عمر الخيام.. محطات في حياة صاحب الرباعيات الأشهر في ذكرى ميلاده

آخر تحديث: السبت 18 مايو 2024 - 11:45 م بتوقيت القاهرة

محمود عماد

"سمعت صوتا هاتفا في السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبوا املأوا كأس المنى 

قبل أن تملأ كأس العمر كف القدر".

تلك الرباعية البديعة التي ألفها الشاعر الأشهر عمر الخيام ضمن مجموعة رباعياته الشهيرة التي أبهرت العالم أجمع من شرقه لغربه، وخلدته في تاريخ الإبداع والإنسانية جمعاء، والتي تحل ذكرى ميلاده اليوم.

هو غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إِبراهيم بن صالح الخيام النيسابوري والذي ولد في يوم18 مايو 1048، ورحل في 4 ديسمبر 1131، والخيام هو لقب والده، حيث كان يعمل في صنع الخيام.

هو عالم فلك ورياضيات وفيلسوف وشاعر فارسي، يذهب البعض إلى أنه من أصول عربية، ولد في مدينة نيسابور بخرسان في إيران تخصص في الرياضيات والفلك واللغة والفقه والتاريخ.

وهو أول من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وبالطبع وهو صاحب الرباعيات.

نشأته


أمضى الخيام طفولته في مدينة نيسابور، وتم تقدير مواهبه من قبل أساتذته الأوائل الذين أرسلوه للدراسة عند أعظم معلم في منطقة خراسان وهو الإمام موفق نيسابوري، الذي كان يدرس أولاد النبلاء، سافر عمر الخيام بعد دراسة العلوم والفلسفة والرياضيات وعلم الفلك في مدينة نيسابور، إلى مدينة بخارى في عام 1068، حيث كان يتردد إلى مكتبة الفلك المرموقة، وانتقل في عام 1070 إلى مدينة سمرقند، حيث كان يعمل «أبو طاهر» حاكم ورئيس القضاة في المدينة.

بداية نبوغه


كتب الخيام خلال عام 1070، أعماله الجبرية الأكثر شهرة، وأطروحته (رسالة في براهين الجبر والمقابلة) التي كانت مكرّسة لمعلمه القاضي أبو طاهر.

دخل الخيام عندما أصبح في سن السادسة والعشرين عام 1073 في خدمة السلطان ملك شاه الأول مستشارا، فقد دعي إلى أصفهان من قبل الوزير نظام الملك عام 1076 بهدف الاستفادة منه في المكتبات ومراكز التعليم هناك.

بدأ في ذلك الوقت بدراسة أعمال عالم الرياضيات اليوناني إقليدس وأبولونيوس عن كثب، وشرع بناء على طلب الوزير نظام الملك في إنشاء مرصد فلكي في أصفهان، حيث قاد مجموعة من العلماء لإجراء عمليات رصد فلكية دقيقة تهدف إلى مراجعة التقويم الفارسي.

أعماله في الرياضيات


رغم شهرة الخيام شاعرا، فقد كان من علماء الرياضيات، حيث اشتهر بالجبر واشتغل في تحديد التقويم السنوي للسلطان ملكشاه، وهو أول من استخدم الكلمة العربية «شيء» التي تكررت في القرآن الكريم، وقد استخدمها الخيام للدلالة على الكلمة التي رسمت في الكتب العلمية البرتغالية (Xay) وما لبثت أن استبدلت بالتدريج بالحرف الأول منها "x" الذي أصبح رمزا عالميا للعدد المجهول.

نبوغه في الفلك


برع عمر الخيام في الفلك أيضا، طلب منه السلطان ملكشاه سنة 467 هـ/1074 م إنشاء مرصد في مدينة أصفهان، وطلب منه أيضا تعديل التقويم الفارسي القديم.

ويقول المؤرخ جورج سارتن إن تقويم الخيام كان أدق من التقويم الجريجوري، وقد وضع الخيام تقويما سنويا بالغ الدقة، وقد تولى الرصد في مرصد أصفهان

أنهى في عام 1079 مع فريقه عمليات قياس طول السنة بدقة مذهلة، حيث عبروا عنها بـ 14 خانة: 365.24219858156 يوما، وفي الواقع، ووفقا لأكثر القياسات الحديثة دقة، كان ذلك الرقم دقيقا في خاناته الثمانية الأولى، ويحدث الاختلاف من سنة إلى أخرى في الخانة الثامنة، مما يجعل التقويم الذي ابتكره النظام الأكثر دقة على الإطلاق.

مؤلفاته باللغة العربية


وللخيام مؤلفات باللغة العربية مثل: "شرح ما أشكل من مصادرات كتاب أقليدس" الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما، وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية

الرباعيات


رباعيات الخيام هي مقطوعة شعرية بالفارسية مكونة من أربعة أشطر يكون الشطر الثالث فيها مطلقا بينما الثلاثة الأخرى مقيدة، وأول إشارة إلى عمر الخيام شاعرا قام بها المؤرخ عماد الدين الأصفهاني.

كان في أوقات فراغه يتغنى برباعياته، وقد نشرها عنه من سمعها من أصدقائه، وبعد عدة ترجمات وصلت لنا كما نعرفها الآن.

ويرى البعض أنها لا تنادي إلى التمتع بالحياة والدعوة إلى الرضا أكثر من الدعوة إلى التهكم واليأس، وهذه وجهة نظر بعض من الناس، وقد يكون السبب في ذلك كثرة الترجمات التي تعرضت لها الرباعيات، زيادة على الإضافات، بعد أن ضاع أغلبها.

من جهة أخرى هناك اختلاف حول كون الرباعيات تخص عمر الخيام فعلا، فهي قد تدعو بجملتها إلى اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية، إلا أن المتتبع لحياة الخيام يرى أنه عالم جليل وذو أخلاق سامية، لذلك يعتبر بعض المؤرخين أن الرباعيات نسبت خطأ للخيام وقد أثبت ذلك المستشرق الروسي زوكوفسكي، فرد 82 رباعية إلى أصحابها ولم يبق إلا القليل الذي لم يعرف له صاحب.

ترجمات الرباعيات


ترجم رباعيات عمر الخيام إلى الإنجليزية إدوارد فتزجيرالد في عام 1859، فعرفت هذه الترجمة نجاحا كبيرا لدى مستشرقي نهاية القرن التاسع عشر.

وهناك من يضيف إلى الرباعيات بضع مقطوعات لشعراء فرس آخرين.ط، هذا بالإضافة إلى أن فيتسجيرالد قام بتأليف بضع مقطوعات في الطبعات الأولى من ترجمته.

أما بالنسبة للترجمات العربية لرباعيات الخيام فهناك العديد ممن قاموا بترجمتها من أمثال وديع البستاني الذي يعد من الرواد من ترجموا الرباعية، وقد اعتمد البستاني على الترجمة الإنجليزية لفيتزجرالد ومحمد السباعي الذي صدرت ترجمته عام 1922 معتمدا على ترجمة فيتزجرالد أيضاً، وأحمد زكي أبو شادي، إبراهيم المازني، علي محمود طه، عباس العقاد، غنيمي هلال، أحمد رامي وغيرهم إلى اللغة العربية.

وهؤلاء منهم من ترجم بعض الرباعيات ومنهم من عرب عددا كبيرا منها يصل زهاء ثلاثمائة وخمسين رباعية كما للزهاوي ولكن صاحب الرقم القياسي هو العراقي الآخر، أي عبد الحق فاضل الذي ترجم ثلاثمائة وواحد وثمانين رباعية.

لاقت رباعيات الخيام رواجا كبيرا في العالم العربي وخاصة بعد أن ترجمها أحمد رامي وغنتها أم كلثوم، مما أمن انتشارها لدى شريحة أكبر من القراء والسامعين في العالم العربي.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved