كيف يهدد «التلوث البيولوجي» الثروة السميكة في بحيرة قارون؟

آخر تحديث: السبت 15 سبتمبر 2018 - 2:52 م بتوقيت القاهرة

الفيوم- مصطفى البنا:

بحيرة قارون بالفيوم من أقدم البحيرات في العالم، حيث تبلغ مساحتها حوالي 55 ألف فدان كانت خزان لمياه النيل في عهد الفراعنة وقت حدوث الفيضانات لتمد الأراضي بالمياه لمدة 6 أشهر، كما كانت قبل مرور السنوات الـ10 الماضية قِبلة للزائرين من المحافظات المجاورة؛ للاستمتاع بشواطئها خلال الأعياد والإجازات الرسمية، بالإضافة إلى كونها مصدر رزق لأكثر من 500 أسرة من أهالي مركزي يوسف الصديق وأبشواي.

وبسبب زيادة معدلات التلوث؛ لاستقبالها مياه الصرف الصحي والزراعي دون معالجة؛ أدى إلى اختفاء أنواع كثيرة من الأسماك وتضاءلت أعداد المراكب العاملة بالبحيرة من 605 مراكب إلى العشرات فقط؛ بحسب تأكيد الصيادين.

وفي هذا الصدد، أكد الدكتور ديهوم الباسل أستاذ أمراض الأسماك بكلية العلوم جامعة الفيوم، والعضو بلجنة تنمية الثروة السمكية بالهيئة العامة للثروة السمكية، أن مشكلات بحيرة قارون عديدة، منها ارتفاع نسبة الملوحة إلى حوالي 38%؛ ما نتج عن ذلك تدهور في الثروة السمكية ونمو حيوانات بحرية ليس لها قيمة اقتصادية بالبحيرة مثل «الأيزوبودا»؛ بسبب النقل الخاطئ لذريعة الأسماك دون توخي الحظر من وجود حيوانات بحرية عديمة القيمة مع مياه النقل تنافس الأسماك على الغذاء والأوكسجين وتنهش أنسجتها لتفقد طاقتها واستقرارها البيولوجي ويمنعها من النمو الطبيعي؛ مما يعد تلوثا بيولوجيا خطيرا.

وأضاف «الباسل» أن الزيادة في استخدام الأسمدة النيتروجينية في الأراضي الزراعية بالفيوم يزيد من ظاهرة الإثراء الغذائي لمياه البحيرة، حيث تنقل الأملاح المغذية إلى البحيرة مع مياه الصرف الزراعي مما يزيد من تركيز النيتروجين إلى أكثر من 30 جزءا في المليون؛ مما يتسبب في زيادة النترات والنتريت والتي تعتبر مواد لها سمية، كما أن المواد العضوية التي تنتقل عن طريق مياه الصرف الصحي تساعد على نمو بعض الطحالب على السطح والتي تقوم بالتمثيل الضوئي نهارا، ولكن المشكلة أنها أثناء الليل تستنفذ كل الأوكسجين الذائب في الماء لتنفسها مما ينتج عنه موت الأسماك.

وقال المهندس أيمن أحمد مدير عام منطقة وادي النيل للثروة السمكية، إنه تم تنفيذ 3 محاور أساسية للقضاء على التلوث في البحيرة، منها: إنشاء الحزام الآمن على ساحل بحيرة قارون والفلاتر لتقليل نسبة التلوث، والقضاء على المواد الصلبة، بالإضافة إلى القضاء البيولوجي على «الأيزوبودا» عن طريق الجمبري.

وأضاف «أحمد» أن الحزام الآمن يقلل من التلوث القادم عن طريق الصرف الصحي في المصارف المغذية للبحيرة، مثل مصرف البطس عن طريق مرور المياه في عملية فلترة، بحيث تدخل البحيرة بصورة أنقي بنسبة 40%، ويوجد تحاليل تم عملها بقسم البحوث بالمنطقة قبل وبعد الفلتره، وأثبتت انخفاض نسبة التلوث بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى الفلاتر، تم حفر قناة بطول 4.5 كم، وعمل حوض لاستقبال المياه وحوض ترسيب وحوض تهدئة وبعد مرور المياه في مسافة الـ4.5 كم تدخل على الفلاتر لمنع مرور المخلفات الصلبة القادمة من المصارف قبل دخول البحيرة، بالإضافة إلى عمليات التكريك لتنظيف قاع البحيرة من الملوثات و«الحمأة» والمواد العضوية.

وأشار إلى أنه تم اتخاذ قرار عام 2013، بعدم جلب زريعات سمكية للبحيرة؛ لحين القضاء تماما على «الأيزوبودا»، مؤكدا أنه يتم محاربتها عن طريق العدو البيولوجي وهو الجمبري، ويتم جلب زريعة الجمبري ووضعها في البحيرة للقضاء عليها.

من جانبه، أكد اللواء عصام سعد محافظ الفيوم، أنه تم عقد اجتماع الثلاثاء الماضي مع ممثلي الثروة السمكية والري ونقابة الصيادين بالمحافظة؛ لمناقشة مشاكل التلوث ومعوقات الثروة السمكية بالبحيرة، ومقاومة حشرة «الأيزوبودا» من خلال زيادة كمية زريعة الجمبري في البحيرة، بالإضافة إلى التوسع في مشروع الحزام الآمن خلال الفترة القادمة لحين البدء في تنفيذ مشروعات معالجة الصرف الصحي بالفيوم بعد موافقة مجلس النواب عليها، والممول من البنك الأوروبي بقيمة 186 مليون يورو، والذي شمل بناء 8 محطات جديدة لمعالجة الصرف الصحي، والتوسع في 9 محطات أخرى للمعالجة، وإعادة تأهيل 10 محطات، ومد حوالي 3000 كيلو متر من مواسير الصرف الصحي، وشراء 350 شاحنة تفريغ، وبناء 139 محطة ضخ جديدة.

وأضاف المحافظ أن المشروع يمثل خطوة هامة لتطهير البحيرة بعد سنوات طويلة من التلوث وتحسين حالة المياه بها وزيادة مساحات الاستزراع السمكي، بهدف الارتقاء بمستوى معيشة العاملين في مجالات الصيد والاستزراع السمكي من أبناء المحافظة، والارتقاء بالقطاع السياحي وجذب الاستثمار للعمل بهذا القطاع الحيوي الهام.

وأشار المحافظ إلى أن المشروع يهدف إلى توصيل الصرف الصحي لحوالي مليون مواطن من سكان الفيوم، ومعالجة التلوث في بحيرة قارون التي تعد ثالث أكبر بحيرة في مصر، وذلك من خلال بناء وإعادة تأهيل محطات معالجة الصرف الصحي الجديدة والحالية، وإمدادها بأعمال المواسير وتركيب محطات الضخ وشراء شاحنات التفريغ لخدمة المناطق النائية التي لا تتوافر لديها هذه الخدمات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved