حكايات فلسطينية (6).. لجنة بيل ومقدمات التقسيم

آخر تحديث: السبت 16 مارس 2024 - 9:11 ص بتوقيت القاهرة

محمد حسين

يواصل الاحتلال الإسرائيلي، عدوانه على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، منذ أكثر من 5 أشهر، وتورط الاحتلال في ارتكاب عشراتّ المجازر وجرائم الإبادة المكتملة، ما خلف آلاف الشهداء والجرحى.

وشهدت غزة معاناة مئات الآلاف من مجاعة، وسط نقص كبير في المواد الغذائية، والمعدات الطبية والأدوية والوقود، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمستشفيات.

ويعتبر الكثيرون، أن العدوان الأخير على غزة يشكّل مأساة إنسانية غير مسبوقة تعد الأكثر قسوة ودموية في تاريخ القضية الفلسطينية.

وتستعرض "الشروق"، في حلقات مسلسلة محطات من تاريخ القضية الفلسطينية وصمود ومقاومة الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه، وملامح من ثقافته وعاداته وتراثه، تحت عنوان "حكايات فلسطينية" على امتداد النصف الأول من شهر رمضان المبارك.

- الحلقة السادسة:

تحدثنا في الحلقة السابقة عن مشاهد من "الثورة العربية الكبرى" والتي تعد أحد أبرز مظاهر الغضب ضد الانتداب البريطاني والتوسع الصهيوني.

انطلقت الثورة رمزيًا في 19 أبريل 1936، عندما صعد الفلسطينيون من وتيرة الهجمات على البريطانيين واليهود في جميع أنحاء البلاد، ثم أعلنوا إضرابا عاما نظمته اللجان القومية قبل أن تصير له بدءًا من 25 أبريل قيادة مركزية تتمثل بـ"اللجنة العربية العليا"، المؤلفة من الأحزاب الفلسطينية الست وكتلتي آل الحسيني وآل النشاشيبي.

ونستكمل في حلقة اليوم مع تطورات للمشهد الفلسطيني إبان الثورة العربية، وبدا معها نوايا بريطانيا في تقسيم فلسطين لدولتين.

• مداهمات وتفتيش المنازل

استخدم البريطانيون أساليب وتكتيكات مختلفة لوقف الإضرابات وقمع العصيان المسلّح في المناطق الريفية، وزادوا أعداد رجال الشرطة البريطانيين واليهود، وتعرّض الفلسطينيون لتفتيش المنازل والمداهمات الليلية والضرب والسجن والتعذيب والترحيل، ووصل القمع البريطاني إلى حد هدم أحياء واسعة في مدينة يافا القديمة، طبقا لموقع الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية.

• لجنة بيل

وتضيف الموسوعة: "وتزامنت العمليات العسكرية والتدابير القمعية البريطانية، مع إرسال الحكومة البريطانية لجنة تحقيق برئاسة اللورد بيل للتحقيق في الأسباب الجذرية للتمرد".

في 11 أكتوبر 1936، وتحت وطأة ضغوط السياسات القمعية البريطانية، وضغوط بعض الملوك والأمراء العرب، والعواقب الاقتصادية للإضراب الممتد ستة أشهر على السكان الفلسطينيين، قامت اللجنة العربية العليا بوقف الإضراب ووافقت على التعاون مع لجنة بيل، فانخفضت موقتا التوترات أثناء قيام لجنة بيل بعملها، انتظارا لإصدارها نتائج تحقيقها، الذي صدر في تموز 1937 بنتائج مخيِّبة للفلسطينيين، حيث أوصت اللجنة بتقسيم فلسطين دولتين، يهودية وعربية، فأعاد الشعب الفلسطيني أمام الرفض المتمادي لمطالبه، إطلاق التمرد المسلّح مجدّدا وبشدّة هذه المرة، فبدأت المرحلة الثانية من الثورة الفلسطينية.

• مكاسب ثورية مؤقتة

وحققت الثورة مكاسب كبيرة، فوقعت مساحات شاسعة من الأراضي الجبلية تحت سيطرة الفلسطينيين، بما في ذلك البلدة القديمة في القدس لفترة من الزمن، فاستبدلوا فيها مؤسسات الانتداب البريطاني، مثل المحاكم وخدمة البريد وغيرها، بمؤسسات وطنية، فما كان من البريطانيين إلا أن اتخذوا تدابير أشد قسوة في محاولة لسحق الثورة، فأعلنت سلطة الانتداب عدم شرعية اللجنة العربية العليا والأحزاب السياسية الفلسطينية كافة، وألقت القبض على القادة السياسيين والأهليين، ونفت عددا من الشخصيات العامة رفيعة المستوى.

كما لجأت إلى تصعيد الوسائل العسكرية لمكافحة التمرد، فنشرت الدبابات والطائرات والمدفعية الثقيلة في جميع أنحاء فلسطين، وطبّقت العقاب الجماعي في حق الفلسطينيين، فزجّت بآلاف منهم في "معسكرات الاعتقال"، وفقا للموسوعة الفلسطينية.

كما تم تدمير أحياء سكنية وإغلاق مدارس وتغريم قرى بشكل جماعي، وإجبارها على إيواء الشرطة والقوات البريطانية، وأمام هول ما كان يحدث للشعب الفلسطيني، استفادت المؤسسات العسكرية الصهيونية من الوضع لبناء قدراتها بدعم بريطاني، وبحلول أوائل سنة 1939 حصل 14 ألف رجل من "شرطة المستعمرات اليهودية" على الدعم والزي الرسمي والسلاح من الحكومة البريطانية، وكانت منظمة الهاغاناه الإرهابية الصهيونية تعمل خلف واجهتهم، إضافة إلى ما يسمّى الوحدات الليلية الخاصة المشكَّلة من يهود وبريطانيين التي كانت تقوم بـ"عمليات خاصة" ضد القرى الفلسطينية.
أقرأ أيضاً:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved