برتقالة تكسر نقاط تفتيش الاحتلال.. ما قصة الفيلم الفلسطيني «برتقالة من يافا»؟
آخر تحديث: الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 - 4:20 م بتوقيت القاهرة
الشيماء أحمد فاروق
مرت شهور على الاعتداءات الإسرائيلية تجاه قطاع غزة، ولا يزال محاولات التذكير بأفعال الاحتلال في كل الفعاليات السينمائية في مصر حاضرة، حيث لا يمر افتتاح دون أن توجه التحية لشعب فلسطين وكفاحهم ضد المُحتل، وفي حفل افتتاح مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير وُجهت تحية خاصة على أكثر من مستوى.
فقد تم تكريم الفنان الفلسطيني كامل الباشا ضمن فعاليات حفل الافتتاح، وسلمه التكريم المنتج صفي الدين محمود، وبدا الباشا متأثراً بالجائزة والترحيب من الحضور، وأيضاً عرضت مجموعة توثيقية لمشاهد من داخل غزة.
أما فيلم الافتتاح فقد كان فيلماً فلسطينياً، وهو الفيلم الروائي "برتقالة من يافا"، إنتاج عام 2023، ومن تأليف وإخراج محمد المغني، وتدور أحداثه في 30 دقيقة تقريباً حول شاب يحاول عبور إحدى الحواجز "نقاط التفتيش" التي وضعتها إسرائيل في فلسطين بين المدن، متوجهاً إلى مدينة يافا حتى يلتقي بوالدته، ولكن الأمر لا يمر بسهولة.
جسد الممثل سامر بشارات شخصية الشاب محمد الذي يحاول عبور حاجز حزما، وهو حاجز أمني نصبه الاحتلال في وسط قرية حزما التي تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة القدس، ولعب شخصية فاروق سائق التاكسي الفنان كامل الباشا، والذي يتورط معه عند نفس الحاجز أثناء محاولة ممارسة عمله وتوصيل محمد إلى يافا.
وتروي القصة معاناة استمرت على مدار أكثر من 14 ساعة، حيث قضى كل من محمد وفاروق وقتاً ثقيلاً داخل السيارة في المعبر، بعد سحب هويتهما، ومن دون أن يُسمح لهما بالنزول منها أو الحركة، يتشاجران سريعاً ويتصالحان سريعاً، فلكلٍّ منهما معاناته الخاصة، فسائق التاكسي لديه 5 فتيات ويخشى مصادرة سيارته ومصير بناته، خصوصاً بعد خضوعه لجراحة القلب المفتوح التي منعته من العمل في مهنة أخرى، بينما محمد مهموم بوالدته التي تنتظره على الجانب الآخر من الحاجز بعد عودته من بولندا.
يُسلّط الفيلم الضوء على سيطر المحتل الإسرائيلي وتحكمه في الفلسطينيين أصحاب الأرض والحق، بل وتكديرهم والتعنُّت ضدهم في الحصول على أبسط حقوقهم في الحركة داخل بلادهم، ويجعلنا المخرج وكأننا حبيسين مع محمد وفاروق داخل السيارة الصغيرة، من خلال توظيف أدواته السينمائية في اللقطات القريبة والضيقة من داخلها، والتي تجعلهم في حالة مشاجرة مستمرة أحياناً لأنهما يشعران بالاختناق، ونحن كذلك معهم، كما يُظهر مخرج العمل الجنود الإسرائيليين وهم يحتلون زوايا الكادر في لقطات مختلفة، لمزيد من الشعور بالحصار.
لا يطمح محمد أكثر من ذلك أن يجعلنا كمشاهدين معهم، وهو ما صرح به سابقاً في لقاءات صحفية مختلفة، منها ما قال فيه " أتمنى أن يصل لأكبر جمهور ممكن، حتى يرى العالم حكاياتنا، ويلمس ما بداخل البيوت الفلسطينية من بهجة وحزن وأمال وخوف، إذ تختلف السينما عن الأخبار اليومية بأسرها لمتلقيها، واستقطابهم ليكترثوا بعوالمها والتورط عاطفيا معها".
والفيلم يعبر عن مشاعر متنوعة، الخوف والترقب والتردد والحيرة، وأيضاً الحرية في أحياناً أخرى، والمتمثلة في البرتقالة الصغيرة التي هُربت خلسة من يافا مخترقةً الحاجز، في استعارة واضحة للتحايل ولو معنويا على تلك الحواجز حتى تصل إلى يد محمد ويتناولها بنهم بعد ساعات من الاحتجاز.
وبرتقال يافا ليس مجرد فاكهة، بل هو رمز وطني فلسطيني منذ قديم الزمان، وقد زرعه الفلسطينيون على طول شواطئ البلاد منذ سنوات، وتشتهر المدينة بالبرتقال الذي يحمل اسمها "اليافاوي"، لذلك قد وُفق مخرج الفيلم في اختيار عنوانه، فقد منحه تعبيراً رمزياً عن المكان وما يحمله من تاريخ عبر نوع من الفاكهة، وأيضاً نوعاً من التحايل المعنوي على الحواجز من خلال عبور البرتقالة من مكان إلى آخر مُخترقة نقطة التفتيش وسُلطوية الاحتلال.
هذه ليست المرة الأولى التي يعرض فيها الفيلم داخل مصر، فقد عُرض سابقاً في مهرجان الجونة السينمائي، خلال فعالياته التي أُقيمت في شهر أكتوبر 2024، ونال الفيلم الذي شارك في مسابقة الأفلام القصيرة في المهرجان جائزة "نجمة الجونة الفضية" بالمناصفة، وسط إشادات نقدية بالقصة، وحاز الفيلم أيضاً على الجائزة الكبرى في مهرجان كليرمون السينمائي للأفلام القصيرة في فرنسا.
وشهدت السجادة الحمراء لحفل افتتاح مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير في دورته السادسة بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، حضور الفنانات بشرى، وحورية فرغلي، وناهد السباعي، فيما حضرت الإعلامية مها الصغير مقدمة الحفل ووحيد صبحي رئيس المهرجان وتامر بجاتو المدير التنفيذي للمهرجان، والممثل الفلسطيني كامل الباشا، والأمير أباظة رئيس مهرجان الإسكندرية، وسيد فؤاد رئيس مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، والمنتج معتز عبدالوهاب، والمنتج صفي الدين محمود، والمنتج محمد العدل، والمخرج أمير رمسيس ومصمم المناظر أنسي أبو سيف.