خلاصات زمنه وتجربته.. أرواح في المدينة تختم أسبوع الزعيم مصطفى كامل

آخر تحديث: الخميس 15 أغسطس 2024 - 12:35 م بتوقيت القاهرة

محمد حسين:

اختتمت سلسلة "أرواح في المدينة" أسبوع فعاليات إحياء ذكرى مرور قرن ونصف على ميلاد الزعيم الوطني مصطفى كامل، مساء أمس الأربعاء، من خلال أمسية ثقافية موضوعها خلاصات عن زمنه وتجربته.
واستضاف "بيت السناري" بحي السيدة زينب، الليلة الختامية من أسبوع مصطفى كامل، بمشاركة المختصين وباحثين في التاريخ.

وتضمت الأمسية مداخلة من الدكتور محمد الششتاوي، أستاذ التاريخ، بحديثه عن قبة ضريح مصطفى كامل في ميدان الرميلة بالصور والمعلومات المهمة عن القبة، التي حوت جثامين مصطفى كامل، ومحمد فريد، وعبدالرحمن الرافعي، وفتحي رضوان، والتي قدمها في كتاب صدرله بعنوان "ميدان الرميلة تحت قلعة الجبل بالقاهرة وما حوله من آثار" عن دار الآفاق العربية.

وقدم الباحث يوسف أسامة قراءة في التحولات السياسية في عصر مصطفى كامل.

كما عرض الباحث أحمد عيد صورة
تفصيلية جديدة لحادث دنشواي من خلال مجموعة من الوثائق النادرة.

-النشيد الوطني وليلة القبض على التاريخ


وبدأت فعاليات الأمسية مع أنغام النشيد الوطني، والذي استهلمت كلماته مطلعه "بلادي بلادي لك حبي وفؤادي" من خطبة شهيرة للزعيم مصطفى كامل في مدينة الإسكندرية، والتي أكملها الشاعر يونس القاضي، بألحان الموسيقار سيد درويش، في نشيد حضر في المشهد الشعبي في احتجاجات المصريين ضد الاحتلال البريطاني أثناء ثورة 1919.

وانتقد الكاتب الصحفي محمود التميمي الدعوات التي أثيرت مؤخرا بوقف دراسة مقررات العلوم الإنسانية وبالأخص مادة التاريخ على طلاب المرحلة الثانوية، واستبدالها بعلوم أخرى حديثة، بوصفها أكثر جدوى من الناحية المادية.

وقال التميمي إن تلك الدعوات ذكرته بمشهد من إحدى حلقات مسلسل "ألف ليلة وليلة" للفنان حسين فهمي، والفنانة نجلاء فتحي، حين حذرت شهرزاد الملك شهريار بأن يتجنب الأفعال السيئة حتى لا يذكره التاريخ بها، ولجهل شهريار فإنه يظن بأن التاريخ رجلا، ويطلب من حراسه القبض عليه حتى يخضعه لقبضته، وبالفعل يتم احتجاز شخص يدعى مفتاح سر التاريخ، ويجري التحقيق معه بوصفه متآمر على ملك البلاد في صورة عبثية ساخرة.

وألقى التميمي أبيات من القصيدة التي كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي، وجاءت من بين نصوصها:

المَشرِقانِ عليكَ يَنتحبانِ
قاصِيهما في مأتمٍ والدَّاني
يا خادِمَ الإسلامِ أجرُ مُجاهدٍ
في اللهِ من خُلْدٍ ومن رِضوانِ
وركز التميمي على البيت الذي يقول: "دقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له إن الحياةَ دقائقٌ وثواني.. فارفعْ لنفسِك بعدَ موتِكَ ذِكرَهافالذِّكرُ للإنسان عُمرٌ ثانِ"، والذي وجده ردا مناسبا لموقف جمعه بشخص سأله عن العائد المادي الذي يستفيد منه من تنظيمه وإعداده للفعاليات، مشيرا إلى أن رده بهذا البيت من قصيدة شوقي بمحض الصدفة دون أن يعلم بأنها من أبيات رثاء الزعيم مصطفى كامل.

-التعايش مع الاحتلال وصعود مصطفى كامل

 


وتطرق الباحث يوسف أسامة إلى وصف الحالة السياسية التي صاحبت السنوات الأولى لزمن مصطفى كامل، في أعقاب الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 وحل الجيش المصري، تم إصدار "القانون الأساسي" عام 1883، وصاغ هذا القانون اللورد دافرين، السفير البريطاني لدى الدولة العثمانية، ليكون الإطار القانوني الجديد الذي يحكم مصر تحت الإشراف البريطاني.

وأعطى هذا القانون للسلطات البريطانية صلاحيات واسعة في إدارة شئون البلاد، مما رسخ النفوذ البريطاني ووضع مصر تحت الوصاية البريطانية.

وأضاف أسامة، أن بريطانيا بررت وجودها العسكري في مصر بأنه لفترة مؤقتة ولحماية مصالحها في المنطقة، وطيلة فترة زادت عن 10 سنوات لم تكن هناك حركة وطنية رافضة لذلك الوجود ولم تخرج مظاهرة تطالب بريطانيا بالخروج، إلى أن كان تحرك مصطفى كامل وهو لايزال طالبا بالمدرسة الخديوية.
وأوضح أسامة أن هناك فارقا بين لقب "المعتمد البريطاني" ولقب "المندوب السامي البريطاني"، حيث إن الأول والذي ظل منذ بداية الاحتلال في سبتمبر 1882 إلى ديسمبر 1914 كان تأكيدا من بريطانيا بأنها ليست موجودة بصفة مستعمر أو محتل، وتغير ذلك مع الحرب العالمية الأولى.

-دنشواي الصغرى

من جهته قال الباحث أحمد عيد، إن حادثة دنشواي في عام 1906 حين أعدم 4 وجلد 8 من أبناء "دنشواي" على مرأى ومسمع من ذويهم وجيرانهم، لم تكن المناوشة والاحتكاك الأول بين المصريين والقوات البريطانية، فقد سبقها عدد من الحوادث ومن أبرزها واقعة مشابهة شهدتها قرية "الكونيسة" القريبة من أهرام الجيزة في مارس 1887، وعرفت في الكتابات والوثائق التاريخية بعد ذلك بدنشواي الصغرى.

وطبقا لما نشرت صحيفة "الأهرام" يوم 29 مارس 1887: "ذهب اثنان من ضباط الإنجليز نهار أمس 28 مارس 1887 ومعهما أحد العربان بصفة دليل إلى الجيزة جهة الأهرام، وبينما هما يصطادان في وسط الزروع تعرض لهما البعض من أهالي تلك الجهة، وأرادوا أن يأخذوا منها السلاح، فأطلق أحد الضابطان عليهم عيارا ناريا فقتل واحدا منهم، ثم ازداد عدد الأهالي فكتفوا الضابطين بعد أن جرحا منهم 5 أنفار ثم قادوهما إلى البلدة، ولما بلغ البوليس أمرهما، أخذهما وقيل إنه لم يجرح غير واحد من الأهالي سوى من قتل أولا، وأن الأهالي بعد أن كتفوا الضابطين أتوا بهما إلى الكوبري ليسلموهما إلى الحكومة فقابلهم البوليس، وأخذ الضابطين منهم وقد ذهب اليوم حضرة (كولز باشا) مع عدد كبير من البوليس إلى الجهة المذكورة لتحقيق الواقعة".

وفي يوم الخميس 30 مارس 1887، ذكرت الأهرام، أنه تم القبض على 10 من الأهالي، وأخذت النيابة في التحقيق معهم، وانعقد اجتماعا في مقر مجلس الوزراء حضره مع نوبار باشا وزراء الداخلية والحقانية ومدير الجيزة، وتداولوا في أهمية المسألة، وكيفية الإجراء فيها.

وبعد التحقيق السريع، أصدرت اللجنة أحكاماً قاسية بحق المتهمين، حيث تم جلدهم وحبسهم، وتراوحت العقوبات ما 25 و75 جلدة، بالإضافة إلى فترات حبس متفاوتة.

وتم التركيز بشكل خاص على معاقبة شيوخ القريتين المتخاصمتين، حيث تم حبس أحدهما 6 أشهر وجلد الآخر 25 جلدة علنًا أمام أهالي قريته، كما تم حبس 4 مشايخ آخرين وغرامتهم.

أما الفلاحون فلاقوا عقوبات أشد، حيث تراوحت أحكام الجلد عليهم بين 20 و50 جلدة، بالإضافة إلى فترات حبس متفاوتة.

-ضريح الزعيم

ووصف الدكتور محمد الششتاوي، أستاذ التاريخ، جنازة الزعيم مصطفى الكامل والتي شيعت بعد وفاته بيوم، وانطلقت من دار اللواء بشارع "الدواوين"، وشارك بها نحو ربع مليون شخص في وقت لم يزد فيه سكان مصر عن 10 ملايين نسمة، ومرت بشوارع وسط القاهرة إلى أن استقر جثمانه في البداية بمقابر الإمام الشافعي.

وأضاف الششتاوي، أنه في مايو 1944 وأثناء مناقشة ميزانية مجلس الشيوخ، تم التقدم بمقتر لإقامة ضريح لم للزعيم مصطفى كامل، وجرى تخصيص مبلغ 50 ألف جنيه.
وذكر الششتاوي أن الضريح بقبته الشهيرة جاء متناغما مع محيطه بمنطقة القلعة الذي يسوده العمارة الإسلامية القديمة، كذلك كان التصميم الإسلامي متوافقا مع الخلفية الثقافية للزعيم مصطفى كامل، والتي طالما اعتز به خاصة أثناء وجوده للدراسة في فرنسا.

-أسبوع مصطفى كامل

استهلّت سلسلة "أرواح في المدينة" برنامج لقاءها السابع والعشرين، الخميس الماضي، المخصص لإحياء الذكرى الـ150 لميلاد الزعيم الوطني مصطفى كامل، بزيارة ضريحه في حي القلعة بالقاهرة.

وتضمنت الفعالية تنظيم معرض لعدد من اللوحات الفنية التي أنجزها الطلاب والفنانون الشباب من مبادرة "رسم مصر"، والتي تناولت حياة الزعيم مصطفى كامل من خلال أعمال فنية متنوعة تشمل البورتريه واللوحات التعبيرية التي تجسد المتحف وقبر الزعيم.

وفي زيارة لضريح مصطفى كامل، ألقى الدكتور عادل غنيم، أستاذ التاريخ، محاضرة قصيرة أمام قبره، الذي يضم رفات 4 من الزعماء والرموز الوطنية، وهم مصطفى كامل، محمد فريد، عبدالرحمن الرافعي، وفتحي رضوان.

وأشار غنيم، إلى أن رفات الرافعي ورضوان دُفنتا مباشرة في القبر، بينما نُقلت رفات مصطفى كامل، ومحمد فريد من مقابر الخلفاء العباسيين بمصر القديمة.

-تكريم رموز الدراما

وفي ختام الأمسية، جرى تكريم المخرجة إنعام محمد علي، والفنان أحمد شاكر عبداللطيف، الذي قدم شخصية الخديوي عباس حلمي الثاني، والفنان سامح الصريطي، الذي قدم نفس الشخصية في المسلسل المهم "عبدالله النديم" إنتاج 1982، والسيناريست محمد السيد عيد مؤلف مسلسل "قاسم أمين".

ووجه محمود التميمي الشكر للمخرجة إنعام محمد علي، ووصفها بأنها أيقونة قدمت الوعي من خلال مسلسل "قاسم أمين".

وقال محمد السيد عيد، خلال التكريم، إنه مرتبط دائمًا بالدراما التاريخية، ولديه مشروع لتقديم تاريخ مصر عبر مجموعة من الشخصيات التاريخية، وقدم خلالهم 3 أجزاء "علي مبارك، قاسم أمين، مشرفة رجل لهذا الزمان"، وكتب الجزء الرابع الذي يتناول سيرة رجل الاقتصاد الوطني طلعت حرب.

وأضاف عيد، أن الزعيم مصطفى كامل يمثل له خصوصية ويرتبط به علاقة وطيدة جدًا، لذا كان حريصًا على تضمينه في جميع الأعمال التاريخية التي كتبها.

وأكد حسام صالح، أن الشركة المتحدة تشارك حاليًا في الإنتاج الفني وتتعاون مع جميع الأطياف، وتسعى لتوسيع نطاق التعاون لتقديم الأعمال بحرفية عالية، قائلاً إنهم لن يتوقفوا عن إنتاج الأعمال ويبحثون حاليًا لتقديم مسلسل عن طلعت حرب.

-فيلم مصطفى كامل

ونُظمت الفعالية الثانية، السبت الماضي، بسينما الحضارة، وذلك من خلال عرض فيلم "مصطفى كامل"، وتبعه ندوة ومناقشة حول الفيلم، وكيف جسدت السينما المصرية السير الذاتية للشخصيات التاريخية، بحضور الناقد عصام زكريا ومحمد دياب، وأدرات الحوار الكاتبة الصحفية هبة محمد علي.

واستضافت قاعة الدكتور طه حسين بالمركز القومي للترجمة، أول أمس الثلاثاء، ندوة بعنوان "مجتمع القاهرة قبل 150 سنة بعيون غير مصرية"، ضمن أسبوع فعاليات إحياء ذكرى مرور قرن ونصف على ميلاد الزعيم الوطني مصطفى كامل، وذلك بتنسيق الكاتب الصحفي محمود التميمي ضمن سلسة "أرواح في المدينة" الشهرية، والتي تعني بحفظ التراث والذاكرة الوطنية المصرية.

وناقشت الندوة كتابي "ذكريات أميرة مصرية" بقلم مربيتها الإنجليزية إلين شانيلز، ترجمة مي موافي، ومحمد عزب، وكتاب "الدر المنثور في طبقات ربات الخدور"، من ترجمة الدكتورة سحر توفيق.

وقال الكاتب الصحفي محمود التميمي، إن تجربة مؤلفة كتاب "ذكريات أميرة مصرية" في وظيفة مربية الأميرة زينب ابنة الخديوي إسماعيل، منحها القدرة على تقديم رصد لواقع الحياة الاجتماعية في هذه الفترة، بوصف شكل الشوارع والطرقات، إضافة إلى سوء الأوضاع الصحية لسكان القاهرة وانتشار الأمراض المفضية للوفاة المبكرة للأطفال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved