ألمانيا.. حظر المظاهرات التضامنية مع فلسطين يثير جدلا دستوريا حول حرية الرأي والتعبير

آخر تحديث: الخميس 19 أكتوبر 2023 - 5:37 م بتوقيت القاهرة

برلين- محمد مجدي:

فقيه دستوري ألماني: منظمو المسيرات المؤيدة للفلسطينيين لم يلجأوا إلى القضاء حتى الآن ضد إجراءات الحظر

أثار الحظر المتكرر للمظاهرات التضامنية مع فلسطين في العاصمة الألمانية برلين، جدلا سياسيا ودستوريا حول مبدأ حرية التعبير عن الرأي في ألمانيا.

ورفضت الشرطة الألمانية ببرلين، عدة طلبات للتظاهر تضامنا على غزة قدمتها جمعيات فلسطينية وألمانية منذ الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الفلسطينية حماس على المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة بغلاف غزة قبل أسبوعين.

وأعرب الفقيه الدستوري الألماني ميشائيل فارزه عن اعتقاده بأن إجراءات الحظر المفروضة على التعبير عن التضامن مع الفلسطينيين في تجمعات أو داخل مدارس "تعتبر إشكالية في بعض الأحيان"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

وقال عالم القانون بجامعة هيلدسهايم الألمانية اليوم، في حوار صحفي على الإنترنت مع منصة الخدمة الإعلامية "انترجراتسيون/اندماج/"، إن التدخل في حرية التجمعات لا يجوز "إلا إذا كان التجمع نفسه يمثل تهديدا للنظام العام والأمن العام".

وأشار إلى أن هذه هي فقط الحالة المسموح فيها بالتدخل في حرية التجمعات وهي عندما يكون هناك توقعات بحدوث أعمال تقع تحت طائلة القانون " لكن ليس من مجرد أفراد في التجمع بل على سبيل المثال من غالبية المشاركين أو حتى من جانب المنظمين".

ورأى فارزه أن الحجة التي يجري الدفع بها حاليا هو أن "وضع الصراع في الوقت الحالي مشحون لدرجة يتعين معها الافتراض في كل تجمع ستحدث فيه أعمال تقع تحت طائلة القانون مثل إقرار الهجمات الإرهابية من جانب حركة حماس".

وأردف: "أود أن أضع علامة استفهام كبيرة حول ما إذا كانت مثل هذه الإجراءات واسعة النطاق من الحظر مبررة في ظل هذا التعميم".

وفسر فارزه سبب عدم صدور قرار من المحكمة الدستورية الاتحادية بهذا الخصوص حتى الآن بأن منظمي المسيرات المؤيدة للفلسطينيين لم يلجأوا إلى القضاء حتى الآن ضد إجراءات الحظر بخلاف ما يفعله اليمينيون المتطرفون الذين كثيرا ما يستشكلون على قرارات حظر مظاهراتهم أمام القضاء.

وأعرب فارزه عن اعتقاده بأن وزيرة التعليم في ولاية برلين كاتارينا جونتر-فونش وضعت نفسها في "منطقة رمادية" من خلال المنشور الذي وجهته إلى إدارات المدارس.

وكانت السياسية المنتمية إلى الحزب المسيحي الديمقراطي بعثت بهذا المنشور في الثالث عشر من شهر أكتوبر الجاري، وحظرت فيه حمل رموز غير مخالفة للقانون مثل الملصقات التي تحمل عبارة "فلسطين حرة" أو ارتداء الوشاح الفلسطيني وبررت ذلك بالحفاظ على السلم العام في مدارس الولاية.

وكتبت الوزيرة في الخطاب أيضا موجهة حديثها إلى مديري المدارس:" بوصفكم المسؤولين الميدانيين بمقدوركم أن تقيموا الإجراءات الفردية التي تعتبرونها متناسبة وفعالة بالنسبة لمدارسكم ضمن الإطار الموضح في هذا الخطاب".

ونوه فارزه إلى أن من الممكن بالتأكيد إثارة شكوك من الناحية القانونية على التصنيفات المذكورة في هذا الخطاب ومنها على سبيل المثال ارتداء الوشاح الفلسطيني وما إذا كان من الممكن اعتبار هذا الأمر "تأييدا لحركة حماس أو الهجمات الإرهابية على إسرائيل أو أنه مجرد تعبير عن التضامن بوجه عام".

ومع كثرة طلبات التظاهرة، سمحت شرطة برلين، هذا الأسبوع فقط بوقفات محدودة، انتهت بأحداث شغب وإلقاء القبض على بعض المحتجين وإصابة العشرات من الجانبين.

ودافعت وزيرة الداخلية الألمانية ريتا شفارتسهلور-زوتر، عن قرارات الحظر الأخيرة على المظاهرات المناوئة لإسرائيل، قائلة في جلسة نقاش بالبرلمان عن الأحداث الراهنة، أمس الأربعاء، إن كل فرد في ألمانيا مسموح له بأن يعبر عن رأيه بحرية وبالتظاهر بشكل سلمي.

وفي الوقت نفسه، قالت المسؤولة الألمانية:" هناك خط أحمر عريض للغاية: ليس هناك أي تسامح مع التحريض المعادي للسامية والمعادي لإسرائيل. ليس هناك أي تسامح مع العنف".

وذكرت شفارتسهولر-زوتر أن الدولة تقوم بتفعيل هذا الخط من خلال حظر تجمعات إذا كان هناك تهديد بأن هذه التجمعات ستتضمن تحريضا معاديا للسامية، وأردفت أن من الممكن أيضا أن يكون هناك "تدخل شرطي صارم" إذا تطلب الأمر.

وخلال الأيام الأخيرة شهدت برلين ومدن ألمانية أخرى مظاهرات مؤيدة لفلسطين منذ بدء التصعيد الأخير للصراع في الشرق الأوسط.

وأعلنت متحدثة باسم شرطة برلين، الخميس، أن قوات الشرطة أوقفت 174 شخصا خلال هذه الأعمال بحي نويكولن وسط العاصمة برلين، والذي يسكنه كثير من العرب في برلين، فيما نفت الشرطة مقتل أحد الأطفال خلال أعمال فض الشغب أمس.

وبحسب المتحدثة، تعرض 65 فردا من أفراد الشرطة للإصابة خلال هذه الأعمال، وأوضحت أن واحدا منهم اضطر لإنهاء خدمته، وأشارت إلى أنه تم بدء إجمالي 65 قضية تحقيق.

يذكر أن حي نويكولن شهد أعمال شغب ليلة الأربعاء/الخميس، واحتدمت الأجواء بشدة حول شارع "زونين أليه" وهو أحد الشوارع الشهيرة بأنها تكتظ بأعداد كبيرة من العرب، وكذلك الأتراك، في برلين. وخلال أعمال الشغب تم إشعال ألعاب نارية وإلقاء مواد مشتعلة وحجارة على سيارات الشرطة.

وخلال الأيام الأخيرة شهدت برلين ومدن ألمانية أخرى مظاهرات مؤيدة لفلسطين منذ بدء التصعيد الأخير للصراع في الشرق الأوسط. لكن إجراءات الحظر كانت أكثر حدة في العاصمة.

وبعد هجوم حماس، وزع نشطاء من حركة صامدون الفلسطينية في ألمانيا الحلوى على المارة احتفاء بالهجوم. الأمر الذي قوبل بإعلان الحكومة الألمانية حظر نشاط حماس في ألمانيا وشبكة "صامدون" الفلسطينية.

وتعهد المستشار الألماني، أولاف شولتس، باتخاذ كافة الخيارات التشريعية للتصدي الصارم لمعاداة السامية في ألمانيا.

وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع العاهل الأدرني الملك عبدالله الثاني أول أمس الثلاثاء: "معاداة السامية غالبا ما تكون مقرونة بانقسام المجتمع ومعاداة الأجانب بوجه عام، ولذلك يتعين علينا بوجه عام التصدي لكل هذه الأمور وأن نكون أقوياء للغاية".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved