تراث مصري (18).. الصعيدي الذي عّمر حي الزمالك

آخر تحديث: الثلاثاء 18 مارس 2025 - 12:06 م بتوقيت القاهرة

عبد الله قدري

تواصل جريدة "الشروق" خلال شهر رمضان نشر سلسلة "تراث مصري"، المستوحاة من كتاب "تراث مصري" للباحث أيمن عثمان، والتي تستعرض الشخصيات والمعالم التي تركت بصمتها في التاريخ المصري.

تاريخ حي الزمالك

في عام 1897، قدم عبدالنعيم محمدين من محافظة قنا إلى منطقة الزمالك ومعه بعض المال، فقام بشراء قطعة أرض بسعر لم يتجاوز قرشين ونصف للمتر. بدأ في استصلاح الأرض وتحويلها إلى أراضٍ زراعية صالحة، كما عمل على تطهيرها من الحيوانات المفترسة. ومع نجاح مشروعه الزراعي، استقدم فلاحين من قنا لمساعدته، ما أدى إلى زيادة عدد أقاربه والعمال القادمين من قريته إلى أكثر من 1500 شخص. لاحقًا، قام بشراء باقي مساحة المنطقة بهدف تطويرها واستثمارها، وتم تعيينه عمدة على المجتمع الذي أسسه.

مع مرور الوقت، تقلصت أعداد الحيوانات المفترسة نتيجة زيادة المساحات الزراعية، وتحولت منطقة الزمالك إلى بيئة خضراء مزدهرة، كما تزايدت المنشآت والمباني في المنطقة، ما جعلها وجهة مفضلة للأثرياء الباحثين عن الهدوء بعيدًا عن صخب المدينة.

مع تقدم عبد النعيم في العمر، نقل مسئولية إدارة المنطقة إلى ابنه عسران، الذي بدوره ترك العمودية لابنيه، فهمي وحسني. قسّم الأخوان المنطقة إلى جزأين، حيث أشرف كل منهما على قسم محدد، وقاما بمتابعته وإدارته بشكل يومي.

بمرور الزمن، تلاشت الإشادة بدور الصعايدة في تعمير الزمالك، وتحولت المنطقة إلى مقر لسكن الأمراء والأعيان والفنانين. ومن بين الشخصيات البارزة التي سكنت الزمالك: الأميرة فايزة، الأمير طوسون إبراهيم، الأمير سعيد طوسون، وأحد أبرز رجال الأعمال في ذلك العصر، أحمد عبود باشا. كما أقام فيها عميد الأدب العربي طه حسين، بالإضافة إلى وجود عدد من السفارات الأجنبية. وكانت الفنانة زينب صدقي، من رائدات فن التمثيل في مصر، أول فنانة تسكن الزمالك، حيث أطلق عليها لقب "قمر الزمالك".

فيما يتعلق بتسمية الشوارع، اعتمد مجلس التنظيم على روايات السكان المحليين وأسماء مؤسسي الأحياء أو أبرز معالمها. ومن بين الأسماء التي ظهرت في القاهرة والإسكندرية: "الزير المعلق"، "بين النهدين"، "بين الصورين"، "زيزينيا"، "الأزاريطة"، "كتشنر"، "السد البراني"، و"السد الجواني". كما ظهرت بعض أسماء الحارات مثل: "شق التعبان"، "بير المش"، "الحارة الوسخة"، "درب بهلول"، "زقاق طرطور"، "حارة أبو طبق"، "حارة السكر والليمون"، "درب السقايين"، "درب القرداتي"، "درب المهابيل"، "درب الزرايب"، و"درب المجانين".

في سياق التنظيم العمراني، صدر مرسوم بتاريخ 27 مارس 1897 يقضي بترقيم المنازل عبر تثبيت لوحات مرقمة على الواجهات. بدأت عملية التنفيذ في القاهرة، ثم امتدت إلى مدن الإسكندرية، دمياط، رشيد، والمنصورة، لتستقبل مصر عام 1900 بنظام جديد يتمثل في منازل تحمل أرقامًا وشوارع تحمل أسماء رسمية.

 

اقرأ أيضا:

تراث مصري (17).. بدايات فن المسرح

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved