بالونات الطقس.. خطر داهم يتهدد أشكال الحياة البحرية

آخر تحديث: الخميس 17 أكتوبر 2024 - 12:16 م بتوقيت القاهرة

سان فرانسيسكو - د ب أ

تستخدم كثير من دول العالم ما يعرف باسم "بالونات الطقس"، وهي عبارة عن مناطيد هواء ساخن صغيرة الحجم يتم اطلاقها بحيث تصعد إلى ارتفاعات شاهقة وتجمع بيانات بواسطة أجهزة إلكترونية صغيرة الحجم عن درجات الحرارة والضغط والرطوبة واتجاهات الرياح، ثم ترسلها مرة أخرى لاسلكيا إلى الارض بحيث يستفيد منها المتخصصون وخبراء الارصاد الجوية. وقبل اختراع بالونات الطقس الحديثة، كان العلماء في ثلاثينيات القرن الماضي يعتمدون على طائرات ورقية لجمع هذه النوعية من المعلومات.

والآن يوجد أكثر من 1300 مركز بحثي للأرصاد الجوية حول العالم تقوم بإطلاق بالونات الطقس في شكلها العصري، حيث يكون كل بالون في حجم كرة الشاطئ، ويصنع من خامات بلاستيكية ومطاطية وأحبال قطنية، ويحمل صناديق من البلاستيك الصلب تحتوي على أجهزة قياس مختلفة تعمل بالبطارية لجمع المعلومات إلكترونيا وبثها لاسلكيا إلى قواعدها على الأرض كل ثانية.

وتطلق الولايات المتحدة وحدها قرابة 76 ألف بالون طقس كل عام، في حين تطلق جارتها كندا زهاء 22 ألف بالون سنويا، ويمكن أن يصعد بالون الطقس إلى ارتفاع 35 كيلومترا فوق سطح الأرض، حيث يتمدد حجمه إلى مئة ضعف مقارنة بحجمه الأصلي عند اطلاقه في بادئ الأمر، ولكن عندما ينفجر هذا البالون، فإن قطع المطاط التي يتكون منها تتناثر في شكل مظلات صغيرة وتسقط على مساحات واسعة على اليابسة، وفي البحار أو المحيطات.

وكشفت دراسة علمية حديثة أن المخلفات التي تنجم عن انفجار تلك البالونات تمثل خطرا داهما يتهدد الطيور وأشكال الحياة البحرية بشكل عام، كما أن تلك المخلفات المطاطية تبقى في البيئة البحرية لسنوات دون أن تتحلل. وتقول دافني جولدبرج الطبيبة البيطرية من منظمة "مشروع طيور الباتروس" وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى حماية الطيور البحرية إن "نسبة ضئيلة فقط من جثث الطيور والكائنات البحرية التي تقتلها مخلفات البالونات تجرفها الامواج إلى الشاطئ، وبالتالي فإن حجم الضرر من هذه البالونات أكبر بكثير مما تشير إليه الأرقام المتاحة لدينا"، بحسب موقع "هاكاي ماجازين" المتخصص في أبحاث الحياة البحرية.

وكانت منظمة "تانجارو بلو" الأسترالية المتخصصة في التخلص من النفايات البحرية هي أول من تطرق إلى مشكلة مخلفات بالونات الطقس قبل نحو عشر سنوات. وعلى مدار 21 شهرا، جمع الخبراء العاملون في المنظمة 2460 قطعة حطام تخص بالونات الطقس حول منطقة الحاجز المرجاني العظيم. ويقول الباحثون إن ما يقدر بـ70% من مخلفات بالونات الطقس الأسترالية ينتهي بها المطاف في المحيط، علما بأن أستراليا لديها 38 موقعا ينطلق منها نحو 300 بالون أسبوعيا.

وتقول منظمة "مشروع الألباتروس" التي تنتمي إليها الباحثة جولدبرج إنها رصدت بنفسها تأثير مخلفات بالونات الطقس عند فحص سبعة طيور مصابة في حوض سانتوس في البرازيل، من بينها طائر انكسرت ساقه بعد اشتباكها بحبال أحد هذه البالونات. وقد عثر على هذه الطيور مكبلة داخل مخلفات البالونات، وخلصت الاختبارات إلى أن هذه الطيور اشتبكت في خيوط البالونات بينما كانت لا تزال على قيد الحياة. واستطاع الباحثون تعقب أثر أحد هذه البالونات وتبين أنه تم اطلاقه من مدينة جوارولهوس البرازيلية التي تبعد عن الشاطئ تسعون كيلومترا.

وبحسب موقع "هاكاي ماجازين"، نشرت مجموعة بحثية أخرى متخصصة في علوم البيئة عام 2023 دراسة تناولت اثنين من السلاحف البحرية التي سقطت في مخلفات البالونات قبالة سواحل ولاية فيرجينيا الأمريكية حيث التفت خيوط البالونات حول زعائفها ورقابها، وأشارت تلك الدراسة إلى أنه في حين أن بعض المواد التي تستخدم في صناعة البالونات تعتبر من المواد القابلة للتحلل طبيعيا في البيئة، فإن كثيرا من هذه المواد في الحقيقة لا تتحلل بالسرعة الكافية، علما بأن طول حبال بالونات الطقس التي يتم اطلاقها في الولايات المتحدة وحدها يزيد بواقع 185 مثلا عن طول جبل إيفرست على سبيل المثال.

ونقل الموقع عن الباحثة جنيفر بروفينشاير المتخصصة في مجال الأحياء البحرية بجامعة أوتاوا الكندية، وهي ليست من المشاركين في الدراسة، قولها إن الجزء الاكبر من مشكلة مخلفات بالونات الطقس مازال مجهولا، مضيفة أنه "لا توجد أي دلائل بشأن تأثير هذه المشكلة على مستوى تعداد الكائنات البحرية".

وفي إطار مساعي التوصل إلى حل لهذه المشكلة، تجري الإدارة الوطنية الأمريكية لعلوم المحيطات والبيئة تجارب على أنواع جديدة من البالونات وأجهزة جمع البيانات الملحقة بها كذلك، من بينها بالون يمكنه أن يحلق لمدة 16 يوما بدلا من عدة ساعات فحسب، كما أعلنت الإدارة هذا العام أنها تجري اختبارات على نوعين مختلفين من الطائرات المسيرة التي يمكن اطلاقها لجمع البيانات الخاصة بالمناخ ثم استرجاعها مرة أخرى إلى الارض. ولكن حتى وقتنا هذا، تظل البالونات مصدرا لا غنى عنه لجمع بيانات الطقس، ومن ثم فإن ابتكار أنواع أقل ضررا على البيئة ربما يكون التحسن المأمول لحماية الكائنات البحرية المتضررة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved