مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية: الرأس الرخامي المكتشف حديثا يظهر ملامح رجل مسن مريض

آخر تحديث: الإثنين 20 يناير 2025 - 12:25 م بتوقيت القاهرة

هدى الساعاتي:

قال الدكتور الحسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن رأس التمثال الرخامي المكتشف في منطقة تابوزيريس ماجنا الأثرية؛ تعكس ملامح رجل مسن ومريض، مضيفا أن الرأس يعد نموذجا مميزا لفن النحت البطلمي، ويعكس تفاصيل دقيقة تنم عن براعة حرفية واضحة.

وأضاف عبدالبصير لـ"الشروق"، أن تلك الرأس التي عُثر عليها على بعد 45 كم غرب الإسكندرية، يظهر ملامح رجل مسن حليق الرأس، وجهه مليء بالتجاعيد، وتبدو عليه الصرامة وعلامات المرض.

وذكر أن هذه الملامح تشير إلى أنه كان من كبار الشخصيات العامة، ما يعكس المكانة الاجتماعية العالية للشخص الذي يمثلها، و أنه يمكن ملاحظة أن الرأس أكبر من الحجم الطبيعي للإنسان، حيث يبلغ ارتفاعه نحو 38 سم، ما يشير إلى أنه كان جزءًا من تمثال ضخم كان يعرض في مكان ذي أهمية سياسية وعامة، مثل معبد أو قصر ملكي، وليس في منزل خاص.

وأوضح عبدالبصير، أن العصر البطلمي في الفترة ما بين 323–30 قبل الميلاد شهد طفرة حضارية وفنية بارزة نتيجة التفاعل الثقافي بين الحضارتين المصرية واليونانية، واتخذ بطليموس الأول من الإسكندرية عاصمة لمملكته، ما جعلها مركزا للتواصل الثقافي والمعرفي، وهو ما انعكس بقوة في الفن، خصوصًا في النحت.

و أشار مدير متحف الآثار، إلي أن تمثل التماثيل البطلمية مزيجا فريدا بين الرمزية المصرية التقليدية والواقعية اليونانية، وهو ما يمكن ملاحظته في الاكتشافات الأثرية، ومنها رأس التمثال البطلمي.

وأكد أنه تمت دراسة الرأس وكشف عن مستوى عالٍ من المهارة الفنية التي امتلكها النحاتون البطالمة، كما تبين أن الرأس قد نحت من الرخام المستورد أو الحجر الجيري المحلي، ما يعكس مستوى التطور في التجارة والفن في تلك الفترة، و أنه يعزز هذا الاكتشاف الواقعية التي كان يتميز بها الفن البطلمي.

وأوضح عبدالبصير، أن الدراسات الأثرية تشير إلى أن التماثيل البطلمية لم تكن مجرد قطع فنية بل كانت تستخدم كرموز تعكس قوة الحاكم وعلاقته بالآلهة.

و أشار إلى أنه إذا وجد الرأس في معبد، فقد يكون تمثالا طقسيا يرمز إلى قدسية الشخصية الممثلة، بينما إذا وجد في قصر ملكي، فقد يكون تجسيدا للسلطة السياسية، ما يعزز السياق الزمني المرتبط بالاكتشاف من تلك الفرضيات، ما يفتح آفاقا لفهم أعمق لدور تلك التماثيل في تشكيل الهوية الثقافية والسياسية لمصر خلال الفترة البطلمية.

وواصل عبدالبصير الحديث قائلا إن الاكتشاف الأخير لرأس التمثال في الإسكندرية إضافة مهمة لدراسة العصر البطلمي وفنونه من خلال التحليل العلمي المتقدم، وإنه يمكن استكشاف المزيد عن طبيعة ذلك الرأس، سواء كان يمثل شخصية من البيت المالك أو من النخبة الحاكمة، ومقارنة ذلك الرأس مع تماثيل أخرى محفوظة في المتاحف العالمية مثل المتحف اليوناني الروماني في الإسكندرية أو المتحف البريطاني، ما يعزز من الفهم لدور الفن البطلمي في تشكيل الهوية الثقافية والسياسية لمصر في تلك الحقبة.

وأوضح أن فن النحت البطلمي يمثل إحدى أبرز إنجازات تلك الحقبة، حيث استطاع أن يجمع بين الواقعية اليونانية والرمزية المصرية لخلق أسلوب فني مبتكر وجديد، وتساهم الاكتشافات الأثرية المستمرة، مثل رأس التمثال المكتشف حديثا في إثراء الفهم لذلك الفن وتقديم صورة أوضح عن دوره في توثيق التفاعل الثقافي بين مصر واليونان.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved