محلل أمريكي: إيران سترد في الوقت المناسب على الحرب غير المعلنة ضدها

آخر تحديث: السبت 18 يوليه 2020 - 9:59 ص بتوقيت القاهرة

واشنطن - د ب ا:

من المؤكد أن شدة وتكرار ما تتعرض له إيران من هجمات عنيفة، شملت مؤخرا تفجيرات وحرائق، يدل على أن هذه الهجمات ليست عشوائية، وأنها جزء من مخطط منظم.

ويقول المحلل والكاتب بول بيلار، في تقرير نشرته مجلة "ذا ناشيونال انتريست"، إن هناك نصيحة دائما بتوخي الحذر فيما يتعلق بإلقاء المسئولية على أي طرف بالنسبة لمثل هذه الأعمال التي لم يعلن أحد مسؤوليته عنها، خاصة بالنسبة لكل من هم خارج القنوات الحكومية التي ربما يكون لديها معلومات أفضل عما يحدث. ولكن ظروف هذه الهجمات تشير بقوة، كما تعكس تقارير بعض الصحف، إلى جهة من اثنتين مشتبه بهما، أو إلى كليهما معا، وهما: حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويضيف بيلار، الذي عمل لمدة 28 عاما في أجهزة المخابرات الأمريكية، وكان في وقت من الأوقات رئيسا لوحدات التحليل بالمخابرات المركزية الأمريكية، أن سجلات إسرائيل والولايات المتحدة تعزز هذا الاشتباه. ومن أبرز الأدلة على ذلك اغتيال إدارة ترامب في يناير الماضي قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، أحد أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية في إيران، بصاروخ تم اطلاقه من طائرة مسيرة.

أما السجل الإسرائيلي للتصرفات العدوانية ضد إيران فيشمل سلسلة من اغتيالات علماء نوويين إيرانيين، ضمن عمليات قتل كانت جزءا من حملة اغتيالات أكبر ومستمرة في أنحاء الشرق الأوسط. كما أن ذلك جزء من سجل إسرائيلي أكبر للأعمال العدوانية في أنحاء المنطقة، بما في ذلك ما حدث على مدار العامين الماضيين، حيث كانت هناك عشرات الهجمات الجوية في سوريا.

ومن المعروف أنه لم يصدر عن الحكومة الإسرائيلية أو عن إدارة ترامب أي إعلان رسمي عن شن حرب ضد إيران، ولكن التصريحات التي تبدر منهما تحمل في طياتها مثل هذا الإعلان.

فمن ناحية، أوضحت إدارة ترامب اعتزامها أن تلحق بإيران أكبر قدر ممكن من الألم، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية، على سبيل المثال لا الحصر. وتحمل تصريحات حكومة نتنياهو المبالغ فيها ضد إيران كل العداء الذي تحمله التصريحات الواردة من واشنطن، أو ما يرد في الاتجاه المعاكس من طهران.

ويؤكد بيلار ضرورة أن يكون الأمر واضحا بالنسبة لما يحدث الآن، وهو أنه "حرب" رغم وصف البعض له بأنه "لا يحمل معنى الحرب"، ومن الضروري أن نشعر بالقلق إزاء تصاعد الصراع إلى شيء كبير للغاية سيصفه الجميع وقتها بأنه حرب. ولكن هذا لا يجعل ما يحدث بالفعل أمرا أقل من تصرفات الحرب.

ويشير بيلار فى هذا الصدد إلى أنه يتعين ألا يخدعنا قيام النظام الإيراني بالتقليل من أهمية الهجمات الأخيرة والتزامه بضبط النفس -حتى الآن- فيما يتعلق بالانتقام. فالتاريخ الذى يركز عليه صانعو السياسات الإيرانيون هو 20 يناير عام 2021.

فالإيرانيون قادرون على قراءة الاستطلاعات الأمريكية، والاتجاه المسيطر في هذه اللحظة في التفكير الإيراني فيما يتعلق بالسياسة الأمنية هو الانتظار حتى يحدث تغيير في النظام في واشنطن. فالقادة في إيران لا يريدون التسرع في انتقام يمكن أن يسفر عن إنقاذ فرص ترامب الضعيفة في إعادة انتخابه.

ويشدد بيلار على أنه رغم أن الحرب الحالية لم تعلن رسميا، يتعين تقييمها بنفس المعايير على أنها حرب تم إعلانها. ووفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة تعتبر الحرب مبررة فقط حال الدفاع عن النفس، أو إذا جاءت ردا على هجوم، أو ربما كانت لمنع هجوم. وهذه ليست الظروف الحالية مع إيران.

فليس هناك دليل على أن إيران على وشك أن تهاجم إسرائيل أو الولايات المتحدة، ومن الحماقة أن يفكر القادة الإيرانيون في مثل هذا الهجوم، فهم يدركون تماما التفوق العسكري للدولتين، بالنسبة لهم.

ويوضح بيلار أن الهجمات ليست الوسيلة لردع التصرفات الإيرانية العدوانية أو غير المرغوب فيها. فالردع يتطلب شروطا: حيث يتم إلحاق الألم بعد سلوك سيء، وضرورة تجنب هذا الردع بعد سلوك جيد. ولكن يبدو أن الحكومتين الأمريكية والاسرائيلية مصممتان على إلحاق الألم بإيران مهما تفعل، كما يؤكده انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني وإطلاق حملة "الضغط القصوي"، رغم أن إيران امتثلت تماما لالتزاماتها التي حددها الاتفاق. وبذلك يتم إعطاء إيران حافزا لأن تنتقم، وليس لأن تسلك سلوكا جيدا.

والانتقام في نهاية الأمر، رغم ضبط النفس النسبي من جانب إيران حتى الآن، هو أحد أخطار الحرب غير المعلنة الحالية. كما أن التصعيد إلى شيء أكبر وأكثر تدميرا هو خطر آخر. وحتى بدون مثل هذا التصعيد، فإن الحملة الحالية تطيل إلى ما نهاية أمد جبهة من الجبهات في "الحرب الأبدية" لأمريكا في الشرق الأوسط.

وبالإضافة إلى ذلك، ليس هناك نتيجة جيدة للهجمات فيما يتعلق بإضعاف إيران أو تغيير توازن إقليمي للقوى في صالح أمريكا. بل، على العكس، تعزز الهجمات أسباب إيران لطلب الدعم من دول مثل روسيا والصين، وبذلك تقوي نفوذهما.

وبالنسبة لغض إدارة ترامب الطرف عن الهجمات الإسرائيلية ضد إيران، أو حتى الاتفاق مع إسرائيل بشأنها، فإن هذا أمر سيء بالنسبة للمصالح الأمريكية. فمصالح الولايات المتحدة مختلفة عن مصالح إسرائيل، وحتى أكثر اختلافا عن مصالح حكومة نتنياهو.

فالحكومة الإسرائيلية لها مصلحة في استمرار التوتر المتصاعد مع إيران لتبقى إيران الدولة البغيضة المسؤولة عن جميع مشكلات الشرق الأوسط، لمنع أي تقارب بين واشنطن وطهران، وصرف النظر عن القضايا التي تتسبب في تدقيق دولي وانتقاد إسرائيل.

وفي هذا الوقت، تعتبر حوافز نتنياهو في هذا الصدد أقوى من أي وقت مضى، مما يساعد في تفسير توقيت موجة الهجمات الأخيرة. فقد زادت قيمة تأجيج الصراع مع إيران لصرف الأنظار عن تفكير نتنياهو في أن يضم رسميا أجزاء من الضفة الغربية والإدانة الدولية التي ستنجم عن ذلك.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved