الحروف السورية .. تكوينات تجريدية تحتفي بالقيمة الكلاسيكية للحرف العربي

آخر تحديث: الأربعاء 17 أكتوبر 2012 - 11:45 ص بتوقيت القاهرة
دمشق - أ.ش.أ

قطعت اللوحة الحروفية السورية مدى بعيدا من التطور والتجديد على المستويات الفكرية والتقنية والجمالية، عبر استلهامها للحرف العربي كنواة فنية تم البناء عليها بأساليب وتقنيات متنوعة، أثبتت قدرة هذا الحرف على التحرر والتطور، متحولا إلى واحد من أهم الأبعاد الفنية والثقافية في السفر التشكيلي العام، دون أن يفقد شيئا من بريقه التراثي وبلاغته الجمالية، كما تشهد عليه الأعمال الحروفية التي أثرت أعمال التشكيل والخط العربي في آن معا.

 

 

 

استطاع الحرف العربي أن ينهض بمدرسة تشكيلية خاصة به، رغم تعدد المذاهب الفنية الحديثة، واتساع آفاقها التى عكست تجربة الدلالات والأبعاد والرؤى، دون الخروج عن القيمة الكلاسيكية للحرف العربي، وهو ما تجلى في عشرات الأعمال لفنانين محليين استطاعوا تصدير تكوينات وتشكيلات تجريدية خلاقة، أضافت إلى التجربة السورية والتجربة التشكيلية في اللاذقية، في إطار مزج نوعي بين أصالة الحرف العربي، كأحد أبرز الفنون الإسلامية، وبين حداثة اللوحة التشكيلية على اتساع آفاقها المعاصرة.

 

 

 

وتعتبر التجربة الحروفية للفنان عمر طه على درجة من الأهمية والتميز بالنظر إلى طريقة توظيفه للحرف العربي في اللوحة التشكيلية، من حيث استخدامه لتقنيات ومواد متنوعة على رأسها الرمل والأكرليك، مما يؤثر على البعد البصري عبر السعي للخروج عن بعض القواعد التقليدية الصارمة في حيز الخط العربي، في إطار محاولة تجريبية لاختبار قيم فنية ومناخات جمالية جديدة.

 

 

 

وينطلق طه أن الفنان يعمل من خلال صياغة الشكل النهائي لكل أنواع الخطوط العربية لتلبية مجموعة من المتطلبات الفلسفية والتجريدية والفنية التي تستلزمها اللوحة، على المستوى الفكري والتشكيلي، على أساس أن الشكل الذي يتخذه الحرف العربي- في كل عمل- يؤثر بقوة على التقييم البصري لدى المتلقي، خاصة في مجال الحروفيات، حيث استثمار الحرف العربي- كعنصر تشكيلي- يغني اللوحة، ويمنحها بعدا أكثر حداثة ومعاصرة.

 

 

 

ويرى الفنان محمد أسعد سموقان أن الخط العربي قد استطاع إغناء أعمال الفنان العربي ببعد تراثي غني، رغم توظيفه بصورة غير مقروءة في بعض المدارس التشكيلية، حيث يتسم الحرف العربي عموما بقدرة خطوطه على خلق تشكيلات بصرية متنوعة، تدخل في عمق اللعبة البصرية، وتقترب إلى حد كبير من الدلالة، رغم انعدام القدرة على قراءتها، وهو ما يعتمد على قدرة الفنان على التعامل مع قواعد الخط العربي، والخروج عنها، عندما يقتضي المحتوى التشكيلي.

 

 

ويضيف، أن الآونة الأخيرة قد شهدت عودة مكثفة إلى اللوحة الحروفية عموما، والتي يشكل الخط أحد مفرداتها الأساسية، مؤكدا أن الحرف العربي يتسم بإمكانية عالية في تقديم استعراضات خطية متنوعة، إلى جانب قدرته على الحوار والتحرك ضمن التوليفة التشكيلية على سطح اللوحة.

 

 

ويضيف، أستخدم الخط القيرواني القديم باعتباره أحد أكثر الخطوط العربية طواعية ومرونة، رغم صعوبة حركاته، وهو خط يتسم بالثبات والاستقرار، ما يساعد الفنان على التحكم بأشكاله وخطوطه، ولا سيما مع الخلفيات المشغولة بالخط الديواني المنحني، والتي تضفي على التشكيلات البصرية واللونية أشكالا تجريدية ثرية.

 

 

وأوضح أن التجارب المعاصرة حققت تطورا لافتا على مستوى الحركة واللون، فجاءت الأولى لتؤسس ديناميكية شبه زخرفية في تشكيل الخطوط، التي عادة ما توازي الحالة النفسية للفنان؛ فيما استطاعت التركيبة اللونية- بتدرجاتها العديدة- أن تمنح اللوحة حيوية تغني هذا الفن الشرقي، وتخلق مساحات جديدة للتعبير، تصب مباشرة في دائرة الإثراء التشكيلي.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved