الاجتياح الإسرائيلي يلحق أضرارا بقلعة خان يونس الأثرية في قطاع غزة

آخر تحديث: الإثنين 20 مايو 2024 - 6:56 م بتوقيت القاهرة

وكالة أنباء العالم العربي

يحاول الفلسطيني شادي الأغا أن يجمع الأحجار المتناثرة لقلعة خان يونس، التي تسمى أيضا (برقوق)، في جنوب قطاع غزة، بعد تعرض الجزء الجنوبي لسورها وجزء من مأذنتها لأضرار جراء القصف والاجتياح البري الإسرائيلي للمحافظة الذي استمر من ديسمبر كانون الأول وحتى مطلع أبريل نيسان.

يعمد الرجل إلى قضاء أطول فترة ممكنة من النهار بجانب القلعة في ميدان خان يونس للحفاظ على الحجارة من التلف أو إقدام أشخاص لا يدركون قيمتها التاريخية على نقلها لأماكن أخرى، ويضطر إلى اعتلاء أكوام من الرمال والركام وضعها الجيش الإسرائيلي في واجهة القلعة ليتفحص بدقة حجم الضرر.

الأغا (46 عاما) نشأ وتربي داخل أسوار القلعة وفي محيطها، مما أوجد ارتباطا وثيقا بينه وبين مكوناتها المختلفة التي حفظها عن ظهر قلب.

يعتلي الرجل قمة القلعة رغم المخاطر المحيطة بذلك لارتفاعها وتهدم أجزاء منها محاولا حصر الأضرار التي لحقت بها على الرغم من أنه ليس خبيرا أثريا، كما قال إنه يسعى للحفاظ على الآثار الفلسطينية من الاندثار كونها إحدى وسائل المواجهة مع إسرائيل.

يؤكد الأغا أن إحساسه بالحزن الشديد لما آلت إليه القلعة من تدمير جراء الاجتياح الإسرائيلي يتجاوز حزنه على منزله المدمر، قائلا إن القلعة تشكل معلما أثريا يعد تضرره عبثا بجزء من المكونات التاريخية الشاهدة على تجذر الشعب الفلسطيني.

وقال لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "هدم أجزاء من القلعة، كأن جزءا من قلبي وحياتي هدم ودمر، من عاش في كنفها ويعرف أبعادها التاريخية يشعر بالألم لأي ضرر يلحق بمكوناتها باعتبارها وثيقة تاريخية نستند إليها في امتدادنا الإسلامي والعربي".

وأضاف متسائلا "أي تهديد تشكل هذه القلعة للجيش الإسرائيلي؟ ولماذا يتم استهدافها وكل المعالم الأثرية في قطاع غزة؟ ألا تحمي قوانين العالم هذه المعالم التي تمثل تاريخ الشعوب؟".

وعلى مقربة، يجلس الشاب سامي الجردلي على كومة من ركام المنازل المدمرة التي دفعتها الجرافات الإسرائيلية لتغطي جزءا من سور القلعة المهدم وغالبية المدخل الرئيسي لها والسور الشمالي غير المدمر.

ويعبر الجردلي (35 عاما) عن غضبه لاستهداف الجيش الإسرائيلي لمكان أثري يتعلق بالتاريخ والحضارة الإنسانية وليس الفلسطينيين فحسب، معتبرا أن كل الأماكن المماثلة حول العالم عادة ما تكون محمية بقوانين دولية من العبث والإتلاف ولا يجوز التعرض لها مثلما فعلت إسرائيل في قلعة خان يونس.

وأوضح قائلا إن مدينة خان يونس ترتبط تاريخيا وثقافيا وإنسانيا بقلعتها التي ظلت شاهدة على مدار قرون على عروبتها وإسلاميتها ودورها الحضاري والتاريخي في كل الفترات الزمنية التي مرت بالمنطقة، لافتا إلى علاقة وجدانية لا يمكن فصلها تنشأ بين أهل المدينة وقلعتهم التي حافظوا عليها على مدار التاريخ.

وشهدت القلعة عمليات ترميم وصيانة متعددة منذ قدوم السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة عام 1994، وظلت السلطات المحلية تحافظ عليها من العبث حتى تعرضت لأضرار بالغة خلال الحرب الحالية.

وكان السلطان المملوكي برقوق أوكل بناء القلعة للأمير يونس لتكون بمثابة "خان"، أي نزل لاستراحة التجار والمسافرين وحماية لمقتنياتهم، ضمن فترة حماية جنوب الشام التي اشتهرت آنذاك ببناء القلاع والخانات، وفق أستاذ التاريخ والآثار بجامعة الأقصى في غزة سامي الأسطل.

وأشار الأسطل إلى أن القلعة حملت اسم برقوق في العهد العثماني الممتد من 1516 إلى 1917، وهو العصر الذي شهد تشكل منطقة حضرية داخل الخان وفي محيطه، مضيفا أن المنطقة ظلت تسمى "قصبة"، أي بلدة، حتى بداية الانتداب البريطاني لفلسطين عام 1917 عندما تحولت إلى مدينة وتشكل أول مجلس بلدي.

ويؤكد أستاذ التاريخ والآثار أن القلعة ذات قيمة تاريخية عظيمة باعتبارها موروثا لكل المجتمعات، معتبرا ما تقوم به إسرائيل من تدمير وقصف للمعالم الأثرية بالقطاع من مساجد وكنائس وأسواق بمثابة "نسف كل ما يتعلق بتاريخ ومستقبل الفلسطينيين".

ووصف ما تعرضت له قلعة خان وينس بأنه "عدوان همجي يريد منه الاحتلال سحق الماضي وإبادة الحاضر وقطع المستقبل، وحتى ركام الفلسطينيين لا يريد وجوده"، مؤكدا أن كل من حكم فلسطين لم يعتد على آثارها وتراثها سوى إسرائيل المكلفة وفق القوانين والاتفاقات الدولية بحمايتها والمحافظة عليها.

وأضاف "نابليون الذي عبر خان يونس عبر طريقين بري وبحري لم يتعرض لقلعتها، وغيره ممن حكم أو عبر على مدار قرون لم يهدم أو يدمر الميراث الحضاري للبشرية".

وتابع قائلا "تخيل أن 350 ألف جندي إسرائيلي جاءوا لاجتياح 350 كيلومتر مربع، بالتأكيد نحن أمام عملية انتقامية لكل الوجود الفلسطيني".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved