أموال الإرهابيين.. حكاية القانون 22 لسنة 2018 منذ صدوره وحتى أول تصريح بالطعن في دستوريته
آخر تحديث: الأربعاء 19 يناير 2022 - 2:21 م بتوقيت القاهرة
أصدرت محكمة مدني باستئناف عالي القاهرة حكما قضائيا يصرح للمحامي الحقوقي خالد علي بالطعن على دستورية المادة الخامسة من القانون 22 لسنة 2018 وما ارتبط بها من مواد في هذا القانون.
وتعود الأهمية الاستثنائية للحكم إلى أنها المرة الأولى التي يصرح فيها القضاء بالطعن على أي من مواد القوانين المنظمة لآلية التحفظ والإدارة والتصرف في أموال المدرجين على قائمة الإرهابيين، سواء كان في هذا القانون الخاص بالتصرف والإدارة والذي يسمح بنقل الأموال إلى جانب الخزانة العامة للدولة، أو في قانون الكيانات الإرهابية الذي ينظم الإدراج على القوائم.
وخلق القانون 22 لسنة 2018 الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد إقراره من مجلس النواب، في أبريل 2018، واقعا جديدا لقضايا التحفظ على أموال جماعة الإخوان المسلمين والمتهمين بتمويلها وغيرها من أموال الجماعات الإرهابية والمتهمين بارتكاب أعمال تخريبية، ينقل جميع المنازعات المتعلقة بتلك القضايا إلى محكمة الأمور المستعجلة لأول مرة، دون منح أى دور أو سلطة لمجلس الدولة أو محكمة الجنايات أو محكمة النقض.
وتسبب القانون منذ مناقشته برلمانيا الأسبوع الماضى، فى لغط واسع حول طبيعة الإجراءات التى ستتخذها اللجنة السباعية «ذات التشكيل القضائى» والعلاقة بينها وبين قاضى الأمور الوقتية ومحكمة الأمور المستعجلة، وطبيعة الأحكام القضائية التى ستتحرك اللجنة على أساسها للتحفظ على الأموال، وكذلك الإجراءات المسموح بها للتظلم والطعن على قرارات التحفظ، وصولا إلى نص القانون للمرة الأولى على إمكانية «نقل ملكية الأموال إلى الخزانة العامة» بعدما كان الأمر قاصرا على التحفظ، والإدارة فقط منذ عام 2014.
أثر القانون على التقاضي:
هذا القانون لا يشير من قريب أو بعيد إلى محكمة الجنايات أو محكمة النقض أو حتى قانون الكيانات الإرهابية ــ وبالطبع مجلس الدولة ــ فهو يقتصر على تنظيم إجراءات تنفيذ حكم محكمة الأمور المستعجلة باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية، بحسب المذكرة الإيضاحية التى أرفقت به، وبحسب تفسير قسم التشريع بمجلس الدولة للنصوص.
أى إن القانون يأتى ليعيد ملف التحفظ إلى «الأمور المستعجلة» وهو ما يتضح من التعريف الوارد بالمادة الأولى لعبارة «الأحكام القضائية الصادرة باعتبار جماعة أو شخص إرهابيا» بأنها «الأحكام الصادرة من محاكم القضاء المدنى» والتى من بينها بطبيعة الحال محكمة الأمور المستعجلة، دون الإشارة إلى المحاكم الجنائية، أو إجراءات إدراج المتهمين على قائمة الإرهاب.
فصل مسار الإدراج عن التحفظ:
القانون 22 لسنة 2018 فصل بين مسار الإدراج على قوائم الإرهاب وبين التحفظ وإدارة والتصرف في الأموال.
فأصبح التحفظ على الأموال منفصلا فى الإجراءات والجهات المختصة عن قرارات الإدراج على قائمتى الإرهاب والإرهابيين للجماعات والأشخاص.
الإجراءات المنصوص عليها بقانون الكيانات الإرهابية ظلت سارية؛ بداية من تحريك قضية جديدة أو صدور حكم جنائى، فتطلب النيابة العامة من الدائرة المختصة بمحكمة استئناف القاهرة إدراج المتهمين أو المدانين على قائمة الإرهاب، ثم تصدر الدائرة قرار الإدراج وما يستتبعه من تجميد للأموال ومنع من السفر أو ترقب الوصول، ثم تتاح فرصة الطعن على القرار أمام محكمة النقض.
أما الإجراءات الجديدة الخاصة بالقانون 22 لسنة 2018 الخاصة بالتحفظ؛ فتبدأ بصدور حكم قضائى باعتبار جماعة أو شخص إرهابيا.
تتلقى اللجنة الحكم فتبدأ فى إجراءات التحفظ، ثم تطلب من قاضى الأمور الوقتية إصدار أمر مسبب بالتحفظ، يصبح نافذا فورا صدوره (المادة الخامسة فقرة أولى).
ثم تعلن اللجنة الأمر لذوى الشأن خلال 3 أيام (المادة الخامسة فقرة ثانية).
ثم يتاح لكل ذى صفة أو مصلحة أن يتظلم من قرار اللجنة خلال 8 أيام أمام محكمة الأمور المستعجلة، التى تتولى الفصل فيه خلال 30 يوما.
ثم يتاح لكل ذى صفة أو مصلحة الطعن على «حكم» الأمور المستعجلة خلال 10 أيام من تاريخ علمه به، وتتولى محكمة مستأنف الأمور المستعجلة الفصل فيه خلال 30 يوما أيضا، ويكون حكمها نهائيا غير قابل للطعن (المادة السادسة).
وبالتالي فإن نهاية مسار التقاضى فى مسألة التحفظ ستكون بصدور حكم مستأنف الأمور المستعجلة، ولن تتاح أمام المتضررين فرصة للوصول إلى محكمة أعلى بما فى ذلك النقض.
نقل الملكية لأول مرة:
ينص قانون الكيانات الإرهابية على تجميد الأموال كعقوبة تبعية للإدراج على قائمة الإرهاب، وإلى تعيين لجنة أو جهة لإدارة الأموال المجمدة، وتسمح المادة 8 مكرر للنائب العام بالتحفظ على الأموال إذا توافرت معلومات أو دلائل جدية على أنها متحصلة أو مستخدمة فى تمويل نشاط إرهابى، وذلك سواء كان مالك هذه الأموال مدرجا أو غير مدرج على قائمة الإرهاب، على أن يعرض أمر التحفظ والمنع من التصرف على الدائرة المختصة بطلبات الإدراج خلال شهر من صدوره.
أما قانون مكافحة الإرهاب 94 لسنة 2015 فنص على إمكانية مصادرة الأموال، ولكن بصورة خاصة، مرتبطة بثبوت استخدامها فى تمويل أو تنفيذ جريمة بعينها بعد إدانة صاحب الأموال، فرتبت المادة 25 المصادرة كعقوبة تبعية لتخريب مرافق الكهرباء، ورتبتها المادة 26 كعقوبة تبعية لتخريب مرافق المياه، ورتبتها المادة 39 كعقوبة تبعية لكل حكم إدانة فى جريمة إرهابية، بما فى ذلك مصادرة الأموال والأمتعة المستخدمة ومصادرة كل مال يثبت أنه مخصص للصرف على الأعمال الإرهابية.
لكن القانون 22 لسنة 2018 يجيز للجنة الإدارة التصرف فى المال، بنقل ملكيته إلى الخزانة العامة.
إجراءات نقل الملكية تبدأ بأن تقدم اللجنة طلبا لمحكمة الأمور المستعجلة بالتصرف فى المال، وبعدما تصدر محكمة مستأنف الأمور المستعجلة «حكما نهائيا» بالتحفظ والتصرف، برفضها طعن المتضرر، يصبح من حق اللجنة التصرف فى الأموال بنقل ملكيته إلى الخزانة العامة وذلك دون اشتراط صدور حكم جنائى بإدانة صاحب المال.
تطبيق القانون:
بعد صدور القانون أصدرت لجنة التحفظ والحصر والإدارة والتصرف فى أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين عدة قرارات بالتحفظ على أموال أشخاص مدرجين على قوائم الإرهاب، على رأسهم قيادات جماعة الإخوان المسلمين وورثة المتوفين منهم، وعلى رأسهم الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي.
وتعاقب صدور الأحكام بنقل ملكية أموالهم للخزانة العامة، وأبرزها ما صدر في 17 يناير 2021 من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بنقل جميع الأموال والعقارات المملوكة لورثة مرسي و86 آخرين من قيادات وأفراد جماعة الإخوان، للخزانة العامة للدولة.
وكان أمام الصادر ضدهم الحكم فرصة للطعن عليه أمام محكمة مستأنف الأمور المستعجلة.
وقضت المحكمة فى منطوق حكمها، بأحقية رئيس لجنة التحفظ والحصر والإدارة والتصرف فى أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين، بصفته، فى التصرف فى كافة الأموال العقارية والسائلة والمنقولة وكافة الحسابات المصرفية والودائع والخزائن والأسهم والسندات وأذون الخزانة المسجلة بأسماء المدعي عليهم "ورثة مرسي الخمس و86 آخرين - بعد حذف اثنين للوفاة-، لدى كافة البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزي المصري وحساباتهم بالهيئة القومية للبريد والبورصة، وذلك بنقل ملكيتها للخزانة العامة للدولة.
وألزم الحكم فى منطوقه، وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق، ورئيس المصلحة بصفته الرئيس الأعلى لجميع مأموريات الشهر العقاري والتوثيق على مستوى الجمهورية، ومحافظ البنك المركزي بصفته المختص بالرقابة على البنوك الخاضعة له، -كلا حسب اختصاصاته-، باتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة نحو نقل ملكية الأموال والممتلكات لخزينة الدولة، وفقا لما هو مقضي به.