ردا على استهداف قنصليتها.. ما الذي حققته إيران من هجومها على إسرائيل؟
آخر تحديث: الإثنين 15 أبريل 2024 - 9:51 ص بتوقيت القاهرة
منال الوراقي
أعلنت إسرائيل إحباط الهجوم الذي شنته إيران بمسيرات وصواريخ على الداخل المحتل، في أول عملية مباشرة من هذا النوع تشنها طهران ضد دولة الاحتلال، بعد حوالي أسبوعين على قصف القنصلية الإيرانية بدمشق، في هجوم يثير مخاوف من استمرار التصعيد بالمنطقة.
ووفقا لما نقلته شبكة "فرانس 24"، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتراض معظم الصواريخ خارج الحدود الإسرائيلية، ذاكرا أن بعض الطائرات ألحقت أضرارا طفيفة بمنشأة عسكرية إسرائيلية.
وأكد رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، أن الهجوم الذي شنته إيران ردا على استهداف قنصليتها في دمشق حقق كل أهدافه.
ولكن، ما الذي حققته إيران على الصعيدين السياسي والاستراتيجي من هذا الهجوم الواسع على إسرائيل؟
نقلت فضائية "الجزيرة" في تقرير لها عن محللين من داخل وخارج المنطقة، أنه من الناحية الاستراتيجية، فقد حقق هجوم إيران على إسرائيل نجاحا كبيرا بالنسبة لطهران.
فالولايات المتحدة الأمريكية والإسرائيليين كانوا يعتقدون أن إيران ستبقى دائما في الخلفية تنتظر، وأنها لن تقدم على مهاجمة إسرائيل أو على الرد، معتقدين أن إيران ستبقى دائما تخشى أي رد من إسرائيل.
واعتقد الجميع أنه بإمكان أمريكا وإسرائيل، فعل كل شيء من استهداف مصالح الإيرانية دون رد، لكن الآن إيران قلبت الطاولة على الطرفين، وأظهرت بأنها يمكن التحرك والرد، وأصبحا هما من لا يريدون رؤية حرب إقليمية؛ لأن هذا سيضر بالمصالح الأمريكية، والإسرائيليون أيضا سيعانون بشكل كبير إذا اندلعت الحرب.
وأضاف أحد المحللين، أنه كان من المهم جدا تغيير العقلية الإسرائيلية - الأمريكية وتغيير قواعد الاشتباك، فالأمريكيون الآن يحاولون الضغط على إسرائيل لعدم دفع المنطقة إلى حرب واسعة أو شاملة، وأصبحت إسرائيل غير متأكدة من ردود فعل إيران، وستتأنى قبل أن تهاجم إيران وهذا في الحقيقة هو الهدف الأساسي من هذه العملية العسكرية.
وأضاف المحللون، أن إيران هاجمت إسرائيل بالمسيرات والصواريخ من أجل استهداف الحسابات الإسرائيلية، الهدف لم يكن إيقاع عدد كبير من الضحايا، فلو كانت إيران تسعى لذلك كان بمقدورها أن توقع الكثير من الضحايا، لكن إيران كانت تهدف لتغيير المعادلة من المواجهة ودوامة الرد والرد المتبادل إلى مستوى الردع.
ما الرسالة السياسية والإستراتيجية من استهداف إيران لإسرائيل انطلاقا من أراضيها؟
في تقرير آخر، أكد محللون، أن هذا أكبر هجوم بالمسيرات والصواريخ الكروز في التاريخ وفي العصر الحديث، بأكثر من 100 مسيرة وصواريخ كروز وبالستية، في عمليات تضليل وإغراق للقبة الحديدية، أوقعت إسرائيل في خطأ إستراتيجي مجددا.
فقد وقعت إسرائيل مسبقا في تقدير موقف يوم 7 من أكتوبر عندما ظنت أن حماس والمقاومة في غزة تحت السيطرة ولن تهاجم إسرائيل، واليوم وقعت مجددا حينما حاولت التهويل هي وأمريكا بتصريحات على مدار 5 أيام سابقة من الرد الإيراني، وقدرت أن هذا الرد سيكون أقل من التهويل الذي أظهرته، لكن جاء الرد الإيراني كبير جدا أكبر، حتى وقعت في سوء تقدير موقف مجددا، فـ700 موقع إسرائيلي ضربت فيه صفرات الإنذار، وتم تدمير موقعين أساسيين، والتي انطلقت منهما المقاتلات الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية في دمشق، وفق الرواية الإيرانية، وإن كانت إسرائيل أشارت إلى أن الأضرار طفيفة في قاعدة عسكرية وإصابة طفلة فقط، إلا أن الرؤية تقول غير ذلك.
وعن الرسائل التي من وراء الرد الإيراني، قال التقرير، إن الهجوم شاركت فيه عدة جبهات أساسية من قوى المقاومة الموجودة والمحالفة لإيران؛ بهدف إغراق القبة الحديدية وإغراق مقلاع داود وإغراق منظومة السهم؛ لوصول الهجوم الرئيسي إلى هدفه وهذا ما قد تحقق.
ما الذي تريد إيران توصيله من الهجوم؟
قال المحللون، إن هناك خطوطا حمراء مفاداها لا يمكن أن نخرج من سوريا، ولا يمكن لإسرائيل تهديد الوجود الإيراني في المنطقة بهذا الشكل، ثم تصمت ولا ترد على ذلك.
وأكد التقرير، أن إيران كسرت بذلك قواعد اشتباكها مع إسرائيل المستمرة منذ 45 عاما، مشيرا إلى أن الهجوم الإيراني سيغير شكل المنطقة على الصعيد الإقليمي وعلى صعيد التصعيد الحالي.
ويرى المحللون، أن هجوم إيران كان رسالة للولايات المتحدة وإسرائيل بأن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يدفع بدولته إلى حرب إقليمية، فبعد الهجوم مباشرة حذرت إيران من ذلك، وحذرت الولايات المتحدة من مساندة إسرائيل أو التدخل في الرد على هجومها؛ لأن ذلك سيقود إلى حرب إقليمية.
وإيران أرادت إيصال رسالة تحذير مفاداها: "إنها تملك أكثر من ذلك بكثير، لا تملك فقط صواريخ بالستية ولا مسيرات تستطيع ضرب أهداف على بعد 2000 ميل، بل تستطيع ضرب أبعد من ذلك بكثير، ونستطيع فعل الكثير"، وطالبت الولايات المتحدة بألا تتدخل في هذه المعركة، وتدعها تكتفي بهذا الرد.
وعن لماذا ارتأت إيران بأن تكون الهجمات مدروسة بهذا الشكل؟ وألا تذهب بعيدا بصواريخ ربما لها تأثير أكبر؟ خاصة بأنه بحسب الرواية الإسرائيلية فتقريبا 99% من المسيرات والصواريخ تم إسقاطها، أكد المحللون أن الرواية الإسرائيلية ربما غير دقيقة، فقد أطلقت إيران 200 مسيرة وصواريخ كروز وبالستية، الذي أصاب إسرائيل من خلال الصور في حدود 10 صواريخ، استهدفت إيران بها من البداية القواعد التي انطلقت منها المقاتلات التي استهدفت القنصلية في دمشق، وقد حققت إيران الصورة التي تريدها، وأعادت ترسيم الحدود التي تريدها.
ماذا عن سيناريوهات الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني؟
قال تقرير فضائية "الجزيرة"، إن إسرائيل في هذه الهجمات شهدت إذلالا كبيرا جدا ولن تستطيع تمرير دون رد، متوقعا أن إسرائيل من المرجح أنها سترد بنفس الشكل الذي ردت فيه سابقا في عام 1981 عندما قصفت العراق، قصفت المفاعل النووي العراقي في العملية المعروفة بأوبرا.
ورجح التقرير، أن تقصف إسرائيل إيران خاصة وأنها دعت لعقد مجلس الأمن، وتروج الآن للمظلومية، وللرواية التي روجتها في بداية 7 أكتوبر بأنها مظلومة ولها حق الدفاع عن نفسها، وأن بلادها قد استباحت، وأنها تتعرض لهجوم إرهابي، بحيث تستطيع تشكيل قوة دافعة جديدة كالتي شكلتها في بداية ردها على "طوفان الأقصى"، وتهاجم بها إيران وتستطيع فرض إقليم جديد.
ولكن قال التقرير، إنه مع وجود هذه الرغبة الإسرائيلية إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية لها هدف آخر وهو ضبط المنطقة، وألا تتحول بؤر التصعيد التكتيكية في قطاع غزة إلى بؤر تصعيد إستراتيجية في كامل المنطقة، بحيث لا تتضرر ولا يتضرر جدول أولوياتها، فأمريكا لا يمكنها سحب وجودها من جنوب الصين وبحر الصين الجنوبي ومن تايوان، ومن تلك الأماكن وتعود مجددا إلى الشرق الأوسط، فهذا سيحدث اضطراب كبير في جدول الأولويات الأمريكي.
وأكد أن هناك احتمالا آخرا أقل ترجيحا وهو أن تكتفي إسرائيل باستهداف أهداف إيران في سوريا، فإذا استهدفت إيران في سوريا فلن تقوم إيران بهذا الرد، وستكتفي بالصورة التي قدمتها أما إذا ضربت إيران في عمق دارها وهذا المرجح، فستقوم بالرد مجددا، وستضطر إلى توسيع رقعة الاشتباك وربما تتصاعد الأمور بشكل غير محسوب.