معركة قضائية مرتقبة..ما تفاصيل قرار نتنياهو الإطاحة برئيس الشاباك؟

آخر تحديث: الثلاثاء 18 مارس 2025 - 12:12 م بتوقيت القاهرة

محمد حسين

أثار إعلان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عزمه إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية، وسط انتقادات حادة للقرار الذي وُصف بأنه غير مسبوق.

وبرر نتنياهو قراره، الذي أعلنه عبر مقطع مصور، بوجود قلة ثقة بينه وبين بار منذ فترة، وهو ما دفعه إلى اتخاذ هذه الخطوة المفاجئة.

* إخفاق الطوفان.. من يتحمل المسئولية في إسرائيل؟

في المقابل، اعتبر رئيس "الشاباك" أن هذه الإقالة ترتبط بمصالح شخصية لرئيس الوزراء، مؤكدا أن تحقيقات الجهاز بشأن هجوم 7 أكتوبر كشفت عن إخفاقات أمنية داخلية، لكنها أيضا أظهرت مسئولية الحكومة وسياساتها.

* نتنياهو.. بين حصار الفساد و تصفية الحسابات

وفي تطور لافت، أبلغت المدعية العامة الإسرائيلية جالي مئيرا، نتنياهو بعدم إمكانية تنفيذ قرار الإقالة قبل استكمال المراجعة القانونية، مشيرة إلى حساسية القضية وغياب سوابق قانونية مماثلة، ما أثار تساؤلات حول وجود "تضارب مصالح".

من جانبها، أعلنت قوى المعارضة الإسرائيلية عزمها تقديم التماس إلى المحكمة العليا لإلغاء القرار، معتبرة أن هذه الخطوة قد تؤثر على تحقيقات يجريها "الشاباك" بشأن علاقات مالية بين مسئولين في مكتب نتنياهو وقطريين، ما يزيد من الشكوك حول دوافع رئيس الوزراء.

*هل يحق لنتنياهو إقالة رئيس الشاباك؟

لا ينص القانون الإسرائيلي صراحةً على إجراءات محددة لإقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، لكنه يمنح الحكومة صلاحية إنهاء ولايته قبل انقضاء مدتها، وذلك وفقا لصحيفة جلوبس الإسرائيلية.

ويؤكد عميحاي كوهين، الزميل البارز في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، أن أي قرار حكومي مهم يستوجب استشارة المستشار القانوني، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى قانونية إقالة رئيس "الشاباك"، خاصة مع احتمال تضارب المصالح.

ويذكر الخبير الإسرائيلي، أول التساؤلات وهي تتمثل في إجراء الشاباك حاليا تحقيقا مع مسئولين في مكتب رئيس الوزراء بشأن صلات بقطر، ما يثير الشكوك حول دوافع الإقالة وتوقيتها.

ويضيف أن تحقيق للجهاز كشف عن مزاعم تتعلق بمسئولية الحكومة عن الإخفاق الأمني الأخير، ما قد يجعل الإقالة محاولة لإسكات هذه الاتهامات.

ويشدد كوهين على أن هذه العوامل تستدعي مراجعة قانونية دقيقة قبل تنفيذ القرار، نظرا لتأثيره على الأمن القومي.

ويذكر أنه عند تعيين رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، يُشترط استشارة اللجنة الاستشارية للتعيينات العليا، لكن هذا الشرط لا ينطبق على الإقالة، وفقًا للخبير الإسرائيلي آدم شينار .

ووفقًا لمقال للدكتور عساف شابيرا في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، فإن دور اللجنة استشاري فقط وغير ملزم، حيث تقتصر مراجعتها على النزاهة الأخلاقية دون التطرق إلى أي جوانب أخرى للقرار. ومع ذلك، في حال تمت إقالة رونين بار، فسيكون تعيين بديل له خاضعًا لمراجعة هذه اللجنة، وسيكون تجاوز رأيها أمرًا بالغ الصعوبة إلا في ظروف استثنائية.

وفي حال الطعن على القرار أمام المحكمة العليا، سيكون على الحكومة إثبات أن الإقالة لا تنطوي على تضارب مصالح، خاصة مع التحقيق الذي يجريه "الشاباك" حول قضية "قطر جيت"، التي تشمل مسئولين في مكتب رئيس الوزراء.

* معركة مرتقبة في ساحات محاكم الاحتلال

كما يتعين عليها تقديم مبررات قانونية وإدارية قوية تُظهر أن القرار يستند إلى أسس معقولة وليس لدوافع سياسية أو شخصية، وسيكون عليها أيضًا إقناع المحكمة بأن الإقالة تحقق توازنًا بين المصالح المختلفة ولا تؤثر سلبًا على استقرار الجهاز الأمني.

وتجعل التعقيدات القانونية المحيطة بهذه الإقالة قضية غير مسبوقة، ومن المرجح أن تتحول إلى معركة قضائية كبرى قد تكون لها تداعيات واسعة على الحكومة والمؤسسات الأمنية في إسرائيل.

وفي رأي قدمه خلال نهاية الأسبوع نائب المستشار القانوني لحكومة الاحتلال، أوضح خلاله أن نتنياهو لا يستطيع إنهاء ولاية رئيس للشاباك بشكل تعسفي. وإذا تم السعي إلى بدء إجراءات العزل، فسيتعين على الحكومة إحالة الأمر إلى المستشار القانوني للحكومة قبل المضي قدما، وهو ما لم يحدث في هذه المرحلة.

* هل شهد التاريخ الإسرائيلي على إقالات لرؤساء الشاباك؟

لم يشهد تاريخ دولة الاحتلال الإسرائيلي، على إقالة لرئيس جهاز الأمن العام، بل تعد الاستقالات ممن تولوا ذلك المنصب الحساس من الحوادث وغالبًا ما تكون مرتبطة بأحداث أمنية كبيرة أو إخفاقات تستدعي تحمل المسؤولية، مما يعكس أهمية الدور الحساس الذي يلعبه هذا الجهاز في أمن إسرائيل.

وتأتي استقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) أفراهام شالوم عام 1986 أول واقعة من نوعها في تاريخ الجهاز. وجاءت بعد فضيحة "قضية الخط 300"، التي كشفت عن إعدام ميداني لفدائيين فلسطينيين اعتقلوا أحياء عقب اختطافهم حافلة إسرائيلية.

ففي 12 أبريل 1984، أعلنت وسائل الإعلام عن عملية اختطاف نفذها أربعة مقاتلين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث سيطروا على حافلة ركاب إسرائيلية تحمل رقم "خط 300" بعد انطلاقها من قطاع غزة، وأجبروا سائقها على تغيير مسارها باتجاه عسقلان.

بعد حصار الحافلة في دير البلح، اقتحمتها قوات الاحتلال، ما أدى إلى استشهاد اثنين من المنفذين واعتقال الآخرين.

ولاحقًا، كشفت صحيفة حدشوت الإسرائيلية صورًا تُظهر الأسيرين مجدي وصبحي أبو جامع أحياء قبل أن يتم إعدامهما بدم بارد على يد عناصر من "الشاباك". أثار الكشف عن الجريمة فضيحة مدوية، وأجبرت التحقيقات حكومة الاحتلال على فتح تحقيق كشف تورط رئيس "الشاباك" آنذاك أفراهام شالوم و11 ضابطًا آخر.

اعتُبرت القضية دليلًا واضحًا على سياسة الإعدام الميداني التي تنتهجها إسرائيل بحق الأسرى، ما شكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.

وكانت الواقعة الثانية عام 1995، حينما استقال رئيس "الشاباك" كارمي جيلون بعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين. جاءت استقالته على خلفية الفشل الأمني في منع اغتيال رابين، الذي قُتل على يد متطرف يهودي يُدعى يجال عمير خلال تجمع سياسي في تل أبيب.

وكان هذا الحدث بمثابة ضربة قوية لجهاز الأمن العام، حيث وُجهت انتقادات حادة للشاباك بسبب الإخفاق في تأمين رئيس الوزراء، مما دفع جيلون إلى تحمل المسؤولية والاستقالة.

ويُعد اغتيال رابين أحد أبرز الأحداث السياسية في تاريخ إسرائيل، وقد أدى إلى تغييرات كبيرة في سياسات الأمن الداخلي وإجراءات الحماية لكبار المسئولين.

* ما تاريخ الشاباك وصلاحيات رئيسه؟

تأسس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) عام 1949 بعد قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، ليكون الذراع المسئولة عن الأمن الداخلي ومكافحة "التهديدات" داخل إسرائيل والأراضي المحتلة.

نشأ الشاباك كجزء من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، جنبا إلى جنب مع الموساد (المخابرات الخارجية) والجيش الإسرائيلي، لكنه تميز بتركيزه على القضايا الأمنية الداخلية، بما في ذلك التجسس المضاد، ومكافحة المقاومة الفلسطينية، وحماية الشخصيات والمنشآت الحكومية.

شارك الجهاز في عمليات اغتيال استهدفت قيادات فلسطينية، إضافة إلى تنفيذ عمليات استخباراتية داخل الضفة الغربية وقطاع غزة.

يعد رئيس "الشاباك" إحدى الشخصيات الأكثر نفوذا في إسرائيل، حيث يمتلك سلطة اتخاذ قرارات أمنية حساسة قد تؤثر على الوضع السياسي والأمني داخل دولة الاحتلال، ويعين بقرار من الحكومة الإسرائيلية، وعادةً ما تستمر فترة ولايته 5 سنوات، مع إمكانية التمديد في بعض الحالات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved