السينما وصورة العرب (11).. American Sniper يُحرف حقيقة الحرب في العراق لصالح التعاطف مع العسكريين الأمريكيين

آخر تحديث: الخميس 21 مارس 2024 - 6:54 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

نستعرض على مدار سلسلة تمتد 15 يوما حلقات، تتضمن حديثا عن السينما الأمريكية وعلاقتها بتكوين صورة مشوهة عن العرب بعد أحداث 11 سبتمبر، وكيف تنهار هذه الصورة وتتفتت بسبب منصات التواصل الاجتماعي، من خلال كشف مدى مساهمة الحكومات الأمريكية في قهر الشعب الفلسطيني والمساعدة على ابادته على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

من الجندي الذي أحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن، إلى الشباب الذين أعادوا اسم أسامة بن لادن إلى التريند على منصات التواصل الاجتماعي لقراءة رسالته إلى أمريكا، ومحاولة فهم لماذا يكره هذه الدولة، إلى جانب المئات من الاحتجاجات السلمية والوقفات الصامتة التي تُجرى على أرض الولايات المتحدة دعما لفلسطين منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، وعشرات التوقيعات على رسائل تطالب بوقف إطلاق النار، ووقف الحرب في غزة من مشاهير هوليود مثل: جون ستيوارت، وخواكين فينيكس، ومارك روفالو، ورامي يوسف، وريز أحمد وغيرهم، كما شارك البعض بشكل مباشر في مظاهرات في الشارع مثل سوزان ساندرون.

وكانت حرب غزة هي الحجر الضخم الذي حرك المياه الراكدة، بعد سنوات من تكريس صورة معينة عن العرب كارهابيين، في عشرات الأفلام، ذات الإنتاجات الضخمة، ولكن في عصر منصات التواصل الاجتماعي يرى العالم ما يحدث من قتل وإبادة مباشرة ويستطيع كل فرد الحكم بنفسه وتحديد موقفه.

- فيلم قناص أمريكي/American Sniper

قدمت هوليود عشرات الأفلام التي تتعلق بالشرق الأوسط، والعرب، وعن المسلمين، وهناك نمط من الأفلام لجأت إليه بعد الحرب على العراق، ويمكن تلخيصه في "خلق حالة من التعاطف مع الجنود المحاربين في العراق"، أنه مجبر على القتال، ويعاني من اضطرابات نفسية بعد عودته إلى وطنه أمريكا، وانضمامه إلى الحرب أثر على عائلته وحالته النفسية والاجتماعية، حيث تتعمق هذه الأفلام في مدى الضرر الذي وقع على المقاتلين، لأنهم يحاولون محاربة الإرهاب من الدول العربية العاجزة عن ذلك.

صدر الفيلم عام 2014، من إخراج كلينت إيستوود وكتابة جيسون هول، وهو مقتبس من مذكرات كريس كايل "قناص أمريكي: السيرة الذاتية لأشد قناص فتكا في تاريخ الولايات المتحدة العسكري"، من بطولة برادلي كوبر في شخصية كايل، وسينا ميلير في دور زوجته، ويعد كريس كايل أكثر القناصين فتكا في تاريخ الولايات المتحدة العسكري، حيث قتل 160 شخصا، تم توثيقهم بشكل رسمي من قبل البنتاجون.

ويتناول الفيلم عبر قصة كايل الظروف النفسية التي يمر بها المجندين في العراق خلال أدائهم الخدمة العسكرية وبعد عودتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

كُتب نقدا حادا عن الفيلم وقت عرضه، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، ومن المقالات التي هاجمت الفيلم ما نشر على منصة سي إن إن الصادرة باللغة العربية "العراض والعراقيون، في جميع مشاهد الفيلم لم يظهروا إلا ثلة من الخونة والقتلة، وبالتالي بدوا وكأنهم هم الطرف الشرير في الفيلم، فلا ترى طفلا أو رجلا أو سيدة عراقية إلا وكانوا سببا في دمار الجانب النفسي للجندي الأمريكي، وهم بالتالي من كانوا يدفعونه للانتقام لزملائه الجنود الذين قتلوا في ساحة القتال".

وصرحت اللجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز، بعد عرض الفيلم، بأن فيلم "قناص أمريكي" أدى إلى زيادة موجة التهديدات ضد المسلمين داخل الولايات المتحدة، جاء ذلك خلال خطاب أرسلته الجماعة الحقوقية للمخرج كلينت إيستوود والنجم برادلي كوبر، وفقا لبي بي سي.

واعتبر بعض الكتاب أن الفيلم يزور حقيقة الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة في العراق، ويصور أنها رد فعل مباشر على أحداث 11 سبتمبر، ويتجاهل الحقائق التي اتضحت فيما بعد، أن غزو العراق كان هدفه الأول هو الاستيلاء على آبار البترول، وذلك ما قاله زاك بوشامب في مقال نقدي عن الفيلم لـ vox": "هذا التصوير للحرب غير صادق إلى حد مذهل. ولم تكن حرب العراق ردا على أحداث الحادي عشر من سبتمبر بل كانت حرباً اختارتها أمريكا، استناداً رسمياً إلى تقارير عن أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن قابلة للتصديق في ذلك الوقت، والتي ثبت كذبها فيما بعد".

وأضاف بوشامب: "وضح كايل مرارًا وتكرارًا أنه يحارب لحماية أسرته، مما يشير مجددًا إلى أن الغزو كان دفاعًا وقائيًا ضروريًا ضد الإرهابيين العراقيين".

يشير كايل، الشخصية الرئيسية في الفيلم، مرارًا وتكرارًا إلى العراقيين أنهم "متوحشون"، ولا يحاول الفيلم تقديم أي مشاهد تثبت وجهة نظر مغايرة لهذا الرأي، بل على العكس، يدعم هذه الرؤية من خلال إظهار أغلب العراقيين دمويين وقتلة، حتى الأطفال، ظهر طفلان من أصل ثلاثة في الفيلم وهما يحملان الأسلحة.

يقول بوشامب: "بمجرد أن وضع الفيلم الغزو كاستجابة جيدة لأحداث 11 سبتمبر، وأن الحرب نفسها معركة ضد إرهابي القاعدة الأشرار، فهو بذلك يحمل هذا السرد إلى نهايته المنطقية وهي أن معارضة حرب العراق، أو التأييد غير الكافي لمجدها، هو بمثابة خيانة لأمريكا".

كما هاجم المخرج مايكل مور الفيلم عبر صفحته الرسمية على منصة تويتر، X حاليا، وقال: "قتل عمي على يد قناص، في الحرب العالمية الثانية، وربيت على أن القناص هو شخص جبان يقتل الناس من ظهورهم ودون أن يروه، وقدم كلينت إيستودد الحرب على العراق في فيلمه، كما قدم حرب فيتنام في فيلم سابق له، لكنه يتعامل بمنطق غريب ومتناقض في تقديم الحرب الأمريكية على البلدين في الفيلمين، ويقدم العراقيون أنهم همجيون".

ويمكن فهم المعنى الأساسي للفيلم من خلال عبارة والد كايل "هناك ثلاثة أنواع من الناس في العالم، الذئاب، والأغنام، وكلاب الراعي، الذئاب الشريرة تهدد الأغنام، والأغنام أُناس طيبون، لكنهم عرضة للأذى لأنهم ساذجون جدًا بحيث لا يفهمون وجود الشر، وهذا يعني أن الأمر متروك لكلاب الراعي لحمايتهم من الأذى".

والفيلم لا يرى العراقيون حتى كأغنام تحتاج إلى الحماية، فإن العراقيين في الفيلم جميعهم تقريبا إرهابيون أو متعاطفون مع الإرهابيين، بل إن الأغنام التي يحميها كايل هم الجنود الأمريكيون الآخرون، وذلك ما وصفت به أماندا توب الفيلم في مقالها لـvox.

اقرأ أيضا

السينما وصورة العرب (8).. One Day in September فيلم تسجيلي يستجدي التعاطف مع الإسرائيليين

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved