تجارة الأفيون.. نعمة طالبان وحيلة الحركة للحصول على الشرعية الدولية

آخر تحديث: الخميس 19 أغسطس 2021 - 8:55 م بتوقيت القاهرة

عبدالله قدري

في أول مؤتمر صحفي عقدته حركة طالبان بعد سيطرتها على مقاليد الحكم في أفغانستان، حرصت الحركة على بيان موقفها من أحد الملفات الشائكة، والتي في مقدمتها زراعة الأفيون والمخدرات، في البلد التي تعد مركزا عالميا لإنتاج المخدرات.

وقالت المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد، إن الحركة تطمئن العالم بأن أفغانستان لن تكون مركزا لإنتاج أي نوع من أنواع المخدرات، وأن الحركة ستحاول القضاء على المخدرات، وطالب المجتمع الدولي بمساعدة ودعم المزارعين الأفغان لحثهم على ترك زراعة الخشخاش.

وارتبطت أفغانستان بزراعة المخدرات، في أعقاب الحرب على الإرهاب التي شنتها الولايات المتحدة وحلفائها على كابل في عام 2001، وتسببت هذه الحرب في دمار واسع، ومعاناة إنسانية، جعلت العديد من الأفغان الأكثر احتياجا يعتمدون على تجارة المخدرات للبقاء على قيد الحياة.

وبالرغم من نفي طالبان اعتمادها على تجارة المخدرات في تمويل عملياتها، إلا أن تقارير ودراسات تحدثت عن استفادة الحركة من حالة الفوضى التي جرت في البلاد طيلة العقدين الماضيين، لزيادة إنتاجية تجارة الأفيون في البلاد.

وشهدت السنوات الأربع الماضية بعض المستويات العالية من إنتاج الأفيون في أفغانستان، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. حتى مع تفشي جائحة كوفيد - 19، ارتفعت زراعة الخشخاش بنسبة 37% العام الماضي.

وتحدث سيزار جودس رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في كابل، وقال في حديث إلى وكالة رويترز، إن حركة طالبان تعتمد على تجارة الأفيون الأفغانية كأحد مصادر دخلها الرئيسية"، مضيفا أن المزيد من الإنتاج يجلب المخدرات بسعر أرخص وأكثر جاذبية، وبالتالي سهولة الوصول إليها على نطاق أوسع".

وقال خبراء إن طالبان حظرت زراعة الخشخاش في عام 2000 سعيا وراء الشرعية الدولية، لكنها واجهت ردة فعل شعبية عنيفة وغيرت موقفها في الغالب في وقت لاحق.

ويشير الكاتب الصحفي فهمي هويدي، إلى هذا الأمر في كتابه "طالبان جند الله في المعركة الغلط" الصادر عن الشروق عام 2001، وفيه يرصد الكاتب مشاهد من زياته إلى أفغانستان أثناء تجربة طالبان الأولى في الحكم قبل عام 2001، كما يسجل فيه بعض حواراته مع قادة طالبان، لا سيما حول زراعة الأفيون.

وتحت عنوان "عندما يكون الأفيون هو الحل!"، قال هويدي، إن تدهور الأوضاع الاقتصادية دفع قطاعات عريضة إلى الاقتناع بأن زراعة المخدرات هي الحل، وهو حل سيئ لا ريب، لكنه أصبح الآن ضرورة، لأن البديل المتاح أسوأ، حيث يصبح الناس مهددين بتدهور أحوالهم المعيشية التي هي متدهورة أصلا، الأمر الذي يجعل من الصعب على الناس أن يستجيبوا لطلب منه زراعة المخدرات، حيث إن ذلك سيعرضهم للجوع والفاقة، وأي سلطة تحاول فرض ذلك بالقوة ستقابل بالتمرد والمقاومة.

ونقل هويدي جزءا من حواره مع القائم بأعمال رئيس مجلس مكافحة المخدرات في ذلك الوقت الملا فدا محمد رحماني، الذي قال إن حكومة طالبان تحرم تعاطي الحشيش والأفيون، ولكنها تفرق في الزراعة بين الأفيون والحشيش، فبينما تمنع زراعة الحشيش وتداوله، فإنها تفرق بين زراعة الأفيون وتصنيعه.

يقول الملا فد رحماني: "إن علمائنا لم يجدوا سببا لتحريم زراعة الأفيون، خصوصا بعد ما تبين أن هناك 11 صنفا من الأدوية المهمة، التي منها أدوية التخدير والمضادات الحيوية، تعتمد على الأفيون بدرجة أو بأخرى، لذلك فإن علمائنا رأوا أن القليل منه مطلوب".

وأضاف أن "الرغبة الحكومية تعمل على عدم التوسع في زراعة الأفيون، لكن هذه الرغبة يتعذر إلزام الناس بها بسبب ظروفهم الاقتصادية. وما لم يوجد بديل يوفر للناس عائدا يسمح لهم بمواجهة أعباء الحياة، فإن أي حظر حكومي لن يكون مجديا"، وفقا لقوله.

وعقب هويدي على هذه التصريحات بقوله إن "الحديث عن إباحة زراعة الأفيون بحجة أنه مطلوب لتصنيع الأدوية غير مقنع. كما أن المطلوب من الأفيون يمكن توفيره من خلال تحديد مساحات معينة تقوم بها شركات الأدوية، بحيث تصبح هذه العملية تحت السيطرة، ولا تطلق للأفراد التي يترتب عليها قتل الملايين وتدمير حياتهم بهذه الصورة، ولأن تصنيع الأدوية تحتاج في الأغلب إلى كميات محدودة، بينما الضرر الناتج من زراعة الأفيون هو الأعم والأغلب، فأحسب أن الموقف الشرعي الصحيح يكون بتحريم الزراعة والتصنيع".

وتابع هويدي نقل فصول من زيارته إلى أفغانستان، فقال إنه علم أن الملا محمد عمر - أمير المؤمنين - في أفغانستان، أدلى بحديث صحفي إلى وكالة بختار الأفغانية الرسمية، قال فيه إن الحركة ستحاول جديا منع زراعة الأفيون، إذا ما اعترفت الأمم المتحدة بنظامها.

وهو ما جعل هويدي يقول إن الحركة تحاول أن تستخدم زراعة الأفيون كورقة ضغط في مواجهة الأمم المتحدة والدول الغربية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved