حنون الحجاج.. طقوس الحج المصرية في الأغاني الشعبية

آخر تحديث: الثلاثاء 20 يونيو 2023 - 3:55 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

أيام قليلة ويبدأ الحجاج أداء مناسكهم، حيث يسافرون من كل بقاع الأرض إلى الأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، ويتسابقون لأداء تلك الفريضة العظيمة وسط أجواء البهجة والسعادة التي تسود بين الحجاج الذين أكرمهم المولى -عز وجل- بأداء مناسك الحج، وبين ذويهم وأحبابهم.

ورغم أن الحج ليس على الأراضي المصرية، لكن المصريين لهم طقوس وحكايات تاريخية مع هذا الموسم، وفي هذه السطور سنروي عن فلكلور الحج في الأغنية الشعبية المصرية.

قدم الدكتور محمد رجب النجار، دراسة وافية في الفلكلور المصري ومظاهره المتمثلة في الأغنية الشعبية المصرية، في كتابه "فولكلور الحج: الأغنية الشعبية نموذجا"، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.

وكتب خيري شلبي، في مقدمته للكتاب: "في الواقع أننا نحن أبناء الريف المصري في الدلتا أو في الجنوب ندرك جيدا كيف أن هذه الأغنية الشعبية أغنية الحج متأصلة في التراث الموسيقي الديني عندنا، إن طفولتنا حفلة بعشرات الأغنيات الجميلة عن الحج وداع الذاهبين وفي استقبال العائدين، والتغزل في القطار الذاهب والبواخر المسافر إلى قبر الرسول.

وتابع: "تلك الأغنيات ليست قاصرة على المحترفين من المداحين والموالدية الذين يدعوهم أهل القرى؛ لإحياء ليالي الاحتفال بعودة الجاج وإنما هي إبداع شعبي عام نتيجة التربية المصرية المرتبطة بالدين ارتباطا وثيقا، وأزعم أن الاحتفال بالحج طقس مصري خالص، بل إن الغناء الديني في أصله طقس مصري رسخته الطرق الصوفية المصرية التي كان لها باع طويل في استخدام الموسيقى لتوصيل الإنسان إلى مرحلة الوجد الصوفي".

وقال النجار، إن نصوص الأغاني الشعبية المعروفة بأغاني الحج تعرف في المجتمع المصري باسم "حنون الحجاج"، وهي مأخوذة من الحنين أو الاشتياق أو شدة البكاء والطرب، وهي جزء من النصوص الشعبية ذات الأنماط الفنية والتعبيرية المختلفة التي تتردد شفاهيا أو تنشد غنائيا أثناء هذه الاحتفالية التي تبلغ ذروتها عند سفر الحجاج وعند العودة أي وداعا واستقبالا، ومنها نصوص أغاني الحداء الدينية التي كانت تنشد للإبل أثناء قوافل الحجيج، والعبارات المأثورة التي تردد لتهنئة الحاج والترحبي والمباركة سواء شفاهية أو كتابية على واجهة منزل الحاج عند عودته، نصوص الأغاني الشعبية المصاحبة لوداع أو استقبال المحامل "المواكب".

وتتحقق احتفالية الحجاج على مرحلتين متشابهتين تقريبا الأولى بمناسبة سفر الحاج لأداء الفريضة، والأخرى بمناسبة عودته وتسمى احتفالية الاستقبال.

وتشمل مراسيم اجتماعية "زفة الحاج" على ظهور الخيل، وما يصاحبها من رقص التحطيب، وإقامة حلقات الذكر في بيت الحاج أو أمام منزله، ويحييها المنشدون والمداحون وبعض الدراويش، وفيها يتغنون بالمدائح النبوية، والإلهيات وهذه الاحتفالات خاصة بالرجال.

وأكد النجار، أن الأغنية الخاصة بالحج من حيث الشكل الأدبي أو القالب، تتكون من سطرين أو شطرين فقط متحدي القافية أو متوازنتين أو مزدوجتين بالمعنى الذائع في علم البديع -في اللغة العربية- وهي لها قالب أدبي ثابت توضع فيه الكلمات، وقالب موسيقي تضبط الكلمات على إيقاعه، وتكون مثل أي أغنية شعبية ذات سمات محددة، منها أنها غير معروفة المؤلف، ومجهولة الملحن، وتعتمد الأداء الشفاهي الحي وحده إلى الانتشار والشيوع، وتتسم بالتكرار اللفظي واللحني.

ومن موضوعات هذه الأغني وصف الرواحل، مثل: "صحبة جميعة يا عيني في حرمك يا نبي"، و"ربابة تغني في طريق النبي يابخت المصلي"، و"يا جمل يا جمل يا أبو خف دايب.. مشرق مشرق والله ونشوف الحبابيب".

ومن الموضوعات الأخرى، الإذن بالزيارة مثل "يا فاطمة يا بنت نبينا.. افتحي البوابة يا فاطمة أبوكي داعينا"، والتغريب مثل "إن عطاني ربي لأصلي في ضريحة.. وأنا إن مدحت النبي ياما خايل كلامه"، ومعنى خايل أي أجمل، وإشعار دعوة الحج مثل "حاجة وياحاجة ما تمدي يمينك.. أوعي تخافي يا حاجة والنبي ضمينك".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved