تجار ومصنعون يحذرون من الركود التضخمي مع الارتفاعات المستمرة في تكاليف الإنتاج
آخر تحديث: الخميس 17 أبريل 2025 - 10:59 ص بتوقيت القاهرة
محمد عصام:
• شعبة مواد البناء: مصنعو القطاع خفضوا الإنتاج لعدم قدرتهم على تحمل الزيادة الأخيرة في الوقود
• جورج: تراجع 30% في مبيعات الأجهزة الكهربائية
• زيتون: ارتفاع أسعار الدولار والبنزين حدَّ من انتعاشة بقطاع السيارات خلال رمضان
يخشى عدد من المصنعين والتجار في قطاعات مختلفة، استطلعت "الشروق" آراءهم، من سقوط الاقتصاد في الركود التضخمي، مع ما يوجهونه من ارتفاعات مستمرة في تكاليف الإنتاج والتصنيع، فيما أصبحوا غير قادرين على امتصاصها عن المستهلكين جراء عملية الإصلاح الاقتصادي والتداعيات الاقتصادية العالمية، وسط تراجع ملحوظ في القوي الشرائية للمواطنين على مواكبة تلك الزيادات.
ويعني الركود التضخمي، الارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات وزيادة معدلات البطالة ونمو بطيء في الناتج المحلي.
وأحدثت زيادة أسعار الوقود في الأسواق صدمة جديدة للتجار والمصنعين، الذين كانوا يحاولون استيعاب ارتفاع تكاليف الإنتاج جراء انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار 60% في مارس 2024، وما أعقبها من زيادات في أسعار الكهرباء والوقود من قبل.
ورفعت الحكومة الأسبوع الماضي، البنزين والسولار بقيمة جنيهين للتر ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية تنفذها بالتعاون مع صندوق النقد الدولي مقابل قرض بقيمة 8 مليارات دولار، تتمثل في الالتزام بمرونة سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه، وتحرير أسعار الكهرباء والوقود.
قال أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء، إن ارتفاعات أسعار الوقود الأخيرة تزيد الأعباء على مصنعي وتجار مواد البناء في وقت يواجهون فيه ركودا في المبيعات.
وتابع الزيني أن زيادة أسعار الوقود قد يراها البعض طفيفة ولكن المصنعين والتجار لن يستطيعوا تحملها لأنها تأتي في وقت يعانون فيه من تراجع المبيعات وانخفاض الإنتاج، قائلا «لو كان هناك طفرة في الإنتاج كان من الممكن الحديث عن امتصاصها»، مشيرا إلى أن مواصلة الحكومة إجراءات «الإصلاح الاقتصادي» قد يقود السوق للركود التضخمي.
وذكر جورج زكريا القائم بأعمال رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الغرف التجارية، أن مؤشرات مبيعات الأجهزة الكهربائية غير مطمئنة، وتحمل دلالات قوية علي وجود ركود بالأسواق.
وتابع أن تكاليف تصنيع الأجهزة الكهربائية ارتفعت منذ بداية 2025 بنسبة تتراوح بين 15% و20% جراء توابع قرارات الإصلاح الاقتصادي من تحرير سعر الصرف وزيادات أسعار الوقود والكهرباء خلال العام الماضي، مشيرا إلى أن هذا الأمر تسبب في تراجع المبيعات بما لا يقل عن 30% منذ بداية العام.
وأضاف أن زيادة أسعار الوقود الأخيرة ترفع الأعباء على تجار ومصنعو الأجهزة الكهربائية، إلا أنه من الأفضل للتجار تحمل تلك الزيادات قائلا "أي زيادات أخرى في الأسعار ستقود لركود تضخمي بالأسواق".
ولا تختلف حال سوق الملابس الجاهزة كثيرًا عن سوق الأجهزة الكهربائية حيث تعاني أيضا من ركود مماثل بحسب الدكتور خالد سليمان نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة باتحاد الغرف التجارية، الذي قال إن تجار القطاع يحاولون بقدر الإمكان امتصاص أي زيادات في تكاليف الإنتاج لأن القوي الشرائية للمواطنين لا تتحمل رفع الأسعار، «لكن لو استمر ارتفاع تكاليف الإنتاج سيكون هناك توابع سلبية على السوق أكثر من الركود الذي نعيشه».
ويرى منتصر زيتون عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، أن سوق السيارات شهدت تحركا في المبيعات خلال شهر رمضان الماضي مع استقرار الأوضاع الاقتصادية ولكن ملامح الركود بدأت تظهر مرة أخري بعد ارتفاع أسعار الدولار والبنزين.
وخلال الأيام الماضية، صعد الدولار إلى أعلى مستوياته على الإطلاق أمام الجنيه ليصل 51.75 جنيه، بعد تصاعد الحروب التجارية التي أدت إلى عاصفة لخروج الأجانب من أدوات الدين المحلية، لكنها عاد للانخفاض ليسجل 51.12 جنيه أمس.
وذكر محافظ البنك المركزي حسن عبد الله في تصريحات نقلها موقع الشرق بلومبرج أنه لا يمكن تثبيت سعر الصرف، وأن البنك المركزي يتبع سياسة سعر صرف مرنة يحكمها العرض والطلب مثل العملات العالمية.
وأضاف زيتون، أن أي تحريك في سعر الصرف خلال الفترة القادمة، واستمرار إصلاحات الوقود بجانب التوترات التجارية العالمية ستقود الاقتصاد المصري لحالة ركود تضخمي.
وتراجعت معدلات التضخم خلال فبراير إلى 12.5% لإجمالي الجمهورية مدعومة بتأثير سنة الأساس، إلا أنها عادت للارتفاع مرة أخري مارس لتسجل 13.1% على أساس سنوي، وسط مخاوف من عودة الضغوط التضخمية بعد ارتفاعات الوقود الأخيرة.
وبالرغم مما تظهره حالة الأسواق من ركود في مبيعات السلع لدي التجار وسط ارتفاعات مستمرة في أسعار المستهلكين، إلا أن مؤشرات الاقتصاد الكلي الأخرى فيما يتعلق بالبطالة ونمو الناتج المحلي الإجمالي تستبعد ذلك.
فبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تراجع معد البطالة 6.4%، كما ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد إلى 4.3% بنهاية الربع الثاني من العام المالي 2024-2025 بعد أن سجل تباطؤا بنهاية العام المالي الماضي 2023-2024 إلى 2.4%.
وقال الخبير الاقتصادي محمد فؤاد، إن الاقتصاد المصري حقق حتى الآن شرطين أساسيين من شروط الركود التضخمي أولا تباطؤ نمو النشاط الاقتصادي لكن لم يتحول بعد للانكماش، بالإضافة إلى الشرط الثاني المتمثل في ارتفاع مستويات التضخم مدفوعة بالمشاكل الهيكلية، بينما هناك شرط ثالث غير متحقق يتمثل في ارتفاع معدلات البطالة.
وتابع فؤاد خلال تصريحات لـ" الشروق"، أن الاقتصاد المصري ليس في حالة ركود تضخمي ولكنه ليس بعيدا عنه، مشيرا إلى أن الركود التضخمي قد لا يحدث في لحظة واحدة ولكن على فترات زمنية متباعدة كما حدث للاقتصاد التركي خلال 2018-2021.
ونصح فؤاد الحكومة بتعزيز ثقة المستثمرين، ودعم التصدير، وتدخل البنك المركزي لدعم النشاط الاقتصادي، لتجنب الركود التضخمي