الشوك والقرنفل.. العمل الأدبي الوحيد في حياة يحيى السنوار الحافلة

آخر تحديث: الجمعة 18 أكتوبر 2024 - 8:07 م بتوقيت القاهرة

محمود عماد

لا حديث يعلو الآن في العالم كله إلا عن الخبر والحدث الجلل، ألا وهو خبر استشهاد يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والمهندس الأول لعملية طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر عام 2023 على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس الخميس، في اشتباكات برفح الفلسطينية، وصفها الجيش الإسرائيلي بعملية الصدفة.

وبغض النظر عن الأمور السياسية والعسكرية التي سيثيرها اغتيال السنوار على الحرب في غزة، وعن أمور مثل وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، وعن تلك الشخصية التي ينقسم الناس حولها بين الكثير من التعظيم والتأييد لها، وبين البعض الآخر الأقل عددا والذي لا يؤيد ما فعله السنوار فيما فعله في السابع من أكتوبر.

وهذا لا ينفي كون يحيى السنوار شخصية تراجيدية جدلية شديدة السينمائية حياتها بها الكثير من المحطات البارزة منذ شبابه وانخراطه في المقاومة المسلحة في حركة حماس، وكونه من المؤسسين للجناح العسكري بالحركة، ثم اعتقاله في السجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة قرابة الثلاثة والعشرين عام قضاها في التعلم والكتابة، وتعلم اللغة العبرية وتحدث بها بطلاقة، وهذا هنا ما نحن بصدده.

ففي عام 2004 وهو يقبع داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي نشر السنوار روايته الأدبية الوحيدة تحت عنوان "الشوك والقرنفل"، وهي تتكون من 30 فصلا عن النضال الفلسطيني منذ عام 1967.

ويعتبرها البعض تأريخا للحالة الفلسطينية، وهي بالطبع تنضم للأدب الفلسطيني، والذي يعد من أقوى أسلحة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وبالطبع كان رائدها هو الأديب الفلسطيني الشهيد هو الآخر غسان كنفاني، وما يميز رواية السنوار هي أنها تنتمي لأدب السجون، وأنها أتت بعد سنوات من تواجد السنوار داخل السجون تلك السنوات كما ذكرنا تعلم فيها السنوار اللغة العبرية وقرأ الكثير عن السردية الإسرائيلية كما أن بها صدق كبير لما عايشه السنوار داخل سجون الاحتلال وبشكل عام.

رواية "الشوك والقرنفل" هي عمل أدبي يتجاوز الحدود التقليدية للرواية، حيث يسعى يحيى السنوار إلى نقل تجربة حقيقية ومعاناة الشعب الفلسطيني بصدق وأمانة، وتم تأليف الرواية في ظروف استثنائية داخل السجون الإسرائيلية، وتعكس الرواية حياة عائلة فلسطينية في مخيم الشاطئ بغزة، متناولة الأحداث التي تلت عام 1967.

تسلط الرواية الضوء على الصراعات الداخلية والخارجية التي تواجهها الشخصيات، معبرة عن تباين الآراء السياسية والاجتماعية داخل المجتمع الفلسطيني، تُظهر الرواية كيف تتشابك الحياة الشخصية مع القضايا الوطنية، وكيف تؤثر الأحداث السياسية على الأفراد والعائلات، من خلال شخصياتها المتعددة والمعقدة، تقدم "الشوك والقرنفل" رؤية متعمقة للنضال الفلسطيني وتجسد الأمل والمقاومة في وجه التحديات الكبيرة.

تصور الرواية الصراعات والتحديات التي يواجهها الأبطال في سعيهم نحو الحرية والكرامة، وتقدم صورة عن الحياة اليومية والنضال الذي يخوضه الفلسطينيون. تُظهر الرواية أيضا كيف يمكن للأدب أن يكون وسيلة للمقاومة والتعبير عن الهوية والتاريخ.

وفي العلاقة الطيبة المعروفة بين السنوار ومصر، تطرق السنوار في روايته للجيش المصري والجندي المصري، راسما صورة إيجابية عن الجندي المصري، إذ كان يتواجد الجيش المصري في قطاع غزة قبل نكسة 1967.

ووصف السنوار الجندي المصري بأنه كان لطيفا محبا للأطفال، يعتاد توزيع حلويات الفستق عليهم، بينما كان الأطفال الفلسطينيون يحبون الالتقاء به يومياً بحسب الرواية.

وفي مشهد النهاية تتشابه نهاية البطل مع نهاية السنوار نفسه، بمشهد نشعر الآن بعد استشهاد السنوار أنه مشهد استشهاده هو، كأنه كتب نهايته قبل أن تحدث وتوقعها قبلها بعشرين عام، حيث جاء في مقطع الرواية النهائي:

"الآن جاء الموعد يا أمّاه، فلقد رأيتُ نفسي أقتحم عليهم مواقعهم، أقتلهم كالنعاج ثم أستشهد. ورأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم، وهو يهتف بي مرحى بك، مرحى بك".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved