وزيرة المالية السودانية لـ«الشروق»: نمر بحالة طوارئ اقتصادية.. والديون الخارجية تعادل 200% من الناتج القومي

آخر تحديث: الإثنين 16 نوفمبر 2020 - 7:42 م بتوقيت القاهرة

حاورتها فى الخرطوم ــ سمر إبراهيم:

ــ لدينا ٥ أسعار للصرف ولابد من تحرير سعر الجنيه السودانى.. وهناك برنامج للعمل مع صندوق النقد الدولى.. وخطة الإصلاحات تقوم على مكافحة الفساد واستقلالية البنك المركزى
ــ تلقينا 800 مليون دولار مساعدات أجنبية.. ومؤتمر المانحين المقبل يقام برعاية فرنسية

قالت وزيرة المالية السودانية المُكلفة، الدكتورة هبة محمد على، إن السودان يواجه تحديا ضخما للغاية حتى فى الفترة الانتقالية نفسها، لاسيما أن الديون قدرها 60 بليون دولار، والتى تُعد 200 % من الناتج المحلى الإجمالى لعام 2019، موضحة أن الأزمة الاقتصادية الراهنة، تتعلق «بالاقتصاد الكلى الذى يشهد تضخما بسبب طباعة النقود، واختلال سعر الصرف، والفجوة بين الصادرات والوارادات التى تقدر بـ 5 بلايين دولار» وعليه تنخفض قيمة الجنيه السودانى.

وأضافت فى حوار لـ«الشروق» جري في الهخرطوم، أن مؤتمر برلين للمانحين دعم السودان بـ 1.8 مليار دولار، ولكن ما وصل حتى اللحظة الراهنة من تلك المبالغ هو 800 مليون دولار لبرنامج دعم الأسرة، و 80 % من إجمالى المبلغ سيصل العام الجارى، مؤكدة أن رفع اسم بلادها من قوائم الدول الراعية للإرهاب له آثار إيجابية عديدة على الاقتصاد الوطنى، وإلى نص الحوار:

* تدهور الوضع الاقتصادى فى العهد البائد كان أحد أهم أسباب اندلاع الثورة السودانية.. والآن عقب مرور قرابة عام من الفترة الانتقالية، كيف تقيمين الوضع الاقتصادى فى الوقت الراهن، لاسيما مع تزايد شكاوى المواطنين بسبب الغلاء؟
ــ السودان يواجه تحديا ضخما للغاية حتى فى الفترة الانتقالية نفسها، لاسيما أن الديون قدرها 60 بليون دولار، والتى تُعد 200 % من الناتج المحلى الإجمالى لعام 2019، وليس هناك أى دولة تستطيع أن تسدد كل هذه الديون.
وسياسة المالية العامة بالتحديد كانت تُعانى أيضا من مشاكل كثيرة، أبرزها «نقص الموارد وزيادة المصروفات» ومن ثم كان هناك دوما عجز فى الموازنة، وهذا العجز حتى الوقت الراهن يتم تمويله عبر طباعة نقود جديدة مما يزيد من نسب التضخم فى البلاد.
ومن ثم فإن الأزمة الاقتصادية الراهنة، بها شقان الأول يتعلق «بالاقتصاد الكلى الذى يشهد تضخم بسبب طباعة النقود، واختلال سعر الصرف، والفجوة بين الصادرات والواردات التى تقدر بـ 5 بلايين دولار» وعليه تنخفض قيمة الجنيه السودانى.

* وما هى أبرز الحلول التى قدمتها الوزارة بشأن تلك الأزمات؟
ــ حل تلك الأزمات يكمن فى خطة الإصلاح الاقتصادى، والتى قد بدأنا فيها بالفعل، عبر ضبط الموازنة ومن ثم ستكون موازنة لعام 2021 أكثر انضباطا، كما بدأنا فى معالجة المشاكل الهيكلية الخاصة بالتصدير والاستيراد، وتطوير البنية التحتية، ولكن هناك اجراءات عاجلة لابد من اتخاذها ولذلك شكلنا اللجنة الاقتصادية العُليا للطوارئ، وأعلنا حالة الطوارئ الاقتصادية، بهدف ضبط الأسعار وإيجاد حلول للعديد من الأزمل مثل توفير الدقيق والبترول بصورة مستمرة، كما قمنا برفع الدعم جزئيا عن البترول حتى يتوفر أكثر.

* إذن هل ستشهد الفترة المقبلة تحريرا كليا لأسعار الوقود؟
ــ بالطبع هذه هى ملامح خطة الاصلاح الاقتصادى والتى تم عرضها منذ يناير الماضى، ولابد من تحرير سعره لكن لم نحدد موعد هذا القرار حتى الآن، خاصة أن معظم المستفيدين من الدعم هم الأغنياء.

* وماذا عن تحرير سعر الصرف؟
ــ فى يوم ما سنطبق هذا القرار، لأن السودان هو البلد الوحيد فى العالم الذى لديه 5 أسعار للصرف! بمعنى أن هناك سعرا لشراء الدواء من الخارج، وسعر صرف آخر للجمارك، بالإضافة إلى سعر الصرف الرسمى، وسعر الصرف فى السوق السوداء، فضلا عن سعر صرف المحروقات، وكل هذا التنوع أدى إلى حدوث خلل ضخم جدا، وللأسف 90 % من السودان يتعامل بسعر السوق السوداء.
وكل ذلك يخلق لنا مشاكل كبيرة فى الاستيراد والتصدير، والتحويلات من الخارج أيضا، ونواجه أزمة مع المغتربين بشأن تباين أسعار الصرف الرسمية وغير الرسمية، ولذلك رؤيتنا هى تحرير سعر الصرف، ولكن هذا القرار يتبعه عادة ارتفاع حاد فى الأسعار، ولذلك لدينا خطة سنعمل بها لخفض الأسعار خلال شهرين أو ثلاثة أشهر كأقصى تقدير.

* هل هناك تعاون مع صندوق النقد الدولى بشأن خطة الاصلاح الاقتصادى؟
ــ نعم.. لدينا برنامج للعمل مع صندوق النقد الدولى من أجل حل قضية الديون، ولدينا فرصتان إما دفع الديون كاملة، أو جدولتها ونحن نعمل على ذلك، ومن ثم فإن البرنامج مع صندوق النقد الدولى جوهره هو التعامل مع تلك الديون وقدرها 60 بليون دولار، ولقد بدأنا التعاون مع الصندوق منذ فترة، وفى شهر فبراير المقبل سنعمل مراجعة للخطة على الاصلاحات التى تمت خلال الفترة الماضية.

* ما هى أبرز ملامح تلك الاصلاحات؟
ــ أبرز تلك الاصلاحات هى «مكافحة الفساد، أن يكون البنك المركزى مستقل» وغيرها، وسنبدأ مراجعة الخطة فى فبراير المقبل حتى نصل إلى نقطة القرار.
ونقطة القرار تعنى البدء فى الحديث مع البنك الدولى لإعفائنا من الديون أو جدولتها، حتى يتثنى لنا الحصول على دعم سنوى قدره 1.7 مليار.
وسيتجه هذا الدعم لتطوير البنية التحتية التى تُعد شبه منتهية فى البلاد، ولذلك أى دعم خارجى سيحصل عليه السودان سنوجه 60 % منه لتطويرها.

* هل هناك تنسيق بين مصر والسودان لجذب الاستثمار لبلادكم؟ أو لتطوير مجال البنية التحتية؟
ــ خلال زيارة رئيس الوزراء المصرى الدكتور مصطفى مدبولى شكلنا لجان وزارية مشتركة للتعاون بين البلدين فى مجالاتً عدة، وخلال الزيارة قررنا تفعيل بروتوكول للتعاون الاقتصادى بين البلدين، وخلال الأسبوعين الماضيين قام رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق محمد فريد بزيارة إلى السودان، وتمت مناقشة ثنائية بشأن كيفية الاستفادة من تجربة الجيش المصرى فى تطوير البنية التحتية ورعاية كبرى المشروعات التنموية.

* هل الدول المانحة التى شاركت فى مؤتمر برلين أوفت بوعودها تجاه دعم السودان؟
ــ نعم.. المانحون المشاركون فى مؤتمر برلين أوفوا بوعودهم تجاه السودان، والمؤتمر دعمنا بـ 1.8 مليار دولار، ولكن ما وصل حتى اللحظة الراهنة من تلك المبالغ 800 مليون دولار لبرنامج دعم الأسرة، و 80 % من إجمالى المبلغ سيصل العام الجارى.

* وماذا عن تطورات انعقاد مؤتمر مقبل للمانحين والذى قيل إنه موجها دعم اتفاق السلام؟
ــ سينعقد هذا المؤتمر برعاية فرنسية، ولكن فى البداية سيكون هناك مراجعة لكل البرامج المتفق عليها فى مؤتمر برلين ومنها «برنامج دعم الأسرة»، حيث إن المانحين يريدون معرفة تطورات البرامج المتفق عليها، وعقب ذلك سيتم مناقشة الدعم بأموال إضافية سيتجه معظمها لتمويل السلام.

* كم تبلغ ميزانية تمويل اتفاق السلام؟
1.5 مليار دولار، منهم 750 مليون دولار سنويا لمدة 10 سنوات موجه لدرافور، ولكن أعتقد إن الرقم الإجمالى متضخم، والبنود الأهم فى مكونات السلام حماية المدنيين وتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، ويُعد الأخير أكبر تحدٍ سيواجهنا لاسيما عقب إعداد الموازنة الخاصة به، ولكن المميز إننا لسنا مطالبين بدفع تلك الأموال فى نفس الوقت، ومن ثم سيكون من السهل علينا تمويلها، وفى نفس السياق، هناك دعم آخر مهم للغاية وهو الدعم الإنسانى وإعادة النازحين، وهذا البند على وجه التحديد، انعقد بشأنه مؤتمر للمانحين فى فبراير الماضى، فى لندن، وكان فيه 600 مليون دولار.

* إذن الحكومة السودانية مُلزمة بتعهدات مادية ضخمة تجاه اتفاق السلام.. من أين سيتم توفير مصادر لتمويلها؟
ــ هناك تعامل على شقين بشأن ذلك الأمر، الأول هو مراجعة تلك الأرقام وهذا سيحدث بناءً على مراجعة البنود على أرض الواقع، وعلى سبيل المثال ــ فى بند الترتيبات الأمنية سنعمل على تقدير ميزانية تمويله بناءً على أعداد المقاتلين وغيرها من التفاصيل المهمة ومن المرجح أن يحدث تقلصا فى الأرقام المٌعده له، والشق الثانى هو عمل خطة لجدولة تلك الأرقام سنويا، وفى ذلك الحين سوف نستطيع تحديد المبالغ التى نريد دفعها شهريا أو سنويا.
كما أن المانحين مثل دولة الإمارات العربية المتحدة لديها اهتمام شديد بدعم تنفيذ اتفاق السلام بشكلً عام، أما الولايات المتحدة الأمريكية فلديها اهتمام بدعم تنفيذ بند الترتيات الأمنية فقط، أما المنظمات التابعة للأمم المتحدة فتعمل على دعم ملف النازحين واللاجئين، ومن ثم سيتم تقسيم تلك الميزانيات سيعمل على دعمنا فى تلك الملفات.
كما أن الحكومة السودانية تضع سنويا فى الموازنة العامة لها ميزانية كبيرة خاصة بالتنمية، ولكن فى موازنة العام المقبل سنوجه ونركز على تنمية الأقاليم المتضررة من الحرب والتى يستهدفها اتفاق السلام ويستهدف مواطنى تلك المناطق.

* ما هى الآثار الإيجابية على مستقبل السودان الاقتصادى من قرار الإدارة الأمريكية برفع اسم بلادكم من قوائم الدول الراعية للإرهاب؟
ــ فتح الأبواب أمام الأسواق العالمية للحصول على تمويل أو قروض، حيث إن وضع اسم بلادنا فى قائمة الإرهاب عمل على وضعنا فى تصنيف الدول عالية المخاطر ومن ثم كان محظور علينا الحصول على قروض أو منح وغيرها، كما سيكون لدينا مدخل للحصول على منح، لأنه فى السابق كان أى مسئول أمريكى فى صندوق النقد الدولى يرفض أى مشروعات للسودان، ومن ثم سيكون لدينا فرص لإقامة مشاريع تنموية، كما سيكون هناك اتفاق مشترك بين البلدين نعمل عليه حاليا لعقد مؤتمر استثمار فى شهر ديسمبر المقبل للشركات الأمريكية للاستثمار فى السودان، فضلا عن حصولنا على ضمانات للمستثمرين الأمريكيين من بنك الاستيراد والتصدير الأمريكى للستثمار فى السودان، وبناءً على ذلك سيتم خفض مخاطرهم ويدفعم للقدوم إلى بلادنا، هذا بالإضافة إلى عقد اتفاقات تموينية عينية لدعم الدولة، حل المشاكل المتعلقة بتحويلات المغتربين حيث كان محظورا عليهم تحويل أموالهم من الخارج إلى داخل البلاد لحظر تعامل أى بنك من التعامل معنا، وغيرها من المكاسب الاقتصادية التى ستنعش الاقتصاد الوطنى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved