بعد إعلان إعادة تقديم شمس الزناتي وأنف وثلاث عيون.. نقاد: ليس إفلاسا ومن حق المبدع تقديم رؤيته

آخر تحديث: الأحد 17 ديسمبر 2023 - 7:27 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

تتكرر عبارة "إفلاس فني" على منصات التواصل الاجتماعي، عندما يعلن أحد صُناع الأفلام عن إعادة تقديم فيلم قديم بأبطال جُدد، ويُتهم المؤلف أو المخرج بهذه العبارة أحيانا قبل عرض العمل نفسه، وهذا ما حدث مؤخرا مع المخرج عمرو سلامة، بعد إعلانه تفاصيل فيلمه الجديد شمس الزناتي، وكذلك المخرج أمير رمسيس، بعد الإعلان عن عرض فيلمه الجديد أنف وثلاث عيون، في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.

إطلاق الحكم بالإفلاس على إعادة تقديم أعمال ما، هل هو في محله خاصة قبل مشاهدة العمل الفني على الشاشة؟ مع الوضع في الاعتبار أن عددا كبيرا من النجوم حرصوا على إعادة تقديم سيناريوهات أفلام مرة أخرى، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الفنانة نجلاء فتحي، عندما أعادت تقديم أكثر من فيلم للفنانة فاتن حمامة، مثل: بين الأطلال عام 1959، وقُدم مرة أخرى تحت عنوان "أذكريني" عام 1978، وفيلم ارحم دموعي 1954 أعيد تقديمه بعنوان "حب وكبرياء" عام 1972.

من حق المبدع أن يقدم رؤيته

في سياق هذا النقاش الفني، استطلعنا رأي بعض النقاد السينمائيين حول هذا التريند الفني الذي يظهر كل فترة على السطح:

ويقول الناقد جمال عبدال قادر: "يجب أن نعرف الفرق بين الأفلام المأخوذة من أعمال سابقة، والمأخوذة من روايات، لأننا عندما نعود لعالم الأدب فإنه يعمل على إثراء وثقل العمل الفني بشكل عام، سواء كان مقدما للسينما أو التلفزيون، وذلك ينطبق على رواية أنف وثلاث عيون المأخوذة عن رواية وغير معتمدة على الفيلم، وفق ما هو معلن، ولكن فكرة الرجوع إلى فيلم قُدم من قبل، غالبا رغبة الصانع في الاستفادة من نجاح العمل القديم، لأنه يعتبر عامل جذب، فنجاح النسخة الأولى للفيلم وفضول الجمهور لرؤية من سيلعب أدوار الشخصيات التي تعلق بها".

وأوضحت الناقدة منار خالد، أن "مصادر إنتاج العمل الفني الجديد لا حصر لها"، فمنها على سبيل المثال: الأرشيف الصحفي، الأعمال الأدبية، الحوادث، المواقف الشخصية، وبجانبهم الأعمال السابقة، مشيرة إلى أن الأعمال التي سبق وتم إنتاجها لم ولن تكن حكرا على صناعها فقط، فهي بداية وقبل أي شيء مصدر من مصادر الإبداع المتجدد، سواء أكان العمل إعادة تقديم –ريميك- أو محاولة إعادة قراءة جديدة في شخصية ما أو حدث ما أو مصير ما.

وتابعت: هذه اللعبة الدرامية تتضح بشدة في المسرح، إذا نظرنا إلى المسرح نجد أنه حتى اليوم يتم تقديم هاملت، وأوديب، لأنهم ليسوا حكرا على شكسبير أو ايسخيلوس، بل هم نواة أو دراما رحبة تسمح دائما بتقديم الجديد واكتشاف مساحات إبداع مختلفة منها، واعتبر أن أحد عناصر الجذب للفيلم الجديد تكون تلك المقارنات والاعتراضات".

لماذا الهجوم قبل المشاهدة؟

فسرت منار، فكرة الهجوم على الأعمال بمجرد الإعلان عنها ووصفها بالإفلاس، بأنه نوع من الاعتراضات النابعة من حب الجمهور للعمل ذاته، وقالت: "أحيانا تكون بدافع حب الجماهير للعمل القديم، والحنين للنوستالجيا التي لا يريدون تعكير صفوها، وبالتأكيد لا أملك الحكم على أي عمل قيد التنفيذ لأنه لم يُعرض بعد، ولكن لماذا نسلب المبدع حقه في تقديم رؤياه الجديدة من أي وسيط كان، طالما يمتلك الأدوات المناسبة لذلك".

وأرجعت الناقدة أمنية عادل، الهجوم السابق للمشاهدة، وقالت: "في البداية هناك أكثر من اعتبار في هذه المسألة، إعادة تقديم أي فكرة أو قصة أدبية يكون بناء على منطلقات متعددة، لا نستطيع أن نقول هذا العمل منقول أو عبارة عن نقل إلا إذا كان أفق الصانع الجديد محدود لدرجة أنه ينقل ولا يقدم رؤية جديدة، والمعضلة أو المسبب الرئيسي للهجوم هو الغياب النسبي للتنوع فيما يتم تقديمه مؤخرا في السينما المصرية، مع الوضع في الاعتبار أن أفلام مثل شمس الزناتي أو أنف وثلاث عيون أو حتى امبراطورية م، كان هناك تنوع في الحبكة وقوة، وبالتالي يتسبب ذلك في حالة من المقارنات القوية والتفكير في مفهوم الأفضلية".

جميع المحاولات تكون إضافة للسينما

أما الناقد رامي المتولي، فوصف ما يحدث بأنه إضافة للسينما، وقال: "الزمن في حالة تطور وهذا التطور يكون طيلة الوقت، وممكن أن يكون دافع لتقديم الأفلام من زوايا مختلفة، وأن يرى الصانع زاوية جديدة أو إضافة، أو صوت مختلف أو مساحة يستطيع أن يقدم من خلالها شيئا جديدا، وذلك لا يحدث في مصر فقط، بل العالم".

وواصل: "على سبيل المثال هناك أعمال عابرة للقارات مثل نص البؤساء لفيكتور هوجو، الذي تم طرحه وقدمت له معالجات سينمائية في العالم بأكمله، كما أن استغلال نجاحات أفلام سابقة وتقديمها بشكل مختلف، لا يوجد فيه أية مشكلة، نحن رأينا بركات يقدم فيلم أمير الانتقام مرتين مع أبطال مختلفين، قدم نسخة مع أنور وجدي وأخرى مع فريد شوقي، وفي النهاية جميع الأعمال يتم مشاهدتها وتكون الإضافة للسينما في النهاية".

وأكدت أمنية عادل نفس السياق، قائلة إن "النصوص الأدبية ليست حكرا على الصناع الأوائل لها، والمهم الرؤية والمعالجة، وأتصور أن حتى المقارنة لابد أن تكون منصفة، وهي أن الصناع الجدد حاولوا تقديم شيئا خاصا وجديدا؛ وبالتالي يجب التعامل مع الفيلم بشكل مستقل في البداية، ثم تأتي مرحلة المقارنة وليس وضع المقارنة في مقدمة الأمر".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved