أمريكا وبريطانيا«علاقة خاصة» أربكها الصراع العربى ـ الإسرائيلى

آخر تحديث: الأحد 20 أكتوبر 2013 - 9:58 ص بتوقيت القاهرة
عرض - رانيا صالح

تشرشل أول من نعت الروابط الأمريكية ــ البريطانية بـ«العلاقة الخاصة».. والمسئولون الأمريكيون أكثر من يستخدم ذلك الوصف

بريطانيا سعت إلى استغلال الثقل الأمريكى لإبرام اتفاقات اقتصادية وسياسية مع الدول العربية.. وتلك كانت بداية «العلاقة الخاصة»

النفوذ الأمريكى فى المنطقة خرج من سيطرة بريطانيا وأصبح عبئًا عليها.. ولندن مستاءة من وجود واشنطن فى مصر والعراق

العلاقة شهدت منعطفًا خطيرًا إثر المواقف المتباينة بين الطرفين من الصراع العربى ــ الإسرائيلى بين 1967ــ 1973

بريطانيا رأت فى الوجود الإسرائيلى عبئًا منذ 1958.. وواشنطن رأته رصيدًا إستراتيجيًا.. وكينيدى وعد مائير بدعم تل أبيب فى مواجهة العرب

تصاعد الصراع العربى ــ الإسرائيلى عام 67 كشف عن الاختلافات

فى النهج البريطانى والأمريكى فى المنطقة ووسع الفجوة بينهما بريطانيا رفضت المشاركة فى قوة بحرية لإجبار عبدالناصر على فتح خليج العقبة خوفًا على مصالحها النفطية

العلاقة التى تربط بريطانيا بالولايات المتحدة الأمريكية كانت ولا تزال محط تساؤل الكثير من الباحثين والمراقبين حتى بين البريطانيين أنفسهم، حتى إن البعض يعتبرها «زواجا كاثوليكيا»، وإن شهد هذا الزواج عددا من التحديات والتوترات وتبادل ملحوظ فى الأدوار.

ولا يخفى على المعنيين بالشرق الأوسط أنه خلال ربع قرن من نهاية الحرب العالمية الثانية (1939: 1945) اتسع النفوذ الأمريكى فى المنطقة على حساب بريطانيا، حتى فى البلدان التى طالما كانت تعتبر من أهم المعاقل البريطانية، مثل العراق.

ولإعادة تقييم العلاقات الأنجلو أمريكية فى الشرق الأوسط كان كتاب سيمون سميث «Ending Empire in the Middle East»، (نهاية إمبراطورية فى الشرق الأوسط) للناشر روتليدج ستاديز، الذى رصد فيه بشكل كبير تطور العلاقات منذ نهاية الإمبراطورية البريطانية عام 1945 وحتى حرب أكتوبر 1973، موثقا بمصادر أرشيفية بريطانية وأمريكية الأحداث الرئيسية فى تلك الفترة من الانسحاب من فلسطين، حتى الانقلاب الأنجلو أمريكى ضد نظام مصدق فى إيران، وأزمة قناة السويس، والثورات العراقية واليمنية والصراعات العربية ــ الإسرائيلية.

بداية الزواج الكاثوليجى

يشير سميث إلى حقيقة أن رئيس الوزراء البريطانى، ونستون تشرشل، هو من أطلق خلال الحرب العالمية الثانية على العلاقات الأنجلو أمريكية «العلاقة الخاصة». أصبح هذا المصطلح جزءا من قاموس العلاقات الأنجلو أمريكية، وبات شائعا أن نسمعه من المسئولين الأمريكيين. فمثلا، خلال زيارة رئيس الوزراء الحالى، ديفيد كاميرون، للبيت الأبيض فى يوليو 2010، أعلن الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، أن «العلاقة الخاصة» ستشهد نموا فى السنوات القادمة، وأن بلاده «ليس لديها حليف أوثق أو شريك أقوى من بريطانيا العظمى».

وبشكل كبير، ساهمت بريطانيا فى تشكيل هذه العلاقة، وجذب اهتمام الأمريكيين نحو الشرق الأوسط، آملة فى «استخدام الثقل السياسى والعسكرى والاقتصادى الأمريكى لدعم جهودها الرامية للتوصل إلى اتفاقيات أو معاهدات اقتصادية مع الدول العربية»، فى نفس الوقت كانت تسعى للحد من أى سيطرة حقيقية للولايات المتحدة، والحد من زحف النفوذ الأمريكى. لكن يبدو أن الوجود الأمريكى خرج من تحت السيطرة البريطانية، وأصبح يشكل عبئا على بريطانيا التى لم تخف استياءها من النفوذ الأمريكى فى العراق، ولم تثق فى الوجود الأمريكى فى مصر.

وكانت «العلاقة الخاصة» فى وفاق حتى شهدت منعطفا خطيرا وتوترا ملحوظا وتباينا فى المواقف، خاصة تجاه الصراع العربى ــ الإسرائيلى الذى شهدته المنطقة ما بين نكسة 1967 وحتى حرب أكتوبر 1973.

العلاقة الأمريكية ــ الإسرائيلية

فمع نهاية عام 1958، بدأت بريطانيا ترى فى الوجود الإسرائيلى عبئا استراتيجيا. فوفقا لسميث، أعلن السفير البريطانى فى تل أبيب، السير أنتونى راندل، أن إسرائيل لم تقدم لبريطانيا شيئا باستثناء «الحقيقة المحرجة لوجودها».

على النقيض، بدأت الولايات المتحدة تنظر إلى إسرائيل باعتبارها رصيدا استراتيجيا، وتحركت إدارة الرئيس جون كينيدى لسد الفجوة بين الإدارات والسياسة الفعلية على أرض الواقع باتخاذ قرار غير مسبوق فى أغسطس 1962 ببيع إسرائيل نظام أسلحة متقدمة يطلق عليها «هوك قصيرة المدى». وفى نهاية العام ذهب كينيدى لما هو أبعد من ذلك، عندما وعد وزيرة الخارجية الإسرائيلية، جولدا مائير بأنه «فى حالة وقوع غزو عربى ستأتى الولايات المتحدة لدعم إسرائيل».

وفى ظل نمو «علاقة خاصة»، لكن هذه المرة بين واشنطن وتل أبيب، وقعت مصر وسوريا اتفاقية دفاع مشترك يوم 4 نوفمبر 1966 بموجبها يعتبر أى هجوم على إحدى الدولتين هجوما على كليهما. ولم تمر بضعة أيام حتى وضعت الاتفاقية فى حيز الاختبار. فقد أشار سميث إلى المزيد من التصعيد فى المنطقة بسبب غارة إسرائيلية على قرية السموع الأردنية يومى 11 و12 نوفمبر. وما لبثت أن شنت إسرائيل معركة جوية استخدمت فيها حوالى 130 طائرة فوق سماء دمشق يوم 7 أبريل 1967، ما أصبح من غير الممكن معه أن تغض مصر الطرف عن الأحداث. فقد أعرب مستشار الرئيس الأمريكى، والت روستو، بأن الرئيس جمال عبدالناصر شعر بأن هيبته ستتأثر بشكل كبير إذا ما فشل للمرة الثالثة فى مساعدة دولة عربية هاجمتها إسرائيل.

وبالفعل فى 16 مايو، طلب ناصر انسحاب قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام من سيناء، وبعد ستة أيام أعلن إغلاق مضيق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية التى كان لها تأثير فى حصار جزء حيوى استراتيجى من إيلات، التى كان يأتى من خلالها 90% من واردات النفط الإسرائيلية.

جمال عبد الناصر

من يأخذ زمام المبادرة؟

يرى سميث أن هذا التصاعد المفاجئ للصراع العربى ــ الإسرائيلى كشف عن الاختلافات فى النهج البريطانى والأمريكى فى المنطقة، وعمل على اتساع الفجوة بينهما. فقد حاول وزير الخارجية البريطانى، جورج براون، إقناع مجلس الوزراء بالانضمام إلى واشنطن ودول أخرى لتأسيس قوة بحرية للحفاظ على خليج العقبة مفتوحا أمام الملاحة لجميع الدول.

وفى يوم 23 مايو، أخبر روستو نظيره الأمريكى، دين راسك، بأنه رغم أن الولايات المتحدة ترحب بالمبادرة البريطانية، إلا أنهم لا يريدون أن يكونوا فى الصدارة. إلا أن روستو تمسك بموقفه بالتعبير عن تفضيله المبادرة البريطانية ــ الأمريكية عن المبادرة الأمريكية ــ البريطانية.

وخلصت مناقشة أزمة الشرق الأوسط فى 25 مايو إلى تصريح مجلس الوزراء بأن المقترحات الأولية للولايات المتحدة، التى تقوم على استخدام القوات البحرية البريطانية فى البحر الأحمر، بما فى ذلك طائرات «هيرميس»، غير مقبولة بالنسبة لبريطانيا سياسيا وعسكريا، إذ كان أكثر ما يقلق بريطانيا أن تتوتر علاقتها بالدول العربية، خاصة الدول المنتجة للنفط.

وفى 27 مايو، استدعى وزير الخارجية الكويتى، صباح الأحمد، السفير البريطانى، وأخبره صراحة بأن الحكومة الكويتية ستتخذ خطوات ضد مصالح أى سلطة ترتكب أعمالا عدائية ضد العرب، محذرا من أن الكويت ستوقف تدفق النفط حتى تتم تسوية المسألة. وهو تهديد رأى رئيس الوزراء البريطانى، هارولد ويلسون، أنه ينبغى أن يؤخذ على محمل الجد.

إسرائيل تبدأ العدوان

ويرصد سميث ما سجله نائب مدير المخابرات والبحوث فى وزارة الخارجية الأمريكية، جورج دينينج، من أن هناك نموا فى عزوف بريطانيا عن استخدام القوة نابعا من نزعة لندن إلى إعطاء الأولوية لمصالحها الاقتصادية. فهناك تكهن بأن استخدام القوة على الأرجح سيدفع حكام الخليج إلى قطع شحنات النفط عن بريطانيا، ومن الممكن سحب عائدات النفط التى أودعت فى لندن؛ مما قد يؤثر بشكل كبير على احتياطات الاسترلينى البريطانى.

كما توالت التحذيرات من قبل سفراء الولايات المتحدة من التخطيط لشن هجوم عسكرى. فقد حذر السفير الأمريكى لدى سوريا، تشارلز يوست، من أن استخدام القوة العسكرية سيضع المصالح الأمريكية على المحك وسيكون تداعياته أشد ضررا، وقد ينتهى بأن يجد الأمريكيون أنفسهم فى نفس الطريق المسدود لبريطانيا وفرنسا عام 1956.

أما السفير الأمريكى بالجزائر، جون جيرنجان، فلا يرى مبررا أخلاقيا ولا سياسيا لاستخدام القوة لفرض النسخة القانونية الأمريكية، الفعل الذى من شأنه أن يكون له تأثير على المدى الطويل على المصالح السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة، فضلا على أنه يدفع العرب بشكل كبير فى اتجاه النفوذ الروسى.

كما دعا نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكى إلى بذل جهود كبيرة فى السعى لتحقيق تسوية سياسية، وأكد صعوبة الفصل بين مسألة حرية المرور فى خليج العقبة والنزاع العربى ــ الإسرائيلى، محذرا من أن استخدام القوة سيؤدى إلى نجاح الدعاية السوفييتية ــ المصرية فى الربط بين المسألتين، وبالتالى تصوير الولايات المتحدة كعدو للعرب. وأبلغ مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ريتشارد هيلمز، نظيره رئيس جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية، مائير عاميت، بأنه لا يوجد تشكيل لقوة، ولا يوجد أسطول من قوة بحرية، ولا توجد خطة للقيام بعمل عسكرى.

وبالتالى رأت إسرائيل أنه لا أمل فى الاعتماد على بريطانيا ولا الولايات المتحدة. وفى يوم الأحد 4 يونيو، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلى بأغليبة 12 مقابل اثنين على بدء أعمال عدائية ضد أعدائها العرب فى صباح اليوم التالى.

استقبل الساسة الأمريكيون اندلاع الحرب بشيء من الارتياح، فقد كان هناك شعور سائد بالقلق إزاء صعوبة الحصول على تأييد واسع لإعلان تشكيل قوة بحرية، وإمكانية أن تغير الجمهورية العريبة المتحدة (مصر وسوريا)، المدعمة من الاتحاد السوفييتى، موازين القوى فى الشرق الأوسط.

أما بريطانيا، فأكدت بأنه يجب عليهم حماية إمدادات النفط لديهم، والبقاء على اتصال مع الأمريكيين وغيرهم من المعنيين، وفى الوقت نفسه العمل بشكل ثنائى مع الدول العربية والتحدث والتصرف بشكل مستقل، حسبما تقضى الحاجة.

سلاح النفط الخليجى

بعد وقت قصير من العمليات العدائية، قدم وزير الخارجية البريطانى إلى مجلس الوزراء تقارير حول الآثار المترتبة على جهود بريطانيا لتأمين حق المرور البرى عبر مضيق تيران قبل اندلاع القتال، والآثار المترتبة على استمرار «كذبة» الجمهورية العربية المتحدة بأن الطائرات البريطانية والأمريكية ساعدت الإسرائيليين فى تحقيق انتصارهم على القوات الجوية العربية.

وفى 13 يونيو، أبلغ وزير الطاقة البريطانى، ريتشارد مارش، مجلس الوزراء بوقف امدادات النفط إلى بريطانيا من قبل عدد من المنتجين العرب، ما استلزم الأخذ بالترتيبات اللازمة لتقنين استهلاك البنزين. وبعدها بيومين، قال مارش إن قناة السويس وخطوط الأنابيب الشامية أغلقت، ولا توجد دولة عربية تسمح بصادرات البترول إلى المملكة ولا الولايات المتحدة. الدرس الذى استوعبه الغرب جيدا، وأثر فيما بعد على سياسة واشنطن فى الشرق الأوسط، وتبنيها خطة للسيطرة على حقول النفط فى المنطقة.

التقارب البريطانى للعرب

وبشكل منفرد، يقول سميث، ركزت بريطانيا جهودها فى تحسين علاقاتها بالدول العربية والتحفظ على القرارات الأمريكية المعنية بحرب الأيام الستة المنحازة إلى إسرائيل. وفيما يبدو أنها نجحت بشكل كبير، حيث حدث اجماع فى الرأى بين القادة العرب خلال القمة العربية بالخرطوم أغسطس 1967 على التوقف عن معاملة بريطانيا كعدو.

وفى 10 ديسمبر، صدق مجلس الوزراء البريطانى على اقتراح براون باستعادة العلاقات مع مصر، وبالتوازى كانت الجهود الدبلوماسية البريطانية تعمل على استصدار قرار من الأمم المتحدة بشأن الصراع العربى ــ الإسرائيلى.

وبالفعل تمت الموافقة على مشروع قرار بريطانى من كافة أعضاء مجلس الأمن الدولى، ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضى المحتلة، ووضع حد لحالة الحرب وضمان حرية الملاحة فى الممرات المائية الدولية، وإيفاد مبعوث خاص إلى الشرق الأوسط مع وضع تسهيلات للتوصل إلى تسوية سلمية. كما قررت بريطانيا عدم بيع دبابات «سنتوريون» إلى إسرائيل؛ خوفا من تضرر المصالح البريطانية مع العرب، ولاسيما المصالح النفطية.

التباين فى السياسة البريطانية عن نظيرتها الأمريكية انعكس بوضوح فى خطاب وزير الخارجية البريطانى، السير أليك دوجلاس هوم، نهاية أكتوبر 1970، حيث دعا إلى تنفيذ القرار 242 والانسحاب الإسرائيلى من الأراضى التى احتلتها عام 1967، وهو الخطاب الذى لاقى ارتياحا فى القاهرة، بينما تم استقباله بفتور فى إسرائيل.

فرص السادات

يلقى سميث الضوء على المناقشات بين وزير الخارجية الأمريكى، وليام روجرز، ونظيره البريطانى، دوجلاس هوم، والتى أعرب فيها روجرز على أن واشنطن لا يمكنها أن تفرض تسوية على إسرائيل، فضلا عن أن إسرائيل ليست مستعدة لإعادة أراض تعتبرها «ضرورة لأمنها».

ونتيجة لحالة الاحباط السائدة جراء السياسة الأمريكية غير المستعدة لتقديم تسوية أو الضغط على إسرائيل، حذر بعض الساسة البريطانيين فى مايو 1973 من أنه لا يوجد بديل لتجدد القتال مع الإسرائيليين. إلا أن الرضا الإسرائيلى عن الأجواء السائدة انعكس بوضوح فى رؤية وزير الخارجية الإسرائيلى، أبا إيبان، بأن فرص الرئيس أنور السادات فى فعل شيء غير منطقى ولا يزيد على 3%.

وفى رسالة إلى الرئيس الأمريكى، ريتشارد نيكسون، قال رئيس الوزراء البريطانى، إدوارد هيث، إن الغرب يعتمد بشكل متنام على النفط العربى، وإن كل الاشارات تفيد بأن الوضع سيزداد سوءا، وأنه من غير المثمر محاولة الضغط لمزيد من التنازلات من المصريين، الذين بالفعل فعلوا قدر ما فى وسعهم، وأن الدور الآن على الإسرائيليين. إلا أن إدارة نيكسون كانت ترى أن أفضل طريقة للحفاظ على الاستقرار الإقليمى والوصول إلى النفط هو ردع العرب عن تجديد الصراع العربى ــ الإسرائيلى عن طريق الحفاظ على إسرائيل فى مركز قوة.

محمد أنور السادات

حرب أكتوبر

فى يوم 6 أكتوبر 1973، أجبرت الولايات المتحدة على أن ترى الأمور من زاوية أخرى، حيث استطاعت القوات المصرية والسورية أن تقود عملية عسكرية على إسرائيل على حين غرة، أسفرت فى البداية نتائج كبيرة، ودفعت إلى ظهور التوتر فى العلاقات الأنجلو أمريكية إلى السطح.

فقد رفضت بريطانيا رغبة وزير الخارجية الأمريكى، هنرى كيسنجر، فى استصدار قرار من مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار. وقال السفير البريطانى، لورد كرومر، لوزير الخارجية الأمريكي: «لا نريد قرارا يدعو العرب إلى الانسحاب من أراض كانت خاصة بهم».

وفى 12 أكتوبر، أخبر كسينجر كرومر بأن السوفييت ألمحوا إلى أنه فى حالة إصدار قرار بوقف إطلاق النار، فإنهم سيمتنعون عن التصويت بدلا من استخدام الفيتو (حق النقض). ولم تستطع الولايات المتحدة أخذ زمام المبادرة، وكان كيسنجر يأمل أن ترعى بريطانيا مشروع القرار.

لكن، مرة أخرى رفضت بريطانيا أن تأخذ هى زمام المبادرة، ورفضت أن تكون «جسرا» لكل من الولايات المتحدة والسوفييت لتمرير قرارهما، وقالت إن السادات لن يقبل بوقف إطلاق نار ليس من شروطه الانسحاب الإسرائيلى إلى حدود ما قبل 1967.

ووصل التوتر بين بريطانيا والولايات المتحدة إلى ذروته. فوفقا لسميث، وضعت الخارجية الأمريكية قائمة من الاجراءات يمكن اتخاذها ضد البريطانيين لإثبات عدم الرضا الأمريكى عن أدائهم كحليف، ومنها إلغاء الأحكام المتعلقة بتبادل المعلومات، وتشجيع جماعات الضغط الأمريكية المناهضة للوجود البريطانى فيما يخص قضية ايرلندا وإنهاء تبادل المعلومات المخابراتية بينهما. فى حين كانت بريطانيا ترى أن النقد الأمريكى لها غير مبرر، وأن واشنطن لم تأخذ فى الاعتبار الاحتياجات والمصالح البريطانية.

وأعرب الرئيس نيكسون بنفسه لهيث عن شعوره بخيبة الأمل لعدم توفير دعم بريطانى لقرار الولايات المتحدة وضع قواعدها فى حالة تأهب نووى ردا على تهديد الاتحاد السوفييتى بإرسال قوات سوفييتية إلى مصر. كما أعرب كرومر عن شعوره بالاستياء إزاء ادعاء كيسنجر منتصف أكتوبر بأن بريطانيا شجعت المصريين على رفض قرار وقف إطلاق النار.

وبحسب سميث، يبدو أن حرب أكتوبر أثرت على العلاقات الأنجلو أمريكية، وهو ما اشار إليه كيسنجر بقوله إن عام 1973 كان شاهدا على انهيار «العلاقة الخاصة». بينما يرى كرومر أن «العلاقة الخاصة» كانت جزءا من أسطورة تؤكد بأن مصالح البلدين من شأنها أن تنتج سياسات مشتركة فى الشرق الأوسط، إلا أن مفهوم «العلاقة الخاصة» كان نفسه يعوق العمل السلس للعلاقات الأنجلو أمريكية من خلال حجب الاختلافات وممارسة خداع الذات لواضعى السياسات على جانبى المحيط الأطلسى.

                                       ريتشارد نيكسون                                   جون كيندى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved