«عون» مرشح «جعجع».. والأنظار على «المستقبل»

آخر تحديث: الأربعاء 20 يناير 2016 - 9:52 ص بتوقيت القاهرة

كتب ــ عمرو عوض ووكالات:

• اتفاق تاريخى بين زعيمى «التيار الوطنى» و«القوات اللبنانية».. وتصدع متوقع داخل تحالفات «14 آذار» و«8 آذار»
• حزب الله يرحب.. فرنجية يصر على ترشحه للرئاسة.. برى يبقى على دعمه لزعيم «المردة».. والحريرى يجتمع بتياره فى الرياض

قلب الزعيم المسيحى اللبنانى، سمير جعجع، مساء أمس الأول، الطاولة على حلفائه فى قوى «14 آذار»، مديرا ظهره لعداوته التاريخية للقطب المارونى فى تحالف «8 آذار» العماد ميشال عون، ومعلنا بصورة غير متوقعة، دعمه فى انتخابات رئاسة الجمهورية.

وتعزز هذه الخطوة فرص عون (80 عاما) لملء موقع الرئاسة الشاغر منذ 20 شهرا، فى مظهر نادر للوحدة فى المجتمع المسيحى اللبنانى الذى مزقته الانقسامات السياسية لسنوات. ولا بد لعون من الآن تأمين دعم أوسع لتولى المنصب المحجوز للمسيحيين الموارنة فى إطار النظام السياسى الطائفى اللبنانى.
وعون الذى يرأس «التيار الوطنى» جزء من تحالف «8 آذار» الذى يضم حزب الله المدعوم من إيران، وحركة أمل الشيعية بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه برى. وجعجع الذى يرأس «القوات اللبنانية» جزء من تحالف «14 آذار» بقيادة السياسى السنى سعد الحريرى المدعوم من السعودية، وفقا لوكالة رويترز للأنباء.
وقال جعجع فى مؤتمر صحفى مشترك، بمقر إقامته فى معراب بجبل لبنان، وكان عون إلى جانبه إن هذه الخطوة تهدف إلى انقاذ لبنان من الأزمة السياسية.
وأضاف «لقد بتنا قاب قوسين أو أدنى من الهاوية، فكان لا بد من عملية إنقاذ غير اعتيادية (..) مهما كان ثمنها نضع فيها كل إقدامنا وجرأتنا ونكراننا للذات».
وأضاف جعجع، الذى ظل مرشحا لقوى 14 اذار للرئاسة لأكثر من عام «من هذا المنطلق أعلن وبعد طول دراسة وتفكير ومناقشات ومداولات فى الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية تبنى الحزب لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية».

ولم تتضمن ورقة التفاهم التى قرأها جعجع أفكارا استفزازية لأى من حلفاء الطرفين. ولم يأت جعجع على ذكر مشاركة حزب الله فى القتال فى سوريا دعما للرئيس بشار الأسد، كما وصف إسرائيل بأنها دولة عدوة.
من جانبه، أكد عون التزامه بجميع ما جاء فى ورقة التفاهم قائلا «إذا تكلمنا عن الماضى فيجب الخروج منه كى نستطيع بناء المستقبل ولا يجب أن ننساه كى لا نكرره. فإذن الحقبة السوداء انتهى دورها ويجب حرقها ولندع كل ذلك فى ذاكرتنا فقط».
وتعهد فى حال انتخابه أن يكون «غطاء لجميع اللبنانيين. لن نتعامل كيديا مع أحد» متمنيا الإجماع على انتخابه، رغم وصفه الخطوة بالمستحيلة.
وقد يؤدى ترشيح عون إلى القضاء على مبادرة الزعيم السنى سعد الحريرى، قائد تيار المستقبل، والتى كانت تطرح ترشيح الزعيم المارونى والحليف الاستراتيجى لحزب الله، سليمان فرنجية، فى اتفاق على تقاسم السلطة من شأنه أن يجعل الحريرى رئيسا للوزراء.
ويعارض عون وجعجع، اللذان يرأسان أكبر حزبين مسيحيين فى لبنان، مبادرة الحريرى التى تم تداولها فى ديسمبر، وأكدت إيران والسعودية على دعمها.
وعلى الرغم من عدم اعلان موقفه رسميا، إلا أن صحيفة «الجمهورية» اللبنانية أوضحت أن رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، أكد استمراره فى ترشيحه للرئاسة قائلا، خلال زيارة إلى البطريرك المارونى بشارة الراعى «أنا ما زلت مرشحا ومن يريدنى يعرف عنوان منزلى»، فى اشارة إلى تصدع متوقع داخل «8 اذار» التى يمثل تيار «المردة» أحد مكوناته.

أما الحريرى فقد استدعى قيادات تياره إلى الرياض (مقر إقامته) لبحث خطوة جعجع، دون أن يصدر أى رد فعل رسمى بعد. ومن المتوقع بحسب صحيفة النهار اللبنانية أن يصدر موقف الحزب من كتلته النيابية الخميس المقبل.
إلا أن النائب عن تيار المستقبل، أحمد فتفت، أكد أن تبنى جعجع ترشيح عون «يشكل خطرا كبيرا ويكرس الوصاية الإيرانية على لبنان، وأن مصلحة لبنان فى عدم ترشيح عون».
وتداولت الصحف اللبنانية أمس، أنباء عن ترحيب حزب الله بخطوة جعجع، إلا أن «الجمهورية» أكدت أن بعض القوى السياسية بدأت، مساء أمس الأول، التواصل مع نوابها لتأكيد عدم حضور جلسة انتخاب رئيس للجمهورية المقبلة، تفاديا لتأمين نصاب مجلس النواب الذى يحتاج إلى حضور ثلثى أعضائه (86 من 128) لكى ينعقد، تمهيدا لانتخاب الرئيس الجديد للبلاد. وعون وحلفاؤه الحاليين ليس لديهم نفوذ كاف لضمان انتخابه حتى مع دعم جعجع.
وكان نبيه برى، الذى يبدو أنه سيظل يدعم فرنجية، قد أشار إلى أنه لن يدعو المجلس للانعقاد إلا فى حال ضمان مشاركة جميع الطوائف. وهذا يعنى أنه على عون كسب تأييد السنة بالإضافة إلى الدعم الشيعى القوى الذى يتمتع به حزب الله.
من جانبها، نقلت صحيفة «الأخبار» اللبنانية عن «مصادر قريبة» من رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى النائب وليد جنبلاط، أن الأخير يرى «فى اتفاق الموارنة خطرا أكبر من اختلافهم».
وأوضحت صحيفة «النهار» اللبنانية أن موقف حزب الكتائب برزعامة سملى الجميل، سيعلن اليوم الأربعاء بعد سلسلة اتصالات ولقاءات داخلية. وأشارت الصحيفة أن انتخاب رئيس الجمهورية سيكون محسوما الآن فقط فى حال اعلان كل من البطريرك المارونى الكاردينال بشارة الراعى، والنائب سليمان فرنجية، تأييدهما لترشيح عون.

ووصف المحلل السياسى وكاتب العمود فى جريدة النهار اللبنانية، نبيل بومنصف، مفاجأة «جعجع» بقوله «أظن أن النتيجة الأكبر أنه سيكون هناك تفكك لقوى 14 آذار».
وتشكل تحالف 14 آذار عام 2005 من فصائل معارضة عقب انسحاب القوات السورية من لبنان. وكان التوتر بين تحالفى 8 و14 آذار لا سيما حول ترسانة حزب الله قد أدى إلى اقتتال أهلى قصير فى عام 2008.
وحمل كل من جعجع وعون السلاح ضد بعضهما البعض إبان الحرب الأهلية التى اندلعت فى البلاد بين عامى 1975 و1990 فيما يسمى «حرب الإلغاء». وعلى مدى العقد الماضى أى منذ انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005 ظل كل منهما على طرفى نقيض.
وكان الاثنان قد طردا من الحياة العامة فى فترة الهيمنة السورية التى تلت الحرب الأهلية، حيث عاش عون فى المنفى فى فرنسا بينما سجن جعجع، وهو القائد الوحيد الذى دفع ثمنا قضائيا لأفعاله خلال الحرب. وفى عام 2005، تم الافراج عن جعجع وعاد عون من المنفى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved