ارتفاع تكلفة التمويل يمثل تحديا أمام البنوك لاحتمالية زيادة معدل الإخفاق والتعثر

آخر تحديث: السبت 16 مارس 2024 - 7:30 م بتوقيت القاهرة

عفاف عمار:

يواجه القطاع المصرفى تحديا يتمثل فى مخاطر السوق نتيجة ارتفاع تكلفة التمويل وبالتبعية ارتفاع معدلات الإخفاق المتوقعة من بعض العملاء سواء من الشركات أو الأفراد (عملاء التجزئة المصرفية).

السيد الفقى، الخبير المصرفى ورئيس قطاع تمويل الشركات والاستثمار بأحد البنوك الخاصة، قال إن ارتفاع أسعار الفائدة بالسوق وأزمة عدم توافر العملة الأجنبية وعدم استقرار أسعار الصرف خلال الأشهر الماضية مثلت عوامل من شأنها زيادة المخاطر التى تواجه جميع القطاعات الاقتصادية ومن بينها البنوك.

وأضاف: أن المخاطر التى تتعرض لها البنوك يتم قياسها فى ضوء مكونات محفظة أصول البنك والمتمثلة بشكل أساسى فى محفظة الائتمان وقروض العملاء، ومحفظة الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية (أذون وسندات الخزانة)، ومحافظ سوق رأس المال (الأوراق المالية المصدرة من الشركات والهيئات بما فيها الأسهم والسندات والصكوك وسندات التوريق وغيرها).

أوضح أن البنوك تواجه تحديا إضافيا يتمثل فى مخاطر السوق نتيجة ارتفاع أسعار العائد وما يترتب عليها من انخفاض القيمة السوقية لبعض الاستثمارات وفى مقدمتها أدوات الدخل الثابت (سندات الخزانة الحكومية ذات العائد الثابت، على سبيل المثال)، فضلا عن الأثر السلبى لارتفاع أسعار العائد على القيم السوقية للأسهم المدرجة والمتداولة فى البورصة والتى تمثل جزءا مهما من محافظ الاستثمار بالبنوك.

وحسب الفقى، فإن حالة عدم اليقين بشأن أسعار العائد وسوق الصرف والارتفاع الحاد فى معدلات التضخم دفعت لخروج جزء كبير من المدخرات (وبصفة خاصة مدخرات القطاع العائلى) من البنوك وتحولها للاستثمار فى الذهب والعقارات واكتناز العملات الأجنبية كمخزن للقيمة ولتجنب تدهور القوة الشرائية للجنيه مع تراجع قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية ووجود توقعات قوية خلال الفترة الأخيرة بموجة جديد من تخفيض قيمة الجنيه أو تعويمه بشكل كامل وهو ما تحقق بالفعل فى الاجتماع الاستثنائى للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى التى انعقدت اليوم 6 مارس 2024، ومن شأن استمرار خروج المدخرات من الأوعية الادخارية المصرفية ارتفاع احتمالات تعرض البنوك لمخاطر إضافية تتعلق بالسيولة.

وبالنسبة للأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا من الأوضاع الاقتصادية، قال الفقى إن قطاعات المقاولات والإنشاءات تواجه مخاطر متعددة تتعلق بتوجه الحكومة بشأن إبطاء وتيرة تنفيذ بعض المشروعات القومية وإرجاء بعضها فى إطار خطة الحكومة لترشيد الإنفاق وتخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة، وبالتالى فمن المتوقع أن تلجأ شركات المقاولات إلى إعادة هيكلة وجدولة التسهيلات الائتمانية المستحقة عليها للبنوك خاصة فى ظل تكبد بعض من هذه الشركات خسائر نتيجة الارتفاع الحاد فى تكلفة تنفيذ العمليات المسندة لها مقارنة بما كان مخططا حصول هذه الشركات على تلك العمليات.

وبخصوص القطاع العقارى، أوضح الفقى أن العوامل المؤثرة هنا متداخلة ما بين الإيجابى والسلبى، فمن جهة أدى تراجع قيمة الجنيه إلى نمو مبيعات العقارات بشكل ملحوظ نتيجة اتجاه الكثيرين نحو الاستثمار فى العقارات كملاذ آمن للاستثمار وللحفاظ على قيمة المدخرات، ومن جهة أخرى مثل الارتفاع الحاد فى تكاليف الإنشاء وارتفاع تكلفة التمويل (بسبب الارتفاع الحاد فى أسعار العائد) تحديات كبيرة تواجه شركات التطوير العقارى وتؤثر بشكل مباشر فى قدرة المطورين على تنفيذ مشروعاتهم والالتزام بتسليم الوحدات للمشترين فى التوقيتات المحددة وفقا للتعاقدات، كما أن الارتفاع المستمر فى تكلفة المعيشة نتيجة استمرار معدلات التضخم المرتفعة قد يزيد من احتمالية التعثر من جانب بعض عملاء تلك الشركات الأمر الذى قد يضع مزيدا من الضغوط على التدفقات النقدية لهذه الشركات بما قد يؤثر على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها مع البنوك.

ومع ذلك، لفت الفقى الانتباه إلى أن الانفراجة الأخيرة فى أزمة توافر الموارد من العملات الأجنبية نتيجة صفقات الاستثمار المباشر الضخمة التى أبرمتها الحكومة مع عدد من الجهات الإقليمية (مشروع رأس الحكمة على سبيل المثال) من شأنها التخفيف من حدة الضغوط على مختلف القطاعات الاقتصادية فى ظل التوقعات بتدفق مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالتوازى مع قرب الانتهاء من مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولى بشأن حزمة التمويل والإصلاحات الهيكلية الجديدة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved