الشاباك ووزير الدفاع.. كيف أوصل فشل الاحتلال في حرب غزة نتنياهو للإطاحة بقادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل؟
آخر تحديث: الثلاثاء 18 مارس 2025 - 11:23 ص بتوقيت القاهرة
محمد حسين
تصاعدت الخلافات داخل الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية، بعد أن أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" رونين بار، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا بشأن دوافعها الحقيقية.
وفي بيان رسمي، أكد بار أنه تحمل مسئولياته الكاملة كرئيس للجهاز منذ وقوع طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023، مشددًا على أن قرار الإقالة لا يرتبط بالعملية، بل برغبة نتنياهو في الولاء الشخصي، وهو ما يتنافى مع المصلحة العامة.
ويشغل رونين بار منصب رئيس الشاباك منذ عام 2021، إلا أن علاقته برئيس الوزراء الإسرائيلي كانت متوترة حتى قبل طوفان الأقصى، لا سيما بسبب موقفه من الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل التي كان نتنياهو يسعى إلى تمريرها.
وتأتي هذه الإقالة وسط أزمة داخلية تعصف بالحكومة الإسرائيلية، حيث يواجه نتنياهو انتقادات حادة بشأن إدارته للحرب على غزة، فضلًا عن الانقسامات العميقة داخل المؤسسة الأمنية والسياسية.
- الشارع الإسرائيلي لنتنياهو: استقل أنت
تظاهر عشرات الإسرائيليين في وسط تل أبيب احتجاجًا على قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإقالة رئيس "الشاباك" رونين بار، في خطوة أثارت استياءً واسعًا داخل الأوساط السياسية والأمنية.
ووفقًا لما نقلته القناة 12 العبرية، تجمع المتظاهرون في منطقة كابلان وسط المدينة بشكل عفوي، وأقدموا على إغلاق عدد من الشوارع، تعبيرًا عن رفضهم للقرار.
ورفع المحتجون لافتات تطالب نتنياهو بالاستقالة، بدلًا من إقالة رئيس الشاباك، معتبرين أن القرار مدفوع بأجندات سياسية وليس بمبررات أمنية حقيقية.
وفي سياق متصل، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن عدة جهات وقطاعات تخطط لتنظيم مظاهرات واسعة قرب مقر الحكومة في القدس، الأربعاء المقبل، احتجاجًا على القرار، في خطوة تعكس تصاعد الغضب الشعبي داخل إسرائيل.
- المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو أولى بالرحيل
انتقد زعيم المعارضة يائير لبيد، إقالة رئيس الشاباك رونين بار، مؤكدًا أن إسرائيل فقدت الثقة بنتنياهو، وهو الأجدر بالاستقالة.
وقال لبيد لهيئة البث الإسرائيلية: "إذا كان فقدان الثقة سببًا للإقالة، فإن نتنياهو هو أول من يجب أن يُقال".
وأوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، أن إسرائيل لن تتمكن من التعافي إلا باستقالة نتنياهو، مؤكدا أن قادة الجيش والمخابرات والشاباك ووزير الدفاع فشلوا وتحملوا المسئولية، ونتنياهو يتهرب من مسئولياته.
-هل يحق لنتنياهو إقالة رئيس الشاباك؟
لا ينص القانون الإسرائيلي صراحةً على إجراءات محددة لإقالة رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك"، لكنه يمنح الحكومة صلاحية إنهاء ولايته قبل انقضاء مدتها، وذلك وفقا لصحيفة جلوبس الإسرائيلية
وبحسب تقرير الصحيفة العبرية، فإن المادة 3(ج) من قانون جهاز الأمن العام تنص على أنه "يجوز للحكومة إنهاء ولاية رئيس الجهاز قبل انتهاء ولايته"، دون تحديد معايير واضحة لهذه الخطوة.
كما تنص الفقرة (هـ) من المادة ذاتها على أنه "يُعزل رئيس جهاز الأمن العام إذا أُدين بارتكاب جريمة تجعله، بسبب طبيعتها أو خطورتها أو ظروفها، غير مؤهل لتعيينه رئيسًا للجهاز أو الاستمرار في ولايته".
وتؤكد جلوبس، أن القانون الإسرائيلي لا يتطرق إلى أي إجراءات تفصيلية أو معايير إضافية يمكن أن تستند إليها الحكومة عند اتخاذ قرار الإقالة، مما يفتح الباب أمام تفسيرات مختلفة ويثير جدلاً قانونياً بشأن حدود هذه الصلاحيات.
كما يتعين على الحكومة الإسرائيلية تقديم مبررات قانونية وإدارية قوية تُظهر أن القرار يستند إلى أسس معقولة وليس لدوافع سياسية أو شخصية.
وسيكون عليها أيضًا إقناع المحكمة بأن الإقالة تحقق توازنًا بين المصالح المختلفة ولا تؤثر سلبًا على استقرار الجهاز الأمني.
وتجعل التعقيدات القانونية المحيطة بهذه الإقالة قضية غير مسبوقة، ومن المرجح أن تتحول إلى معركة قضائية كبرى قد تكون لها تداعيات واسعة على الحكومة والمؤسسات الأمنية في إسرائيل.
-غياب بوصلة الحرب وتصفية الحسابات تدفع نتنياهو لإطاحة بوزير دفاعه
ومنذ اندلاع طوفان الأقصى وتشهد العلاقة بين الحكومة والمؤسسة الأمنية اهتزازًا خطيرًا، ففي نوفمبر الماضي أطاح نتنياهو بوزير دفاعه يوآف جالانت بعد اتساع الفجوات في إدارة العمليات العسكرية، والتي كانت مصحوبة بتصريحات وأفعال من قبل جالانت تتعارض مع قرارات الحكومة والمجلس الوزاري المصغر، وأكد نتنياهو أن "الثقة بينه وبين جلانت قد تصدعت"، مما جعل استمرار التعاون بينهما أمرًا صعبًا في ظل الظروف الحالية.
في أواخر أكتوبر الماضي، بعث وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي المُقال يوآف جالانت برسالة إلى نتنياهو وأعضاء المجلس الوزاري المصغر "الكابينيت"، محذرًا من أن الحرب تُدار "بدون بوصلة" وبدون تحديث لأهدافها.
ولفت جالانت إلى أن التطورات الأخيرة، خاصة تبادل الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيران، تستدعي مناقشة وتحديث أهداف الحرب برؤية شاملة لجميع الجبهات.
وردًا على ذلك، وصف مكتب نتنياهو رسالة جالانت بأنها "محيرة للغاية"، مؤكدًا أن هناك بوصلة واحدة وهي الأهداف التي حددها الكابينيت، والتي تتم مراجعتها وتوسيعها باستمرار، وفقا لموقع "إسرائيل هيوم" العبري.
- تجنيد الحريديم
ومن بين القضايا الحساسة التي أشعلت الخلافات بين جالانت ونتنياهو تأتي "تجنيد الحريديم" وهم اليهود المتشددين، حيث سعى نتنياهو لتمرير قانون يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية، وهو إجراء عارضة جالانت بشدة، إذ رأى فيه مساسًا بمبدأ المساواة ويعتبره خطوة قد تضعف الجيش وتؤثر على وحدة المجتمع الإسرائيلي.
من جانب آخر، هددت الأحزاب الدينية بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال عدم تمرير القانون، ما وضع نتنياهو أمام ضغوط مضاعفة للحفاظ على استقرار حكومته.
وزاد من حدة الخلاف قرار المحكمة العليا الأخير الذي أكد ضرورة تجنيد الحريديم، مما وضع الحكومة في مأزق قانوني وسياسي صعب.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن وزير الدفاع يوآف جالانت، وقع أوامر جديدة لتجنيد 7 آلاف من اليهود المتشددين، بعد فشل المرحلة الأولى من خطة لتجنيد اليهود المتدينين.
وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إن أوامر التجنيد هي الخطوة الأولى في عملية الفرز والتقييم التي يجريها الجيش للمجندين الجدد، قبل التجنيد في العام المقبل.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الجيش سبق أن أرسل 3000 أمر تجنيد في المرحلة الأولى، غير أن 230 فقط حضروا إلى مراكز التجنيد، لافتة إلى أن من يتجاهلون الاتصالات المتعددة سيتم اعتبارهم هاربين من الخدمة وربما يتم اعتقالهم.
ومنذ عقود ويتمتع اليهود الأرثوذكس المتشددون، بإعفاء من الخدمة العسكرية بحجة تكريسهم لحياة الدراسة الدينية، ومع تزايد حجم المجتمع الحريدي وتأثيره السياسي، باتت هذه الإعفاءات تثير استياءً واسعًا بين قطاعات مختلفة من الإسرائيليين الذين يرون فيها خللاً في مبدأ المساواة في تحمل الأعباء الوطنية.
في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت أن تأخير الهجوم على حزب الله كان أكبر خطأ أمني ارتكبته إسرائيل، مشيرًا إلى أن اتخاذ القرار في 11 أكتوبر كان من شأنه توجيه ضربة قاصمة للحزب، مما أثار جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والعسكرية.
-فرصة ضائعة لضربة حاسمة
كشف جالانت أنه في 11 أكتوبر، كانت إسرائيل تمتلك فرصة ذهبية لتدمير آلاف أجهزة الاستقبال والإرسال المفخخة التي بحوزة مقاتلي حزب الله، مؤكدًا أن ضربة استباقية في ذلك اليوم كانت ستقضي على 90% من قوات الحزب الميدانية.
وقال جالانت: "في الحادي عشر من أكتوبر، كان بإمكاننا تحقيق نسبة 90% أو أكثر، لأن بعض الصواريخ التي أطلقها حزب الله كانت لا تزال مخزنة في المستودعات ولم يتم نشرها بعد، وعندما تبدأ المناورة، يرتدي 15 ألف مقاتل سترات واقية مزودة بأجهزة مفخخة، وكان من الممكن تفجيرها جميعًا بضربة واحدة".
-هاليفي.. نتنياهو يزيح رئيس أركان جيش الاحتلال بموجة انتقادات
وعقب قراره بالإطاحة برأس جالانت، رجحت تقديرات إسرائيلية واسعة إقالة رئيس الأركان هرتسي هاليفي، وبعد شهرين من إلقاء اللوم والاتهامات المستمرة من قبل نتنياهو لقياداته بالتقصير، قرر هاليفي تقديم استقالته مؤكدا فشله في التصدي لطوفان الأقصى.