حوار| ممثل صندوق النقد بمصر: صرف الدفعة الأولى من القرض الجديد خلال أيام.. والباقي على دفعات متساوية

آخر تحديث: الإثنين 19 ديسمبر 2022 - 2:59 م بتوقيت القاهرة

حوار- أحمد إسماعيل وفريدة خضر

• سعر الصرف المرن يساعد على امتصاص الصدمات الخارجية وإعادة بناء الاحتياطيات وخفض التضخم تدريجيا
• البرنامج الجديد يهدف لمعالجة نقاط ضعف الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو
• الحكومة تعمل على إطالة آجال استحقاق الدين العام المحلي لتقليل احتياجاتها التمويلية
• نتوقع تدفقات استثمارية أقوى لمصر بفضل سعر الصرف المرن
• التضخم كان تحديا عالميا هذا العام.. ومصر ليست استثناء
• نتوقع استمرار ارتفاع التضخم خلال العام المالي الحالي ويتراجع في السنوات اللاحقة
• الإجراءات الاجتماعية وفرت الحماية للفئات الضعيفة من تدهور قوتها الشرائية بسبب التضخم
• التقديرات تشير إلى ظهور فجوة تمويلية في مصر بـ17 مليار دولار خلال السنوات الأربع القادمة
• سياسة ملكية الدولة خطوة أساسية في صياغة استراتيجية لتحقيق نمو أقوى يقوده القطاع الخاص

كشف سعيد بخاش، الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في مصر، أن الصندوق سيصرف الدفعة الأولى من القرض الجديد بقيمة 347 مليون دولار، خلال الأيام القليلة المقبلة، مضيفا أن البرنامج الجديد للحكومة المصرية، والمدعوم من الصندوق، يهدف إلى معالجة نقاط ضعف الاقتصاد الكلي بشكل مستدام، وتعزيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص، وخلق فرص عمل.

وتابع بخاش، في حوار مع «الشروق»، أن البرنامج الجديد للحكومة المصرية يركز على تعزيز القدرة على تحمل الديون، عن طريق حصر نسبة الدين الحكومي العام إلى إجمالي الناتج المحلي في مسار هبوطي، مشيدا بالإجراءات الاجتماعية التي اتخذتها السلطات المصرية لحماية الفئات الضعيفة من تدهور قوتها الشرائية بسبب التضخم.

ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، الجمعة الماضي، على عقد اتفاق مع الحكومة المصرية؛ لترتيب قرض مدته 46 شهرًا، تحصل مصر بموجبه على 3 مليارات دولار.

وإلى نص الحوار:

• وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على منح مصر قرض بقيمة 3 مليارات دولار، فما الخطوات التي يتعين على الحكومة المصرية اتخاذها الآن؟ ومتى تحصل مصر على الشريحة الأولى؟

- بموجب موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على منح مصر قرض بقيمة 3 مليارات دولار، سيتم صرف الدفعة الأولى منه بقيمة 347 مليون دولار خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث من المتوقع أن يتم صرف المبلغ المتبقي خلال مدة البرنامج على شرائح متساوية.

وسيساعد البرنامج الجديد للحكومة المصرية، والمدعوم من صندوق النقد الدولي، على تمويل إضافي من الشركاء الدوليين والإقليميين، كما أن البرنامج يهدف إلى معالجة نقاط ضعف الاقتصاد الكلي بشكل مستدام، وتعزيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص، وخلق فرص عمل، حيث يقوم على 3 ركائز رئيسية، تتضمن سياسات سعر الصرف والنقدية التي ترتكز على التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن الذي من شأنه أن يساعد في امتصاص الصدمات الخارجية، وإعادة بناء الاحتياطيات، مع خفض التضخم تدريجياً.

كما سيساعد الانضباط المالي المستمر والسياسات الهيكلية المالية في الحفاظ على ثقة السوق وضمان المسار التنازلي لنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، مع تعزيز عملية الميزانية وتحسين تكوين الميزانية للسماح بالتوسع في الإنفاق الاجتماعي.

وستساعد أجندة الإصلاح الهيكلي الواسعة في تعزيز استثمارات القطاع الخاص وتأمين نمو قوي وشامل على المدى المتوسط، بما في ذلك من خلال تقليل تأثير الدولة في الاقتصاد، وتسوية ساحة اللعب بين الشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة، وإزالة الحواجز أمام التجارة، وتعزيز الشفافية والحوكمة في القطاع العام.

ومصر حققت بداية جيدة في تنفيذ الإصلاحات في هذه المجالات الثلاثة، بما في ذلك من خلال التزام البنك المركزي المصري بوقف التدخل في سوق الصرف الأجنبي، والتنفيذ القوي للميزانية المتفق عليها التي سمحت بإنفاق اجتماعي إضافي، وتعزيز سياسة ملكية الدولة، وبيع الأصول العامة في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى الاستمرار في مسار السياسات الكلية المنضبطة، لكن من الضروري أن تحرز السلطات مزيدًا من التقدم في تهيئة الظروف المناسبة للنمو الذي يقوده القطاع الخاص، بما في ذلك التحرك بسرعة لبدء تنفيذ سياسة ملكية الدولة.

وتجدر الإشارة إلى أننا سنعمل مع السلطات على مدار برنامج السنوات الأربع، لتحديد المزيد من التدابير التي ستكون ضرورية لتأمين هذا الهدف الحاسم.

• ما توقعاتك لنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر، خاصة بعد القرض الأخير؟ وما أولويات الإنفاق العام التي يجب أن تضعها مصر الآن؟ وكيف يجب على الحكومة إدارة الدين العام؟

- يركز البرنامج الجديد للحكومة المصرية على تعزيز القدرة على تحمل الديون عن طريق حصر نسبة الدين الحكومي العام إلى إجمالي الناتج المحلي على مسار هبوطي، والذي من المتوقع أن يصل إلى 81% بنهاية السنة المالية 2025-2026، وأقل من 75% بحلول السنة المالية 2027-2028، ومن المتوقع أن يتحقق ذلك من خلال الانضباط المالي المستمر تجاه الفوائض الأولية البالغة 1.7% و2.1% و2.3% من إجمالي الناتج المحلي في 2022-2023 و2023-2024، و2024-2025 على التوالي، مع ضمان الإنفاق الكافي على الحماية الاجتماعية.

بالإضافة إلى ذلك، ستعمل الحكومة جاهدة لإطالة آجال استحقاق الدين العام المحلي لتقليل احتياجاتها التمويلية الإجمالية، وستساعد عائدات برنامج التصفية الجاري في تعزيز وضع المالية العامة وخفض الدين العام بشكل أكبر، كما ستكون تعبئة الإيرادات المحلية أساسية للمساعدة في دعم هذا الجهد من خلال خلق مساحة للإنفاق ذي الأولوية والدعم المستهدف للفئات الضعيفة.

• ما رأيك في السياسة النقدية لمصر خاصة بعد التحرير الكامل لسعر الصرف وتكييف أسعار الصرف المرنة؟ وما هي السياسات التي تنصحون البنك المركزي باعتمادها في المستقبل القريب؟ ومتى ترى مصر استقرارا في سعر الصرف؟ وما توقعاتك للتضخم في مصر بنهاية السنة المالية الحالية؟

- الهدف من سياسة سعر الصرف في إطار البرنامج المدعوم من الصندوق هو تحديد قيمة الجنيه المصري بحرية مقابل العملات الأخرى، الأمر الذي من شأنه يجنب تراكم الاختلالات المزمنة في الطلب على العملات الأجنبية وعرضها في مصر، والحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي، وسيستلزم ذلك أيضًا إزالة القيود المفروضة على تمويل الواردات، بحيث لا يواجه المستوردون تأخيرات في الوصول إلى النقد الأجنبي، ولا تستمر الأعمال المتراكمة في تخليص الواردات، وفي ظل هذا الإطار، نتوقع أن نلاحظ تحركات في اتجاهين في سعر الصرف، حيث يرتفع أو ينخفض تماشيًا مع الظروف الاقتصادية.

والمرونة في سعر الصرف ستحقق العديد من الفوائد، حيث ستساعد الاقتصاد المحلي المصري على التكيف بشكل أكثر سلاسة مع الصدمات الخارجية، وندعم قدرة الشركات المصرية على بيع سلعها وخدماتها في الخارج، وتشجع على زيادة الاستثمار من خلال تقليل احتمالية حدوث تغييرات مفاجئة كبيرة في سعر الصرف.

بالإضافة إلى ذلك، فإن سعر الصرف المرن من شأنه أن يساعد في الحفاظ على احتياطيات البنك المركزي، فبمجرد أن تكون هناك ثقة في تطبيق هذا الإطار، نتوقع أن نرى تدفقات استثمارية أقوى إلى مصر، وفي الوقت نفسه، يحرز البنك المركزي الأوروبي تقدمًا في تعزيز التحويل النقدي بشكل أساسي من خلال نقل خطط الإقراض المدعوم إلى الحكومة، وضمان تحويل معدل السياسة إلى أسعار الفائدة الأخرى في الاقتصاد.

ونتيجة لذلك، سيكون البنك المركزي المصري أكثر قدرة على استخدام السياسة النقدية لتوجيه التضخم إلى النطاق المستهدف للبنك المركزي ولإرساء توقعات التضخم، والذي كان تحديًا عالميًا هذا العام، ومصر ليست استثناءً.

ونتوقع أن يظل التضخم مرتفعا خلال السنة المالية 2022-2023 قبل أن يتراجع نحو النطاق المستهدف في السنوات اللاحقة، بالإضافة إلى تشديد السياسة النقدية في أواخر أكتوبر، والذي كان يهدف إلى تخفيف الضغط على الأسعار، فيما نشيد بالإجراءات الاجتماعية التي اتخذتها السلطات المصرية لحماية الفئات الضعيفة من تدهور قوتها الشرائية بسبب التضخم.

• كم تقدر فجوة التمويل في الاقتصاد المصري؟

- يتم تقدير فجوة التمويل بناءً على توقعات العوامل المتعلقة بتدفق النقد الأجنبي إلى الاقتصاد المصري وخروجه، بما في ذلك الطلب على العملات الأجنبية لإعادة بناء الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي.

نتوقع أداء الحساب الجاري الخارجي (بما في ذلك الصادرات والواردات من السلع والخدمات والتحويلات)، والاستثمار الأجنبي المباشر، والتمويل الخارجي المتوقع، والمستوى المناسب لاحتياطيات النقد الأجنبي، في ضوء السلوك المتوقع للسياسة الكلية ومجموعة ظروف السوق العالمية التي تعتبر مهمة للاقتصاد المصري (مثل النمو العالمي والظروف المالية وأسعار السلع).

وتشير التقديرات إلى ظهور فجوة تمويلية بحوالي 17 مليار دولار لمصر على مدى السنوات الأربع القادمة، فيما تم تصميم التمويل الجديد من صندوق النقد الدولي لسد جزء من هذه الفجوة.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يحفز البرنامج المدعوم من الصندوق التمويل الإضافي من المؤسسات المتعددة الأطراف الأخرى والشركاء الثنائيين ومستثمري القطاع الخاص لسد الفجوة المتبقية، وسيشمل التمويل الإضافي عائدات مبيعات الأصول المملوكة للدولة.

• هل مصر بحاجة لمزيد من برامج الحماية الاجتماعية؟

- أحرزت السلطات المصرية تقدما جيدا للغاية في تصميم وتنفيذ برامج حماية اجتماعية هادفة، ويعد برنامج تكافل وكرامة ممتازا ونموذجيا لأنه يستهدف الفئات الأكثر ضعفا، وبالتالي يضمن استخدام الموارد العامة بكفاءة أكبر لمن يحتاجون إليها.

في إطار البرنامج المدعوم من صندوق النقد الدولي، تتخذ السلطات عدة إجراءات لتعزيز الحماية الاجتماعية، والتي تتضمن تنفيذ التوسع المعلن عنه مؤخرا في برنامج تكافل وكرامة لتغطية 5 ملايين أسرة بحلول نهاية يناير 2023، بالإضافة إلى توسيع تغطية السجل الاجتماعي إلى 50 مليون شخص بحلول نهاية ديسمبر 2023، لتمكين الحكومة من تعزيز الاستهداف في العديد من خطط الحماية الاجتماعية الأخرى، وبدء العمل بنظام التأمين الصحي الشامل وبرنامج التطعيم ضد فيروس كورونا، وتقديم الدعم الطارئ لحاملي البطاقات التموينية، واتخاذ تدابير لحماية القوة الشرائية لأصحاب الرواتب والمتقاعدين الضعفاء، وستعزز هذه الجهود الجارية لتعزيز تكوين رأس المال البشري والحد من الفقر.

• ما تقييم صندوق النقد الدولي لآلية تسعير الوقود في مصر؟

- كان إصلاح دعم الوقود قبل بضع سنوات خطوة ممتازة في الجهود المبذولة للابتعاد عن دعم الأسعار العريض غير الفعال نحو دعم أكثر استهدافًا، حيث يفيد دعم الوقود واسع النطاق بشكل غير متناسب، الأشخاص ذوي الدخل المرتفع بتكلفة عالية جدًا على الميزانية، كما أنه لا يشجع على الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون (أخضر)، وقد ثبت أن الإصلاح فعال للغاية في الحد من التشوهات في الاقتصاد وتحرير الموارد العامة للإنفاق الاجتماعي الآخر وحماية اجتماعية هادفة أكثر فعالية مع تغطية موسعة في سياق ميزانية ضيقة.

وفي إطار البرنامج المدعوم من الصندوق، ستكفل السلطات تنفيذ صيغة مؤشر أسعار الوقود بالكامل، مع تقديم تعويضات موجهة للفئات الأكثر ضعفاً بما في ذلك من خلال تكافل وكرامة كما ذكرنا سابقاً، ومع الإبقاء على أسعار الوقود منخفضة مقارنة بمعادلة القياس خلال العام الماضي وسط ارتفاع أسعار النفط، ستمتنع السلطات عن تنفيذ أي تخفيضات معادلة في أسعار الوقود حتى يتم إلغاء دعم الوقود.

• هل تلبي وثيقة سياسة ملكية الدولة طلبات الصندوق للحكومة لإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص؟ وكيف ترون القرار المصري لبيع أسهم في الشركات الوطنية لشركاء خليجيين؟

- تعتبر سياسة ملكية الدولة خطوة أساسية في صياغة استراتيجية الدولة لتحقيق نمو أقوى يقوده القطاع الخاص وخلق فرص عمل جيدة، وتحرص السلطات على اعتماد سياسة ملكية من قبل الرئيس، بحيث تغطي بشكل شامل جميع كيانات الدولة، بما في ذلك شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام والسلطات الاقتصادية والمشاريع المشتركة والشراكات، وتفاصيل مبادئ ملكية الدولة ومعايير تحديد ما إذا كان القطاع استراتيجيًا أم لا لتبرير تدخل الدولة، ويشمل التزاما بتدابير محددة لضمان تكافؤ الفرص بين القطاع الخاص والقطاع العام، ويضع إطارًا شفافًا لرصد وتقييم الجهود المبذولة للحد من تأثير الدولة في القطاعات غير الاستراتيجية.

وخطة الحكومة في وثيقة الملكية هي جزء من جهود السلطات للحد من دور الدولة في الاقتصاد وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، والذي يعد مصدرا إنتاجيا وأكثر استقرارًا لتمويل العملات الأجنبية للاقتصاد المصري، ما يساعد على إعادة بناء الحواجز، والحد من نقاط الضعف، وتعزيز الثقة في الاقتصاد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved