خبير أمريكي: يتعين على واشنطن تحديد هدف واضح لدعمها لأوكرانيا كما فعلت أثناء الغزو السوفيتي لأفغانستان

آخر تحديث: الخميس 16 نوفمبر 2023 - 10:36 ص بتوقيت القاهرة

واشنطن-د ب أ

منذ أن بدأت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في عام 2022، قدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها مستويات تاريخية من الدعم لكييف، وتم فرض أكبر شبكة عقوبات على الإطلاق تم فرضها على أي دولة، وتم حشد المجتمع الدولي لمعارضة عدوان الكرملين في الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية. ومع ذلك، فإنه على الرغم من القوة الجديرة بالثناء لهذه الاستجابة، تسعى الولايات المتحدة جاهدة حتى الآن لتحديد الهدف العام لدعمها لكييف بوضوح.

وفي تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، يقول أرتور كالانداروف، الخبير والزميل في مجموعة كوهين للاستشارات الاستراتيجية، التي يرأسها وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وليام كوهين إنه على الرغم من أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن كانت على صواب عندما قالت إن شروط وظروف أي مفاوضات يجب أن تحددها أوكرانيا، فإن الهدف الأساسي لدعم أمريكا لأوكرانيا- والذي غالبا ما يعبر عنه الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي وغيره من المسؤولين الأوكرانيين- يجب أن تحدده الولايات المتحدة لحلفائها وخصومها على السواء: وهو انسحاب القوات الروسية من كل الأراضي الأوكرانية المحتلة. إن ذكر هذا بوضوح وبشكل متكرر لن يكون خطوة غير مسبوقة. خلال الغزو السوفيتي لأفغانستان (1979-1989)، كانت قوة الولايات المتحدة تتمثل في ثبات هدفها الرئيسي عبر ثلاث إدارت رئاسية: وهو أنه يتعين على الاتحاد السوفيتي سحب قواته من كل الأراضي الأفغانية المحتلة.

وفي ديسمبر عام 1979، عندما بدأ غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان وقيامه بتنصيب حاكم شيوعي في كابول، أمر الرئيس جيمي كارتر بتقديم دعم عسكري للمتمردين الأفغان وطالب بان يسحب الكرملين كل قواته من أفغانستان. وطوال عقد الثمانينات، وسع الرئيس رونالد ريجان الدعم العسكري وتعهد كثيرا بالتزام الولايات المتحدة بمعارضة العدوان السوفيتي حتى اكتمال انسحاب القوات السوفيتية.

وأشار كالانداروف إلى أنه حتى في شهر فبراير 1989، وبينما كان آخر الجنود السوفيت يغادرون أفغانستان، رفض الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الالتزام بإنهاء الدعم الأمريكي للمتمردين الأفغان الذين عارضوا الحكومة المدعومة من السوفيت. وعلى الرغم من الظروف العالمية والسياسية الخارجية المختلفة، أكد الرؤساء كارتر وريجان وبوش بثبات أن الدعم الأمريكي سوف يستمر إلى أن يغادر كل الجنود الروس أفغانستان. وقد أقنعت هذه الاستراتيجية في نهاية المطاف القيادة السوفيتية بأن وضعها في أفغانستان لا يمكن الدفاع عنه.

واعتبر كالانداروف أن الوضوح الذي تميزت به السياسة الأمريكية إزاء الغزو السوفيتي لأفغانستان، لم يظهر في النهج الحالى إزاء روسيا. وعلى مدار العامين الماضيين، قدم وزراء الحكومة الأمريكية أهدافا غامضة ومتغيرة لسياستهم. في أبريل 2022، قال وزير الدفاع لويد أوستن إن هدف أمريكا هو تحقيق أوكرانيا للنصر ومنع روسيا من القيام بأي عمليات غزو جديدة. في المقابل، في مايو 2022، حدد الرئيس الأمريكي جو بايدن، في مقال رأي بصحيفة نيويورك تايمز، هدف السياسة الأمريكية بأنه العمل على ضمان قدرة أوكرانيا من "ردع أي عدوان جديد والدفاع عن نفسها ضده".

وبعد عام، ظلت الأهداف الأساسية غير واضحة. في مارس 2023، خلال القمة الثانية للديمقراطية، أعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن دعمه لصيغة زيلينسكي للسلام- والتي تشمل انسحاب الجنود الروس من أراضي أوكرانيا- لكنه أكد في تصريحاته فقط أن السلام يجب أن يكون "عادلا ودائما". في يونيو 2023، خلال كلمة طويلة في هلسنكي، جدد بلينكن التأكيد على الدعم الأمريكي لدفاع أوكرانيا عن سيادتها وأشار إلى أن الدعم سيستمر "مهما طال الأمر"، لكنه لم يصل إلى حد التعبير بشكل مباشر عن دعم انتصار أوكرانيا.

وعلى النقيض من هذه التصريحات، فأنه عندما سئل وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج شولتس في عام 1985 عن إمكانية التوصل إلى تسوية من خلال التفاوض لغزو أفغانستان، أكد بشكل حاسم "الشئ الأساسي، هو التعامل مع مشكلة القوات السوفيتية في أفغانستان وانسحابها. هذا هو الأساس". وبعد ثلاثة أعوام، وفي إطار اتفاقية الانسحاب التي تم التوصل إليها بوساطة الأمم المتحدة، أكد شولتس مجددا أن الخروج السوفيتي "ضروري" لدعم الولايات المتحدة لتسوية سياسية. نفس هذا المستوى من اتساق وثبات السياسة ضروري اليوم.

وكما هو الحال في العديد من الصراعات المسلحة، فإن وجود هدف جريء ومعلن بوضوح لا يتطلب معرفة دقيقة لكيفية تحقق النتيجة النهائية المرغوبة. وطول ثمانينيات القرن الماضي، لم يتوقع المسؤولون الأمريكيون أن يكمل الاتحاد السوفيتي انسحابا منظما من أفغانستان بحلول نهاية العقد، وما تبعه بعد أقل من ثلاثة أعوام من انهيار الاتحاد السوفيتي. وفي الواقع، حتى عندما شنت القوات السوفيتية هجمات ناجحة، وبدا أنه من الممكن القضاء على المقاومة الأفغانية، واصل المسؤولون الأمريكيون المطالبة بانسحاب سوفيتي كامل ودعم المحاربين الأفغان. اليوم، بعد الإعراب عن التزامهم بسيادة أوكرانيا، يجب أن يعلن المسؤولون الأمريكيون أن النصر الأوكراني هو الهدف الرئيسي النهائي.

واختتم المحلل السياسي كالانداروف تقريره بالقول إنه من خلال التأكيد بوضوح أن وجود القوات الروسية داخل حدود أوكرانيا سيظل غير مقبول، ستنجح الولايات المتحدة في تحسين فهم التزامها إزاء أوكرانيا ومن المأمول فيه هو أن تقوم- بمرور الوقت- بزرع الشك في الكرملين بشأن احتمالات النجاح. والأمر الحاسم هو أنه عندما يتم توضيح هدف السياسة، سيكون من الأسهل أن يتم معرفة ما إذا كانت أفعال الولايات المتحدة وحلفائها ترقى إلى الهدف الرئيسي الذي يسعون إلى تحقيقه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved