ليلة الدموع والدم لأولتراس أهلاوي وأهالي شهداء بورسعيد في «الصحفيين»
آخر تحديث: الأربعاء 18 يوليه 2012 - 8:49 م بتوقيت القاهرة
ميساء فهمي
ذعر.. صراخ.. كر وفر.. ذكريات مذبحة بورسعيد.. مشاعر عاشها أهالي شهداء بورسعيد وأولتراس أهلاوي في نقابة الصحفيين والشوارع المحيطة بها طوال مساء أمس، وأسفرت أحداثها عن إصابة عدد من أعضاء الأولتراس؛ حيث كانت "الشروق" شاهدًا على تفاصيل هذا اليوم منذ بدايته بهتافات سلمية، والذي انتهى ببكاء وحزن وإغماءات.
"حسن حمدي ارفع إيدك.. الشهيد هو سيدك"، هتاف بدأ أهالي الشهداء والأولتراس يومهم من أمام مقر النادي الأهلي؛ اعتراضًا على بيان إدارة النادي الأحمر التي نددت فيه باقتحام الأهالي والأولتراس لملعب مختار التتش والانتقادات اللاذعة التي وجههوها للاعبين والإدارة حول سلبيتهم تجاه قضية بورسعيد، ثم انطلقوا في مسيرة إلى نقابة الصحفيين، مقر عقد المؤتمر الخاص بسير جلسات محاكمة المتهمين في قضية بورسعيد.
وطوال مسيرتهم من مقر النادي الأهلي وحتى النقابة عن طريق كوبري أكتوبر ظل الأولتراس يرددون أغانيهم الشهيرة مثل "لابس تيشرت أحمر ورايح بورسعيد.. راجع وكفني أبيض وفي بلدي بقيت شهيد"، و"يا غراب يا معشش" التي تنتقد سياسات وزارة الداخلية.
وقرأ أهالي الشهداء والأولتراس الفاتحة على سلم نقابة الصحفيين، قبل بدء مؤتمرهم الصحفي الذي نظمته لجنة الحريات برئاسة محمد عبد القدوس، وظلوا يهتفون "يسقط حكم العسكر"، و"من زمان بنقول.. حسن حمدي فلول"، وأشعلوا الشماريخ وهم يرددون أغنيتي "آه يا مجلس يا ابن الحرام" و"حرية".
ووفقاً للاتفاق المسبق، قام الأولتراس بتأمين نقابة الصحفيين وشارع عبد الخالق ثروت لأن المؤتمر كان قاصرًا على أهالي الشهداء وقائدي الأولتراس، وانتظرهم باقي أعضاء المجموعة على سلم النقابة للعودة مرة أخرى إلى مقر النادي الأهلي، بعد انتهاء المؤتمر.
وقبل بدء المؤتمر بدقائق قليلة، انقلب شارعا عبد الخالق ثروت ومعروف إلى ساحة للكر والفر والفوضى؛ حيث فوجئ الأولتراس المتواجدون على سلم النقابة بعشرات المواطنين ينهالون عليهم بالضرب بالشوم والأسلحة البيضاء والزجاجات الفارغة، مما أدى إلى إصابة البعض بجروح قطعية وإصابة أحدهم بكسر في قدمه وآخر بخلع في الكتف.
واعتدى المواطنون وأصحاب المحال التجارية في شارع معروف والشوارع المحيطة بالنقابة على كل من كان يرتدي تيشرت الأولتراس الشهير المكتوب عليه "يوم ما أفرط في حقه.. هكون ميت أكيد"، وطالب أهالي الشهداء من الأولتراس بخلعه أو استبداله بأي تشيرت آخر تجنبًا لأية اعتداءات وإصابات أخرى.
حالة الفوضى تُرجمت بحالة من الهلع والخوف بين أهالي الشهداء الذين تابعوا الاشتباكات من نوافذ الدور الرابع للنقابة، وهرول الآباء إلى الشارع في محاولة لتهدئة الأوضاع، وتدخلت الشرطة العسكرية وعساكر الأمن بالمنطقة، وقامت بإطلاق رصاص "فشنك" وخرطوش لتفرقة المشتبكين، وأصيب أحد أعضاء الأولتراس بخرطوش في عينيه، وتم نقله إلى مستشفى العيون لإجراء الكشف عليه.
ووسط حالة من الارتباك والقلق، نظم الأهالي المؤتمر وقلوبهم متعلقة بمن يتواجدون أمام النقابة بسبب توارد أخبار بين الحين والآخر عن تزايد عدد المصابين؛ حيث اتهم محامي أهالي شهداء مذبحة بورسعيد، خالد أبو كراع، الجيش والداخلية بالتواطؤ في الجريمة؛ لعدم تأمين مباراة المجزرة بشكل كامل، وتشكيل لجان شعبية في تلك المباراة من البلطجية الخارجين عن القانون من داخل بورسعيد بخلاف المعتاد في جميع المباريات، وفقًا لما هو مثبت في أوراق التحقيقات التي تؤكد أن المذبحة مدبرة.
وأشار أبو كراع إلى أن، بعض القيادات الأمنية ساهمت كثيرًا في دعم البلطجية وتسهيل مهمتهم داخل الاستاد، وعلى رأسهم مساعد المدير السابق للأمن العام في بورسعيد، اللواء كمال جاد الرب، الذي أمر بلحام أبواب الاستاد لحصار جماهير الأهلي، مع اكتفاء قوات الجيش بتأمين الاستاد من الخارج فقط، بالإضافة إلى قطع كميرات المراقبة بعد الدقيقة السابعة و16 دقيقة من بدء المباراة لإخفاء تفاصيل المجزرة، وفقًا لكلامه.
وردًا منهم على موقف إدارة النادي الأهلي من شهداء بورسعيد، أكد والد الشهيد عبد الرحمن فتحي، أنهم لا يقبلون أبدًا الإحسان من أحد، رافضًا هجوم الإدارة المستمر على الأهالي وإعلانها الحرب على الأولتراس، بعدما أبدوا احتجاجهم على موقف الإدارة من "دفن وتمويت القضية، وإخفائها عن الرأي العام".
ونفى فتحي ما قيل عن مشاركة أهالي الشهداء، في اجتماع التهدئة الذي دعت له إدارة الأهلي يوم الأحد الماضي، منوهًا إلى أن ما 2 أو 3 عائلات شهداء من الـ74 شهيدًا، جاؤوا لتلبية الدعوة دون التشاور مع باقي الأسر والأولتراس "وما ذكرته الإدارة هدفه الوقيعة بين أسر الشهداء والمجموعة الوفية".
أما والدة الشهيد محمد كشري، اعتبرت أن الاشتباكات التي حدثت بالتزامن مع انعقاد المؤتمر استمرار لممارسات رجال الداخلية في تصفية شباب الأولتراس؛ لانتقادهم لسياسات الوزارة طوال الوقت.
وطالب الأهالي في بيان لهم، ألقوه في ختام المؤتمر الرئيس محمد مرسي بإصدار قانون أو قرار باعتماد شهداء المذبحة كشهداء ثورة 25 يناير، ومعاملة أسرهم كأسر شهداء الثورة وخاصة بعد موافقة الأزهر الشريف على ذلك، قائلين له: "السيد الرئيس نذكر وعودك ولن ننساها، ونطالبك بحقوق شهدائنا، ولا تهاون في ذلك، فليست بالوعود وحدها تتحقق المطالب". لافتين إلى تقديرهم لجهود النيابة العامة، واحترامهم لأحكام القضاء.
واقترحوا على المجلس القومي للرياضة، تبني مشروع للتأمين على حياة المشجعين ضد إحداث الشغب، على أن يكون دخله من تذاكر المباريات والإعلانات، وإطلاق أسماء الشهداء على الملاعب الرياضية والصالات المغطاة على مستوى الجمهورية، وتسمية المسابقات الرياضية التي يشرف عليها في مختلف المراحل السنية، وخاصة الناشئين بأسماء الشهداء؛ تخليدًا لهم.
كما طالب الأهالي إدارة النادي الأحمر "من واقع حقهم عليه وليس امتنانًا منه" بتقديم كشف حساب تفاصيل بحساب التبرعات وما تم فيها، واستكمال «النصب» التذكاري للشهداء، وعمل متحف لهم وفقًا للاتفاق المسبق، بالإضافة إلى عدم مشاركة النادي في أية مسابقات رياضية إلا بعد الانتهاء جلسات المحاكمة، وتوفير وسائل مواصلات لأهالي الشهداء لحضور جلسات المحاكمة، متمنين أن تقوم إدارة الأهلي بأداء دورها الكامل، لاسترداد حقوق الشهداء بدلاً من استعراضه للمكافآت المالية وواجب العزاء.
مقتل اثنين من الأولتراس بسبب الاشتباكات، إشاعة أطلقها المذيع الرياضي، أحمد شوبير، وعلم بها أهالي الشهداء في نهاية المؤتمر، كانت كفيلة لإحداث حالة من الهلع الرهيب داخل أروقة النقابة، أخذ الأمهات بالصرخ والعويل واستعادة ذكريات بورسعيد المؤلمة، وأصيبت بعض الأمهات بحالات إغماء وبكاء هستيري.
"ثوار أحرار هنكمل المشوار"، و"يسقط يسقط حكم العسكر"، و"يا نجيب حقهم يا نموت زيهم"، هتافات رددها الأهالي، ردًا على الاعتداءات التي تعرض لها الأولتراس في غياب الأمن في المنطقة؛ حيث اعتبروا أن تلك الاشتباكات أمر مدبر وليس صدفة بحتة ومجرد مشاجرة.
كما أوضح محمد عبد القدوس، أن الاشتباكات التي وقعت أمام النقابة ليست مشاجرة عادية، بل هي أعمال بلطجة، هدفها إفشال المؤتمر، متهمًا المجلس العسكري والداخلية باندلاع تلك الاشتباكات.
الرواية التي رواها عدد من أعضاء الأولتراس وصاحب الكشك لـ«الشروق» تشير إلى وقوع مشادة كلامية بين أحد أعضاء الأولتراس وصاحب كشك موجود بجوار النقابة، حول سعر زجاجة مياه غازية، وانتهت وعاد إلى مقر التجمع على السلم، لكن الأولتراس فوجئوا بعشرات المواطنين يهاجمونهم بالطوب وخرطوش وشوم وزجاجات فارغة، وأدى إلى إصابة بعضهم.
ثم انسحب الأولتراس وقرروا العودة إلى مقر النادي الأهلي باتجاه كوبري أكتوبر، لكنهم فوجئوا مرة أخرى بعدد من المواطنين يعتدون عليهم ووصلوا إلى النادي، وكان بعضهم قد أصيب وتم إسعافهم بمستشفى المعلمين، بينما تم نقل بعضهم إلى مستشفى الهلال، لينتهي اليوم المأساوي بأقل أضرار ممكنة.