الخبراء يسعون لترميم المواقع الأثرية التي دمرتها الحرب في سوريا

آخر تحديث: الثلاثاء 18 فبراير 2025 - 11:24 ص بتوقيت القاهرة

تدمر (سوريا) - (أ ب)

بدأ الخبراء، العودة إلى المواقع الأثرية التي دمرتها الحرب في سوريا، أملا في وضع الأساس لترميمها وإنعاش السياحة، التي يقولون إنها يمكن أن توفر دفعة يحتاجها اقتصاد البلاد بشدة بعد سنوات حرب دامت نحو 14 عاما.

ومازالت معالم أثرية كانت مزدهرة في السابق، مثل مدينة تدمر القديمة وقلعة الحصن التي تعود للقرون الوسطى، تعاني من آثار الصراع الذي استمر لأعوام، ولكن السائحين المحليين يعودون إلى هذه المواقع، ويأمل النشطاء الذين يدعون للحفاظ على البيئة في أن تجذب في النهاية الأهمية التاريخية والثقافية لهذه المعالم الزوار الدوليين مجددا.

وكانت مدينة تدمر، إحدى المواقع الستة المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو في سوريا، في السابق مركزا رئيسيا لشبكة طريق الحرير القديم التي كانت تربط الأمبراطوريتين الرومانية والبارثية في آسيا.

وتشتهر المدينة، التي تقع في الصحراء السورية، بالآثار التي تعود للعهد الروماني منذ 2000 عام، وتٌعرف الآن بأعمدتها المحطمة ومعابدها المهدمة.

وقبل الانتفاضة السورية التي بدأت عام 2011، وسرعان ما تصاعدت لتصبح حربا أهلية دموية، كانت تدمر المقصد السياحي الرئيسي في سوريا، حيث كانت تجتذب نحو 150 ألف زائر شهريا، حسبما قال أيمن نابو الباحث والخبير في الآثار لوكالة "أسوشيتد برس".

وكانت المدينة القديمة عاصمة لامارة عربية مرتبطة بالإمبراطورية الرومانية، تمردت لفترة وجيزة وأسست مملكتها الخاصة في القرن الثالث بقيادة الملكة زنوبيا.

وفي الآونة الأخيرة، أصبحت المنطقة توحي بانطباعات أكثر قتامة فقد كانت مقر سجن تدمر، حيث يتردد أن الآلاف من معارضي حكم أسرة الأسد تم تعذيبهم، وقد قام تنظيم داعش بهدم السجن بعد الاستيلاء على المدينة.

وبعد ذلك، قام مسلحو داعش بهدم معبدي بيل وبعل شمين التاريخيين في مدينة تدمر، بالإضافة إلى قوس النصر، حيث اعتبروها آثارا توحي بعبادة الاصنام، كما قطعوا رأس محاضر كرس حياته لدراسة الآثار.

وما بين 2015 و2017، تحولت السيطرة على تدمر ما بين تنظيم داعش والجيش السوري، قبل أن تستعيد قوات الرئيس السابق بشار الأسد، مدعومة من ميلشيات تابعة لروسيا وإيران، السيطرة على المدينة.

وزار الباحث نابو، مدينة تدمر بعد خمسة أيام من سقوط الحكومة السابقة.

وقال: "رأينا معدات تنقيب مكثفة داخل المقابر"، مشيرا إلى الدمار الواسع الذي خلفه تنظيم داعش وقوات حكومة الأسد.

وأضاف: "متحف تدمر كان في وضع مؤسف، حيث هناك وثائق وأعمال فنية مفقودة- لا نعلم ما حدث لها".

وفي مسرح تترابيلون ومواقع أثرية أخرى على طول الشارع الرئيسي ذو الأعمدة، قال نابو، إنه تم توثيق الكثير من عمليات التنقيب غير القانونية، مما كشف عن وجود منحوتات، بالإضافة إلى أعمال سرقة و تهريب منحوتات جنائزية أو متعلقة بالمقابر خلال عام 2015 عندما سيطر تنظيم داعش على الموقع.

وأضاف نابو، أنه على الرغم من أنه تم استعادة سبع من المنحوتات المسروقة، ووضعها في متحف في إدلب، تم سرقة 22 أخرى، ومن المرجح أن يكون الأمر انتهي بالكثير من القطع في أسواق تحت الأرض أو تم إدراجها في مجموعات خاصة.

وقال نابو: "سوريا لديها كنز من الآثار"، مؤكدا الحاجة لجهود الحفاظ على الآثار.

وأوضح أن الإدارة المؤقتة في سوريا، بقيادة هيئة تحرير الشام، قررت الانتظار لحين انتهاء المرحلة الانتقالية لتطوير خطة استراتيجية لترميم المواقع الأثرية.

وقال ماثيو لامارا من منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعةللامم المتحدة (اليونسكو)، إن المنظمة دعمت منذ عام 2015 "عن بعد حماية التراث الثقافي السوري" من خلال تحليل صور الأقمار الاصطناعية والتقارير والتوثيق وتوصيات الخبراء المحليين، ولكنها لم تقم بأي عمل على الأرض.

وبخلاف تدمر، مازالت مواقع تاريخية أخرى تعاني من آثار الحرب.

وتعرضت قلعة الحصن التي تعود للقرون الوسطى، والواقعة على تل بالقرب من بلدة الحصن، وقام ببنائها الرومان، ولاحقا قرر الصليبيون توسيعها؛ للقصف الشديد خلال الحرب الأهلية السورية.

ومؤخرا، ظهر مقاتلون مسلحون يرتدون الزي العسكري وهو يجوبون القلعة بجانب سائحين محليين، ويلتقطون الصور الذاتية "السيلفي" بين الآثار.

وأشار حازم حنا المهندس ورئيس قسم الآثار بقلعة الحصن، إلى الأعمدة المنهارة وسلالم المدخل التي دمرتها الهجمات الجوية.

وأضاف أن الضرر الناجم عن الهجمات الجوية الحكومية خلال عام 2014 أسفر عن تدمير معظم الباحة المركزية و الأعمدة المزينة بالأرابيسك.

وقال: "اعتمادا على الخلفية الثقافية للمواقع التاريخية لسوريا وأهميتها الأثرية والتاريخية لعشاقها في أنحاء العالم، أتمنى وأتوقع أنه حين تحين الفرص للسائحين لزيارة سوريا، أن نشهد انتعاشا سياحيا كبيرا".

وأوضح حنا، أنه تم تجديد بعض الأقسام في قلعة الحصن بعد الهجمات الجوية والزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر الذي ضرب منطقة كبيرة من تركيا وسوريا خلال عام 2023، مع ذلك، مازال قطاع كبير من القلعة يعاني من الدمار.

ويعتقد كل من نابو وحنا، أن أعمال الترميم سوف تستغرق وقتا.

وقال نابو: "نحن في حاجة لفرق فنية لتقييم الوضع الحالي للمواقع الأثرية".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved