية أمريكية موسعة قد تضع نهاية للحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أعوام سواء بالرئيس السورى بشار الأسد أو بدونه.

وقال السناتور الجمهورى جون ماكين، فى بيان، مساء أمس، بعد الضربات الأخيرة، «لكى ننجح على المدى البعيد، فإننا نحتاج إلى استراتيجية شاملة لسوريا والمنطقة بأسرها». وأضاف ماكين، الذى دعا قبل عام إلى اتخاذ إجراء أكثر حدة لشل قدرات النظام السورى العسكرية «الضربات الجوية غير المرتبطة باستراتيجية أوسع ربما كانت ضرورية، لكنها لن تحقق وحدها الأهداف الأمريكية فى الشرق الأوسط»، وفقا لوكالة رويترز للأنباء.

وقال مسئول أمريكى إنه فى حين تمكن مساعدون كبار لترامب، مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس، من إقناعه بتجنب التحرك الأكثر صرامة الذى كان يريده فى البداية، قائلين إن فى ذلك مخاطرة بالتصعيد مع روسيا حليفة الأسد، فإن الإدارة لم تقترب من وضع استراتيجية شاملة بشأن الحرب فى سوريا، وذلك بعد تلويحها سحب القوات الأمريكية، وهو ما يزيد من الغموض بشأن مستقبل الإستراتيجية الأمريكية فى سوريا.

وقال المسئول، الذى طلب عدم نشر اسمه، لـ«رويترز» إن ترامب كان يريد إلحاق ضرر أكبر بآلة الحرب التى لدى الأسد، لكنه استقر فى النهاية على إضعاف قدرات أسلحته الكيماوية، لأسباب منها أن جزءا من قاعدته السياسية فى الداخل يعارض انغماس الولايات المتحدة أكثر فى الأحداث السورية. وأضاف «هذا تعارض صارخ تصعب عليه إزالته».

وقال دينيس روس، الذى عمل مستشارا للرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما لشئون الشرق الأوسط، إن الضربات الصاروخية لن تترك أثرا يذكر على الموقف فى سوريا بشكل عام. وأضاف أن نهج ترامب «لا علاقة له بتوازن القوة فى سوريا، بل ينصب على داعش وعلى ردع الأسد عن استخدام الأسلحة الكيماوية»، مشيرا إلى أن «الضربات قد تقنع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بمنع الأسد من الاستمرار فى استخدام المزيد (من الأسلحة الكيماوية)، إذ من الواضح أننا سننسحب من سوريا. الضربات لا تغير تلك الحقيقة». وتنفى سوريا التهم الغربية باستخدام السلاح الكيماوى، محملة مقاتلى المعارضة وأجهزة مخابرات أجنبية، المسئولية.

من جانبه، قال مدير «مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية» برونو تيرتريه، إن «الهدف سياسى بالدرجة الأولى. ويتعلق باستعادة قوة الردع من أجل توجيه رسالة للنظام السورى بأنه لن يفلت من العقاب».

وأشار المحلل نيكولاس هيراس من «مركز الأمن الأمريكى الجديد» تعليقا على الضربات «إنها مجرد ضربة على المعصم»، مؤكدا أن «استخدام الأسلحة الكيميائية، على فظاعته، ليس هو ما أعطى النظام وسائل الحسم فى ساحة المعركة».

وأشار هيراس إلى إمكانية قيام القوات الحكومية برد انتقامى ضد المقاتلين الأكراد، شركاء الولايات المتحدة، الذين شكلوا فى السابق رأس حربة فى المعركة ضد تنظيم داعش، وتستهدفهم حاليا حملة عسكرية تركية. وتابع «لا شىء من شأنه توجيه ضربة للولايات المتحدة أكثر من تقويض حلفائهم الأساسيين، القوات الكردية التى يعتمد عليها الجيش الأمريكى لإبقاء نطاق وجوده فى سوريا محدود».

من جانبها، اعتبرت، صحيفة «اندبندنت»، البريطانية، اليوم، أن «الضربات الجوية كانت تعبيرا عن الرفض أكثر من كونها محاولة لتدمير آلة دمشق العسكرية»، مضيفة أن «نزع السلاح الكيماوى لن يخل بميزان القوى العسكرية بين الأسد وبين معارضيه، فمخزونه من السلاح الكيماوى ليس سوى جزء صغير من ترسانته العسكرية». جاء هذا فيما أشارت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إلى أنه فى حال تجاهل الأسد التحذيرات الغربية وعاود استخدام الكيماوى، سيجد ترامب نفسه أمام خيارات صعبة، إما التصعيد وجر الجيش الأمريكى وإدارته إلى صراع فوضوى، أو عدم فعل أى شىء والمخاطرة بالظهور ضعيفا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved