إبراهيم المعلم يروي لـ الشروق قصة 44 عاما من الصداقة والإبداع مع حلمي التوني
آخر تحديث: الجمعة 20 سبتمبر 2024 - 9:27 م بتوقيت القاهرة
حوارــ عماد الدين حسين وسامح سامي
إبراهيم المعلم: التونى كان فنانًا أصيلاً ومثقفًا منفتحًا وساخرًا ومُقبلاً على الحياة بمرح وخفة دم لاذعة وغزير الإنتاج والإبداع
حبنا لكتب الأطفال من أجمل ما جمعنا أنا والتونى وكل أسرة الشروق ابتداءً من محمد المعلم أبدع فى مجال كتب الأطفال وجسَّد من خلالها كل قدراته وجماع فلسفته ورؤاه وخفة دمه فأصبح له مدرسة ونال جوائز عالمية عديدة
كان يقاوم العدوان والظلم والطغيان والمرض بالعمل الدءوب والإبداع والسخرية والنكت
كنا فى بيروت أشبه بمركز ثقافى وفكرى.. أليس من المفترض أن تكون دور النشر مراكز ثقافية تنويرية؟!
قيم الحرية والفن والإتقان والاستقلال والتجديد المستمر نقاط مشتركة مع التونى عمَّقت صداقتنا
التونى تولى رئاسة التحرير الفنية لمجلة «الكتب.. وجهات نظر» وكان دوره محوريًّا ومؤثرًا وتعاون مع كل الفنانين.. وهيكل وصف إبداعه بالعالمى
هو أحد أساتذة الفن التشكيلى والكتاب والجريدة وأحد أساطين وأساطير كتاب الطفل وأكثر من أثراه متعة وبهجة وفنًا راقيًا ممزوجًا بالمعرفة والأصالة المنفتحة. هو الفنان المثقف والفيلسوف اللاذع الساخر الذى أسهم إسهامًا لا يبارى بمدرسته الرائدة فى رسم وإخراج مئات الكتب ورسم آلاف الأغلفة وأخرج وصمم ورسم الجرائد والمجلات وأهمها إبداعه فى كتب الأطفال وإنجازه المبهر فى مجلة «الكتب.. وجهات نظر» وفى معارضه المتميزة التى لم تنقطع حتى وهو يصارع المرض ويقاومه بالفن.
كلمات شديدة الصدق كتبها المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة «الشروق» على صفحته فور رحيل الفنان الكبير حلمى التونى قبل ثلاثة أسابيع.
صداقة طويلة جمعت بينهما منذ عام ١٩٨٠ وامتدت حتى رحيل التونى، جعلت البعض يقدم له واجب العزاء فى رحيل الفنان الكبير.
هى ليست فقط صداقة شخصية بل صداقة أثمرت فنًا وإبداعًا تم ترجمته إلى كتب ومجلات مميزة مثلت جزءًا مهمًّا من قوة مصر الثقافية من إبداع وفن وتأثير.
يوم الخميس قبل الماضى حاورت «الشروق» المهندس إبراهيم المعلم فى مكتبه بدار الشروق فى حضور أميرة أبو المجد العضو المنتدب لدار الشروق وأحمد بدير مدير عام الدار ونانسى حبيب مسئول النشر بالدار.
الحوار بأكمله تمحور حول علاقة المعلم مع التونى، وهى لم تكن مجرد علاقة مهنية فقط بين ناشر كبير وفنان ورسام مبدع بل علاقة صداقة بدأت منذ بدء العمل فى بيروت عام ١٩٨٠ واستمرت حتى رحيل التونى.
المعلم تحدث بحب وإخلاص عن صديق العمر، واضعًا يده على مناطق مهمة فى تاريخ الثقافة المصرية والعربية، شارحًا كيف كانت دار الشروق فى بيروت مركزًا ثقافيًّا تنويريًّا، وكيف لعب التونى دورًا محوريًّا فى ذلك.
خالل الاحتفال بعيد ميلاد التوني في منزل هيكل ببرقاش ومعه المعلم وسلامة أحمد سلامة وهويدي والمخزنجي والأسواني وأميرة أبو المجد والزيادي وأهداف سويف
وإلى نص الحوار الذى تلعب فيه الصور دورًا مكملاً لا يقل أثرًا عن دور الكلمات.
● بداية الحوار كانت سؤاله متى تعرفت على حلمى التونى وكيف توطدت العلاقة بينكما؟
ــ يجيب المعلم بقوله: «تعرفت على حلمى التونى بالقاهرة قبل السفر بسنوات إلى بيروت لكن المعرفة تعمقت وتوطدت فى بيروت فى مطابع الشروق هناك مع أستاذ الأجيال فى فنون رسم وإخراج الكتب والصحف والمجلات وأستاذى الحبيب المرحوم عبد السلام الشريف، والتونى تلميذه النابغة الذى لم يحقق آمال أستاذه فقط بل أبدع فى هذا المجال حتى وصل بكتاب الطفل تحديدًا إلى العالمية، وحقق الإنجازات فى رسم وتصميم وإخراج الكتب فى معظم الدول العربية ما لم يسبقه أحد إليه.
وكان عبد السلام الشريف فى المطابع يشرف بنفسه ــ كعادته ــ على طباعة كل فرخ ومتابعة ألوان كل رسم من طبعة دار الشروق الفاخرة لكتاب «كليلة ودمنة» الذى أخرجه فى ثوب سبق به عصره.
فالعلاقة الفعلية مع التونى بدأت زمالة عمل عام 1980 ثم تدريجيًّا أصبحت شراكة فكر وتخطيطًا وإنجازات هائلة وصداقة دائمة، فهو مستشار التخطيط فى النشر بدار الشروق. صداقتنا شخصية وعائلية، ونحن فى بيروت كنا نشعر كأننا فى مركز فكرى ثقافى يجمع كل العالم العربى ومثقفيه، كنا نشارك فى الندوات والتخطيط لها وكنا نشعر بسعادة التقدم والتطور وكأننا فى ثورة فكرية وثقافية، وكنا فخورين بأصالتنا وتراثنا الذى لا يتعارض مطلقًا مع العالم المعاصر والحداثة وكل ما هو جديد. وكنت أنا والتونى «مقبلين على الدنيا» ومتحمسين جدًا، نحضر كل الندوات والنقاشات ونفكر فى خلق مجال عام ثقافى تنويرى.. أليس من الطبيعى أن تكون دار النشر مركزًا ثقافيًّا؟
أسفار ومعارض وجوائز دولية
التونى كان صديقًا عزيزًا جدًا، لأسباب كثيرة منها السفر الدائم معا؛ حيث ذهبنا لأكبر المعارض الفنية، ومكثنا بالشهور فى لندن وسنوات فى بيروت، ورغم فارق السن إلا أن العلاقة توطدت حد الصداقة المقربة.
وتوطدت علاقتى به جيدا فى معرض بولونيا الدولى لكتاب الطفل، فكنا معا نرى كل ما هو جديد ونتحاور مع الناشرين والكتّاب كمشاركين فى المعرض، وكنا نذهب للمعرض وكأننا تلاميذ مجتهدين فى غاية السعادة ونحن نحضر ونشارك فى الندوات والمناقشات، وكانت لنا بصمة واضحة كمشاركين أولاً، ثم فائزين بجائزتى الآفاق الجديدة عامى 2000 و2002، وتشجعنا معا فى إصدار كتب وسلاسل للطفل العربى فيها الأصالة مع المعاصرة من آداب وعلوم ومعارف، وكنا نتعاون مع باقة فذة من كبار الفنانين مثل مصطفى حسن ومحيى اللباد وإيهاب شاكر وبهجت عثمان وصلاح بيصار ثم وليد طاهر وجيله. وترجمنا فى دار الشروق باقة متميزة من أهم وأجمل الكتب والسلاسل والموسوعات والأطالس من بريطانيا وإيطاليا وألمانيا واليابان والصين وفرنسا وكندا وأمريكا وسويسرا فى مجالات مختلفة لكى نكمل للطفل العربى المجموعة المتكاملة لكى يصبح مُطَّلعًا على إبداعات العالم المتحضر.
المبدع يحتاج إلى دار نشر كبيرة
وحول مسألة الأصالة والمعاصرة يؤكد إبراهيم المعلم أن الأصالة لوحدها لا تكفى، ولكن لابد أن يكون الفن والفنان فى تطور مستمر، ومهما كان الفنان كبيرًا لابد له من التعلم والتطور المستمر والتقدم، ولابد له أن يكون فى مسيرته دار نشر شريكة تشارك فى التطوير والتحديث ومحاولة إدراك النجاح والإتقان وأهمية تقديم الأصالة بشكل معاصر ومتطور، وكان الفنان هو حلمى التونى والشريك هى دار الشروق.
● ولكن متى بدأت العلاقة تصبح مهنية وهل اقتصر تعامل «الشروق» على التونى فقط؟
ــ يجيب المعلم أنه ومنذ 23 يوليو بالعام 1980، أصبح التونى رفيق رحلة ومسيرة وعمودا أساسيًّا فى أسرة الشروق، فيما تقدمه من فن وثقافة ورؤية تحريرية وفنية. كنا فى دار الشروق نعمل على التعاون مع كل الفنانين بانفتاح شديد وراقٍ، فكان التونى وهو مستشار الدار الفنى يتعاون وينفتح على الفنانين الآخرين الكبار أمثال إيهاب شاكر ومصطفى حسين ومحيى الدين اللباد. وبالطبع كل واحد من هؤلاء له دور ومكانة كبرى فى تاريخ الفن والثقافة، وكان التونى آخر هذا الجيل العظيم من الفنانين الكبار.
شخصية التونى
التونى رجل ذكى للغاية ومثقف وقارئ بارع وله آراء سياسية وفلسفية لم تتعارض يومًا مع السخرية اللاذعة وروح المرح التى تمتع بها.
وهو كان صاحب مسيرة أكثر من ستين عامًا من الإبداع والإنتاج والإنجاز فى الفن التشكيلى والفكر والثقافة والصحافة والكتاب وكتاب الطفل.. لا تدير رأسه الجوائز الدولية ولا تثنيه المشاكل والهموم الوطنية والعربية.. إنما كان يقابلها ويتحداها جميعًا بالمزيد من العمل، والبديع من الفن، والفيض من الإنتاج والتميز.. ممتزجة بثقافته الراقية.. وسخريته اللاذعة وسرعة بديهته.
● ما الذى كان يجمع بينكما على المستوى الشخصى؟
ــ «قيم الحرية والفن والإتقان كانت نقاطًا ومساحات مشتركة كبرى، أيضا الإيجابية والتجاوز كانت سمات مشتركة بيننا؛ حيث التفكير يتحول لأفعال إيجابية، كمساحات التقاء، كنا نسافر معا بشكل مكثف فى الثمانينيات والتسعينيات، نفكر ونتحدث ونخطط، ومعظم مشروعاتنا حينها كانت نابعة من نقاشات سفريات لندن وفرانكفورت وبولونيا، وكانت النقاشات دوما تدور حول كيفية الوصول للأفضل فى كل شىء، وكان يتمتع بروح كبار المبدعين، فهو يرحب بأى ملحوظة، لديه استعداد دائم لتقبل الرأى، رغم كل ما يمثله من كونه عملاقًا مبدعًا. وكان حرًا تمامًا، ولا يخضع لأية إغراءات من أى نوع». والتونى كان إنسانًا مرحًا صاحب روح جادة وواسع الأفق ومثقفًا، ويعمل بدأب شديد وملتزم ويعرف ما الذى يعنيه أن يكون المرء فنانًا وأديبًا وناشرًا. وكان يعرف معنى كلمات مثل إتقان ونقد وتحسين، فضلا عن أنه منظم فى كل شىء: عمله وبيته ومظهره.
المشتركات كثيرة
فى هذه النقطة تدخلت أميرة أبو المجد موضحة أسباب الصداقة القوية بين المعلم والتونى قائلة: «حلمى شديد الذكاء والثقافة من حيث الانفتاح، لا يخضع للمعايير والمحددات التى يتم فرضها عليه، ينتصر لفنه على الدوام، وكان مقاومًا لكل ما هو ضد القيم الخاصة به، دون حزن أو غضب أو انفعال، لم يكن يغضب ولكنه صاحب موقف على الدوام، فلم يكن يملك أى خضوع لشىء سلبى. كان يرى أحقية أن يعبر عن نفسه على الدوام، وأن يكون حرًا ويعبر حتى لو كان ذلك على النقيض من السائد، ولم يكن يهدف من وراء ذلك إلى أى استعراض أو ادعاء بطولة، وبخلاف موهبته، كان شديد الجدية فى العمل. وهى نفس صفات إبراهيم المعلم، والمشترك بينهما كان أكبر من أى شىء».
هنا يعود المعلم إلى الحديث ويقول:
«لم يحدث أن كان هناك أى خلافات بيننا بأى شكل، وكان على المستوى الإنسانى كريمًا بطريقة خاصة، كان يمكن أن يقدم رسومات وأعمالاً للآخرين «مجانا»، وهى مسألة قد تكون صعبة التصور ولكنه كان يفعل ذلك.
جوائز من معرضى لايبزج وبولونيا
وعن الجوائز العالمية التى حصل عليها التونى لكونه المشرف الفنى يقول المعلم: «بدأت كتب الأطفال فى الحصول على جوائز دولية بفضل إبداعات حلمى التونى، مثل كتاب راجى عنايت «الأميرة المظلومة»، فى معرض لايبزج عام 1984، ثم جائزة الآفاق الجديدة من معرض بولونيا الدولى عن كتاب حياة محمد فى 20 قصة، وفازت الدار بالجائزة أيضا عام 2002 عن «أجمل الحكايات الشعبية» بقلم يعقوب الشارونى.
ونظرًا لما حققناه من تطوير ومكانة للكتاب أصبحت لنا مكانة وتقدير حفزت إدارة معرض بولونيا على أن تكون رسوم الفنانين العرب ضيف شرف المعرض الذى ضم ٣٤ فنانًا من ١٤ دولة عربية».
أحمد بهاء الدين وسنوات التأسيس
وعن أصحاب التأثير على التونى وفنه فى بدايات حياته، قال المعلم إن علاقته بأحمد بهاء الدين كانت محورية خلال مرحلته مع الهلال؛ لأنها مرحلة التأسيس الكبرى للتونى ثم تفجَّر الإبداع فى بيروت التى عاش فيها من أواخر السبعينيات قبل أن يعود لمصر مرة أخرى، وتنفجر موهبته شديدة الثراء فى تصميم الأغلفة والكتب والمعارض الفنية فيما بعد.
الدور البارز فى تأسيس مجلة الكتب وجهات نظر
يقول المعلم: «شعرنا من خلال لقاءاتنا مع المثقفين والناشرين والقراء أنهم لا يجدون قنوات تنقل لهم ما يدور فى الخارج من خلال الكتب والمجلات والأبحاث وأن معظم المجلات الموجودة تركز على جانب واحد من جوانب الإبداع وهى الشعر والرواية؛ ولذلك فكرنا فى تأسيس مجلة تجعل القارئ العربى يقرأ عن كل ما يدور فى العالم من كتب وأبحاث، وتتيح فكرًا أكثر رحابة وانفتاحًا وحينها ناقشنا مع الأستاذ هيكل الفكرة، وذكر لنا نموذجين جيدين، واستفاضت المناقشات مع هيكل الذى طور العديد من الأفكار بحكم اطلاعه على كل ما هو جديد فى عالم الفكر والأدب والصحافة الثقافية، وحينما أطلعناه على العدد التجريبى أصيب هيكل بالدهشة، وانبهر قائلا: «إن هذا أفضل وأحسن مطبوعة من هذا النوع فى العالم»، ثم تشجع وتحمس للكتابة فى هذه التجربة.
فكانت مجلة «الكتب.. وجهات نظر»، والتى صدر العدد الأول منها فى 1 فبراير 1999 مملوءة رشاقة وجاذبية وعمقًا فكانت شمعة أنارت طريق الصحافة والثقافة العربية. وأخرج التونى فى المجلة خلاصة فنه الذى كان يؤمن بتطبيقه فى الجريدة والكتاب.
ويكشف إبراهيم المعلم عن أن «دور حلمى التونى فى وجهات نظر كان بالغ الأهمية، واتفقت مع هيكل وسلامة وجميل مطر على أن يكون التونى رئيس التحرير الفنى، ووضع كل خبراته فى إنجاح تلك التجربة، وكان يحرص على إخراج كل صفحة، والتأكد من رسم الخط المكتوبة به النصوص، وكان التونى يتعاون مع الفنانين الآخرين ويتيح لهم مساحات كبيرة بالمجلة خاصة الفنان حجى وغيره، وكان مجلس التحرير يتناقش فى كل شىء، وكان مكونًا من محمد حسنين هيكل وسلامة أحمد سلامة وجميل مطر وحلمى التونى، فى حضور أحمد مستجير وجلال أمين وطارق البشرى وهبة رءوف عزت وأيمن الصياد وهديل غنيم وعماد الغزالى وعاصم القرش، وكان لحلمى التونى رأى بارز ومحورى».
المنمنمات
وعن إبداع التونى فى فن المنمنمات قال إبراهيم المعلم: «إن فن المنمنمات فن عربى قديم، ولكن استخدمه حلمى التونى ليعكس التاريخ من جهة والاختراعات العلمية الحديثة من جهة.
أما كتب الأطفال فكانت من أهم المجالات وقد شجعت الكثيرين على دخول عالم الكتابة للطفل بما فيهم حلمى التونى نفسه وصلاح عبد الصبور وأحمد بهجت وراجى عنايت وأحمد رجب وأحمد سويلم إضافة لكتاب الطفل المتخصصين أمثال عبدالتواب يوسف وأحمد نجيب ويعقوب الشارونى وفاطمة المعدول، وغيرهم لأن كتاب الطفل من أجمل وأمتع مجالات النشر والتأثير.
وأكد المعلم أن حلمى التونى كان فنانًا كبيرًا واثقًا من فنه ولا يغضب من أى تعديلات يطلبها الناشر أو المؤلف لإيمانه أن النشر دائرة مكتملة يشارك فيها الجميع.
علاقة التونى ومحمد عفيفى
وحول علاقات التونى بكبار الكتّاب والأدباء يقول المعلم: «كانت هناك علاقات لا تنسى بينه وبين أسماء من نوعية محمد عفيفى؛ حيث أبدع بشكل فائق فى رسم غلاف كتاب «ترانيم فى ظل تمارا» الذى كتبه الأديب القدير الراحل محمد عفيفى بريشة الأديب وقلم الفنان وروح الفيلسوف الساخر.. وتألق الفنان الكبير حلمى التونى فى رسمه. أما اللغز فإن عفيفى أوصى أسرته بعد أن أنهى كتابة المخطوطة البديعة أن ينتظروا عامًا كاملاً بعد وفاته ثم يسلموها لإبراهيم المعلم شخصيًّا لنشرها فى كتاب عن دار الشروق!. وباقى الرسومات الخاصة بالكتاب.
التونى ومحفوظ
وأبدع التونى فى رسم أغلفة كبار الكتاب والمبدعين مثل نجيب محفوظ، ومحمد حسنين هيكل وتوفيق الحكيم وفهمى هويدى وحازم الببلاوى وموسى صبرى وعصمت عبد المجيد وإحسان عباس وبهاء طاهر وصلاح عبدالصبور وفاروق جويدة وتميم البرغوثى ورضوى عاشور وعبد الوهاب المسيرى ومحمد الغزالى وإبراهيم عبد المجيد وجلال أمين ويوسف القعيد، وأحمد بهجت وأحمد رجب وصلاح الدين حافظ ومكرم محمد أحمد ورجاء النقاش وعبد الوهاب البياتى وغيرهم الكثير.
التونى وغزة
كان حلمى التونى يقاوم العدوان الإسرائيلى الأخير تحديدًا على غزة بكل السبل الفنية، كان يقوم برسم عمل فنى جديد يوميًّا، لم يكن ينشره وإنما يحتفظ به لنفسه، وإنما كان يريد أن يظل على موقفه الفنى المقاوم للعدوان بكل الطرق.
ورغم كل آلام المرض، فقد نوى حلمى التونى أن يفتتح معرضا جديدا فى مارس المقبل، لكن القدر لم يمهله وتخطط الأسرة أن تنظم معرضا لأعماله فى أبريل المقبل بعد نهاية شهر رمضان.
التونى والكرم.. ومى خالد
خلال الحوار تحدثت أميرة أبو المجد عن مسألة كرم التونى مع الفنانين الشباب قائلة: «هناك فنانة كانت تريد أن تقوم بافتتاح معرض فنى، وفوجئت باعتذارات فى اللحظات الأخيرة وعدم وجود لوحات تكفى للعرض، فذهبت لحلمى التونى، فمنحها العديد من الأعمال الموجودة بمنزله دون تفكير وأنقذ الموقف دون أى مقابل، أيضًا موقف مع الروائية مى خالد، حينما كتبت أول مجموعة قصصية فى حياتها، وكانت تريد غلافًا بلمسة حلمى التونى، فتشت عن رقم تليفونه، وهاتفته، وقالت له إننى كاتبة جديدة وعبَّرت له عن رغبتها فى أن يكون الغلاف من إبداعه، وكان حينها مسافرًا وأوصاها بأن تترك الرواية مع حارس العقار، ولو أعجب بالنص سيقوم برسم الغلاف، وما كانت إلا أيام قليلة، حتى تلقت منه اتصالاً هاتفيًّا يخبرها بأنه قد انتهى من الغلاف، وكان بديعًا وقالت «إنها لم تكن تحلم بذلك»، فلم يكن يربطها أى علاقة به مطلقا.