الأرشيف يتكلم - تفاصيل ليلة مصرع عمر خورشيد: الشهود اتهموا شابا سعوديا ممنوعا من السفر بالتسبب في الحادث
آخر تحديث: الإثنين 18 يناير 2021 - 10:22 م بتوقيت القاهرة
عبد الله قدري
تحقيقات النيابة: السرعة الجنونية للسيارتين سبب الحادث
صديق كويتي وآخر مصري للفنان الراحل: ركاب سيارة بويك خضراء اعتدوا لفظيا على زوجته.. وسيارته اصطدمت بجزيرة شارع الهرم
"بارمان" كان مع السعودي: صديقي وعمر خورشيد تبادلا التسابق بسرعة جنونية في شارع الهرم.. ولم نسئ لزوجته
السعودي نفى مسئوليته عن الحادث.. والنيابة أخلت سبيله بكفالة 5 جنيهات.. وقبلها بثلاث سنوات تسبب في إصابة نقيب المحامين
أسطورة الجيتار المصري تعرض لحادث مشابه في ميدان الجيزة قبل 7 أشهر فقط من وفاته
تجدد الحديث حول لغز مقتل الموسيقار وعازف الجيتار والممثل والمنتج الراحل عمر خورشيد هذه الأيام، بعد إعلان أخيه غير الشقيق إيهاب خورشيد تلقي العزاء مرة أخرى في الفنان متعدد المواهب الذي توفي جراء حادث سيارة شهير في 29 مايو 1981 بشارع الهرم، وذلك بعد وفاة وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف الأسبوع الماضي.
قرابة أربعين عاماً مضت على رحيل ساحر القيثارة، تخللتها أحداث جسام ووقائع غيرت وجه مصر، بدأت باغتيال الرئيس السادات في ذكرى انتصارات أكتوبر من عام الحادث 1981 وتولي نائبه حسني مبارك رئاسة الجمهورية خلفاً له، وحكمه للبلاد 30 عاماً حتى اندلاع ثورة 25 يناير 2011 ضده، ثم قيام ثورة 30 يونيو وتولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم.. ولدت أجيال ورحلت رموز وقيادات في كل المجالات.. صعدت مصر إلى مونديال كرة القدم مرتين وفازت بكأس أفريقيا 5 مرات منذ ذلك الحين.. أما النادي المفضل لخورشيد.. الأهلي.. فقد أصبح نادي القرن في القارة الأفريقية وفاز بدوري أبطال أفريقيا 9 مرات بعد الوفاة.
تلك الأحداث وأكثر مرت بمصر ولم يغب بين الحين والآخر.. سواء بالتلميح أو التصريح.. التشكيك في الطبيعة القدرية البحتة للحادث الذي أودى بحياة الفنان الوسيم متعدد المواهب.. الأمر الذي جعله من الحوادث الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الفن والجريمة في مصر.
موقف إيهاب خورشيد دفع "الشروق" للبحث في الصحف ووسائل الإعلام التي صدرت في توقيت الحادث.. وهي ليست متاحة على شبكة الإنترنت ولا الأرشيفات الرقمية المعروفة بطبيعة الحال.. لتقدم لقرائها تفاصيل ما حدث في الليلة الأخيرة من حياة عمر خورشيد.. وتسلط الضوء على ظروف الواقعة وصولا إلى المتسبب في حادث مقتله، وذلك من واقع نص أقوال الشهود وتحريات مباحث شرطة الهرم التي وقعت الجريمة في نطاقها.
تفاصيل الحادث.. وأقوال الشهود
البداية مع عدد جريدة الأهرام الصادر يوم 30 مايو 1981 غداة يوم الجريمة.
أشارت الجريدة في صفحتها الرئيسية إلى "مصرع الفنان عمر خورشيد في تصادم سيارته عند مينا هاوس". وما نشرته أيضاً جريدة الأخبار تحت عنوان " مات عمر خورشيد ونجت زوجته وهو يطارد سيارة مجهولة في شارع الهرم".
التفاصيل تقول إن عمر خورشيد كان في طريقه إلى ملهى "شاليمار" رفقة زوجته (الثانية) أخصائية التجميل اللبنانية دينا، لتوقيع عقد عمل هناك، وهو في طريقه إلى المكان المحدد، طاردته سيارة خضراء كانت تسير بسرعة تتجاوز 100 كيلومتر في الساعة.
وأثناء المطاردة تلفظ ركاب السيارة بعبارات تسيء لزوجة خورشيد، ليندفع الموسيقار الراحل نحو السيارة الخضراء ويطاردها، لكن السيارة لاذت بالفرار إلى طريق مصر اسكندرية الصحراوي، وانحرفت سيارة عمر خورشيد أمريكية الصنع ومعه زوجته لتصطدم بجزيرة في منتصف الطريق ليصاب على إثرها الموسيقار الراحل بنزيف حاد في قاع الجمجمة.
الشاهد الأول على الواقعة هو سعد عبد العزيز العلي المطوع، شاب كويتي الجنسية، كان يعمل مديراً لشركة الكويت للصناعة والتجارة بالقاهرة، وهو في الأساس صديق لعمر خورشيد، قال إن السيارة الخضراء التي طاردت عمر خورشيد كانت تحمل لوحة أرقام جمرك بيضاء من طراز "بويك – 8 سلندر"، وبها شابان أحدهما شعره "كنيش" (موضة ذلك العصر) وظلت السيارة تطارده من عند فندق الأريزونا منتصف شارع الهرم، حتى انحرفت سيارة عمر واصطدمت في جزيرة وسط الطريق.
أما الشاهد الثاني وهو محمود محمد فريد فقال في نص التحقيقات إن عمر خورشيد اتصل به الساعة 2 صباحاً، وطلب منه مقابلته للذهاب إلى الفندق حيث سيوقع عقد عمل هناك، وفي مكان الحادث وجد المطوع وفريد، صديقهما عمر خورشيد غارقاً في دمه، وكانت زوجته دينا تتألم على إثر الحادث، فقام فريد بنقل خورشيد إلى مستشفى العجوز، فيما نقل المطوع زوجة الموسيقار إلى مستشفى الأنجلو لتلقي العلاج، إلا أن خورشيد فارق الحياة قبل وصوله إلى المستشفى.
ماذا قال محضر الحادث؟
وصل المصاب عمر خورشيد البالغ من العمر 37 عاما فقط إلى المستشفى جثة هامدة، في حوالي الساعة الرابعة صباحاً، وكان مصاباً بجروح تهتكية بالرقبة والوجه، وسحجات ونزيف شديد تحت الجلد بالرقبة، وذلك حسب محضر الحادث الذي وصف حالة عمر خورشيد عندما وصل إلى المستشفى، والذي ذكر أيضا أنه كان بحوزته 115 جنيه وساعة ذهبية.
بعد شهادة الشهود وإدلائهم بوصف راكب السيارة الخضراء، كثفت مباحث الهرم تحرياتها لضبط السيارة المجهولة، وقال المقدم سمير الرخاوي رئيس مباحث الهرم آنذاك إن الشرطة تكثف تحرياتها في الجيزة والقاهرة للبحث عن السيارة المجهولة.
مفاجاًة.. المتسبب في مصرع خورشيد شاب سعودي الجنسية
في 1 يونيو 1981 وبعد 3 أيام من وقوع الجريمة، توصلت مباحث شرطة الهرم إلى هوية صاحب السيارة المجهولة، وهو شاب سعودي الجنسية اسمه أحمد فهد عبد الرحمن، وكانت سيارته تحمل رقم "3572" جمرك الإسكندرية.
وتوصل رجال المباحث إلى هوية صاحب السيارة بعد أن سلم محمد حسين سليمان ويعمل "بارمان" باستريو بالزمالك، نفسه إلى شرطة عابدين، وقال إنه كان يركب السيارة المجهولة التي كانت تطارد عمر خورشيد.
أحيل الشاب محمد إلى مديرية أمن الجيزة، فقال في نص التحقيقات معه أمام العميد حلمي الفقي إنه يوم وقوع الحادث دعاه الشاب السعودي للسهر في ملهى بشارع الهرم، وأثناء سيرهما فوجئ بسيارة الفنان عمر خورشيد بجوارهما تسير بسرعة جنونية "حوالي 120 كم" حسب نص أقوال سليمان، مما دفع الشاب السعودي لتبادل السباق مع خورشيد عدة مرات على امتداد شارع الهرم، الذي لم يكن بالزحام المعروف عنه في أيامنا هذه.
نفس المتهم تسبب في إصابة نقيب المحامين الأسبق
بعدها بيوم واحد ضبطت مباحث الجيزة الشاب السعودي قائد السيارة التي تسببت في مصرع عمر خورشيد، في شقة مفروشة بالمهندسين، وتبين أن الشاب السعودي حسب تحقيقات النيابة، طالب بكلية الحقوق ومن المدرجين على قائمة الممنوعين من مغاردة البلاد، لاتهامه سابقا في حادث سيارة أصيب فيها نقيب المحامين الأسبق أحمد الخواجة منذ 3 أعوام.
وأمرت نيابة الهرم بحجز المتهم السعودي لمواجهته بأقوال شهود الواقعة.
الشاب السعودي يتكلم....السعودي المتهم في مصرع عمر خورشيد قال في تحقيقات النيابة إنه لم يغادر القاهرة منذ عام 1975 حيث أتى للدراسة للالتحاق بكلية الحقوق.
ذكر أنه في يوم الحادث توجه إلى استريو النيل بالزمالك حوالي الساعة 2 ونصف صباحاً واصطحب معه صديقه (البارمان) متجهاً لقضاء سهرة في أحد كازينوهات الهرم، لكنه نفى وقوع أي معاكسة منه لعمر خورشيد أو زوجته، كما نفى تسابقه معه قائلاً إنه كان يقود السيارة بسرعة 60 كيلومترا في الساعة.
وأثناء السير في الطريق أشار إليه صديقه بأن الفنانة مديحة كامل تستقل سيارة خلفهما، فلم يهتم بها وواصل سيره حتى انحرف عند مشارف الطريق الصحراوي ومنه إلى الكازينو.
وأضاف أنه ظل هناك حتى الساعة الرابعة والنصف، وبعد مغادرته الكازينو، وأثناء عودته وجد سيارة مهشمة في حادث، ولم يكن يعلم أن بها عمر خورشيد، مشيراً إلى أنه توجه إلى قسم شرطة الهرم إبلاغهم بالحادث، إلا أن ضابطا برتبة ملازم أخبره أنه علم بالحادث، فاتجه الشاب السعودي إلى منزله ولم يغادره، على حد أقواله.
وقال إنه لم يسبق أن التقى بعمر خورشيد، إلا من خلال قراءة أخباره في الصحف والمجلات، ولو علم أن المباحث تبحث عنه لذهب إليها فوراً للإدلاء بأقواله، معللاً ذلك أن الصحف كانت تشير إلى سيارة خضراء ولكن سيارته بنية اللون، ولهذا لم يشك لحظة في أنه المطلوب.
لكن في التحقيق الذي باشره المستشار علي عبد الشكور المحامي العام لنيابة الجيزة الكلية، أصر شاهدا الحادث وهما سعد المطوع ومحمود فريد أن الشاب السعودي هو الذي تسبب في وقوع الحادث، وأنه كان يقوم بحركات جنونية وينحرف نحو سيارة صديقهم خورشيد لمعاكسة زوجته، وأن ذلك هو الذي أدى إلى وقوع الحادث، وبانتهاء التحقيقات أمرت النيابة بإخلاء سبيل البارمان وحجز الطالب السعودي لمواجهته بأقوال شهود الحادث.
وذكرت صحيفة الأخبار بعد ذلك أن النيابة أخلت سبيل الشاب السعودي بعد ذلك، بضمان مالي قدره 5 جنيهات.
جنازة خورشيد: وداع مهيب حضره مندوب الساداتكان وداع الموسيقار عمر خورشيد كبيرا ومهيبا حضره فنانون ورجال دولة وكذلك مئات المواطنين.
وفي معرض تغطيتها للجنازة قالت جريدة الأهرام في العدد الصادر بتاريخ 31 مايو 1981 "الجمهور يشارك الفنانين في تشييع ووداع عمر خورشيد".
وانطلقت جنازة خورشيد من مستشفى العجوزة حيث تحركت عربة تنقل جثمان خورشيد الساعة 11 صباحاً، لتبدأ مراسم الصلاة على جثمانه في مسجد عمر مكرم، وحضر الجنازة مندوب الرئيس السادات، وجمال حمزة مساعد رئيس المجلس الأعلى للثقافة نائباً عن الوزير منصور حسن، وأحمد فؤاد حسن نقيب الموسيقيين، والملحن بليغ حمدي وأحمد شفيق أبو عوف والد زوجته مها أبو عوف التي كانت حاملاً في أشهرها الأولى.
لم يكن الحادث الأولحادث مصرع عمر خورشيد لم يكن هو الحادث الأول الذي تعرض له الموسيقار الراحل.
فقد تعرض عمر وزوجته لحادث مماثل في يوم 22 أكتوبر من عام 1980، بعد خروجه من حفل عيد ميلاد أقيم في قاعة السلطانة بكازينو الليل، واصطدمت سيارته بسيارة أخرى في ميدان الجيزة، وتهشمت سيارته تمامًا، لكن نجا هو زوجته بأعجوبة.
وظل خورشيد يتذكر هذا الحادث وكيف كتب له القدر أن ينجو، لكنه لم يلبث بعدها بعام واحد حتى تعرض لحادث مماثل أدى إلى مصرعه في الحال، حسب ما أشار إليه أرشيف مجلة الكواكب وجريدة أخبار اليوم.