محاولا الاقتداء بنيكسون.. هل ينجح ترامب في استغلال الاحتجاجات لصالحه؟

آخر تحديث: الإثنين 15 يونيو 2020 - 11:15 م بتوقيت القاهرة

إسماعيل إبراهيم

أصبح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الفترة الأخيرة، كثير الاستشهاد ببعض مقولات الرئيس الجمهوري الأسبق ريتشارد نيكسون خلال ترشحه للانتخابات الأمريكية، في الوقت الذي تمر فيه الولايات المتحدة الآن بفترة عصيبة ومظاهرات في الشوارع، مثلما حدث عام 1968 أثناء ترشيح نيكسون.

وكما يقول ترامب إنه "تعلم الكثير من ريتشارد نيكسون" ، وفسر الكثير رده المتشدد على احتجاجات الشوارع في الأيام الأخيرة على أنه تكرار لحملة 1968 لنيكسون.

كما يمتلئ حساب ترامب على تويتر بعبارات مشهورة من قاموس نيكسون مثل "القانون والنظام" و"الأغلبية الصامتة".

تلك العبارات التي جاءت أثناء حملة نيكسون الانتخابية عام 1968 حيث كانت تمر الولايات المتحدة بفترة اضطرابات واحتجاجات بسبب اغتيال الزعيم المناهض للعنصرية ذي الأصول الإفريقية مارتن لوثر كينج الابن، وكانت الاحتجاجات المعروفة باسم «انتفاضة الأسبوع المقدس» على مستوى 100 مدينة أمريكية، استمرت في الفترة ما بين الرابع من أبريل وحتى الـ27 من مايو لعام 1968.

ويعتقد الكثيرون أنها أكبر موجة من الاضطرابات الاجتماعية التي مرت بها الولايات المتحدة منذ الحرب الأهلية، حيث أفضت الاحتجاجات إلى اعتقال أكثر من 20 ألف شخص، وتسببت في مقتل 43 شخصًا وأكثر من ثلاثة آلاف جريح.

وربما تتشابه أوضاع الأيام المظلمة لعام 1968، مع الانقسامات الحزبية والصراعات العرقية والاقتصادية والخسائر الصحية التي تشهدها أمريكا اليوم، حيث كان التعهد بتحطيم المشاغبين تكتيكًا رابحًا للجمهوريين حتى بعد فوز نيكسون بالانتخابات.

- ترامب على خطى نيكسون

يشير الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في جامعة برينستون الأمريكية، عمر واسو، في بحث وثّق فيه التحول في أنماط التصويت في أعقاب اغتيال مارتن لوثر كينج واحتجاجات عام 1968، إلى تصويت العديد من المعتدلين البيض الذين دعموا الحزب الديموقراطي للمرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون في الانتخابات.

ووفقا لواسو، فإن المقاطعات ذات الأغلبية البيضاء التي كانت قريبة من الاحتجاجات العنيفة شهدت تحوّلاً بين 1.6٪ و 7.9٪ بين الناخبين البيض لصالح الجمهوريين.

في المقابل، ارتفع التصويت الديموقراطي في المقاطعات ذات الأغلبية البيضاء التي كانت على مقربة من الاحتجاجات غير العنفية بنسبة 1.6٪.

واستناداً إلى هذه الحسابات، قدر واسو أنه في «سيناريو مضاد للواقع، لم يتم اغتيال مارتن لوثر كينج فيه ولم يقع 137 احتجاجاً تخللته أعمال شغب وعنف، لكان الديموقراطي هيوبرت همفري قد فاز في الانتخابات».

ويستغل ترامب الاحتجاجات لحشد قاعدته الانتخابية وصرف الأنظار عن التحديات التي تواجه إدارته وتراجع شعبيته بين الجمهوريين المعتدلين والمستقلين، من خلال تأجيج التعصّب والتركيز على أعمال الشغب بدل التظاهرات، إذ وجّه أصابع الاتهام إلى الفوضى، محذّراً منها في غياب «القانون والنظام» محاولا محاكات تجربة نيكسون.

 

كما قام ترامب بزيارة كنيسة ساينت جون المجاورة للبيت الأبيض وذلك بعد إضرام النيران فيها بعد الاشتباكات الحادثة بين الشرطة والمتظاهرين، لتلتقط له الصور وهو يحمل الكتاب المقدس في محاولة لاستقطاب الكاثوليك والإنجيليين البيض لدعمه لتكرار ما حد في انتخابات 2016.

ويرى البعض أن الرئيس الأمريكي يسعى إلى التخفي وراء الدين من أجل الاستيلاء على السلطة الأخلاقية لتبرير نهجه المتشدد ضد المتظاهرين

وأظهر استطلاع للرأي من معهد أبحاث الدين العام، وهو منظمة غير حزبية وغير ربحية، تراجعا مزدوجا في دعم ترامب بين الإنجيليين البيض والكاثوليك في الفترة من مارس إلى أبريل، وهو مؤشر على أن ترامب يمكن أن يناضل لتعزيز شعبيته مع ديموغرافية يحتاجها بشدة للفوز وفقا لما نشره موقع "يورو نيوز" .

- الفرق بين تجربة نيكسون وترامب

يرى البعض أن طريقة ترامب في محاكاة تجربة نيكسون الانتخابية ليست بالصحيحة؛ حيث إن حملة ترامب هذا العام تختلف عن الخاصة بنيكسون عام 1968، فبالرغم من أن نيكسون تحدث بقوة عن التشريع والنظام ، لكنه تحدث أيضًا لصالح الحقوق المدنية وأكد بضرورة الوحدة تحت شعار حملة انتخابية "اجمعنا معا" وفقا لما نقلته مجلة إيكونوميست" البريطانية.

كما أن نيكسون أدان أعمال الشغب التي قام بها المتظاهرين، وسار في جنازة مارتن لوثر كينج الابن وألقى خطبة على الجماهير حول التزاماتهم بمساعدة المحرومين".

ويقول دان ت كارتر الأستاذ بجامعة ساوث كارولينا "لقد سعى نيكسون إلى موازنة خطابه بعناية بين دعم القانون والنظام وإدانة الاحتجاجات العنيفة وأعمال الشغب، مع الإعراب عن القلق بشأن ظروف الأمريكيين السود ودعم الاحتجاجات السلمية".

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن رسائل القانون والنظام لنيكسون كانت موجهة بشكل أكبر إلى المتطرفين، وليس الأمريكيين الأفارقة.

انقلاب السحر على الساحر؟

وهناك أسباب تؤكد أن فرصة ترامب في محاكاة تجربة نيكسون قد تكون أسوأ مما كان يأمل؛ فقد بدت الحرب في فيتنام التي خاضتها الولايات المتحدة آن ذاك ميئوسًا منها، وأشعلت الاحتجاجات الشوارع، وكان نيكسون يحث الأمريكيين في شعار حملته على "التصويت مثلما كان العالم كله يعتمد عليه" فلم يكن يحذر من المظالم العرقية فحسب، بل كان نيكسون يعمل على خلال إبراز نفسه كمرشح لإعادة الحياة الطبيعية، فهو لم يكن "محافظًا" مثل السيناتور الجمهوري باري جولد ووتر، كما أنه لم يكن شعبويًا مناهضًا للاندماج بين العرقين مثل جورج والاس المستقل.

كما كانت الولايات المتحدة في عهد نيكسون أكثر عنصرية بشكل علني من أمريكا الآن، ولكن نيكسون كان أيضًا أكثر دهاءً في التعامل مع ذلك، وفقا لما نقلته مجلة إكونوميست.

ربما كانت أكثر إعلانات حملة عام 1968 عاطفية، والتي دعا فيها إلى "نظرة صادقة على مشكلة النظام في الولايات المتحدة"، تضمنت صورًا لطيور السلام الأبيض التي يتخللها السواد، وذلك مكن الناخب الذي يشعر بقلق عميق من عدم المساواة العرقية أن يصوت لصالح نيكسون، أما ترامب الآن يقترح أن يتم ترحيل لاعبي كرة القدم السود الذين يشاركون في الاحتجاج السلمي.

أما عن السبب الثاني فيبدو أن معارضي ترامب الديمقراطيين هم الأغلبية، ومن المحتمل أن يساعدهم الغضب الصادق وراء الاحتجاجات، ونتاج سياسة السنوات الأربع الماضية، حيث تضاعفت تقريبا نسبة الأمريكيين الذين يقولون بشكل صحيح أن الشرطة أكثر استخداما للقوة المفرطة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved