في ذكرى رحيل المتقلب بين العمى والبصيرة.. محطات في حياة صاحب نوبل جوزيه ساراماغو

آخر تحديث: الأربعاء 19 يونيو 2024 - 5:32 ص بتوقيت القاهرة

محمود عماد

تحل اليوم 18 يونيو ذكرى رحيل الكاتب والأديب البرتغالي جوزيه دي سوزا ساراماغو، والذي ولد في 16 نوفمبر عام 1922، ورحل في 18 يونيو عام 2010 هو روائي برتغالي حائز على جائزة نوبل للأدب وكاتب أدبي ومسرحي وصحفي.

النشئة والشباب


ولد ساراماغو عام لعائلة من الفلاحين الذين لايمتلكون أرضاً في قرية Azinhaga في البرتغال، وهي قرية صغيرة ضمن مقاطعة Ribatejo Province، والواقعة على بعد مائة كيلومتر شمال لشبونة.

والداه هما خوسيه دي سوزا وماريا دي بيدادى، وكانت كلمة "Saramago" والتي تعني الفجل البري فجل بري في اللغة البرتغالية، هي كنية عائلته، وبالخطأ دُمجت مع أسمه عند تسجيله عقب ولادته.

في 1924 انتقلت عائلته إلى لشبونة، حيث بدأ والده بالعمل كشرطي، بعد مضي عدة أشهر على انتقال الأسرة للعاصمة، توفي فرانسيسكو الذي كان يكبر ساراماغو بسنتين.

كان ساراماغو يمضي فترة الإجازات مع جده وجدته في قريه Azinhaga، وعندما أصيب جده بسكتة دماغية وتحتم عليهم الانتقال إلى لشبونة لتلقي العلاج، يستذكر ساراماغو أنه خرج إلى حديقة المنزل، حيث كانت تتواجد بعض الأشجار، شجرة تين، شجرة زيتون.

حيث قام باحتضانهم واحدة تلو الأخرى لكي يودعها وهو يبكي، عالماً أنه لن يعود مرة أخرى، وقال ساراماغو "أن ترى وأن تعيش بين هذه الأشياء ثم لا تترك فيك أثراً مدى الحياة، فأعلم أنك لا تمتلك إي مشاعر".

على الرغم من كونه تلميذ جيد، إلا أنه انتقل إلى مدرسة مهنية وهو في سن الثانية عشر لعجز أهله عند دفع تكاليف دراسته.

بعد تخرجه، عمل ميكانيكي سيارات لمدة عامين. فيما بعد أصبح مترجماً، ثم صحفي. وحتى أصبح مساعد رئيس تحرير صحيفة دياريو دي نوتيسياس، وهو المنصب الذي اضطر لتركة بعد ثورة القرنفل، بعد فترة من عمله كمترجم تمكن من إعالة نفسه والتفرغ للكتابة.

زيجاته


تزوج ساراماغو آيلدا ريس في سنة 1944 ورزقا بإبنة وحيدة تُدعى فيولانتي عام 1947، وفي عام 1986 إلتقى بالصحافية الإسبانية بيلار ديل ريو ليتزوجا سنة 1988 ويبقيا سوية حتى وفاته في شهر يونيو من عام 2010، أصبحت ديل روي المترجمة الرسمية لكتب ساراماغو للأسبانية.

بداية الشهرة العالمية


لم يحقق ساراماغو الشهرة ولم يُعرف عالميا حتى بلغ سن الستين، بالتزامن مع نشر روايته الرابعة، وهي قصة من الطراز الباروكي باروكية تدور أحداثها في محاكم التفتيش خلال القرن الثامن عشر في لشبونة، وتحكي قصة حب بين جندي مشوه وعرافة شابة، كماأنها تحكي عن قس متمرد يحلم باختراع آلة للطيران.

عندما تمت ترجمة هذه الرواية في عام 1988 لفتت أنظار القراء حول العالم، وفازت هذه الرواية بجائزة نادي PEN البرتغالي.

الأيدلوجية السياسية


انضم ساراماغو إلى الحزب الشيوعي البرتغالي في عام 1969 وظل عضوا فيه حتى نهاية حياته، وقد كان باعترافه الشخصي متشائما، وأثارت أراؤه الكثير من الجدل في البرتغال، وبخاصة بعد نشر روايته الإنجيل يرويه المسيح.

وقد ثار غضب أعضاء الطائفة الكاثوليكية في البلاد بعدما صور ساراماغو المسيح وبشكل خاص الإله بإنه عرضة للخطأ، بل إنه أيضا من البشر القاسين. لذلك قامت حكومة البرتغال المحافظة، بقيادة رئيس الوزراء آنذاك كافاكو سيلفا، بعدم السماح لإعمال ساراماغو بالمنافسة على جائزة Aristeion Prize، بحجة أنها تسيء للمجتمع الكاثوليكي، ونتيجة لذلك أنتقل مع زوجته إلى لانزاروت، إحدى جزر الكناري.

تكون برلمان الكتاب الأوروبي (EWP) نتيجة اقتراح مشترك من قبل ساراماغو والتركي الحائز على جائزة نوبل أورهان باموك، وكان من المتوقع أن يلقي ساراماغو كلمة كضيف شرف في البرلمان، لكنه توفي قبل حفل الافتتاح في عام 2010.

الأسلوب الأدبي


أسلوب ساراماغو التجريبي كان غالبا مايتميز بالجمل الطويلة، والتي قد تتجاوز في بعض الأحيان الصفحة الكاملة، أستخدم نظام الفترات الزمنية بقلة، وأختار بدلا من ذلك دفقا من الفقرات المسترسلة غيرالمقيدة تصل مابينها علامة الفاصلة.

الكثير من الفقرات في كتاباته كانت تمتد لصفحات دون أي توقف لإجراء إي حوار، (والتي كان ساراماغو يفضل أن لا يضعها بين علامتي تنصيص)؛ عندما يتغير المتحدث في أحد أعماله، يقوم ساراماغو بكتابة الحرف الإستهلالي بخط كبير إشارة لبدء فقرة جديدة يكون المتحدث فيها مختلفا، وفي أعماله كثيرا ماتتم الإشارة لمؤلفاته الأخرى.

في رواية العمى ، تخلى ساراماغو عن استخدام الأسماء تماما، وبدلا من ذلك كان يشير لكل شخصية عن طريق ذكر بعض صفاتها الفريدة أو المميزة لها، كمثال على أسلوب ساراماغو الذي كان يركز بشدة على موضوعات الهويةٍ والغايةٍ في كل أعماله.

جائزة نوبل للآداب


قامت الأكاديمية السويدية باختيار ساراماغو للحصول على جائزة نوبل للآداب عام 1998، ووجاء الإعلان بشكل مفاجيء له ولرئيس تحريره، لإنه كان على وشك السفر إلى ألمانيا لحضور معرض فرانكفورت للكتاب، أشادت لجنة نوبل «بالأمُثولات والحكايا الرمزية التي تفرضها مخيلته، بالإضافة للتعاطف والسخرية في أعماله»، بالإضافة لإتباعه «الأسلوب التشكيكي الحديث» فيما يتعلق بالحقائق الرسمية.

الرحيل


عانى ساراماغو من اللوكيميا. توفي في الثامن عشر من شهر يونيو عام 2010 عن عمر ناهز 88 عام، وقد عاش السنوات الأخيرة من عمره في لانزاروت الواقعة في أسبانيا.

تقول عائلته أنه تناول الإفطار وتحدث قليلا مع زوجته ومترجمته بيلار ديل ريو صباح يوم الجمعة، بعد ذلك شعر بالإعياء وتوفي.

النعي


وصفته صحيفة الغارديان «كأفضل كاتب برتغالي في جيله»، بينما قالت فيرناندا إيبرستادت من صحيفة نيويورك تايمز «إنه اشتهر بشيوعيته الصارمة كما أشتهر بأدبه القصصي». مترجمة ساراماغو مارغريت جول كوستا، أثنت عليه، ووصفت «مخيلته الرائعة» كما أطلقت عليه «أعظم كاتب برتغالي معاصر». واصل ساراماغو كتاباته حتى وفات، آخر عمل نشر له، المنور، نشر عام بعد وفاته.

أعلنت البرتغال الحداد لمدة يومين. كان هناك تحية شفهية من سياسيين دوليين بارزين مثل: لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (البرازيلي)، برنار كوشنار (الفرنسي) وخوسيه لويس ثباتيرو (الأسباني)، ومن كوبا قام كلا من راؤول كاسترو وفيدل كاسترو بإرسال أكاليل الزهور.

الجنازة


أُقيمت جنازته في لشبونة في العشرين من يونيو 2010، تجاوز عدد المشيعين 20,000 شخص، الكثير منهم كان قد سافر مئات الكيلومترات، وقد لوحظ غياب رئيس البرتغالاليميني أنيبال كافاكو سيلفا والذي كان يقضي عطلته في جزر الآزور عندما تمت مراسم التأبين.

كافاكو سليفا، رئيس الوزراء الذي أزال عمل ساراماغو من القائمة القصيرة لجائزةAristeion Prize، قال «إنه لم يحضر الجنازة لإنه لم يحظى أبداً بشرف التعرف عليه».

المشيعين، الذين أثاروا تساؤلات عن سبب غياب كافاكو سيلفا في حضرة الصحفيين، كانوا يمسكون في أيديهم نسخاً قرنفلية اللون، والتي ترمز إلى ثورة القرنفل.

تم إحراق جثة ساراماغو في لشبونة، وتم دفن رماده في ذكرى وفاته، في 18 يونيو 2011، تحت شجرة زيتون تبلغ من العمر مائة سنة وتتواجد في الساحة التي تقع أمام مؤسسة جوزيه ساراماغو.

الرواية المفقودة


أعلنت مؤسسة جوزيه ساراماغو في شهر أكتوبر من عام 2011 عن نشر مايسمى «الرواية المفقودة» بعنوان "المنور"، وقد كتبت في الخمسينات وظلت مدفونة في أرشيف أحد الناشرين الذين تم إرسال المخطوطة الأصلية إليه. ساراماغو لم يذكر هذا العمل حتى وفاته، وتم ترجمة هذا العمل لعدة لغات.

أعماله


يملك جوزيه ساراماغو العديد من الأعمال والروايات الشهيرة والقوية والمختلفة مثل: "العمى"، "البصيرة"، "انقطاعات الموت"، "المنور، وغيرهم الكثير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved