الفارس المطارد.. في ذكري ميلاده محطات في حياة سلمان رشدي أحد أهم الكتاب في العالم وأكثرهم جدلا

آخر تحديث: الأربعاء 19 يونيو 2024 - 3:45 م بتوقيت القاهرة

محمود عماد

تحل اليوم 19 يونيو ذكرى ميلاد الكاتب والروائي
البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي والذي ولد في 19 يونيو عام 1947، والذي يعد أحد أهم الكتاب المتواجدين على الساحة الأدبية العالمية منذ القرن الماضي.

اسمه أحمد سلمان رشدي وهو روائي وكاتب بريطاني من أصل هندي كشميري، فازت روايته الثانية أطفال منتصف الليل (1981) بجائزة بوكر الأدبية في عام 1981، إذ اعتُبرت «أفضل رواية لجميع الفائزين» في مناسبتين منفصلتين احتفالا بالذكرى الخامسة والعشرين والأربعين لجائزة بوكر الأدبية.

ارتكز رشدي في الكثير من أعماله الأدبية القصصية على شبه القارة الهندية، وجمع رشدي في أسلوبه الأدبي ما بين الواقعية السحرية والخيال التاريخي؛ إذ تعنى أعماله بالعديد من الروابط والاختلالات والهجرات بين الحضارات الشرقية والغربية.

الحياة الشخصية
هو الابن الوحيد لأنيس أحمد رشدي، محامي خريج جامعة كامبردج تحول إلى رجل أعمال، ونيجين بهات، مدرسة. ولد رشدي في مومباي بالهند، تلقى تعليمه في مدرسة كاتدرائية جون كونن في مومباي، قبل أن ينتقل إلى مدرسة الرجبي الداخلية في انكلترا، ومن ثم درس دراسته الجامعية في الكلية الملكية، في جامعة كامبردج حيث درس التاريخ. عمل لدى اثنين من وكالات الإعلان (أوجلفي وماثر وآير باركر) قبل أن يتفرغ للكتابة.

تزوج رشدي أربعة مرات، أول زوجاته كانت كلارسيا لوارد من الفترة 1976 إلى 1987 وأنجب منها ابنه زافار، وزوجته الثانية هي ماريان ويجينز الروائية الأمريكية حيث تزوجا في عام 1988 وتم الطلاق في عام 1993.

زوجته الثالثة (من 1997 إلى 2004) كانت إليزابيث ويست، أنجبا ابنًا يدعى ميلان. في عام 2004 تزوج من الممثلة الهندية الأمريكية والموديل بادما لاكشمي، انتهى الزواج في 2 يوليو 2007 حيث صرحت لاكشمي ان نهاية الزواج كات نتيجة لرغبتها هي.

في الصحافة البوليودية، كان هناك حديث في 2008 عن علاقة بينه وبين الموديل الهندية ريا سين التي كانت صديقته، وفي رد على ما جاء في وسائل الاعلام قالت ريا في تصريح لها «اعتقد حينما تكون سلمان رشدي، من المؤكد أن تصاب بالملل من الناس الذين دائما ما يتكلمون معك عن الأدب».

وحصل رشدي على لقب "السير" أو "فارس" بأمر من ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في العام 2007، وأثار ذلك حينها احتجاجات في إيران وباكستان.

المسيرة الأدبية وأبرز الأعمال
تجاهل كل من العامة والنقاد الأدبيين رواية رشدي الأولى غريموس (1975) التي كانت بمثابة قصة خيال علمي تقريبا.

أما روايته اللاحقة أطفال منتصف الليل (1981) فأدخلته أبواب الشهرة الأدبية، وحصلت روايته هذه على جائزة بوكر الأدبية في عام 1981، وحصل أيضا على جائزة أفضل الفائرين بجائزة بوكر الأدبية عن هذه الرواية بصفتها أفضل الروايات الحاصلة على جائزة بوكر الأدبية في أعوامها الـ 25 والـ 40 الأولى، وذلك في عامي 1993 و2008 على التوالي.

تسرد رواية أطفال منتصف الليل أحداث حياة طفل مولود في منتصف الليل في الوقت التي حصلت فيه الهند على استقلالها، إذ يتمتّع هذا الطفل بقوى خارقة وعلاقة خاصّة مع الأطفال الآخرين المولودين في فجر عصر جديد ومضطرب في تاريخ شبه قارة الهند المترافق مع ولادة الدولة الحديثة في الهند.

قورنت شخصية سليم سيناء برشدي، ومع ذلك، نفى المؤلف الفكرة القائلة بأنه قد كتب أيا من شخصياته بناء على سيرته الذاتية، قائلا «يفترض الناس بأن الشخصية المستمّدة من تجاربك الشخصية هي امتداد لك. ومن هذا المنطلق، لم أشعر بأنني قد بنيت أيّ شخصيّة بناءً على سيرتي الذاتية».

بعد روايته أطفال منتصف الليل، كتب رشدي روايته العار (1983) التي جسد فيها الاضطرابات السياسية في باكستان، واستند في بناء شخصياتها على ذو الفقار علي بوتو والجنرال محمد ضياء الحق.

فازت روايته العار بجائزة أفضل كتاب أجنبي الفرنسية، وكان وصيفا لنيل جائزة بوكر الأدبية، وتميزت روايتي أطفال منتصف الليل والعار المندرجتين تحت نطاق أدب ما بعد الاستعمار بأسلوب يجمع ما بين الواقعية السحرية ومنظور الهجرة الذي يدركه رشدي بصفته منتميا للشتات الكشميري.

ألف رشدي كتابا واقعيا عن نيكاراغوا في عام 1987 تحت عنوان ابتسامة جاكوار، ويتصف الكتاب بتركيزه السياسي وباستناده إلى تجارب رشدي المباشرة وأبحاثه في ساحة التجارب السياسية الساندينية.

نشر رشدي كتابه آيات شيطانية في عام 1988، الذي اعتبر أكثر أعماله إثارة للجدل، ونشر رشدي بعده هارون وبحر القصص في عام 1990، الذي كتبه في ظل الفتوى وتمحور حول مخاطر سرد القصص ودافع فيه مجازيا عن سلطة القصص على الصمت.

إضافة إلى الكتب التي ألفها ونشرها، نشر رشدي العديد من القصص القصيرة بما في ذلك مجموعة القصص التي جمعها في الشرق، الغرب (1994).

نشر رشدي تنهيدة المغربي الأخيرة (1995)، الذي كان بمثابة ملحمة عائلية ممتدة لأكثر من 100 عام من تاريخ الهند.

أعاد رشدي صياغة أسطورة أورفيوس في رواية الأرض تحت قدميها (1999) التي قدمت تاريخا بديلا لموسيقى الروك الحديثة، حملت إحدى أغاني فرقة يو تو الموسيقية الأيرلندية اسم الرواية ذاته، إذ كانت هذه الأغنية واحدةً من العديد من كلمات الأغاني المدرجة في الرواية، وبالتالي اعتُبر رشدي كاتب أغاني.

كتب رشدي روايته غضب التي تركزت أحداثها في نيويورك وتجنب فيها أسلوبه السردي الممتد الذي يشمل أجيالًا وفتراتٍ وأماكن عديدة، وكتب رشدي بعدها رواية شاليمار المهرج في عام 2005، التي حظيت بمديح عدد من النقاد باعتبارها عودة إلى أسلوبه القديم، إذ تتركز أحداثها حول قصة حبّ وخيانة في كشمير ولوس أنجلوس.

أعرب رشدي عن إعجابه بالكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو والكاتب الأمريكي توماس بينشون وآخرين ضمن مجموعته الواقعية لعام 2002 خطوات تقطع الخط.

تأثر رشدي في بداية مسيرته الأدبية بخورخي لويس بورخيس وميخائيل بولغاكوف ولويس كارول وغونتر غراس وجيمس جويس، زكان رشدي صديقا مقربا للروائية أنجيلا كارتر، إذ أشاد بها في مقدمة مجموعتها برنينج يور بوتس.

نشرت رواية رشدي لوكا ونار الحياة باعتبارها استكمالا لـ هارون وبحر القصص، وذلك في شهر نوفمبر من عام 2010 لتحظى على استحسان النقاد، ووفي وقت سابق من ذلك العام، أعلن رشدي أنه يكتب مذكراته التي نشرها في شهر سبتمبر من عام 2012 تحت عنوان جوزيف أنطون: مذكّرات.

أصبح سلمان رشدي واحدا من أوائل المؤلفين الذين تبنوا فكرة شركة بوكتراك (وهي شركة تزامن الكتب الالكترونية مع موسيقى تصويرية مخصصة)، وذلك عند نشره لقصّته القصيرة في الجنوب على هذه المنصّة في عام 2012.

شهد عام 2015 نشر رواية رشدي تحت عنوان سنتان وثمانية شهور وثمان وعشرين يومًا وليلة، التي عاد من خلالها إلى أسلوبه القديم المُحبّب من الواقعية السحرية.

صممت هذه الرواية في هيكل صندوق أسرار صيني بطبقات مختلفة، واستندت هذه الرواية على الصراع الرئيسي للباحث والفيلسوف ابن رشد (الذي اشتُقّ من اسمه اسم عائلة رشدي)، إذ يستكشف رشدي في هذه الرواية العديد من المحاور العابرة للحدود والكوسموبوليتية عن طريق تصوير حرب كونية مصاحبةٍ لعالم خارق للطبيعة من كائنات الجن.

نشر رشدي روايته البيت الذهبي في عام 2017، التي كانت رواية ساخرة تدور أحداثها في أمريكا المعاصرة.

شهد عام 2019 نشر رشدي لروايته الرابعة عشر كيشوت، التي استوحاها من رواية ميغيل دي ثيربانتس الكلاسيكية دون كيخوتي.

محاولة الاغتيال
في 12 أغسطس 2022 تعرض سلمان رشدي للطعن في عنقهِ من قبل شخص في قاعة كان يستعدّ سلمان لإلقاء محاضرة فيها تقع غرب ولاية نيويورك، ثم نقل بطائرة مروحية إلى مستشفى قريب في المنطقة.

وألقت الشرطة القبض على الشخص المشتبه بهِ في الهجوم، ولقد وضع سلمان رشدي على جهاز التنفس الاصطناعي بعد إجراء عملية جراحية لهُ استغرقت ساعات عدة جراء تعرضه للطعن في عدة مواضع من جسده، ومن المحتمل أن يفقد سلمان إحدى عينيه، وقد قطعت أعصاب ذراعه وتعرض كبده للطعن والتلف بحسب وكيله الأدبي.

في أكتوبر 2022 وبعد شهرين من محاولة اغتيال رشدي ذكر وكيل أعماله أندرو وايلي أن إصابات الروائي، بالغة، وأكد في تصريح صحفي أنه فقد البصر في إحدى عينيه، وأصيب بثلاثة جروح خطيرة في رقبته وإحدى يديه؛ ما تسبب في العجز بسبب قطع الأعصاب في ذراعه، إضافة إلى 15 إصابة، في الصدر والجذع.

وتأتي محاولة الاغتيال تلك امتداد لحالة السخط المستمرة ضد سلمان رشدي منذ إصدار روايته الأكثر جدلا "آيات شيطانية" والتي فتحت عليه النار من الجالية المسلمة ببريطانيا وحتى أقيمت بعض الاحتجاجات في كل من باكستان وإيران ضد الرواية وضد سلمان رشدي نفسه، حتى أصدر مرشد إيران آنذاك أيه الله الخميني في 14 فبراير عام 1989 فتوى بقتله من خلال راديو طهران.

وبالفعل في 3 أغسطس عام 1989 فشلت محاولة لاغتياله بواسطة كتاب مفخخ، حاول تمريره عنصر من "حزب الله"، يدعى مصطفى مازح، وانفجر الكتاب بشكل مبكر مما أدى إلى مقتل الأخير وتدمير طابقين من فندق بادينجتون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved