أزمة دستورية يترقبها ترامب.. هل تواجه أمريكا الإغلاق الحكومي بعد شهر؟
آخر تحديث: الإثنين 17 فبراير 2025 - 10:24 ص بتوقيت القاهرة
محمد حسين
تقول مجلة "تايم" الأمريكية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمضي في تنفيذ سياساته المثيرة للجدل، بينما تعجز واشنطن عن مجاراة تحركاته، سواء في إعادة رسم الخرائط، أو تفكيك مؤسسات حكومية، أو تغيير استراتيجية بلاده تجاه أوكرانيا.
ورغم هذا، تلوح أزمة أكثر إلحاحًا في الأفق، حيث تواجه الحكومة الفيدرالية خطر نفاد أموالها خلال شهر، مما قد يؤدي إلى توقف رواتب الجنود، وتعطل برامج تفتيش الأغذية، وتأخير مدفوعات الإغاثة في حالات الكوارث، ووقف المساعدات للأسر ذات الدخل المنخفض.
-الجمهوريون يسيطرون على الحكومة لكنهم يواجهون خطر الإغلاق
يسيطر الجمهوريون على البيت الأبيض ومجلسي النواب والشيوخ، لكنهم قد لا يتمكنون من إبقاء الحكومة مفتوحة، وأكد زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، هذه الحقيقة، بقوله: "إنها حكومتهم"، واضعًا بذلك إطار لمعركة تبادل اللوم التي تقترب، وفقا للتقرير الذي نشرته التايم.
وتؤكد المجلة الأمريكية، أنه ورغم نجاح الجمهوريين في تمرير خطة مبدئية للميزانية بعد 12 ساعة من المناقشات، فإنها قد لا تلاقى قبول التيار المحافظ المتشدد داخل الحزب، في الوقت نفسه، يدرس مجلس الشيوخ مقترحات إنفاق مختلفة، قد تشمل تقسيم أجندة ترامب إلى ملفين منفصلين، مما يهدد بمواجهة داخل الحزب الجمهوري، تكرارًا لما حدث خلال فترة ترامب الأولى.
-ترامب يدفع نحو أزمة دستورية
وتشير المجلة إلى مضي الإدارة الأمريكية في تنفيذ سياساتها رغم اعتراضات المحاكم الفيدرالية، مما قد يؤدي إلى أزمة دستورية، وإذا واصل ترامب وإيلون ماسك التعامل مع القوانين المالية التي أقرها الكونجرس على أنها مجرد "اقتراحات"، فسيؤدي ذلك إلى تقويض الثقة في التزامات الحكومة المستقبلية.
ولا ينسى أحد أن ترامب سجل أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، عندما استمر لمدة 35 يومًا بين عامي 2018 و2019، بسبب مطالبته بتمويل قدره 5.7 مليار دولار لبناء جدار حدودي مع المكسيك، أدى هذا الإغلاق إلى خسائر اقتصادية بلغت 11 مليار دولار، وفقًا لتقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس، وكما فعل سابقًا، حيث خلق ترامب المشكلة ثم نسب لنفسه الفضل في حلها.
-ترامب يسابق الزمن لتفكيك الحكومة الفيدرالية
لم يكتفِ ترامب بإجراء تغييرات في السياسات، بل بدأ في تفكيك المؤسسات الفيدرالية، فقد ألغى وظائف معظم العاملين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وقلص سلطة مكتب حماية المستهلك، ويستعد لتفكيك وزارة التعليم، وهي جميعها مؤسسات أنشأها الكونجرس ومولها.
وأبلغت إدارته نحو 200 ألف موظف فيدرالي بأن وظائفهم ستنتهي قريبًا، مما قد يؤدي إلى فقدان الحكومة الفيدرالية لجيلها القادم من المهنيين، وبينما تعترض المحاكم على هذه الإجراءات، تدرك إدارة ترامب أن أقصى ما يمكن أن تواجهه هو تهم ازدراء المحكمة، وهو أمر لا يبدو أنه يقلقها.
ويواصل ترامب الإشارة إلى إمكانية ترشحه لولاية ثالثة، رغم أن الدستور الأمريكي يمنع ذلك بشكل واضح، مما يزيد من حدة التوتر السياسي في واشنطن.
-الجمهوريون يخشون تحدي ترامب
رغم اعتراض بعض الجمهوريين سرًا على سياسات ترامب، فإنهم يلتزمون علنًا بخطه السياسي، وحتى عندما رفض بعضهم ترشيحاته لمناصب حساسة، مثل تولسي غابارد وبيت هِغسِث، فإنهم في النهاية رضخوا لضغوطه، ويعلم ترامب جيدًا أن تهديده بإقصاء أي جمهوري يعارضه في الانتخابات التمهيدية كافي لإبقائهم في الصف.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الناخبين يمنحون ترامب دعمًا قويًا، رغم معارضة 85% من الديمقراطيين و51% من المستقلين لسياساته، وحتى الآن، يحظى ترامب بنسبة تأييد تبلغ 53%، وهي نسبة لم يصل إليها خلال معظم فترته الأولى.
-الديمقراطيون يفتقرون إلى خطة واضحة
على الجانب الآخر، لم يتمكن الديمقراطيون من توحيد صفوفهم لمواجهة سياسات ترامب، وينقسمون بين تيار يدعو للتعاون معه لتحقيق مكاسب سياسية، وآخر يسعى لانتزاع تنازلات قصوى قبل تمرير أي قرارات مالية، بينما يرى البعض أن أي تحرك قد يغضب قاعدة الحزب المنقسمة بالفعل.
لكن الواقع يفرض عليهم التحرك. فشبكة الاتصالات في الكونجرس، التي تعالج عادة 40 مكالمة في الدقيقة، أصبحت الآن تستقبل أكثر من 1500 مكالمة في الدقيقة، مما يعكس الغضب الشعبي المتزايد من سياسات الإدارة الحالية.
-الأزمة تقترب.. والعواقب وخيمة
تتكدس أكثر من 40 مليون دولار من المساعدات الغذائية في الموانئ الأمريكية، مهددة بالتلف بسبب تعليق برامج المساعدات، كما أن مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين قد يفقدون وظائفهم، في وقت يتم فيه إسقاط القضايا الجنائية ضد حلفاء ترامب، بينما تواجه معارضوه ملاحقات قانونية.
إذا لم يتوصل الديمقراطيون والجمهوريون إلى تسوية، فقد تتجه البلاد نحو إغلاق حكومي جديد في 14 مارس المقبل، مما قد يؤدي إلى شلل كامل في الإدارات الفيدرالية، وفي ظل الفوضى المتزايدة، لا أحد يعلم كيف ستُدار الحكومة الأمريكية خلال الأسابيع المقبلة، وما إذا كان ترامب سيمضي في تنفيذ سياساته دون أي رقابة.