شبهات عدم الدستورية تلاحق 6 مواد فى قانون مكافحة الإرهاب

آخر تحديث: الأربعاء 19 أغسطس 2015 - 9:56 ص بتوقيت القاهرة

كتب ــ محمد بصل:

خلاف حول مواد الاتفاق الجنائى والأعمال التحضيرية للجريمة.. وفقرتين فى مادة نشر البيانات الخاطئة.. والتدابير الرئاسية والتعويضات

منذ أن صدر قانون مكافحة الإرهاب أمس الأول، قامت «الشروق» باستطلاع آراء مصادرها القضائية والقانونية من قضاة ومحامين وحقوقيين، فأشارت أغلبية الآراء إلى وجود شبهات بعدم الدستورية فى 6 مواد رئيسية، نجملها فى 5 نقاط.

1 ــ المادة 6: «.. يعاقب بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة كل من اتفق أو ساعد ــ بأية صورة ــ علـى ارتكاب الجرائم، ولو لم تقع الجريمة بناء على ذلك الاتفاق أو تلك المساعدة».
والمادة 30 «يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد الذى لا تقل مدته عن 7 سنين كل من اشترك فى اتفاق جنائى الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية...».
والمادة 34 «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بأى عمل من أعمال الإعداد أو التحضير لارتكاب جريمة إرهابية حتى ولو لم يتعد عمله هذا الإعداد أو التحضير».

يثير البعض شبهة عدم دستورية حول النصوص الثلاثة أسوة بحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 2 يونيو 2001 بعدم دستورية المادة 48 من قانون العقوبات الخاصة بالاتفاق الجنائى، والتى كانت تنص فى أحكامها على تجريم الاشتراك فى الاتفاق الجنائى سواء كان الغرض منه ارتكاب جناية أو اتخاذها وسيلة لغرض آخر، وكذلك تجريم التحريض على الاتفاق».

ويستند هذا الفريق إلى حيثيات الحكم التى اعتبرت أن «تجريم مجرد اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب أى جناية أو جنحة أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها، وتحديد عقوبة لذلك بذات عقوبة ارتكاب الجناية، هو منهج يتنافر مع سياسة العقاب على الشروع فى ارتكاب الجناية، ومناقض للأسس الدستورية للتجريم».

وذكرت الحيثيات أن «مجرد العزم على ارتكاب الجريمة أو القيام بأعمال تحضيرية لها لا يعتبر شروعا، لأن الشروع هو البدء فى تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها» مما يمايز بين مجرد الاتفاق والتسهيل، وبين الشروع المجرم قانونا، وكذلك التحريض الذى جرت التشريعات المصرية على تجريمه بذات عقوبة الفاعل الأصلى.

وفى المقابل يرى فريق آخر أن «تحديد العقوبة فى المواد الثلاثة من سلطة المشرع متفقا مع مبدأ الزجر الخاص للمجرم والردع العام للغير».

2 ــ المادة 35 الخاصة بنشر البيانات غير الحقيقية عن الأعمال الإرهابية: «.. وفى الأحوال التى ترتكب فيها الجريمة بواسطة شخص اعتبارى، يُعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية لهذا الشخص بذات العقوبة المقررة فى الفقرة الأولى من هذه المادة ما دامت الجريمة قد ارتكبت لحسابه أو لمصلحته، ويكون الشخص الاعتبارى مسئولا بالتضامن عما يحكم به من غرامات وتعويضات...»
ترى مصادر قانونية وقضائية شبهتى عدم دستورية فى هذه الفقرة؛ الأولى فيما تضمنته من افتراض تعمد الشخص الاعتبارى (صحيفة أو قناة مثلا) نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج الأخبار والبيانات غير الحقيقية، مثلها مثل المتهم الأصلى بذلك، والذى ربما قد تعمد ارتكاب الجريمة بمفرده، مما يعتبر افتراضا مسبقا لارتكاب الشخص الاعتبارى للجريمة، دون تحقيق يثبت ذلك.

والشبهة الثانية أن المادة حددت المدير الفعلى للشخص (رئيس التحرير أو رئيس القناة) كمتهم أيضا بالاشتراك مع المتهم الأصلى، دون تحقيق فى مدى مسئوليته عن النشر، كما كانت تنص المادة 195 من قانون العقوبات التى حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها فى أول فبراير 2007 فى قضية الكاتب ثروت أباظة ضد الصحفيين عمرو ناصف ومصطفى بكرى، وذلك لأنها وفقا للحيثيات «افترضت المسئولية الجنائية لرئيس تحرير الجريدة بصفته فاعلا أصليا للجرائم التى ترتكب بواسطة صحيفته، دون بيان ما إذا كان هذا إهمالا منه أم عمدا».د

بينما يرى مصدر قضائى بمجلس الدولة أن هذه الفقرة دستورية لأن المدير الفعلى للشخص الاعتبارى هو الوحيد الذى يمكن من خلاله مساءلة هذا الشخص عن مخالفاته، وأن النص الذى أبطلته «الدستورية» كان يرتب مسئولية مباشرة لرئيس التحرير عن جرائم المحررين.

3 ــ المادة 35 الخاصة بالصحفيين أيضا: «... وفى جميع الأحوال، للمحكمة أن تقضى بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على سنة، إذا وقعت الجريمة إخلالا بأصول مهنته».
يرى فريق أن هذه الفقرة تسند بغير حق سلطة تأديب الصحفيين إلى المحكمة الجنائية بدلا من النقابة التى ينص قانونها على توليها منفردة تأديب الصحفيين وكذلك مجلس الدولة المختص دستوريا بالطعون التأديبية، باعتبار أن حكم وقف مزاولة المهنة تأديبى وليس جنائيا.

بينما ترى مصادر قضائية بمجلس الدولة ومحكمة النقض أن هذا النص ــ على الرغم من كونه قاسيا من الناحية الموضوعية ــ دستورى، لأنه يرتب عقوبة تبعية إلى جانب العقوبة الأصلية المتمثلة فى الغرامة من 200 ألف إلى 500 ألف جنيه، كما أن المادة لا تحول دون مباشرة النقابة سلطتها التأديبية لأنها تضمنت عبارة «دون الإخلال بالعقوبات التأديبية المقررة».د

4 ــ مادة 53 التى تتيح لرئيس الجمهورية فى حالة الجرائم الإرهابية أو الكوارث البيئية أن يصدر قرارا باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، بما فى ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، لمدة لا تجوز 6 أشهر.

يذهب معارضو هذه المادة إلى أنها أجازت لرئيس الجمهورية اتخاذ تدابير تعطل بعض أحكام الدستور، ومنها حظر التجول، دون سند دستورى، بتدابير استثنائية تختلف عن حالة الطوارئ المقررة دستوريا، سواء فى المدة أو طريقة تفعيلها بموافقة البرلمان، وذلك رغم أن البرلمان ذاته لا يستطيع اتخاذ مثل هذه التدابير.

ويستند المعارضون إلى حيثيات حكم «الدستورية» فى 2 يونيو 2013 بإبطال بعض بنود قانون الطوارئ، والتى ذكرت أن «قانون الطوارئ وأيا كانت مبرراته يظل على طبيعته كعمل تشريعى يتعين أن يلتزم بأحكام الدستور كافة، وفى مقدمتها صون حقوق وحريات المواطنين» والتى من بينها حرية المواطنين فى التحرك والانتقال داخليا وخارجيا إلا بقرار قضائى.

ويقتبس هذا الفريق من الحيثيات أيضا أن «نصوص الدستور لا تتعارض أو تتهادم أو تتنافر فيما بينها، ولكنها تتكامل فى إطار الوحدة العضوية التى تنتظمها من خلال التوفيق بين مجموع أحكامها، مما يجعل منها نسيجا متآلفا متماسكا، ذلك أن إنفاذ الوثيقة الدستورية وفرض أحكامها على المخاطبين بها يفترض العمل بها فى مجموعها» فالمادة 237 من الدستور تلزم الدولة بمواجهة الإرهاب «مع ضمان الحقوق والحريات العامة».

وفى المقابل يرى مؤيدو هذا النص أنه دستورى 100% ويستند إلى المادة 156 من الدستور التى تجيز للرئيس اتخاذ قرارات بتدابير لا تحتمل التأخير فى غيبة البرلمان وأن يدعوه لعرض الأمر عليه.

5 ــ مادة 54 الخاصة بوثائق التأمين الإجبارى الشامل التى ستبرمها الدولة مع شركات التأمين لتغطية جميع الأخطار الناجمة عن الجرائم الإرهابية التى تصيب أى فرد من أفراد القوات المسلحة أو قوات الشرطة، وذلك فيما تضمنته من إلغاء مقترح «تخصيص جزء من الأموال المحكوم بمصادرتها فى الجرائم الإرهابية لصرف تعويض عادل لكل مواطن تضرر من الجرائم الإرهابية» ووضع نص جديد يقضى بأنه «لرئيس مجلس الوزراء تخصيص جزء من الأموال أو المتحصلات المحكوم بمصادرتها فى الجرائم الإرهابية لسداد التزامات الدولة فى وثيقة التأمين الإجبارى».

وترى مصادر قضائية أن هذا النص معيب ويمكن تطبيق رقابة المحكمة الدستورية عليه، لأنه أغفل تنفيذ إلزام دستورى ورد فى المادة 237 «.. وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه» حيث أهمل المواطنين العاديين الذين قد يضارون من الإرهاب، وقصر صرف التعويض العادل على الجيش والشرطة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved